الحلقة السادسة
ملاحظة: اطلعت على رد السيد عباس أحمد توركمن الذي نُشر بتاريخ ١٠-١-٢٠٠٥ على موقع (كتابات) حول (الحلقة الرابعة) من مقالتي (التركمان والانتخابات) وأود أن أُسجِّل نقطتين حول ذلك:
أولاً: أشكر المهندس توركمن على سعة صدره وصدر أخوته في الحركة القومية التركمانية ورده الأخوي الذي اتسم بالشفافية والمسؤولية في آنٍ واحد بعيداً عن لغة التشنج والمناطحة وهذا ما يُحسب له بالتأكيد.
ثانياً: أنا لست من المتزمتين برأيي على الإطلاق لأنني ببساطة أؤمن بأن الأفكار والرؤى قابلة للتغيير والتحديث بتغير الزمان والمكان إذا لم يحدث هذا التغيير ضرراً بالمبدأ والثوابت والمُقدّس، لذلك فإني وبعد أن قرأت بيان الحركة القومية التركمانية ورأي السيد توركمن قرّرت في الحلقة (الخامسة) الماضية أن أحمل موقف الأخوة في الحركة محملاً حسناً فسجّلتُ في تلك الحلقة مُبرّراً أراه (وحيداً) لمشاركة الحركة في الانتخابات بقائمة مستقلة عن قائمة الجبهة، وربما لم يطلع الأخ توركمن لحد الآن على (الحلقة الخامسة) من مقالتي، بحيث أني لا أخالفه في كثيرٍ مما ذكر في رده الأخوي ولا أشك بتاتاً في النية الحسنة للأخوة في الحركة وأتمنى لهم التوفيق والنجاح من صميم قلبي.
الأحزاب الكارتونية (التركمانية!) أو الدكاكين الكردية:
ونحن نتحدث في حلقاتنا عن موضوعٍ في غاية الأهمية لشعبنا التركماني المضطهد في الخصوص ولشعبنا العراقي الجريح في العموم ألا وهو الانتخابات، لم نكن نرغب في فتح هذا الملف (القذر) على الإطلاق وهو ملف الأحزاب الكارتونية (التركمانية!) أو الدكاكين الكردية – عبّروا عنها بما شئتم - حتى لا يكون هذا الأمر نوعاً من الدعاية الإعلامية لها أو تعريفاً بأصحابها النكرات، لولا حقيقة أن فكرة تأسيس هذه (الدكاكين) من قبل الحزبين الكرديين هي بالأساس لكي يسعى أصحابها لنـزع البساط من تحت أقدام الممثلين الحقيقيين لشعبنا التركماني ومحاولة فرض أنفسهم كممثلين وحيدين له أو على الأقل كممثلين قائمين بحد ذاتهم إلى جانب الممثلين الحقيقيين من خلال صناديق الانتخابات بصورة خاصة وأمام القوى السياسية العراقية ووسائل الإعلام بصورة عامة، لذلك ومن هذا الباب رأينا وجود (خيطٍ) وإن كان وهمياً بين هذه الدكاكين الكردية من جهة وبين التركمان والانتخابات من جهة أخرى، فقرّرنا بالتالي تخصيص حلقة كاملة للمرور على هذا الملف (الكارتوني) المصطنع.
مَن يقف وراء هذه الأحزاب الكارتونية ويغدق عليها بالأموال؟
الإجابة على هذا السؤال لا تحتاج حتى إلى مجرد تفكير سطحي، فمن الواضح للقاصي والداني أن حزبي البرزاني والطلباني هما اللذان (قرّرا) فتح هذه الدكاكين لتحقيق مآرب خبيثة تصب في مصلحتهما وضد مصلحة وحقوق شعبنا التركماني، إذْ أنّ من الأهداف الرئيسية والاستراتيجية للبرزاني والطلباني من خلال هذه الدكاكين هي إيجاد حالة من البلبلة والتشكيك في وسط الجماهير التركمانية والتشويش على قواها الحقيقية وممثليها الحقيقيين المخلصين بأساليب غوغائية بائسة وصبيانية وبالتالي القفز على الحقائق في الأرض، فعسى ولعل أن تكسب هذه (الأحزاب الكارتونية) مؤيدين تركمان لها من الأصناف الذين (دينهم دينارهم) فيبيعون ضمائرهم ووجدانهم في سوق النخاسة الكردية وبأبخس الأثمان ويدوسون بأقدامهم على قوميتهم ولغتهم وثقافتهم وتراثهم وتاريخهم، ومن الأصناف الذين يشعرون بعقدة (الضعف والنقص) في شخصياتهم أمام الآخر الذي (قد) يكون أقوى منهم (لظرفٍ أو سببٍ ما وفي فترة من الفترات) فيقبلون لأنفسهم الضعيفة والمهزوزة بأن تكون ذيولاً متدلية على مؤخرات أسيادهم في الحزبين الكرديين وبأن يكونوا تابعين أذلاء مطيعين لهم يذوبون فيهم ذوبان الملح في الماء لأجل حفنة من المال الحرام هنا ومنصب تافه زائل هناك بحيث أصبحوا مصاديق - يُشار لها بالبنان - لكل معاني الخسة والدونية والارتزاق.
إن من عجائب الأمور أن يغدق الحزبان الكرديان بأموال طائلةٍ جداً على نشاطات هذه الأحزاب الكارتونية من خلال إنشاء محطات تلفزيونية وإذاعية لها وإصدار صحف ونشريات كثيرة للنفخ فيها وتضخيمها في الوقت الذي كانت قطاعات كبيرة من الشعب الكردي تعاني في شمال العراق ولا زالت من الجوع والتشريد والفقر وشظف العيش، أليس من الأولى أن يصرف مسئولو الأحزاب الكردية هذه (الأموال الطائلة) لخدمة أبناء الشعب الكردي وتذليل مشاكله وتوفير حياة إنسانية له إن كانوا بالفعل يمثلونه مثلما يدعون ذلك جهاراً نهاراً بدل أن يَغدقوها على ثلة من الأبواق الرخيصة التي (همها بطنها)؟! ثم ألا يعلم المسئولون في الأحزاب الكردية بأن الذي (يخون ويغدر) بأبناء جلدته التركمان يسهل عليه أن يفعل نفس الشيء بغيرهم - وهم الأكراد هنا - بمجرد أن تتغير الأوضاع والظروف، وبمجرد أن تتوقف الأموال والعطايا، وبمجرد أن يجدوا مَنْ يدفع لهم الذهب والفضة أكثر من القيادات الكردية كما حصل مع مئات الآلاف من (الجحوش) الأكراد الذين جندهم صدام لمحاربة أبناء جلدتهم فبمجرد أنْ تغيّرت الأوضاع وتوقّفت العطايا انقلبوا بين ليلة وضحاها عليه ليحوّلوا بندقيتهم هذه المرة إلى الكتف الآخر؟! ثم ماذا ربحت وستربح الأحزاب الكردية من هذه الألعاب البائسة غير عداوة وكراهية الشعب التركماني لها وإحداث فجوة بين الشعبين الكردي والتركماني الشقيقين؟!
أصحاب هذه الدكاكين الكردية وأحجامها الحقيقية في الوسط التركماني:
لو نظرنا بصورة سريعة إلى أصحاب هذه الدكاكين لوجدنا أن هؤلاء المرتزقة لا يربطهم بالتركمان أي رابط سواء من الناحية القومية أو من الناحية الدينية فتجد بعضاً منهم (أكراداً) لا علاقة لهم بقضية التركمان بينما تجد قسماً آخر منهم (ماركسيين سلبيين) أعداء لعقيدة الشعب التركماني وتقاليده المحافظة أو مجرمين منحرفين خارجين على القانون، فشخص على شاكلة (وليد حمه صالح شركة) - وهو من أبٍ كردي وأمٍّ كردية – والذي فتح البرزاني له دكان باسم (حزب الإخاء التركماني!) لا علاقة له بالشأن التركماني بتاتاً، فلم يخدم القضية التركمانية حتى ليومٍ واحدٍ في حياته فقد قضى جلّ عمره خادماً مطيعاً وتابعاً ذليلاً لسيده مسعود البرزاني في قوات (البيشمرغة الكردية)، وهكذا الحال مع خادم الطلباني الصغير المسمى (بعرفان كركوكي) صاحب دكان (حزب الشعب التركماني!) وهو شخص ماركسي (سلبي)* ذو توجه انحلالي معادٍ للدين والشريعة، بينما تجد المدعو سيف الدين دميرجي صاحب دكان (الاتحاد التركماني العراقي!) شخصاً هارباً من وجه العدالة لجريمته النكراء العام الماضي باغتيال شابٍ تركمانيٍّ بريءٍ في مكان عام ولا يزال يحتمي بسيده الطلباني حامي المجرمين واللصوص، وإلى جانب هؤلاء هناك ثلة تافهة أخرى من الإمعات الذين شكّل لهم البرزاني والطلباني أحزاباً كارتونية من قبيل (الرفيق البعثي الصدامي سامي شبك!) وموفق قوريالي صاحب دكان (حزب الشروق التركماني!) وشيرزاد أنور عثمان صاحب دكان (حزب الإنقاذ القومي التركماني!) ودلشاد بكر جاوشلي صاحب الخلطة العجيبة (الحزب الديمقراطي التركماني الكردستاني!!!) وجودت النجار وإلخ. . . من الأسماء النكرات التي لا يعرفها شعبنا التركماني الأبي ولم يسمع بها من قبل.
أما مدى الحجم الحقيقي لهذه الأحزاب الكارتونية في النسيج التركماني ومدى استقطابها للجماهير التركمانية، فنستطيع أن نؤكد بشكلٍ قاطعٍ بأن هذه الدكاكين الكردية لم تستطع أن تخطوَ حتى بنصف خطوة في كسب الرأي العام التركماني وأنها فشلت فشلاً ذريعاً وقاسياً عندما لم تجد (مشترين تركمان) يقفون على أبوابها بحيث أن زيارة خاطفة أو جولة سرية لمقراتها الكارتونية سوف تكشف مدى الهزيمة الساحقة لها في وسط التركمان ومدى الصفعة القوية التي تلقّوها من شعبنا التركماني بحيث أصبحت هذه الأحزاب عالةً كبيرةً وحملاً ثقيلاً على الأحزاب الكردية التي أسستها بعد أن لفظت الجماهير التركمانية أصحابها العملاء فأصبحوا منبوذين مكروهين محتقرين في عيونها يندبون حظهم العاثر الذي أوقعهم في هذه المصيدة القذرة.
إذن وبعد أن فتحنا ملف هذه الأحزاب الكارتونية الكردية (التركمانية!) وكشفنا الجهات التي تقف وراءها وتغدق عليها بالأموال، وبعد أن علمنا بأنها دكاكين كردية يرتزق منها وبها ثلة من الساقطين والفاشلين والمنحرفين والمجرمين، وأنها أحزابٌ كارتونيةٌ معلّبةٌ تحمل ماركات مسجلة باسمي البرزاني والطلباني اللذين يُعتبران صاحبي امتيازٍ لها، وأنها تسعى إلى تنفيذ أجندة الأحزاب الكردية بحذافيرها وأن الشعب التركماني لا علاقة له بها لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ، سنُحاول أن نستقرأ في الحلقة السابعة – بعون الله – النتائج الانتخابية التي نتوقعها للقائمة التركمانية والقوائم العراقية الأخرى.
* أقصد بـ(الماركسي السلبي) الذي يعادي عقيدة الإنسان بالخالق أيّاً تكن هذه العقيدة، في مقابل (الماركسي الإيجابي) الذي يحترم ويؤمن بحرية الإنسان في عقيدته وارتباطه بالخالق.