في الأسبوع الفائت تم التوقيع على قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، وولد هذا ردود أفعال عديدة على الساحة العراقية وفي مقدمتها ما نشر على لسان آية الله علي السيستاني من تصريحات وبيانات اكد فيها ان القانون الجديد سيؤدي الى خلق مصاعب جمة في العراق.وفي الحقيقة ان هذا القانون لا يعبر عن طموحات الشعب العراقي بالمرة.وهناك نسبة كبيرة من العراقيين يعارضونه صراحةً.وهذا سيؤدي حتما إلى خلق مشاكل عدة للمواطنين إذا ما تم فرضه عنوة.وسيخلق صراعا بين القوميات والمذاهب العراقي.
نحن التركمان عارضنا ومنذ البداية صياغة قانون يقوم على أسس قومية أو مذهبية، وكان هدفنا واضحا في هذا المضمار وهو العمل على تجنب حدوث تقاتل بين الفصائل العراقية، لكن مما يحز في نفوسنا أن القانون المذكور وتحت مسميات زائفة يخدم الأهداف التي وجدت من اجلها.
ومن المواد الاخرى في القانون الاعتراف الرسمي بحكومة كردستان في الشمال من قبل بغداد وبصلاحيات واسعة وهذا سيؤدي حتما إلى انقسامات وصراعات داخلية في العراق.وسيتركز هذا الصراع وبشكل مكثف في كركوك وخاصة بين العرب والأكراد.
من هذه الزاوية إذا نظرنا إلى التطورات فسنرى وقوع حوادث اكبر في العراق في القريب وخاصة في كركوك، حتى أن الحوادث بدأت بالوقوع من الآن.
هناك حقيقة يجب عدم إغفالها وهي وجود علاقات قوية بين التركمان والعرب سواء أكانوا من عرب السنة أم الشيعة، حيث هناك تطابق كبير في وجهات النظر بينهم.
نحن لم نرغب أبدا إلحاق كركوك بالشمال عنوة، وقد أعلنّا مرارا وتكرارا عن موقف شعبنا من إجراء استفتاء في المدينة، لنرى ما يقرره التركمان والعرب والأكراد بهذا الصدد.ونحن واثقون أن الشعب في كركوك وبنسبة تسعين في المائة يرفضون الحاق المدينة بالشمال.
ففي قانون اعددناه في مجلس المدينة وقع عشرون من أعضاء المجلس المحلي في كركوك من مجموع ۳٦ عضوا لصالح الإبقاء على ربط المدينة ببغداد.وقد اقر المجلس بتركيبته الحالية القانون المذكور.
لكن هذا لا يمنع بعض القوى من اللجوء إلى القوة المفرطة والضغوط من اجل الوصول إلى الحلول بدل اللجوء إلى القانون والنضال السياسي المتحضر.
الولايات المتحدة الأمريكية وبكل قوتها لم تتمكن اليوم من استتباب الأمن والامان في العراق.وان المتضرر الوحيد من هذا الوضع هو الفئات غير المسلحة، وإحدى هذه الفئات هم التركمان.حيث نؤمن إيمانا تاما بالنضال السياسي من اجل الوصول إلى أهدافنا المشروعة، لكننا نواجه عمليات التصفية الجسدية والصراع الداخلي وخاصة في كركوك.
وعلى سبيل المثال تعرض الدكتور فاروق عبدالله عبدالرحمن رئيس الجبهة التركمانية العراقية الى اعتداء بقنبلة انفجرت امام موكبه عندما كان يعود الى كركوك من بغداد لكن والحمد لله خرج سيادته سالما من الحادث، وهذا هو الاعتداء الثاني الذي يتعرض له سيادته.
وعلى الأعداء أن يعرفوا أن نضالنا ليس نضالا شخصيا او فرديا وإنما هو نضال ثلاثة ملايين تركماني من اجل حقوقهم المشروعة.ولو ذهب اليوم فرد منّا فهناك الآلاف من يلتحقون بالمسيرة.ومادام هناك تركمان فستظل كركوك لأهلها.ولا يمكن القضاء على ثلاثة ملايين تركماني أبدا.
يوم أمس الأول تم اغتيال صديق قريب لنا وهو السيد عكار نزال الطويل عضو المجلس المحلي لمدينة كركوك، وكان الشهيد هو العضو الشيعي الوحيد بين عشرة أعضاء عرب في المجلس، ورغم هذا فكان يتمتع بقوة شعبية شيعية هائلة، وكان مواقفه و نضاله مثار انزعاج للفصائل الكردية الرئيسية، كذلك كان الشهيد من الأعضاء الذين يرغبون العمل مع التركمان ودعم مطالبهم المشروعة.
أنا أرى أن سبب الاغتيال يعود إلى محاولات كسر عزيمة إخواننا الشيعة في كركوك، لكننا يجب أن نعلم جيدا أنه لا يكمن القضاء على الثقل الشيعي في العراق بتصفية عضو شيعي، حيث أن نسبة ٦۰٪ من العراقيين هم من هذا المذهب.ونتمنى من الله أن لا نواجه أعمالا وممارسات مشابهة وصراعات داخلية في المستقبل ونتمنى حل المشاكل على الطاولة.
ومن هنا نريد أن نجلب أنظار إخواننا الأكراد في كركوك أن تحقيق الامان والسلام في المدينة لن يتم باللجوء إلى القوة، وان طريق السلام والوئام في العراق اجمع يمر من خلال الوفاق بين القوميات والفصائل والفئات العراقية كافة.لان دونه لا يمكن تحقيق السلام.نحن التركمان كنا دائما مع مثل هذا الوفاق سواء كان مع إخواننا العرب أم مع الأكراد.
وان طريق حل جميع المشاكل في العراق يمر من خلال الحوار والوفاق.ورغم وجود خصوصيات للقوميات العراقية المختلفة فان هناك عوامل مهمة عديدة تربط بينها.ويمكننا حل مشاكلنا بسهولة دون اللجوء الى العنف.
ان الفجوات والأخطاء التي يحويها القانون الانتقالي سيجر العراق إلى حرب أهلية نحن في غنى عنها.وان المسؤولين في العراق يجرون البلاد الى صراع داخلي وحرب أهلية، وينبغي على دول الجوار إيران وتركيا وسوريا الجلوس معا لإيجاد سبل وخطط لتجنيب العراق خاصة والمنطقة عامة حوادث وتصعيدات جديدة، لان أية سلبيات في العراق ستترك آثارا مماثلة في دول الجوار ايضا وليس في العراق فقط.
وما يجري في سوريا الان هو انعكاس و امتداد لما يجرى في العراق، لكن موقف دمشق قوي لانه هناك حكومة قائمة.عكس العراق الذي تنعدم فيه السلطة ولا نعرف الآن من الذي يدير البلاد.
حيث تنعدم الأجهزة الامنية والاستخباراتية، مع عدم وجود مرجع للقرار.وان جميع هذه العوامل ستؤدي بالبلاد إلى حرب وصراع داخليين.
لذلك يجب من الآن العمل على تشكيل سلطة على أسس صحيحة وعدم الوقوف عائقا أمام وصول الممثلين الحقيقيين للشعوب العراقية الى السلطة، وخاصة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.عكس ذلك ستحدث حالة من الانقطاع بين الشعب والسلطة.
وهذا كفيل لوقوع حرب أهلية في البلاد.أن النظم التي شكلتها الولايات المتحدة كان دائما مصيرها الفشل ولا تقوم هذه الدولة بواجباتها على اكمل وجه.
ولو نظرنا إلى عملية استشهاد العضو العربي في مجلس كركوك فنرى أن الولايات المتحدة لم تقم بتأمين الحماية الكافية للأعضاء وأنها تحاول تأمينها عن طريق الفصائل الكردية التي تثق بها كثيرا، لكن هذا غير ممكن لان هذه الفصائل نفسها لم تتمكن من حماية نفسها وخير دليل على ذلك سقوط عدد كبير من الشهداء في التفجيرات التي وقعت في يوم الأول من العيد في مقارها.
نحن نرى انه ينبغي أن تقوم الأكثرية بهذا الواجب وخاصة في كركوك، لذلك يجب إسناد التركمان الذين يشكلون الأغلبية في كركوك واجبات أمنية كبيرة في المدينة بدلا من تحييدهم من هذا الجهاز الحيوي كما هو الان، لان هذا يشكل لنا وللمدينة مصاعب جمة.