ان تركمان العراق شعب متعدد الميول والاتجاهات ولا يمكننا ان نتوقع منه ان يكون موحدا في كل شئ الى حد الاندماج لان التركمان فيهم السني وفيهم الشيعي وفيهم القومي والعلماني كما ان هناك شريحة لاتهمها سوى كسب قوتها اليومي فهي لا تتدخل في السياسة بتاتا ويكفيها ان تترك لتعيش بسلام وأمان، وهناك من التركمان من يخفق قلبه مع العرب وبعضهم يميل الى الأكراد ومنهم من يرى الاستقلالية في العمل وكلٌ له رؤيته وأسبابه التي دعته الى تبني هذا الموقف او ذاك.
وتركمان العراق معروفون بالطيبة والتسامح والبساطة والصفح والقدرة على التعايش مع الآخرين، وتاريخهم يشهد لهم بذلك، وان تغير الأوضاع في العراق لم تغير من أطباع التركمان وطيبتهم إلا انها جعلتهم يدركون أهمية وحدة الصف ووحدة الكلمة من اجل تحقيق الحد المطلوب من المكانة اللائقة بهم والحصول على حقوقهم التي ظلت مهدورة طوال العهود السابقة أسوة بباقي قوميات العراق التي صارت تطالب الآن بحقوقها كاملة وبطريقة سلمية.
وان المتابع للقضية التركمانية كان يتوقع انقسام التركمان قبل الانتخابات ودخولهم في قوائم شتى، وعدم اتفاقهم قبل الانتخابات لن يكون في صالحهم البتة وان نتائج الانتخابات قد تلقنهم درسا في ضرورة نبذ الفرقة والخلاف والتوحد حول بديهية ذات مدلولات واسعة وهي (مستقبل التركمان في العراق) كأمة وليس كأحزاب وجماعات، وإذا تم الاستفادة كاملة من الدرس فان ذلك قد يؤدي بهم الى تبني مواقف موحدة في المستقبل خاصة وان هناك الكثير من التحولات والمراحل الباقية التي سيشهدها العراق.
وأنا لاريد ان اشكك في وطنية أي طرف تركماني غير اني أرى بان الطريقة الحالية للانتخابات وهي النظام النسبي يستدعي العمل على عدم تشتيت الأصوات وكان يجدر بهم ان يتفقوا فيما بينهم على الترشيحات والدخول بقائمة مشتركة واحدة تضم جميع فئاتهم وتوجهاتهم وحتى مستقليهم الذين يتمتعون بشعبية بين أتباعهم وعشائرهم، بدلا من ان تكون المنافسة بين التركمان أنفسهم والتي ستصب في النهاية لصالح خصومهم.
فالتركمان يعدون أقلية نسبة الى العرب والأكراد والأقلية ليست صفة مذمومة بل هي صفة واقعية قد تطلق على اكثر من مئة مليون نسمة يشكلون الأقلية المسلمة في الهند مثلا.
والتركمان وان كانوا أقلية إلا انهم يمثلون على اقل التقادير أكثر من ۱۳ ٪ من مجموع سكان العراق، وهذا عدد لا يستهان به، وإذا كان اتحادهم مستحيلا فان توحيد مواقفهم سيكون ممكنا إذا توافرت النوايا الصادقة والجهود الحثيثة من زعاماتهم وقياداتهم.
خاصة وان المسئوليات الملقاة على عواتقهم جسيمة، لان هناك مرحلة مهمة جدا بالانتظار وهو مرحلة كتابة الدستور، ومن المهم جدا ان يتكتل التركمان ليتمكنوا من تضمين اسم التركمان كقومية ثالثة في الدستور الدائم ليضمنوا الاعتراف بهم كمواطنين من الدرجة الأولى، لهم ما للآخرين من حقوق، وعليهم ما على الآخرين من واجبات، لان الشعب التركماني حالهم حال العرب والأكراد والكلدواشوريين لهم طموحات مشروعة وحق طبيعي في العيش والمحافظة على الهوية القومية و الثقافية، فهم جزء لا يتجزأ من الكيان العراقي وهم سواعد قوية جاهزة لبناء الوطن الى جنب القوميات الأخرى، بدون تشنج في العلاقات، والتركمان ليس لهم أي خلاف مع الأكراد كقومية، فهم أبناء وطن واحد، وإذا كانت هناك خلافات فهي سياسية و لا تفسد للود والتعايش قضية ويمكن حلها عن طريق الحوار الهادف البناء وحل جميع المشاكل بالتفاهم والتعاون، فالاختلاف أمر طبيعي ويحدث بين الأخوة أيضا.
وإذا طالعنا أطروحات الاتحاد الإسلامي لتركمان العراق والتي يقوم الأستاذ جاسم محمد طوزلو نائب الأمين العام للاتحاد بنشرها تباعا في المواقع الالكترونية نجد ان التركمان لا يسعون الى احتكار السلطة حتى في كركوك، ويدعون الى تقاسمها مع الآخرين وأنهم ليسوا ضد أي طرف موجود على الساحة وانهم يفكرون بالمسيحيين كما يفكرون بأنفسهم ولا يرون الاعتزال بل ويؤكدون على ان العيش أحسنه ان يكون بالتفاهم مع العرب والكرد وباقي شركاء الأرض، وغاية الأمر أنهم يريدون الحصول على حقوقهم التي حرموا منها في العهد البائد كما حرم منها الأكراد وغالبية العرب، ومحو آثار الحرمان الذي عانى منه التركماني في جميع المجالات.
واعتقد بان المشروع السياسي الكبير الذي وضعه الاتحاد الإسلامي لتركمان العراق والذي نشره الأستاذ جاسم طوزلو على حلقات قد غطى جميع الجوانب المهمة كالزراعة والتجارة والاقتصاد والثقافة ورعاية اسر الشهداء والبطالة والتعليم والوظائف وغيرها من المجالات، والتي من شأنها ان تغير حياة المواطن التركماني وتكفل له السعادة والازدهار، ويمكن للأطراف التركمانية الأخرى تبني موقف موحد على أساس هذه المطالب في المرحلة القادمة، وكلنا أمل ان يحظى التركمان بدعم إخوانهم الكرد بالدرجة الأولى في تحقيق أمانيهم في العيش الحر الرغيد ويقابلوا الود بالود والورد بالورد من اجل ضمان مستقبل زاهر للأجيال التي تتقاسم العيش على هذه الأرض المباركة.
وأخيرا أقول بان التعامل مع موقف تركماني موحد أسهل بكثير على كل الأطراف من التعامل مع مواقف عدة متشتتة؟.