لامجـال للشك حول قِـدم العلاقة بين المخابرات الاسرائيلية والزعامات الكردية والممتدة لأكثر من اربعة عقود، كما انه ليس إفشاءاً للسـّر اذا قلنا ان مصطفى البرزاني هو اول من وضع حجر الاساس لهذا التعاون المشبوه والذي على أثـره استباح الموساد الاسرائيلي جبال العراق الشـمّاء، والأهم من ذلك هو ان هذا التعاون لم يخرج عن دائرة التآمر على دولة العراق - بغض النظر عن من يحكمه - و خصوصاً اذا كُنـّا من المناهضين لشخصنة الدولة ولنظرية (اذا قال صدام.. قال العراق)،، فقد جنت اسرائيل من المكاسب الاستخباراتية مالم يكن بوسعها حصده دون هذاالتعاون،، ابتداءاً من إرساء دعائم العمل التجسّسي في حاج عمران و مروراً بتأمين تهريب عائلة سارق السماء الخائن منير روفـا عام ١٩٦٦ وانتهاءاً بـ،،الحقيقة انها لم تنتهي بعد،، ولأجل الإيفـاء عن جزء من تلك الخدمات الجليلة باشرت اسرائيل البحث عن ثمن لا يقف نفعه عند حـد إرضاء البارزاني وحسب، بل يتعداه لتنسحب فوائده على اسرائيل ايضاً، فتمثلت نقطة التقاء المصالح تلك في ابلاغ الرئاسة الإسرائيلية مصطفى البرزاني بضرورة نبذه لفكرة الحكم الذاتي وإبدالها بفكرة قيام (دولة كردية مستقلة).. ومنذ اللحظات الاولى التي وضع فيها هذا المشروع الهادف الى تقسيم العراق بغية إركاعه امام الاطماع الإسرائيلية التوسعية حيّـز التنفيذ، أيقن الموساد انه امام مشروع تكتنفه جملة صعوبات تعيق تحقيقه اهمهــا:
١- كيفية التخلص من بطش النظام البعـثي.
٢- كيفية سلخ كركوك (النفطية) عن العراق الأم.
٣- كيفية احتواء الرفض الدولي الإقليمي (خصوصاً تركـيا).
٤- (والاكثـر إرهاقاً)،، كيفية اجتثاث الوجود الآشـوري الأصيل من شمال العراق.
ويبدو إن ما جرى عقب الغـزو الصدامي للكويت وما يجري اليوم في العراق هو حلقة في مسلسل يهدف الى تذليل تلكم المندرجات بغية تفعيل ذلك البرنامج التآمري الذي حيكت حباله في تل ابيب طيلة ستينيات القرن الفائت. فإذا اردنا المرور الكريم على الآلية التي تم تبنيها لإحتواء الصعوبات الثلاثة الاولى فإننا نلاحظ ان إقامة " الجيب الآمـن " في شمال العـراق بقرار اُممي سنة ١٩٩١ كان من شأنه جعل المنطقة في منأى عن السلطة المركزية، الأمـر الذي دفع الدول الغربية الى ضمان تخصيص ١٣٪ من عائدات برنامج النفط مقابل الغذاء لدعم عملية اعمار المنطقة الآمنة من خلال إحياء الاجهزة الحكومية وبناء مؤسسات المجتمع المدني وتسليح الميليشيا، ولتدعيم الإقتصاد لفترة ما بعد رفع الحصار سـال لعاب المتآمرين على كركوك (النفطية) لضمّهـا الى (كردستانهم)، فبدأت الميديا الكردية (ذات الرصيد المادي اللامحدود) بإطلاق شعارات شيفونية لأكردة المدينة من خلال استيراد عشرات الآلاف من اكراد تركيا وايران وسوريا واسكانهم كركوك ورفع شعار (كركوك قدس الأكراد) مما ادى الى الإضرار بالخارطة الإثنية لشمال العراق على حساب العرب والتركمان والآشوريون ليضمنوا قيام (دولة) غنية بالنفط، لا دولة يقوم اقتصادها على تصدير البـلّوط... أمـا إحتواء الرفض الإقليمي، فإن مشروع الشرق الأوسط الكبير يكفل ديمومة تـودّد ايران وسوريا للغرب مقابل ضمانات فقيرة، وبالنسبة للمطرقة التركية، فهي ملزَمة بقبول كل ما تتطلبه عضوية الاتحاد الاوربي من جهة، وتعويض الولايات المتحدة عن رفض تركيا لدخول القوات العسكرية عبر اراضيها لتحرير العراق من جهة اخرى... وهكذا تكون عناصر قيام (الدولة الكردية الغير معلنة) شبه مكتملة، ولم يتبقى سوى استئصال الوجود الآشوري من شمال العراق،، ولنا في هذا شئ من التفصيل....
من التجنّي على الحقيقة كعراقيين آشوريين نقطن مدننا وقرانا التأريخية في شمال الوطن ان نؤمن بحسن نوايا الإدارة الكردية تجاهنا،، فالكل يعلم ان وضع الآشوريين في شمال العراق لم يختلف اطلاقاً عن وضع اقرانهم الذين عاشوا تحت ادارة البعث البائد ــ إن لم تكن اســوأ ــ والكثيرين يعلمون إن مظلّـة (التآخي والتعايش السلمي والعدل والمساواة وسمو القانون والتجربة الديمقراطية... الخ) من المصطلحات الرنّـانة التي استخدمتها الإدارة الكردية كانت بمثابة ورقة التوت التي تحجب عمليات التهجير القسري والإغتيالات السياسية والقتل والأختطاف والأغتصاب وانتهاك حقوق الانسان الآشوري واحتلال قراه التأريخية والتشكيك في هويته القومية بغية تكريده الأمر الذي ادى الى هجرة ونزوح عشرات الآلاف من ابناء شعبنا عن مواطنهم وانحسار نفوسه في شمال العراق الى ٤٠٠٠٠ الف آشوري وهو ربع العدد الذي كان عليه بداية التسعينات. فإذا ما اردنا الابتعاد عن التشنّج والعاطفة و توخي الموضوعية والحياد في الكتابة، ولكي لايُفهم من كلامنا على انه تبطين او تحريض على كراهية عنصرية أزاء الشعب العراقي الكردي المُستاء بمعظمه من برامج احزابه المشبوهة من ناحية، وإذا ما إستثنينا رجال الدين الذين لايزالون يديرون خدهم الأيمن استعداداً لتلقي الصفعة الثانية من ناحية اخرى، فلا يسعُنا إلا أن نقول إن كل ماجرى ويجري من اضطهاد وظلم واجحاف وانتهاك بحق شعبنا الآشـوري الكسـير كان على مسمع و مرأى من قيادات احزابنا المتخاذلة و(ممثلي شعبنا) المتآمرين،، بل انهم كانوا شركاء اصليين في خيانة الأمـة والمسيرة، وإذا لم يكن ذلك تخاذل او تآمر او خيانة؟؟ فبماذا نفسّر ما يلــــي:
ــ في ٢٣/آب/٢٠٠٢ قنّنت العائلة البرزانية ما يسمى بـ (دستور اقليم كردستان _ العراق) و (دستور الجمهورية الفدرالية العراقية)، والمادة الرابعة من المقنّن الاول تفيد بـ ((يتكون شعب اقليم كردستان من الكـرد والاثنيات القومية " التركمان والآشوريون (و) الكلدان والأرمن والعرب " ويقر هذا الدستور حقوقهم ضمن وحدة اقليم كردستان)) و ـ واو العطف ـ التي هي بين قوسين هي ـ الواو ـ التي صال وجال شمايل ننـو من اجل رفعها ولكن... دون جدوى. وهنا أسال شمايل ننو، ما فائدة رفع ـ الواو ـ (بغية توحيد تسمية شعبنا) إن كنتم اصلاً قد اقريتم تغريب هذا الشعب عن موطنه التاريخي من خلال مصادقتكم على المادة الاولى من هذا (التشريع) والقاضية بتسمية شمال العراق بـ (كردستان) وبذلك تحول الشعب الآشوري من صاحب الارض الاصلي الى ضيف في بلاد (كردستان) والتي تعني بلاد الكرد؟؟؟؟
ــ في سنة ٢٠٠٢ صادق كل من يونادم كنّـا وبطرس سخريا واكرم عاشور وشمايل ننو باعتبارهم (ممثلين عن الشعب الآشوري في البرلمان الكردي؟؟؟) على قرار البرلمان رقم (٥) لسنة / ٢٠٠٢ والقاضي بتمليك كافة القرى والقصبات المتجاوز عليها ولغاية تاريخ ١/١/٢٠٠٢، وبطبيعة الحال فان معظمها هي قرى واراضي زراعية آشورية، والباقي الضئيل هي اراضي اميرية.. وبعدها أطلّ يونادم كنّـا من على شاشة الفضائية العربية ليقول ((... لقد وعد الاستاذ مسعود البرزاني برفع التجاوزات الحاصلة على اراضينا..))،، وهنا اتساءل من يونادم كنّـا،، كم مرة خلال الاربعة عشر سنة الماضية وعد البرزاني برفع التجاوزات؟؟؟ عشرة مرات؟ مئة مرة؟؟ الف مرة؟؟؟ ثم كيف تريده ان يرفع التجاوزات عن الاراضي الآشورية في الوقت الذي كنت انت اول المصادقين على تمليكها للمستوطن الكردي؟؟؟؟
ــ ((... ورغم علمنا المسبق بالنتائج السلبية التي لا تعبر عن رأي شعبنا، تقرر المشاركة في الانتخابات العامة للمجالس البلدية حرصاً على المصلحة العامة.)) هذه هي الخاتمة الحرفية للبيان الذي اصدره المكتب السياسي للحركة الديمقراطية الآشورية في ٢٣ /ايار/٢٠٠١ أي قبل ثلاثة ايام من انتخابات المجالس البلدية في اربيل ونوهدرا (دهوك)، يتضح من النص ان المكتب السياسي كان على علم مسبق بنتائج الانتخابات التي لن تعبر عن رأي شعبنا،، وبدلاً من مقاطعتها فقد قرر المشاركة فيها.. وهنا اود ان استفهم من المكتب السياسي حول صحة الاستنتاج الآتي،، قلتم انه حرصاً على المصلحة العامة ستشاركون في الانتخابات، وحيث انكم لم تقصدوا المصلحة العامة لشعبنا على اعتبار انها (الانتخابات) لا تعبر عن رايه كما افاد بيانكم، فهل ذلك يعني انكم تقصدون المصلحة العامة لاعضاء المكتب السياسي؟؟ ام المصلحة العامة للجنة المركزية ؟؟ أم انه لابد من المشاركة تجنباً لحميّة مسعود البرزاني؟؟؟
ــ بتاريخ ٢١- ٢٤ /كانون الثاني/٢٠٠٣، ومرة اخرى، رفض (الحزب الديمقراطي الكردستاني) الاقرار بالخصوصية القومية الاشورية لشعبنا في انتخابات اتحادات الطلبة، وبدلاً من ان يقاطع اتحاد الطلبة والشبيبة الاشوري (الكلدواشوري الان والتابع للحركة الديمقراطية الاشورية) لتلك الانتخابات، وجدناه يميط اللثام عن اغرب طريقة لمقاطعة الانتخابات وهي (المشاركة في الانتخابات باوراق بيضاء؟؟؟؟)، وسؤالي الاكاديمي لهذه (للشريحة المثقفة) من ابناء شعبنا هو، هل تعتقدون ان الاوراق البيضاء هي بمثابة انتقاص او استنكار لهذه الانتخابات؟؟ كلا، فقانونا انتم مشاركين في الانتخابات وحضوركم اكمل نصابها القانوني وبما ان الاقتراع كان سريا فلا احد يستطيع اثبات عائدية تلكم الاوراق البيضاء بمن فيهم انتم انفسكم، بل والاكثر ضيرا هو انه بحضوركم ومشاركتكم شرعنتم قانونية الانتخابات التي الغت خصوصيتكم القومية وجمّلتم الصورة امام المراقبين، والسبب في هذا الموقف الغريب هو ان سكرتير الاتحاد (المعيّن وليس المنتخب) ــ نينوس يوخنا ــ قد استلم تعليمات المشاركة بالانتخابات من ـ عمـه ـ مستشار الحركة الديمقراطية الاشورية، نينـوس بثيـو..
ايها الاخوة: إن قائمة التساؤلات حول اخفاق وخنوع قادة احزابنا (وممثلينا) طويلة بمكان لايمكن حصرها بمقال متواضع كهذا،، وساكتفي بالذكر دون الاسهاب في التفاصيل:
١- فرض قسراً رفع (علم كردستان) على كافة القرى والقصبات الآشورية،، وهاهي سرسنك الآشورية العريقة ترزح تحت نير الوعيد الكردي في الوقت الذي طمر مسؤول (زوعا) رأسه في الرمال كالنعامة امام هذا الانتهاك الآثم،، لماذا؟؟؟؟ ٢- الكل يعلم ان المجرم (وحيد مجيد كوفلي) اغتال الشهيد المهندس فرنسيس يوسف شابو في ١/٦/١٩٩٣ ولايزال القاتل حـراً طليقاً في (دهوك)،، فلماذا؟؟؟؟
٣ - نشرت جريدة (خه بات) لسان حال (البارتي) في عددها ١٠٩٥ الصفحة السابعة والصادر يوم الجمعة ١٣/ايلول/٢٠٠٢، مقالاً ذكرت فيه ((.. بينما حصلت الاقلية المسيحيةالكوردية على خمسة مقاعد))؟؟ فلماذا لم يرد جنود الشطرنج في البرلمان الكردي على ذلك؟؟ ام ان ذلك صحيح بالنسبة اليهم؟؟؟؟
- نعم.. أقـر بان التعليم السرياني انجاز هام لتواصل ثقافتنا الآشورية،، ولكن تلك التجربة فقدت بريقها بعد ان باشر اطفالنا بتلاوة (نشيد كردستان) صباح كل يوم، بل والأنكى من ذلك هو حصر التعليم الجغرافي (بحدود ومساحة وموارد كردستان) في محاولة لالغاء الروح الوطنية العراقية للجيل القادم،، فلماذا؟؟
- (الكلدوآشورية) هي مؤامرة كردية طالت الشعب الآشوري عن طريق المكتب السياسي للحركة الديمقراطية الآشورية، في محاولة لألغاء الوجود الآشوري وبالتالي تصفية هويته،، نعم، هناك وجود آشوري متواصل منذ الاف السنين، وكان هناك وجود كلداني (انتهى بالاسلمة على حسب د. سعد المالح ـ الكلدان من الوثنية الى الإسلام ـ)،، غير انه لم يطرق كتب التاريخ مصطلح (الكلدو_اشورية)،، فلم التآمر على هذا الاسم الذي سقطت لأجله اجيال و اجيال؟؟؟؟؟
٦- اذا كان للاكراد اليوم سيادة منقوصة في المنطقة الامنة طيلة ١٢ عام كونها محمية امريكية وقام (عز الدين برواري عضو اللجنة المركزية في البارتي) باغتصاب وقتل الشابة الآشورية هيلين ساوة، وُسلّم ادور خوشابا الى ذوي اللصوص لتطبق عليه (عدالة الفؤوس) امام الجميع،، فهل هناك من يستطيع ان يتصور ما الذي سيلحق بالشعب الآشوري اذا ما اكتملت سيادة الاكراد في شمال العراق بحصولهم على (الفدرالية) التي يطالب بها لهم يونادم كنا؟؟؟؟
هذه كانت بضع لافتات موثقة تعكس شكل الاضطهاد الكردي للشعب الآشوري، وهنا ساتوقف عن ايراد الحالات الاخرى بسبب ورود الاجابة عليها جميعاً،، فاليوم هو الثلاثاء ٢٥/كانون الاول/٢٠٠٥ وقد نشرت صحيفة الحياة اللندنية وكذلك جريدة الحوزة اسماء عملاء النظام الصدامي ومن بينهم (يونادم يوسف كنا، تم تجنيده عام ٩٧ و كوركيس رشو زيا ـ نينوس بثيو ـ تم تجنيده ٩٦) وهكذا وجد هؤلاء العملاء الذين خانوا دماء يوبرت و يوسب و يوخنا ما يبرر اسئلتي اعلاه،،
يبقى ان نقول ان اجتثاث الوجود الآشوري لايعني بالضرورة استئصاله فيزيائياً، فأكردة القرى والاراضي الآشورية واعتبارنا مسيحيين اكراد او مسيحيين عرب او اقلية اثنية او طائفة دينية او ضيوف في العراق هي اشكال اخرى لاجتثاث وجودنا القومي من على ارض الاجداد،، وكما تلاحظون، لقد طُعـن الشعب الآشوري من الخلف بعد ان اتضحت عمالة (قادته) لصدام وللاكراد بعد سقوطه،، وهنا نناشد كل الطيف العراقي بمثقفيه وسياسييه ورجال الدين ان يصونوا وجود الشعب الآشوري الذي هو بالضرورة يعني صيانة وحدة العراق من الانفصال الكردي وهذه مسؤولية العراقيين جميعاً..
عاش العراق المقدس الجريح..