ودع الكركوكيون وعشرات الآلاف من التركمان الذين قدموا من بقية المحافظات والمدن والقصبات والقرى العراقية في التاسع من كانون الأول۲٠٠٤ إلى مثواه الأخير في مقبرة المصلى، مناضلا آخرا من مناضليهم البواسل الذي ناضل طويلا من أجل هوية كركوك العراقية ونيل حقوق التركمان المغتصبة من قبل النظام البعثي المجرم المقبور والتي لا زالت تغتصب اليوم من قبل بعض الأطراف الكردية العميلة للقوات الأمريكية والموساد الإسرائيلي والتي تدعي بكردية المدينة وتحاول بكل الطرق الغير شرعية التغيير الديموغرافي للمدينة وإظهارها بصبغة أعلامهم الصفراء والخضراء. فيشار جنكيز أحد الذئاب الرمادية الذي ولد في حي المصلى أكبر الأحياء الكركوكية العام ١۹٥٤ ونشأ ودرس وناضل فيها، دفن في أرضها أيضا.
كنت أزور المرحوم في السجن كلما كنت أزور شقيقي سعدون كوبرولو الذي كان هو الآخر محكوما بالسجن المؤبد لأسباب سياسية. وكنا نجلس معا ساعات الزيارة كاملة وأحدثه عن أوضاع التركمان خارج القضبان الحديدية، في سجن العراق الكبير الذي كان العراقيون يعيشون فيه. كان يسألني دائما عن كل صغيرة وكبيرة، عن محلة مصلى وأزقته القديمة، عن مقهى آصلان يواسى وعن السوق الكبير وسوق قورية، وأخبار الشعراء والفنانين التركمان ونشاطاتهم وكان يوصيني دائما بالعمل السري الدائم وعدم التخلي عن النضال أبدا. كان يقضي أوقاته في مطالعة المطبوعات السياسية التي كنا نحملها إليهم ويمارس الرياضة. كان إنسانا عظيما يحبه جميع السجناء ويقدرونه وله علاقات مميزة مع جميع السجناء الذين كانوا يمثلون التيارات السياسية المختلفة في العراق. فكان يلتقي ويتحدث ويناقش مع الشيوعيين وأفراد حزب الدعوة الإسلامية وأفراد الأحزاب الكردية والحركات اليزيدية والفيليين والمسيحيين والقوميين العرب والناصريين. إضافة أبناء قوميته الذين كان معهم دائما.
لم يكن مصير يشار جنكيز الذي أستشهد يوم ٨ كانون الأول ۲٠٠٤ مختلفا عن مصير الذين سبقوه من قادة التركمان الذين لقوا حذفهم في حوادث المرور المدبرة والمخططة من قبل العملاء والجواسيس الحاقدين على الشعب التركماني والطامعين في أراضيهم وخيراتهم واغتصابها بقوة سلاح المحتلين. حيث كان المرحوم عائدا من بغداد إلى كركوك مع بقية رفاق دربه السيد رياض صار كهية رئيس حزب توركمن إيلي والسيد أنور بايراقدار رئيس حزب العدالة التركماني، بعد أن قدموا قائمة الائتلاف التركماني إلى المفوضية العليا للانتخابات في العراق، وأصدم سيارتهم بسيارة ثانية بالقرب من مدينة الخالص.
ولد الشهيد يشار جنكيز في محلة المصلى أكبر أحياء كركوك التركمانية عام ١۹٥۲ ومن أبوين تركمانيين ونشأ وترعرع وسط عائلته وأصدقائه المعرفين بنضالهم السري ومنذ صغره انخرط في صفوف العمل السياسي السري والدفاع عن حقوق شعبه التركماني. ولتفوقه في الدراسة عمل المرحوم فترة قصيرة معيدا في كلية الآداب/ قسم اللغة التركية في جامعة بغداد التي تخرج منها. وإلى جانبه عمل معدا ومقدما للبرامج الأدبية في إذاعة بغداد القسم التركماني. وفي عام ١۹٨٨ أعتقل مع العديد من زملائه من قبل جلاوزة صدام المجرمين أمثال الشهيد التركماني المرحوم مالك حميد والسيد جمال شان رئيس الحزب الوطني التركماني. وحكم عليه بالسجن المؤبد وأودع أبو غريب ليبقى فيه ١٤ عام، إلى أن أطلق سراحه عام ۲٠٠۲ لشموله بالعفو العام والشامل الذي أصدره النظام لأسباب سياسية ولا إنسانية. وخرج المرحوم ولم ينال الراحة والحرية في مدينته الجريحة ولم يتمكن التنقل فيها كما يشاء ويلتقي رفاق دربه. حيث كانوا عناصر الأمن الصدامي المشبوهين يراقبونه في كل مكان ويطالبونه الحضور إلى الاستجواب بين آونة وأخرى، مما أضطر إلى ترك كركوك والتوجه إلى أربيل وإكمال مسيرته النضالية مع زملائه في الحزب الوطني التركماني إلى أن سقط النظام البعثي المشئوم في ۹ نيسان ۲٠٠۳ وعاد إلى كركوك ليبدأ حياته السياسي فيها من جديد.
في ١۹ مايس ۲٠٠۳ وبمشاركة العديد من إخوانه السجناء التركمان السياسيين الذي كانوا معه في أبو غريب أسس جمعية سجناء التركمان السياسيين وأصبح و رئيس لها وجاهد لجمع جميع السجناء السياسيين التركمان المظلومين فيها ومطالبة الدولة بحقوقهم التي اغتصبت من قبل النظام الصدامي البائد. كان له نشاطات فعالة ومثمرة في كافة المجالات السياسية ونضال دائم لنيل حقوق شعبه كاملة. وقبل أن ينال الشهادة كان سكرتيرا لحزب توركمن أيلي. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه وأقاربه وجميع التركمان الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون.
(تحت هامش الفضائية التركمانية في ضيافة برنامج (من نغمة ولحن
تحقق حلم التركمان (المكونة الأساسية الثالثة للشعب العراقي العظيم بعد العرب والأكراد) في متابعة برامج وفقرات بث الفضائية التركمانية من كركوك الحبيبة وأصبحت تلك الفقرات والبرامج التلفزيونية الخلابة والجذابة تشغل معظم أوقات المواطنين التركمان في الإقليم التركماني الذي يمتد من تلعفر الصمود مدينة مندلي على الحدود الإيرانية. والآن تبث الفضائية التركمانية من الساعة الثانية عشر ظهرا وحتى الثانية صباحا وحسب التوقيت المحلي العراقي، بثا يوميا حافلا ببرامج ثقافية وفنية وأدبية وسياسية رائعة وأفلام وثائقية وتاريخية ودينية عظيمة وأغان تراثية ملونة جميلة لأشهر المطربين التركمان الذين خدموا سنوات طويلة الفن التركماني الأصيل ومقاماته العراقية المشهور والخوريات الكركوكي ك (رشيد كوله رضا، عز الدين نعمت، هابا عبد الوهاب كركوكلي، أكرم طوزلو، عبد الواحد كوزه جى، عبد الرحمن قزل آى، فتح الله التين سس، محمد رؤوف، تحسين كركوك أوغلو وعشرات الآخرون). إضافة إلى فترة الصغار الحلوين والتي عبارة عن أفلام الصغار وبرامج تعليمية وتسلية جميلة وقصص الجحا (نصر الدين خوجا). وتعرض الفضائية برامج وأفلام تعريفية عن المناطق التركمانية ووثائق مهمة عن الدول الناطقة بالتركية وتاريخهم العريق وتراثهم القديم. ومقابلات تلفزيونية مع السياسيين والفنانين والأدباء والمثقفين التركمان والوقوف على أحداث الساحة العراقية.
ومن أشهر البرامج التي نالت إعجاب المشاهدين التركمان في عموم الإقليم التركماني في العراق وخارج الوطن، في الدول العربية الشقيقة والجارتين تركيا وإيران ومعظم دول أوربا وأمريكا وكندا وأستراليا كان برنامج (بير سوزده ن بير سازدان) أي من نغمة ولحن، من إعداد وتقديم الفنان التركماني الشاب (وليد اوجوشلو). وفي كل أسبوع يستضيف البرنامج فنانين تركمان معروفين في الوسط الفني التركماني ويحدثهم عن مسيرتهم الطويلة في خدمة فن الغناء التركماني العريق ومقاماته وخورياتاته التي يشتهر بها تركمان العراق عن بقية أتراك العالم.
كان اللقاء الأول مع مطرب تركماني له مكانة خاصة في نفوس وقلوب التركمان جميعا. مطرب وإنسان ومعلم عظيم خدم وناضل من أجل شعبه ولم يكف عن نضاله أبدا رغم أن طاردوه الشيوعيون والبعثيون سنوات طويلة ورغم اعتقاله عشرات المرات من قبل حكومة صدام المجرم بسب أغانيه وأشعاره التي كانت لا تتناسب مع مبادئهم ونواياهم العنصرية. تلك الأشعار والأغاني الثورية التركمانية التي كانت لغة المظالم التي تتعرض لها شعب عراقي أصيل يبلغ تعداده أكثر من ثلاثة ملايين. شاعر لم يكتب سطرا واحدا عن الانتصارات الزائفة لحكومة البعث ووصف الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين. مطرب لم يغني أبدا بأغنية في وصف المجرم صدام ويتملق له كالآخرين. إنه كان الفنان والشاعر الكبير والمعلم الأستاذ (أكرم جعفر طوزلو)، أحد أبناء طوزخورماتو البار (تلك المدينة التركمانية التي أنجبت الكثير من الأدباء والشعراء والفنانين التركمان من أمثال الشاعر الكبير المرحوم حسن كوره م والشاعر الرائد والصحفي عبد اللطيف بندر أوغلو أحد رواد الحركة الشعرية التركمانية المعاصرة في العراق والشاعر والناقد الكبير علي معروف أوغلو). عرفناه من مقابلاته الغنائية مع فنان قومي آخر له نفس الشهرة ولكنه ترك العراق وسافر إلى تركيا ليكمل بقية أعوام حياته هناك وينتقل إلى مثواه الأخير هناك. ألا وهو المطرب التركماني الكبير المرحوم فخر الدين أركيج ألذي بدأ مشوارهم الفني سويا في معظم الحفلات والسهرات والمناسبات الغنائية.
فلا يخفى على أحد بأن الفنان أكرم طوزلو كان ولا يزال مناضلا تركمانيا معروفا لدى التركمان جميعا حيث جسد معاناة التركمان وبطولاتهم في قصائده وأغانيه القومية الواعدة في كافة مسارح الإقليم التركماني. فكان له حضور متميز في الحفلات التي أقامتها نادي الإخاء التركماني في مدن كركوك وموصل وأربيل وتلعفر إضافة إلى عاصمة الرشيد بغداد دار السلام. وفي الحفلات التي أقامتها جمعية الهلال الأحمر العراقية في كركوك ونادي الثورة الرياضي والفرقة القومية التركمانية في كل مدن إقليم توركمن إيلي وقصباته.
إن لاستضافة البرنامج لمثل هذا الذئب التركماني المناضل البطل في حلقته الأولى كسب نجاحا باهرا وجمهورا كبيرا للبرنامج. أصبحوا ينتظرون حلقاته بدون صبر في كل أسبوع. وبعد الحلقة الأولى التي تمت إعادتها ثانية بناءا على طلبات مشاهدي الفضائية التركمانية أستضاف البرنامج المطرب التركماني الشعبي المشهور حسن نجار والذي رافق المطرب الشعبي التركماني المشهور هابا (عبد الوهاب كركوكلي) في معظم أمسياته وحفلاته الفنية، ومطربي مدينة تلعفر التركمانية الباسلة (محمد قاسم قره قوينلو وأحمد رضا عبو) الذين قدموا للمشاهدين ألوان جميلة من الألحان التراثية لتركمان تلعفر وقراها الجميلة.
ونحن نهنئ الزميل الفنان وليد أوجوشلو على إعداده وتقديمه الرائعين للبرنامج وحوارا ته المتواضعة مع الفنانين التركمان وتزويد المشاهد لفقرات البرنامج بمعلومات مهمة عن مسيرتهم الفنية وغناءه الجميل، نتمنى لبرنامجه (من نغمة ولحن) المزيد من النجاح الدائم لخدمة الحركة الغنائية التركمانية وإيصال صوتها إلى المشاهدين في معظم بقاع العالم وجزاه الله خير على خير.
حتى الإستفتاءات من أجل كركوك تثبت بتركمانيتها
رغم عشرات الحقائق والوثائق التاريخية الموثوقة، ورغم جميع معالمها التاريخية، وأسماء شوارعها وأزقتها ومقاهيها ومتنزهاتها ومقابرها وحماماتها وخاناتها والأقضية والنواحي والقرى التابعة لها، والمئات من مشاهيرها من مؤرخين وشعراء وفنانين ورياضيين واللغة التي يتحدث بها غالبية ساكنيها التي تثبت بأن كركوك (المدينة العراقية) ذات خصوصية تركمانية، يصر البعض من الأحزاب الكردية وخصوصا حزبي مام جلال ومسعود البارزاني في شمال العراق بكرديتها، وعلى أنها قلب كردستان أو قدسها أو كعبة الأكراد ويجب دمجها وبقية المدن والقصبات التركمانية بكردستان العراق. فأمر عجيب جدا ورغم اعتراف أشقائنا العرب أيضا بتركمانية كركوك يصر أولئك الحاقدين الذين يضنون أنفسهم جاءوا لخدمة أشقائنا الأكراد وإنقاذهم من ظلم وطغيان الحكومات العراقية السابقة وتأسيس دولتهم الكردية ولا يعلمون بأن أغلب الأكراد يكرهونهم بسبب الويلات والخراب والدمار التي لحقتهم بسببهم وتعاونهم مع قوات الاحتلال التي جاءت لاحتلال العراق لا لتحريرها من النظام البعثي المجرم.
فحاول أولئك العنصريون الحاقدون على الشعب التركماني في العراق بكل الوسائل وشتى الطرق من تكريد كركوك ولم يفلحوا في ذلك. فجربوا حظهم في حرق المستمسكات والوثائق الحكومية التي تثبت تركمانية المدينة في دوائر المحافظة وخزينتها ومديرية أحوال المدنية ودائرة العقاري وهيئة الضرائب وبلدية كركوك ودائرة الطابو وغيرها. وقاموا برفع أعلامهم الصفراء والخضراء بدلا عن العلم العراقي فوق جميع البنايات والدوائر الرسمية والمعاهد والمدارس وحتى في وسط الشوارع والأزقة. وقاموا بتبديل عناوين الدوائر المكتوبة بالعربية بأخرى مكتوبة بالكردية أولا وتحتها بالعربية. حاولوا جلب الآلاف المؤلفة من أكراد السليمانية ودهوك وزاخو بالإضافة إلى أكراد تركيا وسوريا وإيران على أنهم مرحلون من المدينة أيام صدام المقبور، ووزعوا لهم المنازل والأراضي، ومنحوهم مساعدات مالية لبناء المساكن لهم، وقاموا بتزويدهم بمستمسكات ووثائق وبطاقات تموينية مزوره تم كشف العديد منها وإبلاغ المسئولين والمفوضية العليا للانتخابات في العراق. وإن حرمان مكتب المفوضية العليا للانتخابات في محافظة كركوك ٧٠ ألف كردي من التصويت في الانتخابات التي ستجري يوم الثلاثين من كانون الثاني ۲٠٠٥ في المدينة لدليل واقع على عدم كركوكية أولئك الأكراد وتزوير الوثائق والمستمسكات التي بصحبتهم.
فمادام أولئك الذين اجتاحوا كركوك وبقية المدن والقصبات التركمانية على ظهر الدبابات والمدرعات الأمريكية ومهدوا لهم الطريق لاحتلال العراق بغية الاعتراف بدولتهم الكردية واغتصاب كركوك وبقية المناطق التركمانية الغنية بالبترول وإلحاقها إلى أقاليمهم لم يبق أمام التركمان وباقي سكان المدينة سوى المطالبة بالاستفتاء الشعبي في المحافظة وتقرير عائديتها وبإشراف هيئة الأمم المتحدة. وفي الآونة الأخيرة قامت العديد من المواقع الكترونية بإجراء مثل هذه استفتاءات وكانت آخرها استفتاء أجراه موقع (العراق لك)، وهو موقع عراقي حر ومستقل غير منحاز إلى أية قومية أو طائفة، ويتكون الاستفتاء الذي نشر باللغة الإنكليزية من شطرين. في الشطر الأول سأل مجريه: هل أن كركوك ذات غالبية عربية أم تركمانية أم كردية؟ وكان عدد المشاركين في الإجابة ١١۹٥٥ شخصا وكان التصويت كما يلي:
عربية: ٧٠٤ صوت أي بنسبة ٪٥، ٨۹
تركمانية: ٨٦٦٤ صوت أي بنسبة ٪٧۲، ٤٧
كردية: ۲٤٦١ صوت أي بنسبة ٪۲٠، ٥۹
لا أعرف: ١۲٦ صوت أي بنسبة ٪١، ٠٥
في الشطر الثاني من الاستفتاء الذي شارك في الإجابة عليه أيضا ١١۹٥٥ شخصا سأل: هل أن كركوك جزء من كردستان العراق؟ وكان التصويت كما يلي:
نعم : ۲٦٠۳ صوت أي بنسبة ٪۲١، ٧٧
لا : ۹۲١٨ صوت أي بنسبة ٪٧٧، ١١
لا أعرف: ١۳٤ صوت أي بنسبة ٪١، ١۲
ألا أن هذا الاستفتاء أيضا يدل على إن مدينة كركوك مدينة تركمانية لا تقبل القسمة إلا على التركمان وحدهم الذين يفضلونها عراقية يعيشون فيها بسلام وأمان دائم مع بقية أشقائهم من العرب والأكراد والكلدان والآشوريين بدلا من أن تكون لقومية أو طائفة معينة أو عاصمة لدولة عنصرية ما. فليكن الاستفتاء الشعبي خيارنا ككركوكيون في تقرير مصيرنا ومصير مدينتنا التي ولدت وكانت وتبقى عراقية أبدا ونصرنا الله على أعداء العراق الذين يهددوننا بالحرب على العراق والانسحاب من حكومته المؤقتة ومقاطعة الانتخابات في البلاد وما النصر إلا من الرب العظيم ناصر المظلومين وأصحاب الحق أجمعين.
المفوضية العليا للإنتخابات وفضح المزورين والدجالين
قبل يومين فقط أتخذ مكتب كركوك للمفوضية العليا للانتخابات في العراق قرارا مهما وحاسما بمنع سبعون ألفا كرديا من التصويت في الانتخابات المزمع إجراءها يوم الثلاثون من يناير كانون الثاني ۲٠٠٥ في المدينة كسائر المدن العراقية جميعا. وهذا القرار التاريخي العظيم أوقع أحلام الكثيرين من ذوي الأفكار العنصرية الشوفينية والحاقدة على الشعب التركماني وتاريخه العراقي المشرف في الدفاع عن حيض الوطن ووحدة أراضيه من زاخو شمالا إلى الفاو جنوبا في المياه العكرة التي ستغرقهم وجميع أعداء عراقنا الحبيب كما تغرق أحلامهم الانفصالية الشريرة. وراح بعض المتطفلين الحاقدين على المواقع الإلكترونية العراقية في صب نار غضبهم على السيد يحيى العاصي(المواطن العربي النزيه من سكنة كركوك أبا عن جد) مدير مكتب المفوضية في محافظة كركوك واتهامه بكونه بعثيا من بقايا النظام العراقي البائد ويعمل لصالح الجبهة التركمانية ويجب تبديله بشخص آخر والأفضل ن يكون من موالي مام جلال أو مسعود البارزاني لكي يحقق أمالهم ويغض النظر عن دسائسهم ومخططاتهم الهادفة إلى نزع كركوك القلب من جسد العراق العظيم. ولكن هذا محال مادام هناك ضمائر وطنية حية وعيون ساهرة على مصلحة الوطن ومستقبله وسيفشل أولئك الحاقدين الأشرار كما فشلوا من قبل ولن ينال غير الفشل والهزيمة والخذلان.
نعم إنه بعثي وكل عراقي نزيه يعمل لخدمة العراق ووحدة أراضيه ويتصدى للعملاء والجواسيس الذين يتعاونون مع الأمريكان والصهاينة فهو بعثي وبدون أي شك في نظر أولئك المزورين والدجالين الذين أحرقوا سجلات وأضابير دوائر الدولة كافة في كركوك وجميع المدن والقصبات التي دخلوها وزودوا آلاف العوائل الكردية التي جاءوا بها من إيران وسوريا وتركيا وقرى وجبال السليمانية ودهوك وزاخو وأسكنوهم في منازل وأراضي العرب والتركمان التي اغتصبوها بقوة السلاح ومراكز الشباب والملاعب والمعسكرات، بهويات الأحوال المدنية والمستمسكات والوثائق الحكومية والبطاقات التموينية التي تثبت بأنهم من أهالي كركوك رحلوا عنها أيام سيديهم صدام المجرم.
لا يخفى على أحد من العراقيين إن عملية التكريد في كركوك تجري بصورة مخططة ودقيقة ومكشوفة للغاية، رغم ترك منفذيها الأغبياء المئات من آثارها خلفهم. فلولا وجود قوات التحالف الأمريكي الإنكليزي في العراق ودعمهم اللا محدود للسيدين جلال الطلباني ومسعود البارزاني مقابل خيانتهم للوطن وإخلاصهم ووفائهم للمحتلين لما تجرأ أحد أن يغير معالم كركوك وطوبوغرافيتها أبدا. فانظروا إلى المحافظة التي يديرها محافظ كردي(عبد الرحمن مصطفى) ونائبه كردماني (عرفان كركوكي) محسوب على التركمان وأنظروا إلى المجلس البلدي في المحافظة التي غالبية أعضائه من الأكراد، وأنظروا إلى مدراء الدوائر والمؤسسات الحكومية في المدينة أغلبهم من الأكراد. وفكروا مع أنفسكم في المخططات المشبوهة التي تجري في دوائر كركوك من أجل تكريدها لضمها إلى الإقليم الكردي. وفكروا في التسهيلات الإدارية والمالية الكبيرة التي تبديها قوات الاحتلال للأكراد في كركوك بغية تحقيق مطامعهم التي لا تتجزأ عن مطامع أسيادهم. أنظروا إلى جرائمهم وأفعالهم الشنيعة يحقون لأنفسهم جلب أكراد دول جيراننا وإسكانهم في الإقليم التركماني ويطلبون بترحيل العرب العراقيين من المدينة التي لهم حق السكن فيها قبل غيرهم، فقط لكونهم جاءوها من قبل سيديهم صدام. أ هذه عدالة يرضى عليه أحد؟ أ في العالم دولة لا يستطيع مواطنيها السكن في أية مدينة يشاءوه؟ انظروا إلى تركيا الدولة الجارة التي يتهمونها بأنها لا تعترف لحقوق أكرادها. فالمواطن الكردي يستطيع بكل حريته الانتقال من مدينة إلى ثانية والسكن أينما يشاء ويدرس في الجامعة التي يشاء ويعمل في السياسة ويجتهد ويصبح رئيس دولة كالمرحوم تورغوت أوزال وسياسيا مخضرما ورئيس حكومة كالسيد بولنت أجويد ووزراء وبرلمانيين، ويمارس التجارة ويصبح أغنى رجال تركيا. أما في شمالنا الحبيب الذي يسيطر عليها حزبي مام جلال ومسعود البارزاني فلا يستطيع أي عربي أو تركماني أو كلداني أو آشوري أن ينتقل بحرية من مدينة إلى أخرى إلا وأن أوقفته أسايشهم(عناصر الأمنية) وسألتهم واعتقلتهم وأخضعتهم لساعات طويلة من التحقيق. للعلم ففي بوابة الخابور الحدودية بين تركيا والعراق توجد قوائم طويلة وعريضة بأسماء العراقيين المطلوبين لدى ميليشيات مسعود البارزاني بسبب إما نضالهم المعارض لهم ولسياساتهم القمعية والشوفينية أو كتاباتهم التي تعارض تصرفاتهم المشبوهة وتفضح مخططاتهم الرامية إلى تقسيم البلاد.
فبسبب معارضة مكتب المفوضية على مشاركة أولئك (٧٠ ألف كردي) في الانتخابات شدد حزبي مام جلال ومسعود البارزاني ومواليهم من الأكراد الذين زجوا بهم إلى كركوك على المطالبة بتأجيل الانتخابات فيها. لذا نرجو من المفوضية العليا للانتخابات في العراق و مكتبها في كركوك التي رفضت ولا زالت ترفض تأجيل الانتخابات السعي في التحقيق مع جميع الذين عادوا إلى كركوك تحت عباءة الترحيل والتأكد من صحة كونهم من أبناء المدينة، لأننا وحسب التقارير التي نستلمه يوميا بأنه هناك أكثر من هذا الرقم لم تشملهم الرفض. فعلى المكتب المؤقر الإسراع في فضح أولئك وعدم السماح لهم المشاركة في التصويت أيضا بغية أن تكون مهمتهم نزيهة وشريفة أكثر وبارك الله بهم وجزاهم ألف خير.
** مبروك!!! نجاح الانتخابات قد تحقق **
عان العراقيون جميعا دون تفريق بين عربي وتركماني أو كردي وآشوري، وبين مسلم أو مسيحي، أو سني وشيعي ۳٥ عاما من ظلم النظام البعثي الدكتاتوري في العراق. وكان نهاية هذا النظام العنصري الفاشي الظالم وتحقيق الحياة الحرة الديمقراطية والتعددية الحزبية في إدارة البلاد أمل العراقيين كلهم. لكن ورغم تحقيق الحلم العراقي وسقوط تمثال صدام الكبير في عاصمة الرشيد في التاسع من نيسان ۲٠٠۳، لم يتحقق حلم العراقيين الذين عانوا مرارة المظلومية والاعتقالات والسجن الإعدامات والحروب والتشريد والخراب والتدمير. فمنذ ذلك اليوم التاريخي العظيم لم نرى شيئا تدل على تحقيق الحرية والديمقراطية قد تحققت في وطننا سوى استمرار الاحتلال له، والمزيد من العمليات الإرهابية والاغتيالات والاعتقالات والسلب والنهب والتفجيرات التي تكبدنا خسائر فادحة في أرواح الأبرياء والمظلومين وأموالهم وممتلكاتهم. حتى الحكومة العراقية المؤقتة المنتخبة أعضائها من قبل الإدارة الأمريكية لم تستطيع أن تقضي على المجرمين والإرهابيين والقتلى والجواسيس في البلاد وتحقق الأمان والسلام في ربوع العراق، لأن أغلب أولئك الأعضاء هم أنفسهم عملاء لجهات أجنبية كأمريكا وإسرائيل وإنكلترا وإيران وحتى الدول العربية. وإن قضائهم على معاناة الشارع العراقي وجلب السلام والأمان إلى البلاد يعني نهاية وجود أسيادهم المحتلين والمغتصبين لحرمة أراضينا المقدسة ونهايتهم أيضا بعد أن عرفهم الشعب العراقي وفضح عمالتهم المشبوهة وخيانتهم العظمى.
فطبلوا أولئك العملاء والخونة كثيرا لتشكيل الحكومة العراقية الانتقالية. وطبلوا لصياغة قانون إدارة البلاد المؤقت والعلم العراقي قبلها. وطبلوا لتشكيل المجلس العراقي المؤقت. وها هم يطبلون لانتخابات ۳٠ يناير كانون الثاني ۲٠٠٤ التي بدأت تعطي بوادر فشلها قبل إجرائها أيضا. فسارعت جهات وأحزاب شوفينية وعميلة وحاقدة إلى تأجيل الانتخابات في القطر وتهديد العراقيين بعدم المشاركة فيها لكي يبقى وضع العراق على حاله ويستمر قوات الاحتلال في احتلالهم وهم في إدارة البلاد وتحقيق نواياهم الشريرة وامتصاص خيراته.
كلنا نعلم جيدا بأن مدينة كركوك التي تشهد تكريدا غير عادي على يد الحزبين الكرديين الكبيرين الإتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال الطالباني والديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البارزاني وميليشياته المسلحة التي تهدد المسئولين دوما بالاغتيال والاختطاف، تشهد ظروف غير طبيعية وتهديدات بالحروب والانفصال. حيث الحزبين الكرديين المعنيين قد تمكنوا السيطرة على إدارة أغلب دوائر المحافظة الحساسة. وفي الماضي كتبنا عن عدم استلام أغلب العوائل التركمانية والعربية في كركوك لاستماراتهم الانتخابية. وبعد تحريات زملائنا في كركوك علمنا بأن مدير المواد التموينية (الكردي) في كركوك هو الذي كان وراء ذلك، حيث لم يزود مكتب المفوضية العليا للانتخابات في العراق بقوائم كاملة عن العوائل التركمانية والعربية، الذي أدى إلى عدم تنظيم المكتب استمارات الانتخابات لأولئك العائلات، والهدف من ذلك كان معروفا أيضا وهو عدم مشاركة جميع التركمان والعرب الانتخابات في محافظة كركوك.
وبعد أن تأكد السيد يحيى العاصي الحديدي من عدم وصول الاستمارات إلى جميع العوائل التركمانية والعربية في المحافظة أمر بالتحري عن جميع الذين سيبدون بأصواتهم في انتخابات كركوك والتأكد من صحة انتمائهم إلى المحافظة. ونتيجة التحري تمكن الوصول إلى وثائق ومستمسكات مزورة لدى ۹٠ ألف كردي ممن جلبهم القيادات الكردية إلى كركوك على أنهم مرحلين منها من قبل النظام الصدامي. وقرر السيد الحديدي حرمانهم التصويت في الانتخابات.
لكن قرار التحريم هذا أصاب القيادات الكردية المعنية المزيد من الخيبة والخسران، وجعلهم يفكرون في خلق الأسباب لتبديله بشخص آخر ويفضل أن يكون كرديا لكي يسهل تنفيذ مخططاتهم العنصرية المشبوهة. فقاموا بتهديد السيد يحيى الحديدي باغتياله واختطاف ذويه وأقاربه وقتلهم مما أدى إلى استقالته عن مهمته النبيلة كمدير مكتب المفوضية في كركوك. ووجهوا له تهمة كونه بعثيا سابقا ويعمل لمصلحة التركمان. وقام بعض كتابهم تشويه سمعته في المواقع الإلكترونية العراقية والعربية. وفي لقاء معه لوكالة أنباء الإخلاص التركية أكد الحديدي استقالته نتيجة استلامه العشرات من الرسائل التهديدية بسب عمله الغير منحاز إلى أية جهة أو طائفة.
إن أسباب استقالة السيد يحيى العاصي الحديدي من عمله معروفة من قبل مفوضية العليا للانتخابات. لذا يجب على السادة رئيس وأعضاء المفوضية المحترمون الذين عملوا ولحد الآن بكل نزاهة وشرف وإخلاص أن يعينوا فورا مديرا عادلا غير منحاز إلى أية فئة في كركوك لكي يباشر مهام المكتب في نهاية تحضيرات المحافظة للعملية الانتخابية، وألا فاستقالة السيد الحديدي من عمله وبقاء مكانه شاغرا أو تعيين مدير كردي سيصغي حتما لأوامر البارزاني والطالباني، ستثبت عدم نزاهة أولئك السادة في المفوضية المؤقرة في تحقيق رسالتهم الإنسانية التي وجدوا من أجلها، وتكون أول بادرة على مدى تحقيق النجاح في الانتخابات العراقية. ولم يبقى أمامنا سوى أن نقول ألف مبروك فنجاح الانتخابات في العراق قد تحقق، وتحقق معه الديمقراطية في البلاد. ويرفع أعضاء الحكومة العراقية المحترمون و قادة الاحتلال المنبوذين كؤوس الخمر الأمريكي ويتذوقوا طعم الفوز الكبير.