هم) ولا ريب يعلمون أن (كركوك) هي ابنة عراقية تفخر بأصالة جذور خصوصيتها التركمانية الغامرة للغالب الأعظم من شؤون الحياة على كل بقعة من كيانها الحسي والمعنوي. . و (هم) بلا شك يدركون أن (كركوك) هي موطن شطر ضخم من أرواح التركمان قبل أن تكون مسكنا لأجسادهم زمن الحياة وبعد الممات. . و(هم) ليسوا بغافلين عن أن )كركوك) هي موطن عبق الحضارة التركمانية العراقية وتدفق إشعاعها الفكري والعلمي منعكسا بهبات الفخر العظيم للعراق كله. . و(هم) لا يجهلون أن (كركوك) هي صلب التاريخ التركماني في العراق وأم ذاك التاريخ وبنته وأخته. . ولأن(هم) متأكدون من ذلك. . فإن(هم) لازالوا يصبون جام مخططات التسلط المحنكة المخبوءة في جماجم حفنة من عملاء رواد القرصنة الكبرى من محترفي حفر صور مآسي الخراب على جسد هذا العالم وتحويله جميعا- بدءا بشرقه الأوسط- إلى محض كتلة من البشاعات الدموية أبدية النزف. .
لولا أن(هم) يدركون أن تاريخ (كركوك) هو صورة فصيحة عن شطر عظيم من تاريخ تركمان العراق لما سخرت الجهود التعتيمية لنسج غلالة تاريخية مختلقة تقلب موازين حقائق الماضي التركماني في (كركوك) لئلا تنهض تلك الحقائق موصدة أبواب تسلل الدخلاء والعملاء إلى مستقبل (كركوك) ومن ثم الاستيلاء عليه كله باغتصاب تاريخ ماضيها مما يفصح عن أسباب أحداث الحاضر الموجعة للأبرياء من سكانها الأصليين على أرضها. .
ولولا تمام إدراك(هم) أن جل سكان كركوك كان وما زال من التركمان – رغم جميع ما نال تلك المدينة من إهمال ونال تركمانها من تعذيب وتهجير ومضغ للحقوق والأنفس- لما سخروا حشد جهود(هم) للانقضاض على ما يستطيعون الاستيلاء عليه من أرضها والتطفيف بشأن نسبة التباين القومي السكاني الأصلي فيها كي تكون ل(هم) الغلبة فيما لا حق لهم به. . وتلك آيات دامغة على استيقان أنفسهم بحقيقة أصحاب الحق وأهله وإن جحدت بذلك ظواهر أقوالهم الهشة. . فلولا حقيقة الشئ والعلم بتلك الحقيقة لما ولدت الحاجة لطمسها أصلا. .
إن (كركوك) بغليانها الداخلي الراهن المحموم آيلة لانفجار براكين الدم من جراء ما يخشى من جنون شجار السلاح بين أشقاء الوطن الواحد على أرضها. . وذاك من أشد ما يشتاقه أولئك القراصنة (الدخلاء) بغريزة شهواتهم السادية التي بلغ بها تعطشها الدائم لمرأى الدماء حدود الإدمان!!. . فأولئك الدخلاء ما كانوا ليفكروا يوما بغير ما يحقق لهم مآربهم الدفينة ومصالحهم الشخصية بأبعادها الضخمة والبعيدة المدى. . وليسوا بعابئين برغبات (العملاء) وطموحاتهم إلا بالقدر الذي يعبره الدخلاء قنطرة لامتصاص أقصى ما تشتهيه رغباتهم من حياة البلاد وخيراتها البشرية والمادية حتى التخمة. . ولا شك أن تلك الطموحات الانفصالية السافرة والتي لا تزال تتضخم كورم فكري خبيث يستولي على أوهام بعض العملاء لا تعدو عن كونها بضعة من مخططات (الدخلاء) التوسعية اللا محدودة على جسد هذا العالم. . فكركوك هي شريحة ثمينة من العراق ماديا ومعنويا، كما أنها تعتبر بيئة مثالية لتحقيق غير قليل من مآرب (الدخلاء) بالتعاون مع (العملاء)، فمن كركوك ذات النسيج القومي الملون يسهل البدء بإذكاء جذوة النعرات القومية والطائفية وحتى الدينية بين أبناء الوطن كله من أقصاه إلى أقصاه. . وذاك هو مفتاح باب الحرب الأهلية المروعة الناطق بالجبروت. . والحرب هي ما يبتغيه الدخلاء قبل سواها. . لأنها هي بحد ذاتها مفتاح لتفكيك مزيد من وحدة الجسد العراقي الحزين وبتر أعضائه عضوا تلو الآخر. . كركوك هي العراق لأنها فلذة منه. . ولاشك أن اختطاف كركوك من الوطن الأم. . هو شريحة من مشروع اختطاف الوطن كله. . وعلى هذا فإن الدفاع عن كركوك هو دفاع عن مستقبل العراق والشعب العراقي أجمع بمختلف فئاته دون أدنى شك. .