جنكيز جاندار صحفي تركي من مواليد أنقرة ١٩٤٨، كان رئيسا لحركة الشباب اليسارية في ١٩٦٨ بكلية العلوم السياسية. عمل بعد تخرجه ١٩٧٠ كمعيد في نفس الكلية لفترة قليلة . غادر تركيا في نفس العام للانضمام إلى حركة المقاومة الفلسطينية، حيث عاش في بيروت لعدة سنوات، ارتبط خلالها بعلاقات وثيقة بياسر عرفات . انتقل بعدها لاجئا سياسيا في جنيف وباريس وستوكهولم . عاد إلى تركيا في ١٩٧٤ . حيث عمل في بعض الصحف منها : وطن، جمهوريت، كونش، حريت صباح . يعمل حاليا في جريدة ترجمان . عين في الفترة من ١٩٩١ ـ ١٩٩٣ كمستشار خاص للرئيس التركي الأسبق تورغوت اوزال . عمل في ١٩٩٩ ـ ٢٠٠٠ في مركز الأبحاث الأمريكية بواشنطن حيث أعد دراسة بعنوان " تركيا في القرن الحادي والعشرين " . يعتبر حاليا احد أهم الخبراء الاستراتيجيين في شؤون الشرق الأوسط وله صلات قريبة مع كبريات الصحف الأمريكية ومراكز القرار الأمريكي، وهو من المؤيدين للقضية الكردية ومن الأصدقاء المقربين إلى الطالباني والبرزاني على حد سواء .
يعود تاريخ تعرف جنكيز جاندار على جلال الطالباني إلى عام ١٩٧٣ في بيروت، التقيا بعد ذلك ١٩٩١ مرات عديدة وفي أماكن مختلفة أنقرة، استانبول،واشنطن وفي الأشهر الأخيرة السليمانية وبغداد .
تناول الطالباني العشاء معه العشاء ثلاث مرات خلال زيارته الأخيرة مما يكشف حجم العلاقات الودية بين الطرفين .
ينقل جاندار في مقاله المعنون ـ مع الطالباني ـ (صحيفة ترجمان ١٠/٧) عن رئيس الاتحاد الوطني الكدرستاني بأنه ناقش مع المسؤولين الأتراك (وضع كركوك)، وقد كرر موقفه حول الموضوع في برنامج (مانشيت) الذي يقدمه الصحفي المعروف محمد علي براند من تلفزيون CCN-Turk الذي أعلن فيه الطالباني أنه إلى جانب إعادة وضع مدينة كركوك إلى ما كان عليه سابقا قبل تطبيق صدام فيها " حملة التصفية العرقية " . كما أنه لم يتحدث عن أية صيغة فدرالية تضم كركوك (أو يذكر بأنها مدينة لكردستانية) معلنا عن تأييده لإقامة (إدارة خاصة) تحت إشراف تركماني، عربي، كردي مشترك أي ما يشبه (حسب تعبير الطالباني) بنموذج بروكسل . مشيرا الى ضرورة ترك الصيغة النهائية لمواطني كركوك منبها إلى أن ذلك لا يعني إجراء) استفتاء شعبي) حول إدارة المدينة .
لم يكتف الطالباني الذي وصف زيارته لتركيا مع السيدة عقيلته، بأنها زيارة للراحة والاستجمام، بمقابلة جاندار بل التقى في فندق هيلتون باستانبول مع أحمد أوزال (نجل الرئيس الأسبق تورغوت أوزال ركز الطالباني خلالها على وحدة الأراضي العراقية . وفي حديث أجراه الصحفي مراد جليك (صحيفة ترجمان ١١/٧) مع أحمد أوزال حول لقائه مع زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني قال اوزال :
((شخصيا كنت أعتقد انه سيحدثني عن الاستقلال أو الحكم الذاتي للأكراد على اقل تقدير إلا انه فضل الحديث عن وحدة التراب العراقي)) وذكر اوزال انه سأل الطالباني عن احتمالات هل سيطرة الشيعة على الحكم على ضوء الواقع السكاني في العراق . فرد عليه الطالباني ان كل الفئات ستشارك من أجل العراق الموحد في الحكومة المركزية المقبلة . وأن ذلك سيكون من مصلحة العراق . وقال أيضا انه (أي الطالباني) يقدر شخصية تورغوت اوزال ويعتبرها شخصية مهمة جدا. وأن اوزال لو كان حيا يرزق الآن لما كانت الأوضاع في الشرق الأوسط، وعلاقات تركيا مع الاتحاد الأوربي على ما هي عليه الآن . ولكانت تركيا نفسها في وضع آخر .
وعودة إلى موضوع تطبيق نموذج بروكسل لإدارة مدينة كركوك نشرت صحيفة (زمان ١٣/٧) ان الوفد التركي الذي زار مدينة كركوك مؤخرا برئاسة السفير أدهم طوكدمير قد أعلن بأن ((المسؤولون الأكراد أبدوا موافقتهم على تطبيق نموذج بروكسل لإدارة المدينة . وان الجانب التركي له موقف مشابه من الموضوع ..)) .
الجدير بالذكر ان الصحفي جنكيز جاندار زار الطالباني والبرزاني عدة مرات في فترات متفاوتة، كما أنه زار السليمانية وأربيل وكركوك عدة مرات . وهو أول من طرح فكرة نموذج بروكسل لإدارة مدينة كركوك، دون أن ينسى القول ان كركوك حتى بصورتها الراهنة هي مدينة ذات خصوصية تركمانية وأنه لاحظ ذلك من خلال زيارته العديدة لها ، وان تشبث الإعلام الكردي برأي الكاتب العثماني شمس الدين سامي حول كردية المدينة ادعاء ضعيف لا مسند له وهو الرأي الذي توصل إليه بعد مراجعته كما هائلا من المصادر للوقوف على ما يؤيد الادعاءات الكردية، مشيرا إلى أنه حتى الأكراد تخلوا عن القول بأنها مدينة كردية على ضوء هذا الواقع وبدأ إعلامهم بطرح أنها كردستانية ، ويقول جاندار أن أفضل من كتب عن الواقع الأثني لكركوك وتحدث بالوثائق والإحصائيات عن خصوصيتها التركمانية هو الباحث المعروف حنا بطاطو في كتابه الهام (العراق، الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية) الذي يعتبرا مصدرا أساسيا لأي باحث أو كاتب في تاريخ العراق .
في مقال له بعنوان (درس كركوك) ذكر جاندار رغم كل شيء لا يزال التركمان يشكلون غالبية السكان في كركوك . وأن أي حل لا يأخذ هذه الخصوصية بنظر الاعتبار سيولد ميتا ومحكوما عليه بالفشل مسبقا، واقترح أن حل الإشكالية يكمن في تطبيق نموذج بروكسل (جريدة ترجمان ٢/١/ ٢٠٠٤) .
وبذلك يعتبر جنكيز جاندار، أول من طرح هذا المبدأ قبل اهتمام الجهات التركية والكردية بها. ثمة أشياء أخرى ذكراها جاندار وتحققت فهو أول من قال بأن هوشيار زيباري سيتولى حقيبة الخارجية في الحكومة العراقية، وأن برهم صالح سيعين كمبعوث دائم للعراق في الأمم المتحدة قبل أن يلوح في الأفق أي إشارة لمثل هذا الاحتمال في الفترة التي كتب فيها ذلك.
بلجيكا التي عرفت بـ (نموذج بروكسل) تتألف من ثلاث مناطق يسكنها ثلاث قوميات : الفلامان، الفانون والألمان حيث يمثل الجميع في المؤسسات السياسية والإدارية والثقافية تمثيلا متساويا .