يوما بعد يوم نقترب من موعد الانتخابات التي لم تكن بالحسبان منذ أكثر من ثلاث عقود ومازالت مخلفات الماضي طاغية ومعرقلة لأجرائها في الموعد المحدد كما في باقي الدول المتحضرة وها هو حازم شعلان وزير الدفاع خرج علينا هذا اليوم بتصريح امكان تأجيل الانتخابات اذا ما قرر العراقيون السنة المشاركة فيها فمن خوله أن يصرح بهكذا تصريح فهل تحق للحكومة أو لأية جهة تأجيل الانتخابات لوحدها وهكذا يعيش الشعب العراقي حالة المد والجزر الى حلول ذلك اليوم الموعود.
لا يمر يوم الا وتقوم مجموعات الظلام من أزلام النظام أو الارهابيين أو سمهم ما شئت بعمل التفجيرات من أجل إلغاء الانتخابات أو ارجائها متعللين بأن لا انتخابات والاحتلال قائم كلمة حق يراد بها باطل فبمجرد رحيل قوات الاحتلال في الوقت الحاضر ستخرج هذه القوى الظلامية من مخابئها وتحاول ارجاع الحالة السابقة من الظلم والسيطرة وكتم أنفاس الناس وقد نسي هؤلاء أو تناسوا بأن الانتخابات جرت في أفغانستان ولم تحظ أي اهتمام يذكر من قبل هذه المجموعات وكذلك في فلسطين الانتخابات ستجري والاحتلال قائم ولا أحد يشكك أو يمنع من اجرائها.
علم اسرائيل يرفرف في عدة دول عربية وجلالة الملك يتخوف من الهلال الشيعي ولا أدري ماذا فعل الشيعة بهؤلاء فمنذ رحيل الرسول ص فان السلطة والحكم بيد من يدعي اتباع السنة_ ماعدا اربع سنين من حكم الامام علي ع _ من الخلفاء الراشدين والامويين والعباسيين والعثمانيين والى يومنا هذا.
ومن هفوات الملك التشبيه بالهلال فان الهلال رمز الاسلام فهنيئا لمن يقدر ان يكون هذا الهلال وكذلك فهو من الظواهر الكونية الخارجة عن ارادة الانسان فالهلال اذن سيهل شاء من شاء وأبى من أبى وعد موعود وبشر المؤمنين فلو كان بيد الملك لحجبه عن أكواخ الفقراء.
لنرجع الى موضوع الانتخابات فالناخب التركماني وخصوصا الشيعي منه ففي حيرة من أمره ماذا يفعل هل ينتخب قائمة الائتلاف العراقي الموحد(١٦٩) أم قائمة الجبهة التركمانية علما ان الاتحاد الاسلامي وحركة الوفاء قد انضمتا الى قائمة الائتلاف العراقي الموحد.
هنا علينا أن نبحث عن المصالح الذاتية للتركمان بغض النظر عن مصالح الاخرين لأن كل فئة سوف تبحث عن مصالحها وهذا حق مشروع.
هناك ثوابت أساسية في حياة الانسان فكر ووطن ولغة هذه هي هوية الانسان بها يعرف وبها يكرم ويهان أما الوعود بالخدمات الثانوية من ماء وكهرباء وأراض وانماء فتندرج تحت هذه الثوابت الاساسية.
أفكار ومبادئ يؤمن بها الانسان ولا يتنازل عنها ويحاول الصمود أمام الانحرافات من أجل الحفاظ عليها وتشكل لديه العقيدة والدين.
الوطن هو سكن الانسان وبيته اليه يلتجئ من كوارث الدهر ولا يجد راحة الا فيه ويقدم التضحيات من أجله ويدافع عنه أمام كل من سولت له نفسه الاعتداء عليه.
اللغة أداة تستعملها مجموعة من البشر ويتفقون بأرادتهم أو بدونها أن يتكلموا ويتفاهموا بها ويميل أحدهم للاخر لسهولة مخاطبته من اللغات الاخرى.
فمن هذه الثوابت الثلاثة تتكون للانسان الهوية.
فعلينا كتركمان ان ننتخب من يضمن لنا هويتنا أن يؤمن بوحدة العراق بشكل عام كوطن لنا لا يقبل التقسيم الا على نفسه وضمن هذا الوطن الكبير أن يحتفظ لنا المدن التي أقمنا فيها منذ الاف السنين فلا نقبل التفريط بها تحت أية مسميات.
فلا يمكن تحت ذريعة الدين والمذهب أن نجبر على ترك لغتنا لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق البشر وهو الذي جعل لهم ألسنة شتى ليتفاهموا فكما يتحدث العربي والكردي بلغته فعلينا أن نحتفظ بلغتنا ولا يتعارض هذا مع الدين والمذهب فمثلا هناك نزاع قديم حول تسمية الخليج الفارسي فلا يقبل الطرفان العربي والايراني التنازل عن مجرد الاسم.
فلماذا اذن ان نتنازل عن أحد هذه الثوابت الثلاثة من أجل الحفاظ على الثابت الاخر وعدم التفريط به ما دام هذا لا يتعارض مع حكم الله ودينه فلماذا اذن هذا التهميش لحق قومية ثالثة وكأنها غير موجودة أما اعطائها بعدد من الاصوات فلا تغني ولا تسمن من جوع من دون تفهم جوهر المطالب التركمانية.
تثبيت التركمان كقومية ثالثة في العراق لها حقوقها وعليها واجباتها من أولى الأوليات للناخب التركماني الان.
والأولوية الثانية التي لا تقل أهمية عن الاولى هي مدينة كركوك فكركوك مدينة تركمانية لا تقبل الشك والجدل ولا يسمح الناخب التركماني لأية جهة مهما كانت التفريط بمدينة كركوك أو عقد اتفاقيات مع أطراف اخرى للتنازل عن تركمانيتها وقولنا هذا لا يعني نفي باقي القوميات منها شأنها شأن بقية المدن العراقية فمثلا البصرة مدينة عربية ولكن هذا لا يعني عدم السماح لغير العربي من العراقيين السكن فيها وكذلك السليمانية فهي مدينة كردية وهكذا, ولكن هل يمكن أن نقول أن البصرة مدينة كردية أو ان السليمانية مدينة تركمانية طبعا لا وهكذا شأن مدينة كركوك أما من يطالب بألحاق المدينة بالقوة لأنها تعود اليهم فهذا مناف للوطنية ومبطن لامور لا يحمد عقباها.
بقيت هناك نقطتين أساسيتين
أولا: ان مدينة كركوك هي الوحيدة التي استقال فيها مدير مكتب المفوضية المستقلة للانتخابات أو أعلن عن استعداده للاستقالة عندما تلقى تهما وتهديدات من قبل بعض الاحزاب الكردية الله وحده يعلم ما مداها عندما رفض تسجيل أكثر من سبعين ألف كردي في كركوك يا سبحان الله لو كان العدد ألفا أو ألفين لقلنا ان الرجل أخطا أو انحاز أما هذا الرقم الضخم فمثار تساؤل وتأمل ينبغي لجميع العاملين في السلك السياسي التنبه له.
ثانيا: ان الذين يحمون صناديق الانتخابات هم الشرطة العراقية والحرس الوطني وكما هو معلوم ان أغلبية هذه العناصر من الأكراد ولا أدري هل نستطيع ضمان سلامة الناخب التركماني وكذلك سلامة صناديق الانتخابات في مثل هذه الظروف.
نرجو من الأحزاب والحركات التركمانية أن يكونوا على مستوى عال من المسؤولية واليقظة والحذر حيال هذه الامور لأن الخطأ في الحسابات في هذه المرحلة سيكون باهض الثمن ولا يمكن تلافيه مستقبلا لنترفع عن النظرات الضيقة والمصالح الحزبية ونضع نصب أعيننا الشعب التركماني المظلوم الذي عانى طوال هذه السنين من التمييز العنصري المقيت ولنكن حريصين على أخذ حقه مهما كلفنا من ثمن ولنزيد من وعي الشعب التركماني ونخرجه من حيرته لنحصل على أكبر نسبة في هذه الانتخابات وستكون النتائج في النهاية لصالح الاحزاب والحركات التركمانية وبعكسه سيخسر الجميع.