رئاسة الدولة والحكومة للأكراد والشيعة. . . ماذا للتركمان؟
حسين ابو سعود - مجلة تركمان العراق
لا شك ان شيعة العراق قد عانوا من ظلم النظام الصدامي البائد واضطهاده وقدموا الكثير من الضحايا والشهداء، كما يعرف الجميع ان الأكراد أيضا قد ناضلوا كثيرا ضد الحكومات العراقية المتعاقبة وقدموا الكثير من الضحايا من اجل نيل مطالبهم والحفاظ على هويتهم القومية ضمن عراق موحد، ولكن تضحيات التركمان لا تقل بحال من الأحوال عن تضحيات إخوتهم العرب والكرد ان لم تكن تضحياتهم أكثر باعتبارهم اقلية و شريحة مسالمة لم تكن في يوم من الأيام تمتلك خلايا مسلحة وارتباطات تذكر بدول أخرى، ويمكننا ان ندرك مدى الظلم الذي تعرض له التركمان بمثال بسيط من خلال معرفة ان ١٥٠ شخصا قد تم إعدامهم في قرية بشير لوحدها وهي قرية صغيرة ليس فيها كثافة سكانية كبيرة فضلا عن تهجير أهلها من أراضيهم، وظل التركمان في ظل الحكومة البعثية يعانون من الحرمان الشامل في جميع مناحي الحياة ومجالاتها ولم تلق المناطق التركمانية أي اهتمام من لدن الحكومة السابقة.
والآن وبعد ان تسارعت الأحداث منذ سقوط النظام مرورا بتشكيل مجلس الحكم المؤقت فالحكومة المؤقتة ثم الانتخابات ظل التجاهل المتعمد للتركمان كثالث اكبر قومية في البلاد مستمرا من قبل جميع الأطراف، وعندما يتم الحديث عن المناصب السيادية والوظائف الكبرى يأتي اسم العرب والأكراد او الشيعة والسنة دون ان يكلف احد نفسه بذكر التركمان، وغاية ما حصل عليه التركمان في الحكومة السابقة هو منصب نائب رئيس الجمعية العمومية، الذي شغله الأستاذ عباس البياتي الأمين العام للاتحاد الإسلامي لتركمان العراق، ويبدو انه قد تم قبول المنصب لان المرحلة كانت انتقالية ولا تحتمل أية إثارة خاصة و انه كان هناك أمل بعقد الانتخابات.
وأما الآن وبعد ظهور نتائج الانتخابات ومعرفة الثقل الكبير للتركمان وعلى الأخص الشيعة منهم يجب على الدوائر المتنفذة إنصاف التركمان ومنحهم حقهم كاملا وهم بذلك لا يطلبون من احد رحمة او فضلا بل يطالبون بممارسة العدل والقسط في توزيع المناصب السيادية، ويجب ان يكون منصب رئيس الجمعية العمومية من نصيب التركمان الشيعة، وأما إذا أصر الأطراف على تهميش التركمان وعدم منحهم سلطة تنفيذية مع وجود خلاف على منصب رئيس الجمهورية بين العرب والأكراد فانه من الأسلم والأولى إسناد منصب رئيس الجمهورية للتركمان باعتباره منصبا شرفيا بحتا، ثم انه يحسن سمعة العراق في المجتمع الدولي من خلال إنصاف الأقليات ومنحهم الثقة والمقام الذي يشعرهم بأنهم مواطنون من الدرجة الاولى ولا يتعرضون لأي تمييز او تفرقة وستكون سابقة رائعة في التاريخ العراقي الحديث.
وأنا أرى ان هذا الطلب متواضع جدا ويمكنه حل الإشكال بين المتصارعين على هذا المنصب من جذره، ولنا في جمهورية الهند مثال حي على احترام الأقليات حيث قامت الأكثرية الهندوسية بتعيين شخص مسلم رئيسا للجمهورية وتولية هندوسي رئيسا للوزراء وهذا حقهم باعتباره منصبا تنفيذيا مهما للغاية.
كما يجب على الجمعية العمومية المقبلة إنصاف التركمان أيضا بمنحهم العدد الذي يناسبهم من الحقائب الوزارية وتخصيص واحدة من الوزارات السيادية كالدفاع والخارجية والداخلية للتركمان أيضا فضلا عن عدد من السفراء ووكلاء الوزارات وغيرها.
وهذا الأمر سيزرع في نفوس التركمان الذين عانوا من الحرمان الثقة بإخوانهم العرب والكرد وسيجعلهم يتطلعون الى مزيد من التعاون والتكاتف معهم في المستقبل ولاسيما ان هناك جولات جديدة من الانتخابات ستأتي بعد عام واحد، وتحتاج كل كتلة وجهة الى حلفاء ودعم وأصوات، ولا شك بان جميع الأطراف بما فيهم التركمان قد حصلوا على الكثير من الخبرة من هذه الانتخابات التي تعد رغم سلبياتها أول انتخابات معقولة تجرى في البلاد بعد انقلاب تموز ١٩٥٨، وان كل طرف من الأطراف قد استفاد من أخطائه في هذه الانتخابات وستكون خطة العمل أكثر تطورا في الانتخابات القادمة وستراعى المزيد من الدقة في التحالفات المقبلة ,
والتركمان وان كانوا ليسوا في مقام المنافسة قبالة العرب والكرد إلا انهم يستطيعون ان يرجحوا كفة أي طرف ينضمون إليه