لقد أخطأ البرزاني وهو يتحدث في قناة"العربية" الفضائية مساء يوم السابع عشر من تشرين الأول(أكتوبر)٢٠٠٤ ونقل الحديث حيا من دمشق.
أخطأ عندما كرر وأعاد بأن " الشراكة" العربية- الكردية قد كرست في دساتير العراق منذ نشأة العراق الحديث وأن الدستور العراقي كان ينص على أن الشعب العراقي يتكون من قوميتين رئيسيتين هما العربية والكردية.
وأخطأ عندما قال أن الشعب العراقي قد رسم طريقا فيدراليا للعراق في مؤتمر لندن.
وأخطأ عندما قال أن العلم العراقي في العهد الملكي كان يرمز في نجمتيه إلى القوميتين العربية والكردية وأن قانون العلم العراقي قد نص على ذلك؟
وأخطأ عندما قال أن العلم العراقي الحالي قد رفع من قبل صدام وارتكبت تحت رايته الجرائم بحق الشعب الكردي في العراق.
كانت هذه الأخطاء الموضوعية الرئيسية في حديث السيد مسعود البرزاني، رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، أما النظرات الفوقية وأحادية الجانب والتهديدات المبطنة والتلويح بالخطوط الحمراء فكانت أخطاء سياسية!
وقبل كل شيء لنرجع إلى الدستور العراقي الأول والصادر عام ١٩٢٥ والذي ظل نافذا حتى صدور الدستور المؤقت بعد انقلاب عام ١٩٥٨، فهذا الدستور لم ينص على أن العراق يتكون من قوميتين رئيسيتين، هما العرب والأكراد، بل على العكس من ذلك حرم أي تمييز بين العراقيين بسبب اللغة أو الدين أو العرق أو الجنس، ولم يذكر التركيبة القومية لأبناء الشعب العراقي إطلاقا.
ومؤتمر لندن كان مؤتمرا تسلطت فيه قوى تحالفت من أجل مصالحها وطموحاتها المستقبلية وجرى تهميش قوميات وأحزاب رئيسية وقاطعته قوى سياسية معروفة، بل حتى الهيئة السياسية العليا المنبثقة منه قد شهدت رفضا واستقالات، فمن الذي خول بضع عشرات من المجتمعين في فندق هيلتون في لندن التحدث باسم العراقيين. وأحيل السيد البرزاني إلى تصريحات السيد حميد الكفائي والذي وصف هذا المؤتمر بأنه كان فوضى عارمة.
والعلم العراقي لم ينص في قانونه على أن النجمتان ترمزان إلى الشعبين العربي والكردي، لسبب بسيط وهو أن هذا النص كان سيكون مخالفا للدستور الذي نص على عدم جواز التمييز بين العراقيين بمختلف طوائفهم وقومياتهم، والنجمتان كانتا كما يعرف كل العراقيين ترمزان إلى دجلة والفرات، رافدي العراق المبشرين بالخير والبركة. ولا يمنع هذه التفسيرات بأن يدعي آخر مثلا بأن النجمتين ترمزان إلى الرجل والمرأة، أو المسلمين والمسيحيين أو أي تفسير يرضي غرور البعض.
والعلم العراقي كان موجودا عندما أتى البعث وصدام حسين إلى السلطة بانقلاب غاشم آخر، ولم تضف كلمتا التكبير إليه إلا في خضم أحداث غزو الكويت الغادر عام ١٩٩٠، وإذا كان الكثير من أخوتنا الأكراد قد نكل بهم وهو مرفوع، فإن علم البرزاني، شمس مهاباد قد قتل في ظله أكراد آخرون وعلم الطالباني الأخضر مات تحت ظله أكراد من الجاانب الآخر واسألوا عائلات الأكراد الذين لقوا حتفهم في معارك الشمال والحدود واجتياح أربيل ومطاردة السليمانية فهم يعرفون العدد، فهل يحرم رفعهما أيضا؟
إن إنكار القوميات الأخرى في العراق تسلط مقتبس من تصرفات نظام صدام حسين، وإذا كان البرزاني يقول بأنه لا مساومة ولا تراجع في موضوع كركوك، وأن الحق يجب أن يأخذ نصابه وأن فرض الأمور الباطلة أمر مرفوض، فلماذا لا يعيد النظر في السياسة التي سبق وأن رفضها عندما عينت الحكومات العراقية السابقة أكثر من حصان طروادة لتمثيل الأكراد بشكل مصطنع وما تجربة أخيه عبيد الله البرزاني وطه محي الدين معروف والحزب الديمقراطي الكردستاني المزيف في بغداد والمصطنع من قبل سلطات البعث ببعيدة، فلماذا اتجه هو والطالباني إلى نفس الأسلوب في كركوك " بتعيين" أذناب يدعون أنهم يمثلون القومية التركمانية ليتسنى لهم الحصول على أصواتهم، هل هذا هو الفهم المنطقي للديمقراطية. أيتها الديمقراطية، ما أكثر الذنوب التي ارتكبت باسمك؟.