في ظل النتائج التي أفرزتها الانتخابات العراقية الأخيرة، يدخل القادة الاكراد في الوقت الراهن في عملية مساومات تعتبر أهم فرصة لهم في تاريخهم الحديث سعيا لتحقيق مكتسبات سياسية واقتصادية واستراتيجية غير مسبوقة حيث يلعبون على ورقة دعمهم للمرشح لمنصب رئيس الوزراء العراقي الأمر الذي أصبح هذا الدعم شرطا اساسيا للفوز بهذا المنصب.
ومن اجل تحقيق المكاسب السياسية والتي كانت حلما بعيد المنال بالنسبة لهم في العهد السابق، تناسى القادة الاكراد خلافاتهم القديمة واتفقوا في هذه المرحلة الحساسة بالذات على توحيد مطالبهم وشروطهم لتقديم الدعم للشخصية المرشحة لمنصب رئيس الحكومة، بل ورفعوا من سقف مطالبهم الى الحد الاقصى وهو ما جعل من الصعب على أي مرشح لهذا المنصب ان يوافق على هذه الشروط.
ومسألة كركوك الآن هي بمثابة عقبة امام تشكيل الحكومة العراقية الجديدة وهذا ظهر جليا في المباحثات التي اجراها ابراهيم الجعفري مرشح “الائتلاف” العراقي لمنصب رئيس الحكومة مع القادة الاكراد قبل يومين في اربيل والسليمانية حيث أقر ان موافقته ضم كركوك لكردستان مقابل دعم الاكراد له، يضعه في موقف صعب امام الشعب العراقي والعالم العربي.
ويبدو جليا ان الاكراد عرفوا ان دورهم الآن هو دور اساسي في مسألة اختيار رئيس الحكومة الجديد ولذا رفعوا من سقف مطالبهم بشأن كركوك والبشمرجة وكردية القرى والبلدات التي تقطنها نسبة كبيرة من الاكراد والتابعة لمدينة الموصل العراقية. وكذلك ان يكون دستور العراق الجديد قائماً على اساس علماني وليس دينيا وان يكون النظام الفيدرالي الذي ستتم اقامته بالعراق على اساس قوي لا جغرافي.
هذه المطالب الكردية الصعبة تقف الآن عقبة وتعرقل الاسراع في تشكيل الحكومة، ومساومة قادتهم الحالية قد ينتج عنها الكثير من المضار، وعليهم ان يظهروا نوعاً من الاستجابة لرغبة الجميع في تشكيل الحكومة الجديدة وعليهم تقديم بعض التنازلات خاصة تلك المتعلقة بكركوك وهذا لا يعني انهم خاسرون، بل ان هذه هي الفرصة التاريخية لهم التي لن تعوض مستقبلا بأي حال من الاحوال وستكون لهم في الحكومة الجديدة مناصب سيادية خاصة بعد ان تم الاتفاق على ان يكون منصب رئيس الجمهورية لجلال الدين طالباني وهو ما دعمه الجعفري مؤخرا في مشاوراته.