في مقابلة للصحفي سامي كوهين مع السفير الأمريكي في تركيا أريك ادلمان (صحيفة ميلليت ۳۰ أيلول المنصرم)، تحدث السفير الأمريكي عن جملة من القضايا السياسية، منها قضيتي كركوك والأحداث الدموية التي تفجرت مؤخرا في تلعفر.
فعن كركوك قال ادلمان:
" تغير في عهد صدام في هذه المدينة التوازن السكاني. وقد تأثر وضع التركمان نتيجة ذلك. نحن نعارض بشدة تغيير الطابع السكاني عن طريق القوة. وقد كفل الدستور العراقي المؤقت وضعا خاصا لكركوك. ونحن نعمل للمحافظة على هذا الوضع. إنها مشكلة دقيقة وخطيرة. نحن أيضا نعمل على حل هذه الإشكالية ونشارك تركيا في مخاوفها من تطور هذه المشكلة إلى الصراع الأثني المسلح والحرب الأهلية كما حصلت في لبنان. نحن بالتأكيد لدينا لقاءات ومشاورات مع كل من الطالباني والبرزاني حول الموضوع ، وخاصة في عدم فرض الأمر الواقع على هذه المدينة. ونحن نحاول اقناعهما بذلك. وما نقوله لهما بهذا الصدد يشبه ما يقوله لهما المسؤولون في تركيا. . "
أغرب ما في مزاعم السفير الأمريكي، هو ادعاءه المضحك بأن الإدارة الأمريكية تحاول إقناع الطالباني والبرزاني في تهدئة الأوضاع بكركوك، وكأن الزعيمين الكرديين يتصرفان ويعملان كل الأعمال المنافية لحقوق الإنسان في مناطق عديدة في العراق بدون علم أو إيعاز أو تخطيط من المحتل الأمريكي الذي يحاول السيد السفير أن يصوره بأنه الحمل الوديع. وان قوات اليبشمركة لم تدخل كركوك برفقة القوات الأمريكية، وكأن القائد الأرعن ميلفيل الذي كان الحاكم بأمره في كركوك ليس هو المسؤول عن اتخاذ كل السبل لتغليب الأكراد على باقي القوميات المتآخية في كركوك سواء في تعيين محافظ كركوك أو في تشكيلة مجلس المحافظة واتخاذ القرارات، وهو ما أدى إلى تفاقم الأوضاع في المدينة ووصولها إلى ما وصلت إليه حاليا من خطورة بعد اشتداد الهجرة الكردية اليومية إليها.
وعن أحداث تلعفر قال السفير الأمريكي:
" لقد تفجرت الأحداث في هذه المدينة نتيجة أعمال قام به ٢٠٠ ـ ٣٠٠ شخص تماما كما جرى في النجف والفلوجة. بهدف السيطرة على المدينة وتطبيق إدارة سلفية فيها. وكان أفراد مكتب الاتصال التركي الموجود في المنطقة على علم بعد بالعملية فور بدء الطائرات بقصفها.
كما أبلغت وزير الخارجية باول ووزير الدفاع وولفويتز بقلق تركيا من هذه التطورات. وقد أبدت أمريكا اهتماما بالموقف التركي. ان العملية لم تستهدف التركمان لكن ذلك لم يمنع من وقوع بعض الضحايا من التركمان نتيجة القصف الجوي. إننا نبذل ما في وسعنا في عودة سكان تلعفر إلى مدنهم، وننسق مواقفنا في هذا المجال مع الهلال الأحمر التركي. أما بالنسبة لتغيير الطابع السكاني في تلعفر فلا يمكن ان يحدث مثل هذا الشيء. ونأمل ان لا يتكرر ما حدث "
في نفس الوقت أصدرت منظمة حقوق الإنسان (HRW ) تقريرا مؤلفا من ٧٨ جاء فيه ان الأكراد اليوم يمارسون سياسية مشابهة لما اتبعه صدام في تعريب مدينة كركوك، حيث يمارسون كل أنواع انتهاك حقوق الإنسان بإرغام العرب بمدينة كركوك على مغادرتها باستعمال أساليب القمع والترهيب.
وأكد التقرير ان كل من البرزاني والطالباني يقومان بدور رئيسي في سياسة انتهاك حقوق الإنسان في عراق ما بعد صدام ، مؤكدا ذلك بشهادات شهود عيان من العرب من سكنة كركوك من الذين انتهكت حقوقهم أو طردوا من بيوتهم على أيدي الميليشيات الكردية.
وأشار التقرير أيضا أنه بات من غير اليسير تحديد حق الملكية بكركوك نظرا لفقدان العديد من شهادات الملكية أو انتقال العقار بين أشخاص عديدين خلال هذه الفترة.
يتهم تقرير حقوق الإنسان، إدارة بوش بأنها أهملت بعد احتلالها للعراق حل إشكالية حقوق الملكية في كركوك وشجعت على الفوضى والتسيب.
والأهم من كل ذلك أن التقرير وصف الوضع القائم في كركوك بأنه بمثابة برميل للبارود معرض للانفجار في أي لحظة. ويعتبر مثل هذا الوصف للوضع المحتقن في كركوك، بأن ما يحدث في كركوك لا يدخل في باب الادعاءات والمزاعم، فناقوس الخطر بات يهدد الجميع، خاصة وأن التحذير يأتي في وثيقة رسمية دولية لحقوق الإنسان.
وقانا الله ووقى جميع مدننا ووطننا من المهالك والمصائب والمجازر والحروب الجديدة ، التي لا تفيد إلا تجار الحروب وأعداء العراق.