الكاتب والباحث المصري المعروف صبري طرابيه في حديثه إلى مجلة تركمان العراق
ـ التركمان هم مظلوموا الكره الأرضية ولا يشبهم أحد فى ذلك إلا إخواننا الفلسطينيين .
ـ الخطاب التركمانى غاية فى الوضوح والنقاء والسمو وهو مع وحدة العراق وضد الإنفصاليه، يتبنى الدعوة لتآخى القوميات ونبذ العرقية البغيضة . .
عندما يكون الكاتب والشاعر والباحث والمثقف نبيلا وصادقا مع نفسه ومع قضايا عصره، فأن يعبر عن مشاعره وأرائه دون أن يخشى في قول الحق لومة لائم . الكاتب المصري صبري طرابيه ينتمي الى هذا النمط من الكتاب والمفكرين . ولا غرابة في ذلك فهو حفيد طه حسين والعقاد ورفاعة الطهطاوي، وكل المبدعين النبلاء الذين لم يترددوا من قول الحق في كل زمان ومكان، فخلدهم محبوهم في ذاكرتهم ووجدانهم.
صبري طرابيه يحتل في قلوب وذاكرة التركمان وضمائرهم، مكانة راسخة لا تتزعزع، لأنه من المثقفين القلائل الذين اكتشفوا ما يتعرض له التركمان في وطنهم من تهميش وانكار وتغييب، واعلن ذلك للعالم اجمع.
كثر السؤال في صفوف التركمان عن حقيقة هذا الفارس النبيل، الذي ظهر دون مقدمات ليعلن بصوت عال عن وقوفه الى جانبهم بقوة .
الى كل الذي سألوا عنه وحملونا تحاياهم اليه، يقدم موقع (مجلة تركمان العراق) هذا اللقاء:
* يود قراؤك أن يعرفوا من هو صبرى طرابيه؟
- أنا مواطن مصرى بسيط ولدت فى مديرية الشرقيه بمصر عام ١٩٦٣ ودرست القانون وتخرجت من كلية الحقوق جامعة الزقازيق عام ١٩٨٥ ونظرا لعشقى الكبير للأتراك والثقافه التركيه إلتحقت بمعهد الدراسات والبحوث الآسيويه التابع لذات الجامعه ودرست اللغه والأدب والتاريخ التركى وحاليا أنا طالب دكتوراه فى قسم الدراسات التركيه، عملت بالمحاماه والصحافه ولازلت، ولديَ مكتب للمحاماه وأعمل مديرا لمركز دراسات الهدف بجريدة الهدف المصريه الدوليه ومستشارا قانونيا للجريده، كما أننى عضو مجلس إداره ورئيسا للجنة العلاقات الخارجيه لجمعية خريجى معهد الدراسات والبحوث الاسيويه والتى يترأسها المؤرخ المصرى المعروف الدكتور رأفت الشيخ، وللجمعيه نشاط كبير فى عمل الدراسات والبحوث وتنظيم المؤتمرات حول مختلف القضايا والشئون المتعلقه ببلدان آسيا، مدمن قراءه، لاأشاهد التلفاز إلا نادرا، أعشق المذياع وأتابع الإذاعات الدوليه الموجهه على الموجه القصيره، متزوج .
* كانت إطلالتك على المواقع كقلم نبيل ووقوفك من ارض الكنانه إلى جانب القضيه التركمانيه، أمرا غير معهود على إخوتك التركمان الذين تعودوا على التهميش والإهمال سواء من قبل بعض الأحزاب العراقيه أو الكتاب .. ما الذى حفزك على هذه الوقفه القويه مع تركمان العراق؟
ـ حبى للعراق وحرصى على صلابة جبهته الداخليه كان أحد الأسباب التى دفعتنى للوقوف مع التركمان لأن السبب الرئيسى لإثارة الفتن داخل أى بلد هو قيام فئه من الشعب بعزل وإقصاء فئه أخرى والإفتئات على حقوقها، وقد لاحظت عقب سقوط النظام المجرم فى العراق أن الأكراد وهم فئه ظلمت فى الماضى يسعون جاهدين بمعونه صهيو/ أمريكيه للهيمنه وتحقيق المكاسب القوميه على حساب بقية أطياف الشعب العراقى، ومن أجل السيطره على منابع النفط الذى هو ثروه لعموم الشعب العراقى راحوا يغيرون الواقع الديموغرافى لكركوك ويرتكبون جرائم التطهير العرقى التى كانوا يستنكرونها بالأمس على حكومة البعث، ونظرا لأن كركوك مدينه عراقيه ذات خصوصيه تركمانيه يشهد بها الواقع والتاريخ والتركمان هم غالبية سكان كركوك عمل الأكراد وعن طريق تحالفات مشبوهه مع قوى عربيه إنتهازيه كانت بالأمس القريب فى موقع المعارضه وتعانى من الظلم على عزل التركمان وإبعاد ممثليهم الشرعيين عن مواقع السلطه، وقد أدى ذلك إلى توتر الأوضاع فى العراق وبدا أن إنعدام العداله ينذر بتفجر الصراع العرقى فى أى لحظه، ومن هنا شعرت بان واجبى الإنسانى والقومى والدينى يحتم عليّ نصرة المظلوم والوقوف إلى جانب الحق خصوصا وأن الصراع حول كركوك يدخل فى تخصصى ولي دراسه بهذا الشأن .
* ماهى قراءتك لواقع التركمان فى العراق؟
- واقع التركمان فى العراق معلوم للجميع، وهو واقع محزن، اراضيهم ودورهم تغتصب، مناطقهم تتعرض لهجوم كاسح ومنظم من الأكراد، مدينتهم التاريخيه يتم تغييرهويتها قسرا بغرباء مستجلبين من دول الجوار، يتعرضون للإبعاد والإقصاء والتهميش، محرومون من تولى الوظائف العليا، والقله التى تتولى مناصب الإداره أو تطالب بحقوق التركمان عرضه للتصفيه الجسديه، بإختصار شديد فإن التركمان هم مظلوموا الكره الأرضيه ولا يشبهم أحد فى ذلك إلا إخواننا الفلسطينيين لأنهم يوما بعد آخر يفقدون على الأرض جزءا مما فى أيديهم ولا يحققون أى مكاسب وهم ضحايا للوعود والخداع والأمل الكاذب فى عدالة الآخرين، ودول الجوار الإقليمى وبلدان العالم العربى تعلم علم اليقين أن مايحدث فى شمال العراق هو بدايه لتنفيذ الخريطه الجديده والأجنده الخفيه للولايات المتحده وإسرائيل، وأن كردستان الكبرى يوضع لها من الآن حجر الأساس ومع ذلك لايحركون ساكنا، وتركوا التركمان على خط المواجهه فى وضع أعزل يصرخون .. ألا من ناصر.. ولا يجيبهم أحد اللهم إلا بعض التصريحات الفارغه التى تصدر من هنا وهناك والتى لم ولن توقف شيئا من المخطط المرسوم والذى يستهدف منطقة الشرق الأوسط برمتها مالم تتوحد جهود الجميع من أجل وقفه والتصدى له .
* هل ترى الخطاب التركمانى واضحا، أم لايزال دون المستوى المطلوب لعدم معرفة الكثير من المثقفين العراقيين والعرب بتفاصيله بسبب عدم تعامل التنظيمات التركمانيه مع وسائل الإعلام المختلفه بالشكل المطلوب؟
- الخطاب التركمانى غايه فى الوضوح والنقاء والسمو وهو مع وحدة العراق وضد الإنفصاليه، يتبنى الدعوه لتآخى القوميات ونبذ العرقيه البغيضه، يدعو لإحترام الهويه القوميه والخصوصيه الثقافيه لكل قوميه ومع ذلك لا يعارض كون العراق ككل جزء من الوطن العربى الكبير كواقع وتاريخ، وهو خطاب من المحتم ان يلقى القبول والذيوع على الصعيد العربى ولكنه مع الأسف الشديد لايملك آليات ووسائل النفاذ إلى المحيط الثقافى والإعلامى العراقى والعربى لوجود حاجز اللغه وعدم وجود كوادر صحفيه وإعلاميه تركمانيه ـ إلا القليل ـ ممن يملكون بناصية اللغه العربيه، ولايوجد لدي التركمان مؤسسات صحفيه أو صحف معروفه أو قناه فضائيه عربيه تدار بمعرفة كوادرعلى مستوى رفيع ممن لديهم القدره على جذب المشاهد العربي وهم فى ذلك لم يصلوا إلى ماوصل إليه حزب الله و ( قناة المنار ) مع أن التركمان شعب عريق لايقل تعداده عن مليونى مواطن، ولذلك تجد أن التركمان غير معروفون عراقيا وعربيا، وإذا كانت الطبيعه المسالمه لهذا الشعب ونهج الحكومات المتعاقبه على حكم العراق قد أسهموا فى تهميش وإقصاء التركمان وعدم معرفة الآخرين بهم فى الماضى فإنهم مطالبون من الآن بسرعة التحرك وتعريف الآخرين بكينونتهم ومطالبهم وحقوقهم والسعى لكسب أصدقاء جدد فى الأوساط الصحفيه والإعلاميه العربيه، ولا يكفى التركمان مايدبجونه من مقالات وكتب باللغه التركمانيه لأنه وإن كان ذلك ضروريا لبث روح التضامن بين التركمان والحفاظ على الهويه القوميه والخصوصيه الثقافيه لهم إلا أنه لايغنى عن إصدار النشريات والكتب بالعربيه التى هى لغة غالبية سكان العراق والبلدان المجاوره وبغير العربيه لايمكن لهم كسب تعاطف وتفاهم شركاء الوطن ولاغيرهم من العرب ...
وهنا يبرز القصور.
* ماهى أهم الإنطباعات التى رجعت بها من رحلتك الأخيره إلى الصين؟
ـ قمت مؤخرا بزياره للصين بدعوه رسميه وجهت لي عبر سفارة جمهورية الصين الشعبيه بالقاهره وبالإشتراك مع هيئة الإذاعه والتلفزيون الصينيه وكان طبيعيا أن يتضمن برنامج الزياره زيارة الأماكن التاريخيه والأثريه والسياحيه الشهيره فى بكين كسور الصين العظيم وميدان تيان آن من والقصر الإمبراطورى ( المدينه المحرمه ) وحديقتى جينغشان وبيهاي وقصر الأمير قونغ وانغ والأزقه القديمه فى المدينه المحرمه ومشاهدة اوبرا بكين وزيارة قاعة الشعب الكبرى ومبنى الإذاعه وقد زرت أيضا مدينة شنغهاى وفيها زرت منطقة بودونغ الإستثماريه وبرج اللؤلؤ الشرقى ومن خلاله شاهدت المدينه من على إرتفاع خمسمائة متر تقريبا ومتحف شنغهاى وسوق يويوان وشارع تانجينغ التجارى المشهور وشاهدت إكروبات شنغهاى . إلا أن الزياره لم تفقد طابعها الرسمى حيث إلتقيت فى بكين بالعديد من المسئولين السياسيين والإعلاميين وأجريت العديد من اللقاءات الصحفيه والإذاعيه وفى مساء الخميس ٢٣ سبتمبر تفضل السيد نائب المدير العام لهيئة الإذاعه والتلفزيون الصينى بدعوتي لعشاء فى مطعم تشيان مون الخاص ببط بكين المشوي وقد حضر العشاء لفيف من الإعلاميين الصينيين وكانت العلاقات المصريه الصينيه والأوضاع فى العراق هى محور الأحاديث كما زرت فى شنغهاى ايضا مقر مجموعة ونهوي الصحفيه وهى من كبريات المجموعات الصحفيه فى الصين وتعرفت على محرريها وصحفيها المتميزين والتقيت نائب مدير المجموعه والتقيت فى بكين وشنغهاى بأتراك الصين وزرت معهد العلوم الإسلاميه ببكين ومسجد نيوجي أكبر مساجد بكين يوم الجمعه ٢٤/٩/٢٠٠٤ حيث قابلت أكبر تجمعات لأتراك الصين ومن خلال اللقاء وقفت على مبلغ الإهتمام والتعاطف الذي يبديه أتراك الصين لإخوانهم تركمان العراق وشاهدت بعيناي مواد مطبوعه بالعربيه من المواقع التركمانيه تستخدم كوسائل تعليميه وتثقيفيه للطلاب وحملنى أتراك الصين خالص التحايا وأجمل الأماني لتركمان العراق ولسكان تلعفر التى كانت واقعه تحت الحصار، وقد شعرت من خلال لقائي باشقائنا هناك بمبلغ تقصيرنا كعرب واتراك بهذه المجموعه العرقيه التى يقدرها البعض بمئات الملايين فى حين يقدرها الآخرون بعشرات الملايين والتى من الممكن ان تشكل كحلقة وصل بيننا وبين الصينيين ولوبى ضاغط لتوجيه السياسه الصينيه نحو تفهم أكثر للقضايا التركيه والتركمانيه والعربيه
.
* ماذا تحمل من مشاريع ثقافيه جديده؟
ـ لدي كتابان قيد الطبع عن مجزرة كركوك ومشروع كتاب حول الصراع العرقى فى كركوك ومختصر لتاريخ التركمان وأملي فى أن أنقل للقارىء العربي ما أستطيع من تراث وأدب وواقع التركمان .
* كيف تقيم أداء موقع مجلة تركمان العراق؟ وماهى مقترحاتك لتحسين ادائها الإعلامي؟
ـ مجلة تركمان العراق أعتبرها ومضه مضيئه وقبس من نور بدد لنا الظلام والجهل المحيط بتاريخ وواقع شريحه هامه من شرائح المجتمع العراقي ضاربه بجذورها فى تاريخ العراق ألا وهم تركمان العراق، ولولا مجلة تركمان العراق ورعايتها وإحتضانها لي ما كان قد عرفني القارىء العراقى وما كنت قد داومت على تعميق ثقافتى عن التركمان الذين هم مجردغصن فى شجرة الترك الوارفة الأغصان ولربما كان قد جذبنى أحد أغصان الشجرة الأخرى، والمجله كثيرة الأبواب وغنية المحتوى والمضمون وإن كان ذلك لايمنع من مواصلة التحديث والجرى وراء كل جديد ذلك أن النفس تعاف القديم وسنة الإنسان هى التغيير والتبديل، وفقط كل ماارجوه واتمناه هو المزيد من الكتاب العرب العارفين بالتركمان وبعطاء التركمان للعراق وللأمه العربيه والممتلئين بالأحاسيس الإنسانيه لينقلوا للعرب صورة حقيقيه وواقعيه عن ذلك الشعب العظيم من الممكن ان تسهم فى تحقيق العداله والإستقرار للعراق العظيم بل وللمنطقه بأسرها .