الجبهة التركمانية هي الجهةالوحيدة التي ترفع العلم العراقي في شمال العراق
حنان أتلاي
دخلت الاحزاب الكردية في تحالفات متعددة منذ الثمانينات، اتذكر صديق كردي من السليمانية عزيز جدا عوائلنا كانت ترتبط بصداقة متينة، و ارى اسمه هذه الايام مراسلا لاحدى الصحف العربية. مرة فاجأني بقوله: " هل تعرفين، اننا ننحدر من اصل الماني؟ لم افهم عن ماذا كان يتحدث، سالته ان كان يعني عائلته قال لا، نحن الاكراد. لا ادري لماذا بقيت اتذكر هذا لسنوات عديدة. اعتقد ان التعبير الذي رايته على وجهه وهو ينقل لي هذه " الحقيقة " التي بدا لي بانها حديثة الاكتشاف حينها. بدا لي كانه في حالة من الاسف لانه لم يكتشف جذوره من قبل. ولكن في السنوات التي تلت تصاعد الدعم الاوربي وخاصة الفرنسي و الالماني للاكراد كنت اتذكر حكاية الاصل الالماني تلك.
زوجة ميتران كانت تسمي نفسها ام الاكراد. ولكن دعم الاوربيون للاكراد في جنوب تركيا كان بسبب تحالف تركيا مع اميركا فكانت اوربا تحاول العمل على حد التواجد الاميركي في المنطقة باضعاف تركيا فكانت تحرض الاكراد وتدعمهم في المحافل الدولية. الان اوربا توقفت عن تدليلها للاكراد بعد ان تحالفوا مع اميركا بعد حرب الخليج الثانية. وتحت الجناح الاميركي خاصة خلال الثماني سنوات من فترة حكم كلنتن كانت هناك اسرائيل و طموحاتها المتعلقة بنفط كركوك و الموصل، فيدأنا نسمع بان الاكراد هم ابناء عمومة اليهود من زمن البابليين *. وصحب هذه الادعاءات بعض التعديلات على سرد التاريخ، فعيد النوروز والالوان الثلاثة التي يعتبرونها رمزا لهم ترجع جذورها الى وسط اسيا. المهم الاكراد الان هم اهل ميديا وحتى قبل هذا، هم في العراق منذ بدأ الخليقة والاخرون ما هم الا قادمون جدد ومحتلون وجاليات الدول المجاورة!! اللوبي الهودي لا بد انه يقدم مساعدة لها وزنها بهذا الصدد فهم يمتلكون خبرة في عملية اعادة كتابة التاريخ، وان لم تكن الان فالى اي يوم تقف المنح الدراسية و الكونفرنسات العالمية، هكذا بدأت الحملة الجديدة من اجل الاكراد.
وبعد احتلال اميركا و الحلفاء للعراق واسقاط نظام صدام الذي كان القادة الاكراد على صلة وطيدة معه*، دخلوا مرحلة جديدة انا اعتبرها مغامرة. الاكراد حاولوا انتهاز دخول قوات الحلفاء فتوجهت ميليشياتهم لاحتلال كركوك و طرد التركمان والعرب و القوميات الاخرى على وجه السرعة. ولكن اميركا اعتبرت احتلال الاكراد لمواقع النفط " فكرة سخيفة " من قبل الاكراد، و منعتهم من احتلال كركوك فما كان من قادة الحزبين الكرديين الا ان انقلبا على الاميركان ولكن هذه المرة بالتعاون وتوجيه من الاسرائيليين. و بدأنا نسمع و نقرأ تهويلات عن نفوذ الموساد في العراق و ما اسقاط نظام صدام الا تنفيذا للمخططات الاسرائيلية وبأن اسرائيل تتحكم في السياسة الاميركية. يحاولون تخويف الشعب العراقي من النوايا اميركية كما يخيفون الاطفال بحكايات السحرة و الماردين، و تصوير اسرائيل التي لا يتجاوز سكانها الستة ملايين وتخاف من ظلها بحيث لجات الى بناء جداريضحك العالم عليها، كانها مارد جبار يتحكم ياعتى دول العالم. هذا جزؤ من الحرب السايكولوجية التي ترمي الى اضعاف معنويات الناس وعزلهم وتشكيكهم باصدقائهم و بمن يقدم لهم يد العون، السياسة التي ينبغي ان يكون العراقيين والعرب قد اعتادوا عليها وخبروها جيدا من قيل اسرائيل.
وقد تفاجأنا يوما بتصريح مسعود بارازاني لنيويورك تايمز بأنه سيشكوا جورج بوش للشعب الاميركي!! و لا ادري ان كانت تفجيرات اربيل في عيد الاضحى بمثابة صفعة تأديبية للقادة الاكراد ان التزموا حدودكم. ولكن العناد عند البعض صفة راسخة كما يبدو.
الاكراد يحاولون تبرير سياستهم العنصرية التي وجدت طريقها الطبيعي في مطابقتها لسياسة شارون فجاء الاتفاق الاسرائيلي الكردي متجانسا و لا تشوبه شائبة لان الهدف المشترك شرير وهو التطهير العرقي في كركوك والموصل ومعضم المناطق الشمالية، وهم وحلفائهم حانقون الى ابعد درجة على تركيا التي كشفت مخططهم الشيطاني وما يدخل ضمنه من شراء الاسرائيليون لاراضي في كركوك و الموصل. ولكن اسفي هو على الكتاب و المثقفين العراقيين الذين مازالوا يغمضون اعينهم على هذه الحقيقة وهو ان قادة الحزبين الكرديين في اتفاق ستراتيجي مع ادارة شارون العنصرية من اجل احتلال كركوك والموصل وانتزاع الثروات النفطية من الشعب العراقي واقتسامه مع اسرائيل لقمة سائغة.
انا شخصيا اعتبر التسمية كردستان بحد ذاتها عنصرية. ارض الاكراد، كيف اصبح شمال العراق ارضا للاكراد وماذا ستفعل القوميات الاخرى العديدة التي قطنت هذه الاراضي منذ الاف السنين؟ ان كانت هناك كردستان فالحقوق تفرض بان تكون ايضا عربستان، تركمانستان، ايزيزستان، آشورستان، شبكستان، سنستان، شيعستان. . . وغيرها. و لهذا فهم يتعرضون للطرد و التشريد الان كي لا يطالبوا بحقوقهم غدا.
الهيمنة الكردية على شمال العراق وبالتالي على العراق باكمله لا تختلف في طبيعتها عن الاحتلال الاسرائيلي لاراضي الفلسطنيين. و بامكاننا القول بان الحزبين الكرديين اليوم يسيران حثيثا لجعل كردستان توأما لاسرائيل.
شلة شارون يعملون من وراء ظهر الاميركان فيما يتعلق بالعراق. يعملون ما في وسعهم لزعزعة استقرار العراق واجبار الاميركان على التراجع. و يتبعون سياسة مرائية ذات جانبين. جانب باتجاه العراقيين والعرب في تحريضهم ضد اميركا و التشكيك بنوايا الاميركان وبالايحاء بانهم يعملون لمصلحة اسرائيل. و من الجانب الاخر تحريض الاميركان ضد العراقيين والعرب عامة و اتخاذ اعمال العنف والارهاب مادة مهمة في ماكنتهم الاعلامية بان العرب والمسلمين والعراقيين لا ينفع معهم التحرير من الحكم الدكتاتوري وبانهم ناكرون للجميل و سيردون على تضحيات الشعب الاميركي بعداء مزمن لاميركا.
يالامكان تتبع ما حدث ويحدث على الاراضي الفلسطينية و على ضوئها التنبؤ بما سيحل بشمال العراق.
نشهد تعتيما و سكوتا غلى الجرائم التي يتعرض لها التركمان و الجبهة التركمانية على يد المسلحين الاكراد، السبب هو ان الجبهة التركمانية هي الجهة الوحيدة التي ترفع العلم العراقي في شمال العراق، و ما تعرضت له من اعمال عدوانية واغتيالات كان بسبب تمسكها بانتمائها للعراق، التركمان مجبرون على التمسك بالعلم العراقي و ربما سيكونون آخر من يرفع علم العراق لانه ليس لهم مكان اخر يذهبون اليه كما يحاول كتاب الحزبين الكرديين اظهاره بان التركمان جالية تركية. وهم يسبون كل ماهو تركي بهستيريا خارجة عن السيطرة، يسبون مصطفى كمال أتاتورك اما لجهل او متناسين بان أتاتورك هو الذي ارسل عصمت انوني لا برام معاهدة لوزان التي ثبتت حدود الجمهورية التركية الحديثة بدون الموصل و كركوك.
ولكن الاهداف الشريرة ترافقها اساليب شريرة دائما. يلجأ الاكراد العنصريون الى التغطية على انعدام وطنيتهم و انكارهم لعراقيتهم باتهام التركمان بولائهم لتركيا. و لو طلبنا منهم مثال واحد على تدخل تركيا بشؤون التركمان سوف لن نجد احد منهم يتقدم باجابة.
ولكن الخطأ الكبير كان بالسماح لهم بالاحتفاظ بميليشياتهم المسلحة التي ماهي الان الا عصابات تنشر الارهاب في المناطق الشمالية. اضافة الى كل اعمال السرقة والاعتداء على المواطنين العزل وهدم البيوت. اسفي هنا على صمت " ديموقراطيننا " على البلطجة الكردية هذه. لماذا لا توجه الاسئلة الى الحزبين الكرديين: لماذا سرقوا معدات واسلحة الجيش العراقي؟ هل هم في حرب مع العراقيين؟
كتاباتهم وادبياتهم السياسية اصبحت تثير الغثيان بعنصريتها، نعتبرها ثرثرة فارغة لا تستحق الاجابة ولكن السكوت يشجعهم على التمادي حتى اصبحوا يصدقون انفسهم.
الهيمنة الكردية اليوم في العراق لا تقتصر عى شمال العراق بل تشمل الحياة السياسية في عموم العراق. نراهم يتغلغلون بشكل مقصود في جميع المنظمات السياسة و المدنية، في البداية يظهرون بشكل ديمقراطي ولكن سرعان ما تنكشف طبيعتهم العنصرية، يسيطرون على المنظمات عن طريق تزكيتهم لبعضهم وابعادهم لمنتسبي القوميات الاخرى وبالاخص استبعادهم للتركمان وبعد حين نبدأ نرى كلمة " كردستان " في معضم بيانات وتصريحات المنظمات.
الكل يعلم بان كردستان بالشكل الذي يريده الحزبين الكرديين المهيمنين لا يمكنه ان يقوم الا على تفتيت وحدة الشعب العراقي، لهذا فهم يضطلعون و باساليب مختلفة بكل ما من شانه اضعاف العراق. و بوعي او بدونه ساعدهم المتهافتون على السلطة بعد سقوط نظام صدام بقبولهم بالاسس الطائفية في تشكيلة مجلس الحكم و تقاسم المقاعد الوزارية.
العراق اليوم قد لا يملك الجيش و لا التشكيلات الامنية، وقد تكون ادارة الاحتلال ارتكبت الكثير من الاخطاء، ولكن وعي العراقيين و تشخيصهم للجهات و الاتجاهات التي تشكل عناصر الخطر الحقيقي غلى مستقبل هذا الشعب يبقى على درجة كبيرة جدا من الاهمية. و لو لم يكن مهما لما بذلت الجهات الشريرة كل هذه الجهود من اجل التموية وتضليل الرأي العام العراقي. الوعي لا يقتصر على فضح الاتجاهات والمخططات الشريرة بل ايضا يشمل مقدرتنا على التقييم الصحيح و الدقيق لمواقف الشخصيات والاحزاب السياسية التي تقوم بدور يدعم اعداء شعبنا و علينا ان نراقب اجراءات الحكومة المؤقتة ومجلس الحكم من هذا المنطلق، فهم على الرغم من عدم امتلاكهم للشرعية التي تؤهلهم لاتخاذ قرارات مصيرية قد يظهر منهم من يحاول ذلك و لا يستبعد ان يكون بينهم من حصل على موقعه بدعم من المخابرات الاسرائيلية. من الضروري متابعة كل ما يصدر منهم من قرارات وتصريحات و اجراءات.
اتذكر بعد الاطاحة بصدام مباشرة كنت ابحث عن قناة تلفزيونية تبث شيئا ما عن العراق، وجدت واحدة لا اتذكر الان اسمها تبث حديثا لاحد رجال الدين، اعتقد ان اسمه اياد جمال الدين، و لكن كلماته بقيت في ذاكرتي:" الحمد لله الذي سخر اقوى دولة في العالم انصرة الشعب العراقي. " و انا الان اقول: الحمد لله الذي سخر لنا التكنولوجيا فلم نعد رهنا لمحتكري الاعلام. و المؤامرات والمخططات الشريرة سرعان ما تنكشف في وضح النهار.
*مثل شراكة اخو مسعود بارازاني و عدي في شركة لاستيراد السيارات المستعملة من اوربا، وتهريب النفط العراقي وغيره و المواد التموينية ضمن برنامج النفط مقابل الغذاء وغيرها.
** http://www. eretzyisroel. org/~jkatz/kurds. html