منذ تشكيل مجلس الحكم المؤقت في العراق من قبل سلطة الاحتلال الاميركي والتركمان يحاولون بشتى الطرق والاساليب السلمية لإزالة الغبن، بل الظلم الذي وقع عليهم عندما أعطي لهم مقعد واحد في مجلس الحكم أشغلته إمرأه تركمانية ليست لها خلفية سياسية ولا حركية، وغير معروفة في الاوساط التركمانية العاملة في الساحة العراقية الاسلامية منها أو القومية، مع اختلاف هذه الطرق وتعدد أساليب هذه المحاولات فتارة عبر تقديم مذكرات للحاكم المدني بول بريمر وإلى أعضاء مجلس الحكم وأخرى بالخروج في تظاهرات سلمية واعتصامات مدنية وهذا إن دل على شيء إنما يدل على الوعي الثقافي والحضاري لدى هذه الشريحة من الشعب العراقي.
ومما أثار حفيظة واستهجان التركمان عدم التشاور مع أحزابهم وحركاتهم المعروفة في الساحة السياسية بشقيها الاسلامي والقومي العلماني، والاستفادة من آرائهم وخبراتهم، وأيضا عدم مراعاة التسلسل القومي ولا السكاني بحقهم ـ حيث أنهم ثالث قومية ولا يقل عدد نفوسهم عن مليونين ونصف المليون ـ عند تشكيل المجلس وتعيين أعضائه.
وأكثر من ذلك ليس هناك ممثل من التيار الإسلامي الشيعي في المجلس رغم التضحيات الكبيرة التي قدموها من أجل عراق ديمقراطي تعددي يسود فيه العدالة السياسية والادارية والاجتماعية.
ولكن رغم كل هذه المذكرات والصيحات والتظاهرات السلمية التي قاموا بها من أجل إعادة النظر في مسألة رفع نسبة التمثيل التركماني في مجلس الحكم إلى عضوين إسلامي شيعي وقومي سني من أجل التوزان وإزالة الفارق الكبير بينهم وبين القوميات الاخرى والتي لا نريد الخوض فيها بالتفصيل لإثباتها لأنها باتت واضحة للقريب والبعيد.
وبالرغم من كل الوعودات التي أعطيت من قبل مركز القرار وأعضاء المجلس بعدم تكرار ما حدث سابقا، إلا أن الضربة الثانية كانت أقوى بكثير لدى تشكيل مجلس الوزراء حيث لم يتم تعيين أي وزير تركماني، لأنهم اعتبروا التركمان غير موجودين أو غير عراقيين كما يدعي البعض، مع العلم أن للآشوريين عضو في المجلس ووزير وهذا حقهم المشروع، علما بأنهم أقل من التركمان بكثير.
ولذا لم يبقى ما نقول بهذا الخصوص إلا أن المسألة مقصودة بلا شك ومخطط لها بشكل من الاشكال يقوم بها أطراف فاعلة لها علاقة قوية وحميمة مع سلطة الاحتلال من زمن بعيد وتستطيع بهذه الطريقة تنفيذ ما تريد هذه من جهة، ومن جهة سكوت وتواطؤ أطراف أخرى مع الطرف الأول من أجل إرضائهم وخدمة لمصلحتهم الخاصة من دون إدراك بأن هذا لعب في النار الذي يحرق الاخضر واليابس في يوم عاصف.. وهذا ما نخشاه ونخافه على العراق والعراقيين في هذا المنعطف الخطير الذي نمر فيه.
فعليه ما قلناه ليس إلا تذكير للاطراف وبالتحديد الذين يعملون من أجل مصالحهم القومية أو الحزبية أو الشخصية دون الاعتراف بالآخرين بحجة أنهم ضيوف أن يعلموا أن نظرتهم للتركمان بهذه الشكل وباستخفاف سوف تثير غضب التركمان تجاه الحكومة الفادمة ولا يمكن السيطرة عليها وحينها لا ينفع الندم.
ولذا نتمنى من جميع الاطراف تدار: المسألة بالاشتراك مع سلطة الاحتلال في المستقبل القريب علما أن مطالبهم مشروعة وعادلة كباقي القوميات والمذاهب، ويتبعون الطرق القانونية الصحيحة للمطالبة بها.
أتمنى أن لا يفهم من هذا الكلام تهديدا، إنما هي حقيقة واضحة لا لبس فيها ولا غموض.. أردنا أن نذكر بها أصحاب القرار على ما يدور في أوساط التركمان تجاه الوضع الحالي لهم ولمناطقهم وبذلك سنسهام وإياكم في رفع الظلم والتهميش الذي أصابهم وإطفاء نار الغضب المتقدة في قلوبهم... عسى أن يبردها القانون المؤقت لإدارة الدولة العراقية وتثبيت ما يشاع من خلق أجواء دبمقراطية تعددية حرة تعطي للجميع حقوقهم من دون غبن، وعدم المساس بحرية كل مواطن مهما كان مذهبه وعرقه ودينه، وبهذا تسود الاخوة والمحبة والتعايش السلمي بين أبناء هذا الوطن الذي أعطى من أجلها الكثير الكثير من المال والانفس.