أظهرت مجزرة عاشوراء الأخيرة أن عقارب الساعة في العراق، تقف على الفوضى والخراب والانفلات الأمني بدلا من الأمن والآمان والاستقرار، وستظل كذلك إلى أجل غير مسمى. وسوف لن تستطيع الأمم المتحدة ولا قوى التحالف حل هذه المشكلة التي تعصف بالوطن، لأن مفتاح الحل النهائي هو بأيدينا نحن العراقيين. لكن مما يزيد من استعار هذه النار المحرقة ، اعتقاد البعض من زعماء الأحزاب والطوائف بأن في امكانهم إخراج العراق من النفق المظلم الذي دخل فيه بالإصرار على إيديولوجياتهم وشعاراتهم العرقية والطائفية الضيقة . دون أي تنازل عن جزء من شعاراتهم ومشاريعهم السياسة الفئوية، من أجل إيصال العراق إلى بر الأمان وضفاف الاستقرار.
العراق وطننا جميعا ولا يمكن أن يكون وطنا لفئة دون أخرى أو مقسما بين أقلية وأكثرية، العراق لا يمكن أن يتحول إلى دكان لعرض البضاعات البائرة لبعض الأحزاب والقوميات. وفرض شعاراتها على أساس أنه أمر لا بد منه، مستغلين بذلك ظروف الانفلات الأمني وضياع الأمان والاستقرار ودور المؤسسات فيه. ان الصورة غير المشرقة للعراق حاليا، تؤيد أن ثمة زعامات ضيقة الأفق تهمها مصالحها الفئوية و الطائفية أو القومية أكثر من مصلحة العراق.
أن ما تفعله هذه الجهات الحزبية الطائفية، لا تختلف البتة عن محاولات فرض الرأي الواحد، وخلق الزعيم الواحد أو الحزب الأوحد الذي يجب أن يدين له الجميع بالطاعة العمياء والولاء المطلق، وإلغاء التعددية وكل مظاهر الديمقراطية التي نحلم جميعا أن تؤطر أفاق حياتنا في عراق الغد، دون استقواء فئة على أخرى بحجج وشعارات صفراء غير وطنية.
ويتناسى هؤلاء أن الظروف الحالية في العراق، لا تتطلب هيمنة حزب أو جماعة معينة على مستقبل ومصير الوطن، ولهم فيما انتهى إليه حزب البعث وصدام البائد خير مثال على أن العراق، ليس بحاجة إلى طاغية أو حزب قائد يتسلط على الأحزاب الأخرى بل أنه بحاجة إلى المؤسسات الديمقراطية، والى عهد التنمية والازدهار، وليس إلى عصر التسلط الحزبي المقيت على رقاب شعبنا.
إصلاح العراق وازدهاره لن يتم إلا على يد أبنائه الخيرين من خلال تنظيم ممارسة العمل السياسي والاجتماعي المنظم في أجواء من حرية التعبير والفكر والتمتع بكافة حقوق المواطنة دون أي تمييز ولأي سبب كان.
أن الفئات والتنظيمات الخيرة والوطنية مدعوة إلى رفع أصواتها وتوحيد خطابها والتكاتف للوقوف في وجه المنتفعين من الليل الدامس الذي يلف العراق، لإبقائه في النفق المظلم الذي أدخلوه فيه.
عندما تنهي بعض الأحزاب سياسة تأزيم الأوضاع في العراق، وتتوقف عن استغلال ظروف العراق غير الطبيعية لتحقيق مكاسب غير وطنية على حساب مصلحة الوطن، سيتحول العراق إلى مركز استقرار وأمان ليس لابنائه ومواطنيه فحسب بل لدول الجوار أيضا.