في ذكرى إعدام قادة التركمان
التركمان لن يغفروا عن جرائم صدام أبدا
في مثل هذا اليوم المشئوم السادس عشر من يناير كانون الثاني عام ١٩٨۰ أقدم النظام الصدامي الباغي على إعدام أربعة من كبار قادة التركمان الزعيم عبد الله عبد الرحمن والدكتور نجدت قوجاق والدكتور رضا ده ميرجي ورجل الأعمال الحرة عادل شريف بتهمة نضالهم من أجل حقوق الشعب التركماني في العراق و نشاطاتهم السياسية المعادية لمبادئ النظام البعثي الشوفيني التي لاتعترف بوجود غير العرب والكرد فقط في العراق. وأما التركمان والكلدان والآشوريين والأرمن واليزيدين والصائبة والشبك وغيرهم من الأقليات الصغيرة الأخرى فلا حياة لهم بدون إنكار قوميتهم الحقيقية والانتماء إلى أحد القوميتين المختارتين فأما أن يكونوا عرب ويكونون مواطنين من الدرجة الأولى وينالون جميع حقوق المواطنة من الدرجة الأولى وبدون أن ينطقوا بلغتهم الأم أو ينتمون إلى القومية الكردية ويكونوا مواطنين من الدرجة الثانية وينعمون ما ينعم به الشعب الكردي من ظلم وعدوان ومجازر جماعية وإعدامات وترحيل وتهجير من بيوتهم وقراهم. ولكن النظام الدكتاتوري المجرم في العراق ورغم كل المخططات البعثية المسمومة المشبوهة والجرائم والانتهاكات والإعدامات والمجازر الدموية والاستيلاء على أراضيهم ومزارعهم وأملاكهم وطردهم من الدوائر والوظائف وترحيلهم من مدنهم وقراهم وإسكان العرب المستقدمين والمستفيدين في بيوتهم وأراضيهم لم يتمكن من القضاء على الهوية التركمانية أبدا.
في مثل هذا اليوم من عام ١٩٨۰ لبس التركمان في عموم الإقليم التركماني قاطبة الأسود وحزنوا وتألموا على استشهاد قادتهم العظام الذين قضوا حياتهم في النضال وضحوا بأرواحهم الطاهرة في سبيل سعادة ورفاهية ونيل حقوق الشعب التركماني الثقافية والسياسية والاجتماعية. ترى لماذا أعدموا أولئك الرجال العظام أ هل كانوا عملاء وجواسيس وأفشوا بأسرار وطنهم مقابل أثمان بخسة وحفنة من النقود أو مصالحهم الشخصية، مثلما يفعله الكثيرين الذين يشغلون مقاعد الحكم في العراق اليوم؟ أم فعلا خونة وعنصريين كالكثير من قادة الأحزاب والتنظيمات العراقية الحديثة الذين يدعون الفيدرالية العرقية والطائفية وتقسيم العراق إلى دويلات ودويلات. ومتى كان نضال الإنسان من أجل حقوقه ضمن إطار دولته ذنبا يجب محاسبته عليه. لا والله ومليون لا والتاريخ العراقي يشهد على شرف ونزاهة أولئك العظام الذين دائما ناضلوا وضحوا بأرواحهم من أجل وادي الرافدين ووحدة أراضيه ولم يقفوا أبدا ضد مصالح بلادهم وشعبهم العراقي، وخدموا العراق بكل طاقاتهم الثقافية والعلمية ودافعوا عنه ضد أعدائه الطامعين في خيرات أوطانهم.
ولا يخفى الدور البارز للزعيم التركماني المناضل الكبير العميد المتقاعد عبد الله عبد الرحمن في إخماد لهيب مجزرة كركوك الرهيبة في الرابع عشر من تموز ۱٩٥٩ والتي راحت ضحيتها العشرات من التركمان الأبرياء حيث كان المرحوم آنذاك وكيلا لمدير إدارة الفرقة الثانية في كركوك، ولولا إسراعه إلى الزعيم عبد الكريم قاسم في بغداد وشرح ما يجري في كركوك من مؤامرة ضد التركمان وتصفية أبناءه في أبشع جريمة تشهدها كركوك على اليد الشيوعيين والشوفينيين الأكراد الذين دخلوا المدينة قادمين من السليمانية لكان أولئك الأوغاد الحاقدين قتلوا جميع أبناء كركوك من التركمان شيبا وشبابا، نساء ورجالا، وعلقوهم الأشجار وأعمدة الكهرباء وسحلوهم في الشوارع ومثلوا في أجسادهم الطاهرة بعد القتل، كما فعلوا بالمناضلين الزعيم عطا خير الله وشقيقه الدكتور إحسان خير الله، صلاح الدين آوجي وشقيقه محمد آوجي، والأشقاء جهاد ونهاد وأمل فؤاد مختار، كمال عبد الصمد، زهير جايجي والآخرون. اشتهر أسم الزعيم عبد الله عبد الرحمن أيام مجزرة كركوك الدموية آنذاك حيث أبلغ القائمون بالمجزرة بغداد بأنه يقود تمردا تركمانيا ويتخذ من قلعة كركوك مقرا له، ولولا وجود الزعيم عبد الله عبد الرحمن في نفس اللحظة التي وصل البلاغ الكاذب إلى بغداد عند الزعيم عبد الكريم قاسم ليشرح له عن ما يجري في كركوك من مخططات مشبوهة خططت من قبل بغية القضاء على التركمان والسيطرة على كركوك لتمكنوا أولئك المجرمين من إقناع الحكومة من التدخل بقوات عراقية ومشاركتهم في ذبح التركمان من أهالي المدينة.
استمر الزعيم عبد الله عبد الرحمن مع رفاق دربه الذين أعدموا معه بعد مجزرة كركوك الوحشية في قيادة التركمان ورفع معاناتهم للحكومات العراقية والنضال من أجل الحصول على حقوقهم الثقافية والإدارية، وبعد تأسيس نادي الإخاء التركماني أصبح رئيسا له وتمكن من جمع جميع المناضلين التركمان من الأدباء والمثقفين ورجال العلم والتجارة المعروفين حوله. وبعد منح رئاسة الجمهورية العراقية الحقوق الثقافية للمواطنين التركمان حاول ولعدة مرات إقناع الحكومة العراقية ووزاراتها حول تعديل هذه الحقوق وإدخال الإضافات المطلوبة عليها وشرح التجاوزات والانتهاكات التي تجري في الإقليم التركماني ضد المواطنين التركمان ولكنه وجميع مساعيه فشل وتم إبعاده وبقية رفاقه المناضلين من إدارة نادي الإخاء التركماني وتم اعتقالهم بتهمة قيادة الحركة الطورانية في بغداد والخيانة للوطن ومحاكمتهم وإعدامهم.
القادة الشهداء في سطور
الشهيد البطل عبد الله عبد الرحمن :
ولد المرحوم عبد الله عبد الرحمن والد الدكتور فاروق عبد الله عبد الرحمن رئيس الجبهة التركمانية العراقية بكركوك عام ١٩۱٥، وأكمل دراساته الابتدائية والمتوسطة والإعدادية فيها، وتخرج من المدرسة الحربية عام ۱٩٣٨، وخدم في مختلف وحدات الجيش العراقي، وكان يشغل منصب وكيل مدير إدارة الفرقة الثانية عندما نفذ الأشرار المجرمون مجزرة تموزعام ١٩٥٩ وأحيل على التقاعد عام ۱٩٦٢.
أنتخب رئيسا لنادي الإخاء التركماني في العام التالي، رغم نجاته من الهلاك في مجزرة كركوك ١٩٥٩ إلا أنه لم ينج من بطش النظام الدكتاتوري المجرم حيث أعدم بعد تعذيبه لفترة طويلة.
الشهيد البطل نجدت قوجاق:
ولد المرحوم نجدت قوجاق بكركوك عام ۱٩٣٩، وأكمل دراسته الأولية في مدارس كركوك وبعدها التحق لإكمال مشواره العلمي في جامعة أنقرة وينال شهادة الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية للآلات الزراعية، عين رئيساّ لقسم الهندسة الميكانيكية في جامعة بغداد، وحصل على (تكريم ) رئيس الجمهورية العراقية المرحوم أحمد حسن البكر لكفاءته وإنجازاته العلمية، عرفوه أساتذته وزملاءه بنزاهته وطيبة قلبه وحبه للعلم. كان مناضلا يقود طلبة وشباب التركمان ويذكرهم دائما بمعاناة شعبهم التركماني المغتصب حقوقه من قبل الحكومات العراقية العنصرية ويحرضهم على النضال من أجل نيل حقوقهم التي حرموا منها دائما. عاد بعد نيل شهادته ورغم تكليفه العمل في تركيا إلى العراق لخدمة بلاده وازدهاره ولكن أيادي الجلاوزة طالت عليه هو الآخر مثلما طالت على بقية رجال العلم والطب والتاريخ والثقافة العراقيين وأعدم يوم ١٦ / ١/ ١٩٨۰.
الشهيد البطل عادل شريف:
المرحوم عادل شريف هو الآخر من مواليد مدينة كركوك التركمانية في عام ۱٩٣۰، برز كقيادي شعبي بعد المجزرة المشئومة واتصف بالشجاعة والنخوة اللتين كونتا له قاعدة شعبية في الوسط التركماني، كان رجل أعمال ناجح ومناضلا قوميا معروفا ووجها محبوبا لدى جميع أبناء كركوك وكان رجلا سخيا يساعد الفقراء والمساكين أعدم هو الآخر لوطنيته وتصديه للأفكار البعثية المسمومة ونضاله من أجل حقوق شعبه التركماني المظلوم يوم ١٦ / ١/ ١٩٨۰.
الشهيد البطل الدكتور رضا ده ميرجي:
ولد المرحوم الدكتور رضا ده ميرجي عام ١٩٢٦ وأكمل دراسته الإبتدائية والثانوية في كركوك والجامعية في أنقرة وحاز على شهادة الدكتوراه في الهندسة الزراعية والغابات، وبعدها عاد هو الآخر إلى العراق ليخدم بلده ويكمل مشواره النضالي من أجل مستقبل شعبه التركماني المشرق وبسمة صغاره الحلوين في بغداد وعمل كثيرا في إدارة نادي الإخاء التركماني عندما كان في العيواضية وأعتقل من قبل المخابرات العراقية، وتوفي تحت التعذيب ولم تسلم جثته إلى عائلته.
نعم هؤلاء كانوا قادة التركمان الذين تصدوا بأفكارهم السلمية لجرائم النظام البعثي المجرم ودافعوا عن القضية التركمانية في وزارات النظام وخصوصا وزارة الداخلية والتربية والتعليم والثقافة والفنون ولن يهابوا أبدا الاعتقال والسجن والإعدام. كان هدفهم واحدا ومعروفا الاعتراف بالتركمان كشريحة أساسية في البلاد ونيل الحقوق الثقافية والإدارية كاملة ووفق نسبتهم السكاني. رحمهم الله وأسكنهم في جنات الخلد.