هوية كركوك التركمانية، هل يمكن حجبها بمعلومات محرفة؟
ارشد ضياء - مجلة تركمان العراق
كتب أحمد عزيز كركوكي مقالا يحاول أن يثبت فيه أن كركوك كانت مدينة كردية منذ الأزل واستشهد بالموسوعات العلمية التي تؤيد ذلك وبوثاق ومصادر قال أنها أهل للثقة.
وإذا كان السيد أحمد عزيز من كركوك فعلا كما يوحي إليه لقبه الذي يستعمله للدلالة على ذلك فإن من المفروض أنه يعلم واقع مدينته وكان ينبغي له أن يتحقق من المعلومات التي أوردها ولا يلجأ إلى كتابات الآخرين فينقل منها على علاتها وبالأخطاء التي فيها.
فهذه المعلومات التي تضمنت الكثير من التحريف سبق وأن نشرت من قبل السيد ناظم عثمان وتم الرد عليه بما يثبت أن المعلومات الواردة فيه إما غير صحيحة أو محرفة وعلى صفحات " كتابات" نفسها.
ويستطيع أي شخص آخر أن يفيد بأنه استقى معلوماته من الموسوعة النيوزيلندية أو المكسيكية أو ما شابه دون أن يكون للقاريء فرصة التحقق منها.
ولكن هناك موسوعات يمكن للكل الإطلاع عليها شخصيا أو الكترونيا، فموسوعة كولومبيا مثلا لا تقول ما أورده أحمد عزيز من أن معظم سكان المدينة من الكرد، بل تقول بأن سكان كركوك مزيج من التركمان والأكراد والعرب، وقد بدأ التسلسل بالتركمان مما ينفي حتى محاولة استقطاع الجملة عند الكرد، لا بل أن الموسوعة المذكورة تستطرد فتقول بأن الأكراد قد أضحوا أقلية في كركوك.
كما يشير إلى موسوعة ميكروسوفت العالمية على أنها واحدة من المصادر التي تدلل على وجهة نظره، وأي باحث يعلم خصوصيات الموسوعات التقنية الخاصة بميكروسوفت وأي مراجع سيرى أن البحث عن كلمة" كركوك" سيقوده إلى أداة البحث"غوغل" والتي ستحيله إلى موسوعة غلوبال المعروفة والتي تنفي ما ذكره أحمد عزيز وهذبه نقلا عن ناظم عثمان، بل تذكر أن غالبية السكان هم من التركمان مع وجود أكراد وعرب وآثوريين وأرمن!
أما الموسوعة البريطانية فإنها لا تقول ما أورده ويعلم الكل ن الموسوعة كانت تعتبر إلى وقت قريب مدينة كركوك مدينة ذات غالبية تركمانية، وقد عدلت الطبعات الأخيرة لتذكر التنوع القومي في كركوك محتفظة بالتركمان بالتسلسل الأول.
كما يذكر الكاتب الموسوعة العربية العالمية، مع أن المنشور فيها مقالة لعوني الداودي يحاول أن يثبت بها أن كركوك كردية قدمت إلى ندوة كربلاء كورقة بحث لا تلزم إلا صاحبها.
أما المصادر العلمية فيستشهد كالعادة بقاموس الأعلام لشمس الدين سامي والذي ذكر أن ثلاثة أرباع سكان كركوك هم من الأكراد، وعادة ما يستشهد بذلك الكتاب الأكراد باعتباره مرجعا تركيا وطنيا لباحث ومؤرخ ورحالة تركي لا يرقى إليه الشك، وقد أوردنا أكثر من مرة بأن شمس الدين سامي لم يكن تركيا ولم يكن مؤرخا ولم يكن رحالة ولم يزر كركوك ولا بغداد التي نقل عنها، بل سبق وأن نفي من الأناضول لنشره كتبا تسيء إلى الذوق العام والآداب ونقل معلوماته عن بعض الكتب الفرنسية.
بقيت المؤلفات والكتب الأخرى التي يستشهد بها أحمد عزيز فكلها، باستثناء علي حسن المجيد مؤلفات كردية، وإذا كان يحاول أن يكون موضوعيا فلماذا لا يورد مثلا مؤلفات حنا بطاطو وعباس العزاوي وعبد الرزاق الحسني وساطع الحصري وثامر العامري ومجيد خدوري ومير بصري وكذلك لونكريك وبراون وماكداول وهاي وهم يشيرون بدون مواربة إلى خصوصية كركوك التركمانية.
وإذا كان يستشهد بدراسة من هنا أو هناك في العهد الملكي فلماذا لا يطلع على تعهد حكومة العراق تمهيدا لاستقلال العراق وانضمامه إلى عصبة الأمم بأن الغالبية في كركوك وكفري هي تركمانية، والى وثائق الحكومة البريطانية قبل الاستقلال وهي تشير بالخرائط والوثائق إلى كركوك وتصفها بأرض التركمان؟
إن الموضوعية تتطلب بحث الموضوع وليس انتقاء ثم تحوير بعض المعلومات التي تدلل على الرأي الذي سبق تبنيه دون الالتفات إلى وقائع التاريخ والجغرافيا.
وأخيرا فإننا لا نريد أن ندخل في نقاش عرقي ضيق فبغض النظر عن صدق هذا القول أو ذاك فإن كركوك مدينة عراقية تحتضن الكل ولا يرى أبناؤها الحقيقيون أية مصلحة لهم في الانسلاخ من وحدة العراق وتناغمه العرقي والديمقراطي.