الحاضرون في صياغة القانون يأننون ... فكيف بنا نحن(التركمان) الغائبون
نشأت أحمد
المتابع للمشهد السياسي العراقي بعد سقوط النظام الدكتاتوري المقبور في ٩ نيسان ۲۰۰٣ يلاحظ ان المحيط السياسي, والذي أفرزته الاجواء السياسية والاحداث المتتالية, يلاحظ أنه يحمل في طياته الكثير من التناقضات والمفارقات والتي تركت اثارها على القانون المزمع صياغته تحت عنوان قانون إدارة الدولة العراقية في المرحلة الانتقالية الى درجة التهديد بالاجهاز عليه وخنقه قبل ولادته, مما يودي الى نتائج وخيمة للعراق وللمنطقة وحتى لقوات الاحتلال.
هذه الحاله لازمت الوضع السياسي العراقي منذ تشكيل مجلس الحكم من اليوم الاول وحتى هذه اللحظة دون أن يجرأ احد في وضع اليد على الجرح. لان القوى التي أوجدت تلك الحاله – حالة اللاتوازن- هي نفسها كانت حاكمة وهي نفسها التي ارادت ان يكون مجلس الحكم نسيجا غير متجانسا يسهل المناوره فيه واللعب على تناقضاته متى وكيفما شائت حتى ولو كانت تلك على حساب المصلحة الوطنية العراقية والغائبه أصلا في حسابات تلك القوى.
ونقطة القوة في مجلس الحكم انه لم يدعي تمثيل كل العراقيين بشكل متوازن ولكن ومع شديد الاسف لم يترجم هذا الاحساس بالخلل الى مواقف عمليه من خلال المحاولة لتدارك ذلك الاشكال المخل, وإنما استمر الوضع حتى بعد التشكيله الوزارية حيث كان من المؤمل تدارك الخلل فيها, وإنما جائت تلك التشكيلة نسخة طبق الاصل لتشكيلة مجلس الحكم في الوقت الذي كان المنطق السياسي السليم يقتضي احتواء كل القوى والاتجاهات والفعاليات التي بقت خارج المجلس. وكانت هناك بعض الاطراف ومكونات الشعب العراقي ومنهم التركمان من المغضوب عليهم وجرت عليهم قاعدة الاستصحاب للقوانين البالية للانظمة السابقة ومنها قوانين النظام المقبور, لم يكن ذلك إعتباطا وإنما جاء ضمن غايات واهداف مرسومة لها مسبقا والتي اقتضت خفض سقف المطاليب التركمانية الى أدنى حد ممكن في المرحله الاولى ومن ثم الاستحواض عليه ودفنه في أحشاء قضية أخرى.
واليوم الغائب الكبير في العملية السياسية هم التركمان في العراق, وهم القومية الثالثة في العراق من حيث الكثافة السكانيه ويتجاوز نفوسهم المليونان نسمة على أقل التقادير وفيهم الاتجاهات السياسية المختلفة حالهم حال بقية الشرائح ومكونات الشعب العراقي مع ذلك بقت تلك القوى- الاسلامية منها والقومية- خارج الدائرة السياسية عنوة, وما ترشحت من الاخبار حول حضوضهم في القانون الجديد هو أقل ما يمكن ذكره – والاقل منه هو الحرمان المطلق- في قانون دولة ديمقراطية تدعي الانتماء الى الحضارة المدنية في القرن الواحد والعشرون. علما أن التركمان في العراق هم عامل توازن سياسي وإجتماعي وديمغرافي وهم بيضة الميزان ولحمة الوحدة العراقية لما لهم من وشائج إجتماعية في النسيج العراقي الزاهي.