بسم الله الرحمن الرحيم
لقد جاءت في العدد ٤۳٧٢ في ۱٥ كانون الأول ٢۰۰٤ وفي الصفحة الثالثة من جريدة التآًخي وتحت عنوان (مراحل سياسة التعريب في كركوك الخلفيات والأهداف) جملة من المعلومات التي لا تمت إلى الحقيقة بصلة، آ ثرت الرد على تلك المقالة ببيان المعلومات الصحيحة الناصعة إذ ورد في هذه المقالة مايلي
(وكان الشخصية الكردية فتاح باشا بن سلمان باشا المعروف بـ(فتاح باشا) أول محافظ على مدينة كركوك، عين على اثر تأليف الحكومة العراقية متصرفاً للواء كركوك في (۱٥ أب ۱٩٢۱) فأشغل المنصب أربعة أعوام إلى سنة ۱٩٢٤).
والصحيح المعروف لجميع المؤرخين وأهالي المنطقة المعنيين بتاريخ كركوك والعراق بأن فتاح باشا كان تركمانياً قحاً ولا يمت بصلة إلى الأكراد لا من قريب ولا من بعيد، وهو من أهالي طوز وجميع سكانها من التركمان حتى عام ۱٩٥٩، عندما وافق عبد الكريم قاسم على
أسكان بعض الأكراد فيها في مساكن أحاطت ببعض جهات المدينة على شكل هلال وقد فعل عبد الكريم الأمر ذاته مع عدد أخر من المدن التركمانية. أن أقارب فتاح باشا مازالوا يعيشون في هذه المدينة بالرغم من هجرة العائلة إلى بغداد في العهد العثماني وقبل دخول الإنكليز إلى العراق، وقد بقي وفياً لأهله التركمان واستمرت علاقة أبنائه بهم بعد وفاته، واسمه الحقيقي فتاح باشا سليمان وليس سلمان كما جاء في المقالة، وقد لجاْ أبنه سليمان وكان ضابطاً في الجيش العثماني إلى دار أحد أقاربه في طوز للاختباء فيها بعد مطاردة الإنكليز له ثم عاد الى بغداد بعد استقرار الأوضاع في العراق. كما أن لقب (باشا) لم يسبق أن منح إلى الشخصيات الكردية. كما ورد في المقالة ما يلي (وللتأكيد على كردستانية كركوك كان رئيس عشيرة الداوودة الكردية (دارا بك) من أوائل النواب المنتخبين عن كركوك ليمثل المدينة في المجلس التأسيسي عام ۱٩٢٤).
لقد كان(دارا بك) كردياً نزح مع بعض الأكراد الآخرين إلى كركوك والاقضية والنواحي والقرى التابعة لها بتأثير الإنكليز وبعد احتلالهم للعراق للتأثير على الطبيعة السكانية في هذا اللواء و خدمة النوايا البريطانية، وكان(دا را بيك) يسكن قرية (أفتخار) الواقعة بين طوز وداقوق، وقد عين في المجلس من قبل الإنكليز ولم يكن منتخباً من العراقيين، وقد جلب ألانكليز هذه العشيرة الى المنطقة لتعاونها معهم، وهذا الأمر كما يرى القاريء الكريم لايدل على (كردستانية كركوك) اطلاقاً، فقد كانت أغلبية سكان هده المدينة من التركمان اذ بلغت نسبتهم حتى عام (۱٩٦۰) ٩٥ ٪ من السكان، حسبما جاء في دليل النفوس لعام (۱٩٥٧) والاحصائية السنوية للسنوات (۱٩٧٤ ـ ۱٩٧٧ـ ۱٩٨۱) للمركز الاحصائي لوزارة التخطيط العراقية، وقد تدنت نسبة التركمان في كركوك الى ٧٥ ٪ بعد ذلك التاريخ بسبب سياسة التعريب التي استخدمتها الحكومات العراقية ضدهم وخاصة بعد مجزرة كركوك(۱٩٥٩) التي كانت تستهدف أساساً اجبار التركمان على الهجرة خارج المدينة. كما جاء في المقال بان سياسة التعريب ضد الأكراد بدأت مع اكتشاف النفط في كركوك عام (۱٩٢٧)، بينما الحقيقة تقول بأن كركوك المنكوبة دوماً تعرضت الى خطة تكريد قبل التعريب من قبل الاحتلال الانكليزي عام (۱٩٢۰) عندما ربطت بريطانيا مدن جمجمال وسنكاو وقره حسن واغجلر وقادر كرم بلواء كركوك بعد فصلها من السليمانية من أجل زيادة الوجود الكردي المتعاون مع السياسة البريطانية في ولاية الموصل التي كانت تضم لواء كركوك ايضاً، وأما ما يخص بتعمد شركة نفط العراق على عدم استخدام العمال الاكراد فيها فهو أمر غيرصحيح لأن احد الاسباب الرئسية لهجرة ألاكراد من المحافظات الشمالية الى كركوك كان لغرض اشتغالهم في جميع المرافق الخدمية في تلك الشركة، وبذلك أصبح هؤلاء الاكراد الذين سكنوا كركوك للعمل في الشركة من أهالي كركوك ولم يكونوا من سكانها الاصليين.
أما فيما يتعلق برفض الأكراد أعتبار العراق جزء من الوطن العربي فنرد عليه كالآتي:
لماذا يطالب ألاكراد زوراً بمدينة كركوك بادعاء أن أغلبية سكانها من ألاكراد لذلك يجب ضمها الى كردستان؟ اذن لماذا لا يعد الأكراد العراق جزء من الوطن العربي والعرب يشكلون ٧۰ ٪ من سكان العراق وهم الاغلبية. اما فيما يتعلق بقانون اللغات المحلية الذي سنته الحكومة العراقية عام (۱٩۳٢) فهو يشمل اللغة التركمانية والكردية معاً، وقد الزم ذلك القانون المدارس التركمانية تدريس هذه اللغة في مدارس كركوك وأربيل و كفري بسبب وجود الاغلبية التركمانية فيها، واما بصدد تأسيس مديرية معارف اللغات المحلية في كركوك، فان ذلك لسبب كون ألأخيرة ذات أ كثرية تركمانية وهي مشمولة بدراسات اللغات المحلية.
بقول المؤرخ الكردي محمد أمين زكي في كتابة (ملخص تاريخ الكرد) أن المدارس الكردية في مدينة كركوك بلغت ثلاث مدارس في حين بلغت المدارس التركية (٢۱) مدرسة. أما بصدد العشائر الكردية التي تحيط بمدينة كركوك فأن عشيرة الطالبان والجبارة قد سكنتا مدينة كركوك بأمر من السلطان العثماني عبد المجيد قبل ما يزيد على ۱۰۰ عام لأسباب دينية معروفة، وتشهد على ذلك التكايا العثمانية وأما عشائر زنكنة وبيزيني وهماوند وشوان فقد نزحت الى ضواحي كركوك في أواخر الحكم العثماني بهدف الاشتغال في الزراعة والرعي وبالتنسيق مع شيوخ واغوات التركمان في مدينة كركوك وفي ألأراضي التي تعود ملكيتها لهم، أما عشيرتا الكاكائية والداوودة فقد جلبتهم سلطة الاحتلال البريطاني الى المنطقة لتعاونهما معها ضد الدولة العثمانية.
واما فيما يخص الرحالة التركي المعروف سامي شمس الدين وزيارته لكركوك في نهاية القرن التاسع عشر، فنرد على ذلك بأن سامي شمس الدين كان لغوياً وليس رحالة، ولم يزر مدينة كركوك اطلاقاً. وجاء في المقال ايضاً بأن العنصر التركماني لم يتناقص في كركوك بل شمل التطهير العرقي الاكراد فقط، بينما الحقيقة الصارخة وردت في تقرير (درشتويل) عام (٢۰۰۰) وهو المقرر الخاص للجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة حول التطهير العرقي في كركوك بأن التطهير شمل التركمان بالدرجة الرئسية وأكثر من غيرهم من القوميات الاخرى، وأشار التقرير ايضاًً بأن (٢٥) ألف عائلة تركمانية تم تهجيرها من كركوك. وفي الختام نقول بأن مشكلة كركوك ونزوح الناس اليها من خارجها تكمن في وجود النفط فيها فلولا النفط لبقيت هوية كركوك واضحة وضوح الشمس للجميع بكونها مدينة تركمانية صرفه.