مثلما بشرنا به، فقد أنتصرنا (رغم أنف الشامتين والمتربصين وعبدة الدخان). لقد أنتخبنا العراق دون أشخاص بعينهم، لقد أخترنا سلامة أهلنا وبقاء نوعهم ومكوث العراق السرمدي ووحدة أراضيه وفسيفسائه الجميل، وشدا على يد مشروعه النهضوي القادم رغم أنف الأعداء. لقد بصقنا بالأمس بوجوه البعثيين والعروبيين والإسلامويين، ممن روج لفشل عرسنا، وأرادوه مأتما، ودجلوا بحرمتها (بالثلاثة). وعندما نجحنا حرمنا (بالثلاثة) وجودهم في هذه الدنيا الجميلة. وأكدنا دون مواربة أن العراق وأهله وفراتيه ونخيله وتراثه وأديانه وقومياته يبقى الأقدس بعد الله سبحانه في ضمائرنا.
أنتخبنا لنظمن مستقبل أجيالنا، فلن نعاود هفوة الأجداد حسني النوايا، حينما أصغوا بسجيتهم الساذجة لإملاءات "علمائهم" الجهلاء، و لم يشاركوا في إنتخابات ١٩٢٢، بدعاوى واهية تبرقعت بالدين الحنيف، وبعذر الإحتلال الواه، فحرمونا من الحياة الهانئة على أمد ثمانين عاما ونيف، و أعدوا الأرضية لوصول إبن صبحة وسجودة بنت طلفاح وكيمياوي وزمرة الأوغاد.
واليوم هاهي نفس قوى الجهالة المتلونة السلبية المريضة، المتبرقعة بالدين والوطنية والقومية، تسوق لسلعة بائرة، انطلت على أهلنا لكنها لاتنطلي علينا. أنهم مسوخ من شتى الألوان، يتلونون بحسب الطلب وبما يطابق مقاييس السلبية المبطنة بالضغينة على العراقيين. فها هم يتأرجحون بين توجهات إسلاموية سنية أوشيعية يحركها النزق "مقتدى" أو علمانية متبعثة وقومية تابعة للشام وبغدان، أو كافرة وملحدة، تدافع عن (الكادر) واليسار العاهر. أنهم أشباه الرجال الذين يحركهم حنين عجيب لزمان البعث وذله وفضاء ماتحت البساطيل، وترهات عفلق اللعين. لقد حرموا(بالثلاثة أيضا) على أهل السنة الإنتخاب، ورأينا أن أكثر المتحمسين للانتخاب كانوا أهلنا من أهل السنة، وأشاعوا أن الشيعة مستفادون منها بدعم إيراني، ولم نجد بين أهلنا الشيعة من يتطلع إلى إيران أو يكن لها إحترام إستثنائي أو يعتبرها قدوة تقتدى. وقالوا الأكراد فرحين جزلين بنتائجها، وفعلا أن أهلنا الأكراد هم الأكثر إستفادة من تكريس مكارم الديمقراطية في العراق كونهم ظلموا حد اللعنة بغيابها، وهكذا فهم أنتخبوا سلامتهم ومستقبل أجيالهم من خلال تصويتهم للعراق.
وإذ شاهدنا كيف تضررت قوى التطرف الكردي من غلاة القوميين والإنفصاليين بهذه الإنتخابات وقرأنا أراء عناصرها المتفردين بالجهالة على صفحات الأنترنت (سرمد وعقراوي وغيرهم) ممن يدعوا إلى مقاطعة الانتخابات، كونها لم تعلن الإستقلال لـ"كردستان" أو تعطيهم كركوك إكرامية.. هكذا تبجحوا. لكن شعبنا الكردي طيب الأعراق والأخلاق ذهب وهزج ودبك جزلا بما حققه من خلال صناديق الإقتراع. وبالرغم من محاولات الغش وشراء الذمم وتجنيس الأجانب، الذي قام به غلاة قومييهم، ناقصي النية والضمير، بما يجعلنا نجزم أن حبل الغش قصير وأنهم سيحصدون الخسارة مقابل صفاء نوايانا جميعا من أكراد وعرب وتركمان وكلدو آشوريين.
لقد فزنا برغم التجاوزات الشحيحة التي قام بها غلاة (البيشمركه)، حينما منعوا أخوتنا اليزيدية والشبك والكلدو آشوريين من الإنتخاب، بما يجعلنا مسؤولين أدبيا لرد الإعتبار لهم مستقبلا. وهنا رصد الجميع وآخذ أخويا تصرف ورعونة بعض السذج من أكرادنا ممن أنزل العلم العراقي في بريطانيا وألمانيا من مراكز الإنتخاب، و أستنكف أن يرفع العلم العراقي بجنب علم الأكراد وحبذ أن يرفع العلم السويدي بجنبه لدينا هنا. و إجابتهم بأنه علم صدام، ولكننا ليسوا صدام وأننا اليوم نبحث ما يوحدنا ولو رمزيا، ونسألهم أخويا: هل علم السويد أحسن من علم وطن الجميع؟.
لقد شهدت بنفسي الإحتفال أمام وفي أروقة مركز الإنتخاب في ستوكهولم، حيث تعانق العراقيون فرحا، و رأيتهم وكأنهم في كرنقال للفرح وعيد حقيقي. وإذ أشيد بالخدمات التي قام بها الجانب السويدي، من حماية وتنظيم وإبتسامة عريضة لإستقبل المنتخبين، وقد حدث أن رفعوا بسواعدهم الكرسي النقال الذي تستعمله الوالدة (الحاجة).
تتواتر الأخبار وتنقل إعتراف كل أساطين السياسة العالمية بنجاح التجربة العراقية، حتى (قزم) الأردن مذعنا، وهاهو الرئيس الأمريكي بوش يقف معنا مهنئا، بعد أن راهن على نجاح إنتخابنا. وإذ نعلم المغرضين اننا لم يهمنا بوش ولا المحتل، الذي نرغب بخروجه اليوم قبل الغد، ولم يدر بخلد أحدنا أنه ينتخب بوش، في قوائم الإنتخاب العراقية المحضة، لكن والحق يقال وضمائرنا تتحرك بإتجاه موقف أخلاقي معاضد، جعل من جموع عراقية تصرح عن إمتنانها له وسياسته، بعد أن فاز بحذقه وفنه السياسي على قلوب الكثيرين من أهلنا. وهكذا فقد سبق نكرات كثيرين من المحسوبين علينا من أعراب وعراقيين ممن شكك بالإنتخابات ونجاحها. لذا نوجه نصحنا وعطفنا الى قلمجي وكل (الكلامجية) و بياعين الحروف من ربيعي و ركابي وساعدي وصميدعي وخالصي، و الى مايدعون (الثقافة) من علاء لامي وسمير عبيد (خالف تعرف) ونوري مرادي، ممن أذلهم الله جميعا بعد أيام وسويعات من تصريحاتهم المغرضة بشأن الإنتخابات، ففقدوا أي إحترام و أخر أمل بكسب قلوب العراقيين الذي وصلها بوش (الكافر المحتل) قبلهم، حينما تبنى خطابنا، وأحس بهواجسنا، وحمل همومنا إلى العالم وقدمها من منبر مسموع، على خلاف هؤلاء ممن نأى عن سوي الأخلاق، وهاجس الإنسانية و القسطاس.
لقد تحدينا المغرضين، وراهنا على تجمعاتنا العرقية والدينية والطائفية، وها هي الجموع تتراكض بإتجاه الفوز بشرف الإنتخاب، و بكعكة العراق السخية التي تكفي الجميع وتفضل. و دعونا أن يكون العراق قبلة العراقيين، وليس مكان آخر خارج الحدود، واضعين جانبا أحلام اليقظة بأمم هلامية غير الأمة العراقية الواقعية المجسدة. كل ذلك يدفعنا أن نهيب بالجموع أن لاتقبل بصنع الدمى و الطغاة والفراعين من جديد وتجتنب سلطة الأشخاص طامحة ومكرسة لسلطة الجموع ورأيهم الراجح، وتجتنب العنتريات والبطولات الواهية وتتحاشى الألقاب النفخية كما(الاب القائد) و(القائد الضرورة) وترهات النفاق الذي جربناه صاغرين.
مبروك للجموع في عراق تحكمه صناديق الإقتراع، بعيدة عن نزوات ونزق ومزاجية من يعاني من أزمات نفسية، ويحمل ضغائن الطائفية والحقد المريض في سجاياه، ويمقت أصولنا ويزدري تراث أجدانا وأعرافنا وتلاويننا اللغوية. هنيئا لمن تكحلت عيناه بورقة الإنتخاب، وقبلة على تلك الأيادي التي تحنت بالحناء الزرقاء، وهنيئا لكل أخوتي من تركمان وأكراد وكلدو أشوريين وعرب، تأخت أيديهم معي في همومي ووطأت فيصل الصندوق السحري الذي سيهبنا الثقة بمن سيمثلنا ويسير أمورنا ويرسم ملامح مستقبل أجيالنا.
مبروك لمن ضحى من أجلنا ولاسيما عسكرنا وشرطتنا، ومبروك لشهدائنا، وكذلك أبطال المقابر الجماعية من خيرة أهلنا، وكل من قضى وهو يحلم بالتغيير، ومات دونه، واليوم نبلغهم جميعا أنتصارنا لهم. تهانينا لجميع من حلم بعراق يحكمه صوت الأغلبية، ويحنوا على الأقلية ويأخذ بيدها ولا يسومها الذل مثلما كان. تهانينا لمن أراد خير العراق وأحبه مثلنا.. تهانينا.
• لقد أطلق أهل فلسطين أسم عدي وقصي على أولادهم ثم فلوجه على بناتهم إبان الأحداث الماضية، ولم نسمع عراقي أطلق أسم شارون ضغينة أو بوش تحببا، بل أطلقنا على بنتنا الجميلة أسم (إنتخابات)، لتذكر بهذا اليوم الأغر في تاريخنا الحديث، وهي تذكرني بكم التسميات (عبدالكريم) التي وردت إبان حقبة المرحوم الشهيد عبدالكريم قاسم تحببا له وتيمنا بكرم أخلاقه.
• لقبي الربيعي، ويمتد شوط المنضوين تحت ذلك اللقب من الموصل حتى البصرة، وربما يطأ أجزاء معتبرة من المليون شخص، ولكني أرفض إستعماله كوني أرفض العشائرية، وبقايا البداوة، وأدعوا لتكريس المواطنة، و أفضل أسم (عراقي) عليه،، لكن مايمنعني هو أن لا أمارس مبدأ (خالف تعرف)، وبهلوانيات التسميات الدائرة اليوم، و أكتفيت بالاسم المبسط (ثويني) الصادر من أهلي المقربين. ووردني من إبن عمي الشاعر عبدالرزاق الربيعي، إستيضاح عن فحوى ذكر اسم ربيعي، من ضمن سياقات مقالي البارحة على كتابات (مبروك لنا.. أنتصر العراق بنا)، وبأنه ليس هو المقصود، و الأمر يقيني. لقد أردت أن أقصد (ربيعي) بشخص (فاضل الربيعي) الذي لايشرفني وعشيرتي أن يحمل أسمها، أو يمت لنا بصلة الدم الفعلية، التي أتبرأ منها وكل من يحمل أسم (الربيعي).
• حدث مايحدث نادرا، أن تعطل المصعد في العمارة التي تقطنها الوالدة(الحجية) في ستوكهولم، ونحن نعتزم الذهاب إلى مركز الإقتراع في (بروما). مما اضطررنا إلى أن نرفع الكرسي النقال الذي تستعين بها الوالدة في حركتها، وننزله على الدروج لطوابق أربعة، وكان مشهدنا ملفتا للنظر، ونحن نتناوب على (هودج) الوالدة، وهي تتسائل عن فحوى الأمر الجلل الذي يدعونا أن نتحمل عناء حملها. لقد كان المشهد مدعاة لفخر أخواتي وأخي يوسف تحديدا، الذي أجابها بأنها اليوم العروس الذي تزف على الهودج في يوم عرس العراقيين وفرحتهم الإنتخابية.
• تعالت الأصوات عن بعض التجاوزات التي حدثت في شمالنا المفدى، ووصلني بعض الرسائل من محبين ولاسيما من فئات الوطن كاليزيديه ممن يقطنون ألمانيا أو من اتحاد الاندية الآشورية في السويد (خويادا) يعلنون عن أن الآلاف من الآشوريين منعوا من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات العراقية لذلك نظمت مظاهرات في مدن عراقية مختلفة كالموصل وبغديدا وكرامليش. فقد تبين خلال الانتخابات يوم الأحد بأنه لم تتوفر صناديق اقتراع واوراق للتصويت في مناطق أكثرية سكانها من الآشوريين السريان الكلدان وفي بعض هذه المناطق لم يحضر حتى موظفو الانتخابات. وذكر مسؤول المنظمة الآثورية الديمقراطية في السويد السيد سعيد يلدز أن هذه الممارسات تهدف للحيلولة دون وصول ممثلين عن الآشوريين الى البرلمان العراقي وتأتي في سياق استراتيجية مدروسة لاخلاء العراق من الآشوريين. وتجدر الاشارة الى ان عدد المحرومين من المشاركة يقارب ١٥٠٠٠٠ في الموصل وبغديدا وبرطلة وكرامليش وشيخان وعين سفنه وبازان. وتمنى السيد سيمون بارمانو رئيس اتحاد الاندية الآشورية في السويد أن تنتصر الديمقراطية وان يفسح المجال أمام شعبنا (السكان الاصليين في العراق) ليساهموا في بناء البلاد. وتعليقنا أن كل شئ ممكن في غياب سلطة العقل وسطوة التعصب الأعمى لبعض العناصر، بما يجعلنا مرغمون على التحقق من صحة تلك المعلومات والبت بشأنها عاجلا، كونه موقفا أخلاقيا.
• خارج سياق البيارغ الكردية المحببة التي رافقتها الأعلام السويدية سوية، دون ذكر ورفع للعلم العراقي، فمن الملفت للنظر وجود كم كبير من أخوتنا الأكراد في مراكز الإقتراع، وقد سمعت الشكوى من أحدهم في مراكز المانيا الإنتخابية على قناة الفيحاء كذلك، وقد ولجت قاعة كتبوا فيها وسبقوا "فوق" عبارة (بخير بيه) وتحتها أصغر (أهلا وسهلا)، بما له إيحاءات رمزية. والأمر عينه قد حدث هنا، مع وجود عناصر عربية أو تركمانية شحيحة جدا للتمويه، وهم لايحملون أي سلطة، وقد رايت عائلة إيرانية تنتخب، وعندما كلمت المشرف "العربي"، سألني إن كان لدي وثائق ودلائل ثبوتيه تؤكد ذلك. وهكذا أعددت نفسي أن أطلب من الناس وثائقهم الثبوتية مستقبلا كي أواجههم بها حينما أقابلهم في قاعة الإنتخابات. وقد قال بعضهم أن عملية التعيينات تبعت لميزان الكفاءة. ولا أريد أن أتحقق من الكفاءات العلمية والتحضيرية، بقدر تركيزي على الكفاءة اللغوية، فثمة الكثيرين ممن لايعرف العربية البته لغة ٨٠٪ من العراقيين، ولا أعرف أي كفاءه عملية يحملها شباب دون سن العشرين من هؤلاء. وفي سياق الترشيحات فقد أخرج عنوة الكثير من المتقدمين الخبراء بالحياة العامة والعملية، طوعا أو توظيفا في هذه المهمة، بما يدعوا للريبة وهاهي أسردها من ضمن إنتباهاتي على الإنتخابات.