بلادنا على أي طريق؟.......استحقاقات ما بعد الانتخابات (١٣) - كركوك التي هي العراق, بعينه وليست شيئاً آخـر على الإطلاق
محمد حسن الخالصي - العراق للجميع
مع كركوك كما مع أي جزء آخر من العراق التاريخي.......يكون العراق عراقاً, ومن دونها فليس هنالك عراق.
فوادي النهرين, مهبط الأنبياء, وحيث يرقد آدم ونوح إلى جوار علي عليهم السلام, وبلدة العبد الصالح يونس بن متى نبي الله في نينوي هي ملامح الوجه المبارك للعراق, فيه مولد إبراهيم الخليل ودعوته إلى توحيد الله, وفي ثراه يرقد السبط الذبيح الشهيد الحسين عليه السلام, لأن الله شاء أن يفدي الإسلام ويُبقيه بهذا الذبح العظيم ( وفديناه بذبح عظيم).
هذا العراق لن يتوقف أن يكون ويبقى كما كان عراقاً, لأن حفنة من عبدة الطاغوت يريدون بالتزوير والتدليس محوه والقضاء عليه وبواسطة نفر جاءوا اليوم على ظهور أسلحتهم, وسيتركوها غداً كما تركها الذين من قبلهم.
فالعراق كان قبل أن يأتوا (عراقاً), وسيبقى بعد أن يرحلوا (عراقاً), وسيبقى شعب العراق بكل فسيفسائه المتنوعة على مر العصور, الشاهد الباقي دوماً على الهمجية التي تتحكم به يوماً باسم الدكتاتورية, وتغزوه يوماً آخر باسم الديمقراطية, ويبقى الشاهد على الحمقى الذين يحسبون على الغزاة ألف حساب, وكلها في تباب.
يؤسفني القول أن بعضاً من أبناء هذا البلد, وبدعوى الدكتاتورية التي ذبحت الجميع دون استثناء, حسبوا على الغازي ألف حساب, ودون أن ينظروا حتى إلى الماضي القريب والى المستقبل القريب!
من هذه النقطة أبدأ هذا القسم الذي أقول فيه أن كركوك هي العراق بأم عينه, وليست شيئاً آخر على الإطلاق.
ولا أشك لحظة واحدة وكما يؤكد لي أبناءنا الكرد الذين نلتقيهم باستمرار أن الأحزاب التي تسيّر الميليشيات وتتميز بنزعة انفصالية, هي تشبه حزب البعث العفلقي في كل شيء, في ميليشياتها الدموية, وأجهزتها الأمنية, وسجونها الرهيبة.
وإذا كان الغازي الأمريكي قرر وتبريراً لغزوه أن يكشف بعضاً من جرائم الطغمة الدكتاتورية التي قادها الطاغية السابق في بقية العراق, فإن هذا الغازي نفسه قرر ألاّ يسمح بفضح النسخة الكردية من الدكتاتورية التي تجثم على صدر شعبنا في كردستان العراق وهي الميليشيات, لأنها مازالت تتمتع بما كان يتمتع به دكتاتور العراق إبان ثمانينيات القرن الماضي والى حين.
القادة الكرد المخلصين والذين يزخر بهم شعبنا الكردي, لا يتحدثون إلا باسم الشعب العراقي كله, يتكلمون باسم البصرة المنسية كما أربيل ويتحدثون عن العمارة المظلومة المنسية كما يتحدثون عن حاجي عمران, ويتحدثون عن الفرات الأوسط كما يتحدثون عن شهرزور ويتحدثون عن طوز خرماتو ونلعفر المظلومة كما يتحدثون عن دهوك, وهذا هو الطريق الحق, فكله وطنهم ووطننا جميعاً ولا أحد منا مستوطن في أي بقعة من بقاعه.
يؤسفني أن أقرأ هذه السطور من الرسالة التالية الموجهة إلى جورج بوش:
(( فخامة السيد الرئيس
نكتب إلى سيادتكم هذه الرسالة لنستعرض فيها و جهات نظرنا بشان الأمور التي باتت تقلقنا فيما يخص الحكومة العراقية الانتقالية، نحن نعتبر شعب كردستان العراق كأخلص أصدقاء للولايات المتحدة الأميركية))
بهذه الكلمات بدأ السيدان مسعود بارزاني وجلال طالباني رسالتهما الاستجدائية إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش, ولعلي سأستعمل مصطلح (رسالة النحيب) كما سمتها صحفية كردية.
يقول السيدان بارزاني وطالباني في رسالتهما:
((شعب كردستان مستمر في احتضانه للقيم الأميركية السامية وفي ترحيبه بالجنود الأمريكان ودعمه اللامحدود لخططكم في تحرير العراق، لقد تنازلت حكومتنا لإقليم كردستان عن العديد من حقوقها و حرياتها من اجل المساهمة في تقديم العون لسلطاتكم الإدارية بغرض الوصول إلى تسويات للخلافات مع العراقيين الآخرين. لذا كانت خيبة أملنا كبيرة عندما اطلعنا سفيركم الخاص بأنه لا يحق لكوردي أن يشغل أي من منصبي رئيس الوزراء او رئيس جمهورية العراق. لقد تم إخبارنا بان هذين المنصبين محتكرة خصيصا لشيعي عربي و سني عربي))
ويقولان كذلك بشأن طلب تعهدات من المحتل:
((يفي الحلفاء بتعهداتهم في إرجاع عملية التعريب للأراضي الكردية إلى السابق والعمل سريعا بشان إيجاد تسوية لوضع كركوك وفقا لرغبات مواطنيها، مستثنيا منهم المستوطنين ولكن على أن يشمل ذلك ضحايا سياسات صدام في التصفية العرقية.))
وهنا تبدأ استحقاقات ما بعد الانتخابات, كيف سيخاطب رئيس من نوع طالباني وبارزاني أبناء شعبه العراقي؟
هل سيقول أيها المواطنون والمستوطنون مثلاً؟؟
كيف يمكن أن يصغي شعب لرئيس ينظر إلى مواطنيه على أن لبعضهم الذهاب والسكن في أي جزء من البلاد, ولا يحق للآخر الانتقال إلى ما فوق (خط العرض 36 درجة شمال) حسب التوصيف الأمريكي, لأنه سيصبح مستوطن!!.
يليق بنا أن يكون رئيسنا من البصرة أو العمارة أو الناصرية, من بغداد أو الرمادي, من كركوك أو الموصل, من السليمانية أو أربيل, يليق بنا أن يكون رئسنا عربياً أو تركمانياً أو كردياً فيلياً أو كردياً, أو أي عراقي.
ولكن لا يليق بنا أبداً أن يكون رئيسنا شخص يسمي بعضاً من مواطنيه بالمستوطنين وهم داخل بلادهم!! ويطلب حدوداً بين جزء من الوطن وجزءٍ آخر, ويرى نفسه عراقياً اليوم فقط, وسينزع عراقيته غداً كما ينزع قميصه, والأدهى أن يتجاهر ويفتخر بما يقول.
لا شك أن الخطأ لا يكمن فيمن يحمل هذه النظرة المنحرفة فقط, بل فيمن يتحالف معه ويأتي به رئيساً للبلاد
ولله الأمر من قبل ومن بعد