:رداً على العرض الذي قدمه عوني الداودي عن كتاب
كركوك و توابعها، حكم التاريخ و الضمير دراسة وثائقية عن القضية الكردية في العراق لمؤلفه الدكتور كما ل مظهر أحمد
قنبرساقي طوزلو
- مجلة تركمان العراق
نرد بما يلي:
ذكر المؤلف في كتابه اعتماده على مجموعة نادرة من الوثائق التي لم تذكر لليوم في مؤلفات أخرى، و هذا مما يضعف من فيمة هذه الوثائق و الكتاب المعروض، و فيما يتعلق باعتبار اللوبيين و الكوتيين و الحوريين أكراداً، نحن نقول بان اللوبيين هم ليسوا أكراداً بل هم أقوام
سكنوا أواسط آسيا و لغتهم سومرية، أما الكوتيين فهم فرس و الحوريين ينتسب اليهم اليوم الأرمن و ليسوا من الساميين و لا ألأريين.
واما ما يتعلق بمدينة طوزخورماتو و بنائها من قبل الحوريين فلا أساس له من الصحة، إذ أن هذه المدينة تركمانية التسمية و هي تعني (الملح و التمر و التوت) و ليس كما جاء في الكناب:
(خورماتو) أي مدينة (خور)، و يؤيد ما أشرنا اليه تأريخ بناء هذه المدينة الذي لم يتجاوز خمسة قرون، علما بان الحوريين أسسوا دولتهم قبل الميلاد بالفي سنة.
و فيما يتعلق بمدينة كركوك القديمة (آرابخا) نقول: بأنها قد بنيت كقلعة في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، و تعد هذه القلعة (آرابخا) السومرية، رمز تأريخي لتركمان العراق
]انظر الى: حسن أوزمن، التركمان في العراق و حقوق الانسان، آنقرة، ٢۰۰٢، ص ٦٤-٦٩[
و حول ما جاء من أن مساجد مدينة كركوك و تكاياها و مدارسها كانت تدار من قبل رجال الدين الكرد، نرد على ذلك بالقول بأنه كان على المؤلف أن يذكر أسماء المساجد و التكايا و المدارس التي كانت تدار من قبل الكرد ان كانت موجودة فعلاً، و فيما يخص الجبال الحاجزة بين العرب و العجم هي سلسلة جبال (زاغروس) و ليست تلال حمرين الواطئة الارتفاع و التي لا يمكن اعتبارها حاجزاً أصلأً.
و يصف ياقوت الحموي بلاد (شهرزور) بما نصه:
] أهلها أكراد عصاة على السلطات] و يقصد ب (شهرزور) هنا: المنطقة الجبلية الممتدة شرق
مدينة السليمانية الحالية، حيث عرف عن أهلها كثرة عصيانهم و تمردهم على السلطات و سلبهم و نهبهم لعامة الناس لأسباب لها علاقة بالتضاريس و وعورة المنطقة و عدم انسجامهم مع الاخرين.
أما بخصوص (ياسين تبه) القريبة من مدينة كركوك كما يدعي المؤلف فلا وجود لمثل هذه المدينة أصلأً في تاريخ كركوك قديماً و حديثاً.
ادعى مؤلف الكتاب بان الرحالة (ابن مهلهل) قد وصف كورة شهرزور بأن أكرادها قد بنوا حوالي (٦۰) ألف بيت في الكورة، علما بان مدينة كركوك و لحد ما يقارب (۳۰۰) سنة
الماضية كانت تشتمل على القلعة فقط و التي لم يتجاوز عدد دورها عن (٥۰۰) داراً في أحسن
ألأحوال.
و بصدد قوله عن سكا ن الأمارة ألأتابكية و جيش مظفر الدين كوكبوري (كانوا من الكرد قاطبة)، نقول عن ذلك بانه من المعروف للقاصي و الداني بان ألأتابكية مصطلح تركماني بحت و أن مدينة أربيل التأريخية كانت عاصمة التركمان ألأتابكة أيام حكم سلطانها التركماني المجاهد البطل مظفر الدين كوكبوري (الذئب ألأزرق) و لأكثر من ٢٥۰ عاما ً، و أن أغلب أفراد الجيش الذي استخدمه السلطان المذكور في تحرير القدس من رجس الصليبيين كانوا من التركمان الى جانب أعداد من العرب و ألأكراد.
أما فيما يتعلق يعشيرتي الزنكنة و الجاف، فنؤكد بانهما من العشائر العربية، أما عشيرة هموند فهم فرس.
أما فيما يتعلق بمدينة كركوك و تابعيتها الى الامارات الكردية الثلاث (الحسنوية و العيارية و الجاوانية) فلا أساس له من الصحة لأن هذه الإما رات هي وهمية لا وجود لها في تأريخ العراق
قديما و حديثا.
أما فيما يتعلق بأمارتي (أردلان) و (سوران) الكرديتين ووصفهما من قبل (لونكريك) بالأمبراطوريا ت لأكثر من مرة، فانهما و مهما بلغتا من الكبر و السطوة فانهما كانتا جزءأً
لا يتجزأ من ألإمبراطورية العثمانية لا يمكنها الخروج بتاتاً عن النهج الذي رسمته لهما الخلافة العثمانية و سلاطينها ألأفذاذ.
أما بصدد ضم مدينة كركوك الى ولاية(شهرزور) حسب إدعاء المؤلف فانها كانت ترتبط تارة بولاية بغداد و أخرى بولاية الموصل و هكذا حال شهرزور صعود اً و نزولاً، و كل هذ ا كان
لأسباب إدارية أو سياسية أو عسكرية و حسب مقتضيات المصلحة العليا للدولة العثمانية و لا علاقة لذلك بالجانب العرقي أ و الطائفي.
أما ما أورده (لونكريك) حسب إدعاء المؤلف بأن الوالي كان يترك أمور كركوك لزعماء أردلان من ألأكراد فلا صحة لذلك، إذ أن لوكرنيك يقول في كتابه (أربعة قرون من تأريخ العراق الحديث، في الصفحة ۱۱٧): أن مدينة كركوك، مدينة جميلة و عظيمة و كان النطق السائد فيها التركية، وفي الصفحة (۱٤٧) يقول لوكرنيك عن كركوك و محاصرة نادر شا ه لها:
[ إعتصم أهلها من التركما ن و الكلدان بقلعتها]، و الحرهنا تكفيه هذه الاشارة.
أما عن ترجيح ألأردلانيين لكونهم من الكاكائيين ألأكراد، فالصحيح:
أن الكاكائيين (عرب) حسب إدعاء زعمائهم و ساداتهم.
أما عن امارتي (أردلان) و (سوران) الكرديتين، و كيف كانت مدينة كركوك ضمن أملاك
ها تين ألإمارتين، نقول:
إن هذا كلام زائف لا يمت الى الحقيقة بصلة لأن الكثير من المؤرخين و الرحالة و في المقدمة منهم الرحالة (ميجرسون) أكدوا على تركمانية مدينة كركوك في أكثر من مصدر، حيث يقول في كتابه (رحلة متنكر، ص ۱٥٨) عن كركوك: [ كركوك بتركمانها و فواكهها و نفطها]،
ثم يقول في الصفحة ۱٦۱: [ إنها مدينة تركمانية تجد العرب الى جانبهم مع الكرد الهمواند و الكلدان و لغتهم التركية]، أيضاً و في ختام رحلته في كركوك، يقول عنها في الصفحة ۱۱٨:
[ الان نودع هذ ا الركن التركي القصي لحين من الدهر].
يشير المؤلف الى جسر على الزاب الصغير عند موقع آلتون كوبري أو ما يسميه المحليون حسب إدعائه (بردي) ليغدو بالتدريج إسما مرادفا ً للمنطقة بأسرها، و نحن نقول له: إتقي الله فيما تدعي عن هذه المدينة التركمانية العريقة (آلتون كوبري) المعروفة بهذ ا ألإسم منذ ألأزل،
و أن (بردي) بدعة ابتكرها الشوفينيون الجهلة قبل عدة عقود.
و حسب إدعاء المؤلف و نقلاً عن (كلوديوس ريج) في رحلته عام ۱٨٢۰ م الى كركوك،
بأنها السوق الذي ينقل إليه كل ما ينتج في هذا الجزء من كردستان، و نرد على المؤلف بإيراد ما ذكره ريج نفسه في رحلته الشهيرة و زيارته لمدينة كركوك:
[ اللغة التركية هي اللغة الشائعة في مدينة كركوك و توابعها].
أما ما يتعلق بالعشائر الكردية في كركوك حسب إدعائات المؤلف كعشائر (الطالباني و الجاف
و الهماوند و زنكنة و شوان و شيخ بزيني) و حث الادارة الانكليزية لهم بالتخلص من يراثن العثمانيين، نرد بما يلي:
إن العشائر المشار اليها أعلاه دخيلة على مدينة كركوك، أتت من مناطق أخرى في بداية القرن العشرين، أقدمها عشيرة (طالباني) و التي سكنت كركوك قبل أكثر من قرن بناءً على ألأمر الصادر من السلطان العثماني في حينه من أجل إسكانهم في كركوك لأسباب دينية.
ان جميع عمليات الاحصاء التي أدارتها ألإدارة الانكليزية بعد إحتلالها العراق كانت غير دقيقة
و مقصودة لإظهار نسبة التركمان بشكل متدني و ألإكثار من عددالقوميات ألأخرى (لحاجة في نفس يعقوب)، و دليلنا على ذلك إعطائها (ستين ألف) نسمة للأكراد مقابل (خمسة آلاف)
للقوميات ألأخرى لمدن كفري و طوز و قره تبة و هي مدن تركمانية صرفة، أما ما يتعلق
بتعيين (أحمد حمدي أفندي) رئيساً لمحكمة السلم في كركوك ليعيد التأريخ نفسه على أرض الواقع كما يقول المؤلف نفسه، نقول له: كفا ك ركضاً وراء السراب، لماذا تترك ألأصل
و تتمسك بالفرع، لقد كان ألأولى بالمؤلف أن يشير الى أسم أول متصرف (محافظ) عينه ألإنكليزعلى كركوك (فتاح بك) و كذلك رئيس بلديتها ۰ مجيد اليعقوبي) و آخرين غيرهم
من التركمان.
أما بصدد عدد أعضاء المجلس الذي شكله الحاكم السياسي البريطاني من (۱٢) عضواً بمعدل
(٦) أعضاء من ألأكراد و (۳) أعضاء من التركمان، نقول:
أن نسية ألأكراد في تلك الفترة في كركوك لم تتجاوز ۱۰٪ من مجموع سكانها، فكيف يكون عدد أعضاء المجلس من ألأكراد ضعف عدد أعضاء التركمان الذين كانوا يشكلون نسبة ٨۰٪
من السكان؟!.
أما بخصوص تشكيل حكومة كردية من قبل البريطانيين تضم تحت حكمها كركوك، فأن المؤلف قد أوقع نفسه في تناقض شديد عندما أورد في مكان آخر، بأن ألإنكليز كانوا يحاولون جاهدين إبعاد كركوك عن الحركة الكردية، لاسيما ثورة الشيخ محمود الحفيد.
و فيما يتعلق بما أورده المؤلف عن جوهر مشكلة ولاية الموصل بين ألأتراك و ألإنكليز،
ياظهار واقع كردية كركوك و توابعها، بينما المشكلة كانت لا علاقة لها بذلك إطلاقاً، إذ
أن المسألة كانت قائمة بين تركيا و ألإنكليز و الحكومة العراقية المؤقتة.
و في الختام لا بد أن يعرف القاريء الكريم، أن تسمية (شهرزور) تسمية فارسية و ليست كردية، مكونة من كلمة شهر أي (المدينة أو المنطقة) و زور بمعنى (قوة أو غصب) لتصبح مدينة / منطقة القوة و الغصب اسوة بالتسميات الفارسية للعديد من المدن و القصبات العراقية الاخرى مثل (شهربان، بغداد، الانبار، تكريت، بدرة، خانقين و غيرها)، تشمل منطقة شهرزور الاجزاء الواقعة غرب مدينة همدان الايرانية و المناطق الجبلية الوعرة الممتدة شرق مدينة السليمانية الحالية، سميت المنطقة بشهرزور من قبل الفرس بسبب تعرضهم و قوافلهم التجارية بشكل مستمر الى عمليات السلب و النهب و القتل أحيانا اثناء مرورهم في هذه المنطقة الوعرة مما حمل الكثيرين منهم الى تجنب المرور في هذه المنطقة خوفاَ على أرواحهم و أموالهم و تجارتهم فاصبحت تعرف بمرور الزمن بمنطقة شهرزور أي منطقة القوة و الغصب.
و يبدو من كل ما تقدم بوضوح، أن المؤلف قد كشف أوراقه و مراميه في اثيات عكس ما هو واقع فعلا بسبب محاولاته الرامية من بداية الكتاب و حتى نهايته في سوق ألأباطيل المفضوحة لمفابلة الحقائق التاريخية المعروفة للقاصي و الداني وصولا الى هدفه الكبير في تاليف الكتاب المتعلق باثبات كردية مدينة كركوك و توابعها باي ثمن و لو بالتضحية بالموضوعية و المصداقية و خلاف الواقع.