في الوقت الذي تتصاعد فيه حدة المنافسة بين الكيانات السياسية على حث الناس بالمشاركة الواسعة للتصويت في الانتخابات القادمة، لايزال التفكير بتأجيل انتخابات مجلس محافظة كركوك هو الشغل الشاغل لبعض الكيانات السياسية في هذه المدينة، رغم اجماع المراقبين على ان محاولات تأجيل الانتخابات قد فقدت لونها وطعمها ولاسيما محاولة تأجيل انتخابات كركوك وذلك لاسباب نذكر بعضها كالاتي:-
۱- سبق وان رفضت المفوضية العليا للانتخابات الطلب الذي تقدمت به مجموعة من الاحزاب حول تأجيل الانتخابات المحلية في كركوك. حيث طالبت الاحزاب التي اجتمعت في دوكان بتاريخ ۱٨/۱۱/٢۰۰٤ المفوضية العليا للانتخابات بتأجيل انتخابات مجلس محافظة كركوك لحين تنفيذ البند ٥٨ من قانون ادارة الدولة الانتقالية. وكان رد المفوضية على هذا الطلب كما يلي حسبما نقلت صحيفة المؤتمر في عددها ٢٥ تشرين الثاني ٢۰۰٤) ان ذلك الطلب غير معقول، لان قانون ادارة الدولة اقر بموافقة جميع الاطراف ابقاء الاوضاع على ماهي عليه، وان نزاعات الملكية في كل انحاء العراق لم تحل، وتحتاج الى سنوات عدة للنظر فيها من قبل القضاء. . الخ)
٢- كتب فرياد رواندزي في زاويته بجريدة الاتحاد (٢٢/۱٢/٢۰۰٤) يقول: (المفوضية العليا للانتخابات تقول انها لم تتسلم أي طلب رسمي من اية جهة مخولة للبت بذلك - أي تأجيل انتخابات كركوك – وهم يقولون بأن مجلس محافظة كركوك غير مخول برفع هذا الطلب مثلما ان الاحزاب الكردية، لا سيما الحزبين الرئيسيين لا يمكنهما طلب ذلك رسميا بسبب وجود حكومة في بغداد والتي يمكن عن طريقها تقديم هذا الطلب)؟!
۳- اتهمت الاحزاب الكردية الرئيسية غير ذات مرة، وكذلك منظمة (هيومن رايتس)، الحكومة العراقية المؤقتة وسلطات التحالف (في تقريرها في اب الماضي عن الاوضاع في كركوك) لعدم جديتهما في معالجة الوضع في كركوك. وهذا يعني انه ليس هناك توافق او اجماع لمعالجة هذه الاوضاع في الوقت الراهن، ولذلك يمكن القول ان محاولات تأجيل انتخابات مجلس محافظة كركوك لا تخدم المصلحة العامة للعراق، التي يجب ان تعلو على ما سواها.
٤- ايا كان سبب عدم تنفيذ البند (٥٨) من قانون ادارة الدولة الانتقالية، فانه لا يشكل مبررا كافيا لتأجيل انتخاب مجلس محافظة كركوك، كما انه لا يلغي الارضية القانونية التي تضفي الشرعية على هذه الانتخابات.
٥- لا احد يرفض عودة المرحليين الحقيقيين الى مناطقهم ومسقط رأسهم، ولكن في نفس الوقت لا احد يقتنع بان معالجة قضية المرحلين سوف تحدد الوضع القانوني لمدينة كركوك، بل من الواضح للداني والقاصي بأن الاحصاء السكاني الذي لم يتم تفعيله هو الذي يحدد الوضع القانوني لهذه المدينة، وعليه فلا يبقى مبرر للجوء الى خلط الامور وخلق الفوضى وتشويش اذهان الناس بطرح حجج غير موضوعية لتأجيل انتخابات مجلس محافظة كركوك.
٦- ان قضية تأجيل انتخابات مجلس محافظة كركوك تستوجب الرجوع الى الامم المتحدة للاقرار النهائي في هذا الشأن، وهذا يستغرق وقتا ليس بالقصير، في حين لم يبق الا اقل من شهر على بدء التصويت في الانتخابات. ومن هنا فأن تأجيل انتخابات كركوك او مقاطعتها لم تلاق أي تجاوب مع الاطراف السياسية في هذه المدينة، وهذا دليل لا لبس فيه بأن الاحزاب التي تقاطع هذه الانتخابات سوف تجد نفسها في موقف حرج امام الشعب الذي ينتظر بفارغ الصبر اجراء الانتخابات العامة ومجالس المحافظات في موعدها المقرر.
نستنتج مما سبق ان هناك قوى سياسية في كركوك تسعى الى الانفراد دائما في كل ما يتعلق بتقرير مصير هذه المدينة عبر تسويق مبررات لم تلاق أي تجاوب مع الاطراف السياسية الاخرى لتأجيل او مقاطعة انتخابات مجلس المحافظة. والى ذلك يصح القول بان الاصرار على تعكير اجواء الانتخابات في كركوك يخالف الديمقراطية بالتمام والكمال، لان الديمقراطية معرفة، وبدون المعرفة الواقعية والصحيحة لا يستطيع احد ان يمارس الديمقراطية بصورة صحيحة وسليمة.