مقتدى يهدد بتفجير انابيب تصدير النفط العراقي والسعودية تجني ارباحا من ارتفاع اسعار النفط الخام وزيادة صادراتها
حانادان بالتركي تعني العائلة المتنفذة او المالكة ويبدو ان هناك حانادانتان تحكمان العالم العائلة السعودية وعائلة بوش.
ليس هناك اي سبب للاستغراب من العلااقة الوثيقة بين عائلة بوش والعائلة السعودية، فالسعودية بعد عقود من ابعاد العراق من سوق النفط هي اكبر مصدر للنفط وعائلة بوش اكبر مستورد للنفط، في البزنز هي علاقة طبيعية بين التاجر واحسن زبائنه ولكن ما يجعل الامر موضع استفهام هو كون هاتان العائلتان تحكمان دولتان وليس مجرد علاقة عمل و ليس هناك توازن بين الدولتين فالسعودية دولة صغيرة قليلة النفوس لا تملك انتاج اسلحة ولاجيش يذكر واميركا دولة كبرى.
بالرغم من كون الارتفاع في اسعار النفط سجل رقما تاريخيا هذه الايام حيث تجاوز سعر البرميل في نيويورك ٤٦ $، ولكنه ليس الارتفاع الاول هذا العام فقد شهدت اسواق نيويرك ولندن في شهر نيسان ايضا اضطرابات في اسعار النفط صحبه جدل عنيف حول محاولات العائلة السعودية في استعمال ورقة النفط بزيادة الانتاج والتسبب بخفض سعره لانقاذ موقف ادارة الرئيس بوش، ربما كانت العائلة السعودية ونشاط سفيرها في واشنطن الامير بندر بن سلطان بهذا المجال يعتبر امرا عاديا لو كانت المسألة مجرد مسألة عمل وبزنز ولكن الامر مختلفا عندما يكون العمل هو نفط، النفط مادة ستراتيجية كان ومايزال يسير مع السياسة العالمية يدا بيد. وكثيرا ما تسبب في حروب، ارواح ازهقت وامم تشردت، خرائط وحدود تغيرت وتاريخ اعيدت كتابته بسبب النفط! فعندما يعرض بندر بن سلطان مثل هذه البادرة التي وان بدت ودية فانها تعني، وخاصة في نظرمنافسي بوش، ان السعودية هي التي تتحكم بالانتخابات الرئاسية في اميركا اي ان الديمقراطية الاميركية مرهونة برغبات العائلة السعودية **
يوم الخميس الماضي سجلت اسعار النفط ارتفاعا تاريخيا، الخميس الماضي وصل سعر البرميل من النفط الخام لتسليمات شهر ايلول الى ٤٥. ٥٠$ في نيويورك وهو ارتفاع نسبته ٧٠٪ وفي لندن ٤٢. ٠٧ وهو معدل ٥٠٪. وتشير جميع المصادر الى احداث النجف كسبب مباشر لهذا الارتفاع لان جماعة مقتدى هددوا بتفجير انابيب نفط الجنوب وهذا يعني تراجع ٥٠٪ من مبيعات العراق من النفط وجاء هذا تزامنا مع اسباب اخرى مثل تراجع مبيعات النفط المكسيكي بسبب العاصفة و الاستفتاء في فنزويلا ومشاكل الشركة المصدرة للنفط في روسيا.
هذه الاسباب كلها تجمعت لتتسبب يهذا الارتفاع في اسعار النفط الاعلى منذ ٢٥ سنة مما يلقي بظل ثقيل على احتمال فوز بوش في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل! لان المواطن الاميركي العادي اي الاغلبية التي تقرر من يفوز بالمقعد الرئاسي تهمه ان تسير اموره الاقتصادية بهدوء بعيدا عن الازمات اكثر مما تهمه الاهداف ذات المدى البعيد.
ولكن المملكة السعودية كانت على اهبة الاستعداد لملئ الفراغ الذي سببه تراجع مبيعات النفط العراقي بزيادة انتاجها من النفط بمقدار ١. ٣ مليون لرميل في اليوم ليصل من ٩. ٣ مليون برميل الى ١٠. ٦ مليون برميل في اليوم. و بحساب بسيط ستكون ارياح السعودية من ارتفاع الاسعار ٣ ملايين دولار باليوم ومن زيادة الصادرات ٦٠ مليون دولار في اليوم اي بزيادة حاصلات مقدارها ملياري دولار خلال شهر وان استمر الامر لعام فسيكون ٤٨ مليار$.
كما يقول المثل التركي فلوس الغني تتعب حنجرة الفقير، لن استرسل في هذه الحسابات كل ما كان يعنيني هو كم دولار تربح العائلة السعودية بسبب احداث النجف.
بالطبع السعودية كانت ومازالت المستفيد المباشر من اضطراب الاوضاع في العراق والعقوبات التي حضرت على العراق القيام بتصدير النفط الا من خلال برنامج النفط مقابل الغذاء السئ الصيت. دائما ترتفع اسعار النفط وفي كل مرة تزيد السعودية من صادراتها لتملئ الفراغ الذي يخلفه غياب النفط العراقي من السوق.
وكون هذه الازمة تحدث خلال التحضير للانتخايات الرئاسية في الولايات المتحدة قد تجعل الادارة الاميركية ترضخ للضغوط السعودية بعد ان بدت في بداية الحملة من اجل شن الحرب على نظام صدام وكانها اي الادارة الاميركية تعمل من اجل قضية مقدسة وهي انهاء دعمها للانظمة الدكتاتورية في منطقة الشرق الاوسط ودعم شعوبها من اجل ارساء اسس دولة القانون والممارسات الديمقراطية الامر الذي اثار اوساطا معينة تطلق نظرية مضادة لفكرة الديمقراطية في هذه المنطقة باعتبارها لا تمتلك تاريخ ولا تقاليد في الممارسات الديمقراطية كما ذهب هنري كيسنجر عندما دعى العالم ان لا يخلط بين الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية الى بلد عريق بالديمقراطية مثل فرنسا (لاسيما عندما قتلت فرنسا مليون انسان في الجزائر) وبين الدول االعربية التي لا تعرف طريقا للديمقراطية (او لا ينبغي لاحد ان يدلها على هذا الطريق). بالطبع كيسنجر من ابرز منظري اللوبي النفطي الذين يفضلون ان يقتصر دور الولايات المتحدة على تغييرصدام برئيس اكثر اعتدالا ولا يذهب ابعد بدعم نظام ديمقراطي على الطريقة الغربية. ولربما ينتظر هذا اللوبي وغيره اقتراب موعد الانتخابات ليفرض على ادارة بوش ما يريده.
اثناء التصعيد الاميركي ضد نظام صدام كثيرا ما كنا نقرأ في مواقع المعارضة العراقية الكثير من التحذيرات من نشاط الوهابيين في مدينة النجف تحت رعاية صدام الذي استقدمهم الى هذه المدينة الشيعية لسبب ما في نفسه، واليوم يستغيث اهالي النجف من ارهاب المسلحين الغرباء الذين يحتمون بالمنازل القديمة بين السكان العزل وفي مرقد الامام علي ويطلقون منها النيران. لا اعتقد بان هناك شيعي وحتى اكثر الدعاة لعلمانية الدولة يرضى ان يدخل بسلاحه الى المراقد المقدسة في النجف وكربلاء والكوفة وغيرها و ربما الشيطان وحده يعلم اية حلقة تربط كل هذا الارهاب ابتداءا من القاعدة واحداث ١١ ايلول والزرقاوي بالتيارات التي تؤثر على قرارات الادارة الاميريكية. القرارات التي تتخذها ادارة الاحتلال بشأن العراق ومنذ اليوم التالي لدخولهم ابواب بغداد اتسمت بعدم الاتزان والابتعاد عن الهدف المعلن والتضارب. ابتداءا من عدم فرض منع التجول والتفرج على اعمال السلب والنهب لمؤسسات الدولة العراقية وافراغها من كل ممتلكاتها الى ترك الحدود مفتوحة وبلا رقابة لدخول كل الارهابيين وتجار المخدرات. واخرها تحميل احمد جلبي جميع مسؤولية الفشل والسلبيات واصدار اوامر باعتقاله من قبل قاضي عينته سلطة الاحتلال وبتهم اقل ما يقال عنها انها سخيفة مثل العثور على ما قيمته دولاران من عملة عراقية مزورة في مكتبه كانت قد عرضت على البنك المكزي وتحمل الختم في الوقت الذي يعمل الجلبي على تقديم شكوى بحق الامم المتحدة بسبب الفساد الذي رافق برنامج النفط مقابل الغذاء. وتوجيه تهمة القتل الى رئيس لجنة اجتثاث البعث.
ولكن الامر لا يمكنه ان يكون بهذه البساطة، لو استجابت ادارة بوش الى الإغراء السعودي فهذا يعني الفشل الذريع في الهدفين الاساسيين لما تسميه بالحملة على الارهاب. لنبتعد عن السذاجة في اقناع انفسنا بان اميركا تخوض الحروب من اجل ارساء الديمقراطية في دول الشرق الاوسط بسبب حبها للديمقراطية فحسب، هذه قد تكون النتيجة العملية ولكن الحافز الرئيسي للحملة الاميركية هو تحقيق هدفين اساسيين يجعل اميركا في مأمن من تلاعب الدول المنتجة للنفط بالاقتصاد الاميركي:
ـ احكام السيطرة على مصادر النفط من المغامرين من امثال صدام ولضمان الاستقرار في صادرات النفط والاسعار والعراق من اهم مصادر النفط هذه لانه يحتوي على ٦٠٪ من احتياطي العالم من النفط فضلا عن ان ٩٠٪ من الاراضي العراقية لم يتم بعد التنقيب عن النفط فيها.
ـ والهدف الثاني هو حماية الدولار كعملة وحيدة في تداول النفط. لان السعودية بدأت بممارسة حريتها في بيع النفط مقابل اليورو مما اضعف الدولار ومن هنا بدأت اللهجة الاميركية تجاه السعودية تتغير.
لهذا فان عدم التمكن من انهاء العنف في المدن العراقية والاستسلام لاغراءات زيادة الانتاج السعودي من النفط، وهو اجراء موقت اشبه بالمسكن ينفع لما قبل الانتخابات فقط، كلاهما يعتبران الفشل الذريع الحقيقي لادارة بوش في كل ماخططت لتحقيقه. ولا اعتقد بانه سيمكن اقناع الشعب الاميركي والعالم بعدها.
وسط كل هذه الاحداث وهذا التجاذب والشد بين القوى قد لا يمكننا عمل الكثيرفي تغيير طابع الصراع اوجعله اكثر مدنية او جعل السياسة العالمية اكثر وضوحا وشفافية لان الكثير من الامور ليست بايدينا ولكننا علينا التمسك بما يمكننا عمله فقد تاتي ساعة يكون تمسك القوى الوطنية العراقية بالمصلحة الوطنية ووحدة البلاد هي العامل الحاسم في هذا الصراع.
تحديث: (بعد التهديد الاخير الذي وجهته جماعات مقتدى بتفجير انابيب النفط ارتفع اليوم سعر البرميل الى ٤٧. ٥٠)
*CBS' "٦٠ Minutes" reported Sunday that Washington Post journalist Bob Woodward said Bandar promised Bush that Saudi Arabia will lower oil prices in the months before the election to help ensure the U. S. economy is strong on Election Day. Subsequently، Woodward said that the Saudis had hoped to keep oil prices low during the period before the election
because of its impact on the economy April ٢١، ٢٠٠٤
** كلمات منافس بوش كيري في نيسان:
‘’If it is true that gas supplies and prices in America are tied to the American election، tied to a secret White House deal، ‘‘outrageous and unacceptable to the American people، "