يتصرف الأكراد في العراق على أساس أنه ستكون لهم دولتهم أو دويلتهم يخدمهم في ذلك استمرار الاحتلال والفوضى في هذا البلد، وهو مشروع لا يخفونه ويعدّونه حلما عليهم تحقيقه ولو بعد حين.
وحديث رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني جلال طالباني منذ أيام في رسالته الى الأكراد لمناسبة رأس السنة الميلادية الجديدة عن “حدود” الأكراد والتهديد بالهجوم على الموصل وكركوك للمساعدة على مكافحة ما سمّاه أوكار الإرهاب، لأن المدينتين قريبتان من “حدودنا” كما قال، يدعو الى الفزع من المستقبل التقسيمي الذي يخطط للعراق.
واللافت في الفترة الأخيرة أن شخصيات في الجنوب العراقي بدأت تتحدث هي الأخرى عن حكم ذاتي أيضا على غرار كردستان، ما يعني أن ثمة نيات قد تترجم عمليا إذا استمر حال العراق على ما هو عليه، وقد لا يستغرب أحد بعد فترة ترداد أسماء مثل كردستان وجنوبستان ووسطستان (وسط العراق)، وهو ما يلبي رغبات الاحتلال الذي لن يترك العراق كما يبدو إلا مشرذما ومفتتا، بما يلغيه من المعادلة بالمرة، وهو مطلب صهيوني لا يخفى على أحد.
وتزداد المخاوف من مشاريع ومخططات خبيثة كهذه في ظل الغياب العربي شبه التام عن السمع والرؤية والتفكير والتدبير، مع أن مشاريع سرطانية تستهدف بلدا عربيا لابد أن تمتد إلى بلدان عربية أخرى، بما يثبت أن الحديث عن تغيير خريطة المنطقة أو خرائطها ليس حديثا عبثيا أو كلاما في الهواء، بل ان له ما يسنده على أرض الواقع.
إن الالتفات العربي الى وضع العراق، مع اقتراب الذكرى السنوية الثانية لغزوه واحتلاله بعد حوالي شهرين ونصف الشهر، واجب لم يعد من الجائز على أي مستوى تأخيره، قبل أن يستيقظ العرب من سباتهم على أوضاع ناجمة عن ترددات زلزال تفتيت العراق تتجاوز قدرتهم على وقف سيلانها، لأن مدها قد يكون أشبه ب “تسونامي” الذي ضرب جنوب آسيا بعد زلزال سومطرة.
ثمة حاجة الى حركة تعين العراقيين على توحيد صفوفهم وتأخذ بيدهم في الاتجاه الذي يضمن وحدة وطنهم أرضا وشعبا ومؤسسات، ليكون التعدد الذي عاش العراق به وعليه معينا على حفظه وصيانته وليس مصدراً لتفتيته.