أنتهاكات أدارة التحالف اللا أنسانية ضد السجناء العراقيين بين الأعتراف والتكذيب البريطاني
تعتبر وسائل الأيذاء والتعذيب المتنوعة التي تمارس بحرّية مطلقة من قبل المسئولين القائمين على دوائر الأمن والشرطة والمؤسسات السرية الأخرى التابعة للحكومات الدكتاتورية في بلداننا العربية والدول النامية بشكل عام ضد المتهمين والسجناء والمعارضين السياسيين لنزع الأعتراف أو الأهانة – من ابرز وسائل الظلم. تلك الدول التي تنحدر فيها حقوق الأنسان الى أدنى درجاتها والتي يعامل الأنسان فيها كالبهائم ان لم يكن أدنى منها. ولقد تطورت هذه الوسائل وأصبحت علما قائما بذاته تتم فيه أبحاث ودراسات ويتخرج فيه متخصصون وجلاّدون وأصبح كذلك للعلوم الحديثة مجال في أستحداث فنون جديدة للتعذيب . ويعلم الجميع أن القيادات في بلداننا العربية تهتم بكل هو جديد في هذا الفن ويبعثون من جندهم الى الدول ألأوربية بالذات للتخصص فيه ليعودوا بخبراتهم الحديثة من أجل تطبيقها على مواطنينا من أبناء الشعب وفي سجوننا ومعتقلاتنا في البلد أمعانا في اضطهاد شعوبنا ومن أجل بسط هيبة الحكومات الغير الشرعية وقمع أصوات المعارضة الوطنية. كما ويجلبون الخبراء والأجهزة الحديثة لتدريب الجند والأتبّاع عليه كي يقوموا بمهمتهم على الوجه الأكمل!! وقد أتسعت دائرة الظلم والتعذيب وتعددت صوره ودرجاته في عصرنا الحديث كما تعددت نوعيات الظالمين والمظلومين واتجاهات كل منهما وخلفياته.
وقد ألتقيت شخصيا بأحد أفراد الحماية الخاصة بالرئيس العراقي المخلوع عندما كنت موقوفا بتهمة سياسية في مديرية الأمن العامة في بغداد سنة ١۹۸٤ (مازلت أذكر أسمه جيدا) حيث تحدّث لي تفاصيل كيفية أختيار أفراد من الشباب المتطوعين (مابين السن ١٥-١٨) لسرايا الحماية من قساة القلب لأرسالهم الى دورات في (المانيا الغربية حينها) للتدريب على أعمال التعذيب وفنون القتل من أجل بناء جيل من (رجال أشدّاء لايهابون الموت ولا القتل!!). وباختصار تحدث لي عن تفاصيل التدريب على التعذيب وكيف يبدأ المتدرب الشاب اليافع بقتل الديك أولا ثم أفتراس الكلاب ثم تعذيب الأنسان وهو حي ثم قتله، وكذلك عليه أن يجتازا امتحانا خاصا في ذلك لكي يتأهل أن يكون من الحراس!!! وهنالك سماسرة وتجـّار أوربيون وأمريكان أخصائيون في شراء وتجارة الرجال والنساء على شكل (عبيد) من البلدان الفقيرة وأفريقيا بالأخص وارسالهم الى الدول الأورببية لغرض تدريب المرتزقة عليهم في ممارسة فنون التعذيب والقتل والبطش.
ونقلا عن أحد زملائي الفلسطينيين وهو طبيب يعمل في بريطانيا أن أول عمل فكـّر و قام به الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عندما أعلن عن أقامة دويلة فلسطينية بعد مؤتمر مدريد في يناير ١٩٩۲ أمر (القائد) عرفات - كأول أنجاز لهذه (الدولة الحلم) فأمر ببناء سجن في قطاع غزة خاص للفلسطينيين فقط !!! ولدي شخصيا بعض المصادر الخاصة على شكل صور وسلايدات و (دي في دي) على مثل هذه الجرائم أحتفظ بها في الأرشيف لايستطيع الأنسان النظر فيها أكثر من لحظة واحدة لبشاعتها. هذه بعض الأمثلة عن بلداننا العربية فقط ولا داعي لذكر التفاصيل أو التعليق عليها حيث أن المعنى والتفسير واضحين لقرائنا الأعزاء. ولوأن صور التعذيب وألوانه وأهواله عرضت على الناس في فلم مرئي لأصيب أكثر المشاهدين بالذهول وبالأمراض العصبية لمجرد المشاهدة فقط فما بال الحقيقة والواقع الذي تعرض له هؤلاء النزلاء في سجن أبو غريب .
والأنكى من هذا وذاك أن قوات الأحتلال الأمريكية والبريطانية طبـّقوا بأنفسهم ماهو أقذر من هذه الوسائل الغير الأنسانية على مواطنينا ويعرضون علينا أحقادهم العنصرية البغيضة في سجوننا في أبو غريب وفي سجون البصرة والعمارة ويصدّرون لنا أرقى ما توصلت له فنون علم التعذيب الحديث من ألوان التعذيب والقهر الجسدي والنفسي وألأستخفاف العنصري بالعرب أو الأقوام الغير الأوربية. هذا علما أن سجوننا في جميع البلدان العربية مليئة منها بل وتزخر بأفحل الجلاّدين وبفنون التعذيب والأذلال التي قد يجهلها أفراد الأحتلال من القوات الأمريكية والغربية أنفسهم.
لقد نشرت صفحات "ديلى ميرور" البريطانية المزيد من الصور الفاضحة، وصور أخرى لم تنشر بعد لتدين القوات الغازية المحتلة وأنتهاكات مرتزقهم لبنود معاهدة جنيف الخاصة بالتعامل مع أسرى الحرب وبحقوق الأنسان . صور تتكلم بوضوح وبدون نطق لتؤكد مدى همجية الغرب بالتعامل مع الأنسان العراقي في بلده المحتل ومدى الأستعلاء العنصري الحاقد للعقلية الغربية ونظرتها الدونية لكل ماهو ليس بأوربي أو لكل ما هو باسلامي. تقدم ستة من الجنود البريطانيين لأدارة الجريدة أعلاه للأدلاء بأعترافاتهم طوعيا. وودت أن ألّـخص أعترافات أحدهم فقط وهوالجندي (السادس) من الفوج المضلي الملكي البريطاني عن تفاصيل عمليات الأعتداء على الموقوفين في سجون العراق قائلا:.
فحالما يلق القبض على من نشك به من العراقيين نتيجة المداهمات للبيوت أو القاء القبض أعتباطا في الطرق لمجرد الشك فيهم يؤتى بالموقوف ويعصب عيناه وتربط يداه الى الخلف ثم يصطفون بخط مستقيم ونباشر (أي نحن الحراس) جميعا بضربهم ضربا شديدا. ثم نفتح ربطة العين ونبدأ بالبصق عليهم الواحد بعد الآخر وبمعدل مرتان باليوم الواحد وبالأخص أثناء أستراحة الشاي!!! ولكون التعذيب يجرى في فترة الأستراحة فلا بد أن لا تفوتنا فرصة (التمتع بالتعذيب) بكل لحظة منها!! لذا فأننا نحوّل فترة تعذيب الموقوفين الى مسابقة في لعبة رمي السهام المريشة!! فأن أصابت بصاقنا جبهة الرأس فذلك ٥۰ نقطة لصالح الباصق منا و 75 نقطة على الفم و أن أتت على العين فذلك أعلى نقطة حيث تحسب بـ ١٠٠ نقطة!! وما على الموقوفين سوى تقبـّل تلك الأهانات كما يجب!! ويعترف الجندي البريطاني نفسه (مازال الكلام له) بأن أحد الموقوفين العراقين رد على بصاق أحدنا فبصق عليه في وجهه. فما كان من الجندي البريطاني الاّ أن أخرجه من الجمع الى مكان آخر حيث تم صعقه بالكهرباء وتم تصفيته لكي يكون عبرة للآخرين وعندما أستفسر ت عنه قيل لي: أصمت فهذا ليس شأنك أنت!! .
ثم يستمر الجندي البريطاني بأعترافاته الطوعية ويقول: كـنـّا نعامل الموقوفين أسوأء من معاملة الكلاب ولقد أضطررت كأحد من أربعة جنود آخرين يعارضون تعذيب السجناء الى مراجعة الطبيب النفسي البريطاني لتلقي العلاج اللازم بعد ما عانيت من ألام نفسية نتيجة رؤية مناظر التعذيب المقزّزة للنفس. وهذا الجندي واحد من مجموع ١٢٠ حارسا يديرون ٥٠٠ سجين عراقي في سجن البصرة فقط!!
ويستمر قائلا : كنا نضع ۱۰ من النزلاء في قفص صغير يتسـّع لثلاثة فقط واكثرهم كان يبات في الكوريدور داخل السجن على قطعة قماش قديمة أو شرشف متروك منذ سنوات!! وكان الأعتداء على المستوى اليومي وبدون توقف. وكنّـا نضاعف التعذيب بالرفس والصدمات الكهربائية لكل سجين يتحـدّانا ويرفض تنفيذ أوامرنا. وأبسط أنواع التعذيب التي كنـّا نمارسه هو ضرب السجناء بأخمص البندقية على الأعضاء الجنسية أو لكمهم على أعينهم وما أكثر ما شاهدت سجناءا أسودت عيناهم نتيجة الضرب عليها وجروح في كل مكان من جسمهم! ومرة أقتفيت مصدر صرخة كبيرة في السجن فرأيت أحد الحراس يدخل عصا طويلا (عصا المكنسة اليدوية) في مؤخرة أحد السجناء!! فأعترضت على فعلته أمام السجناء الآخرين . فما كان منه الاّ أن شكاني للمسئول الأعلى وقام الأخير بتوبيخي بشدة لتدخلي في شأن زميلي الذي كان يؤدي واجبا وحـذّرني من مغبة الأعتراض على زملاءي لكي لا يؤثر أعتراضي على معنويات زملائي في التعذيب!! ورأيت سجناء يبـّول عليهم بعد صعقهم بالكهرباء حيث يكونون مرميين على الأرض ويسهل عندئذ التبوّل عليهم . وعادة ما كان يرفع أحد الجنود رأس سجين ما ويبول عليه زميل آخر ثم نجهش بالضحك والأستهزاء بهم وهكذا. وكثرما رأيت سجناءا يؤمرون بالمشي على أربع وخصرهم مرفوع وعنقهم مربوط بحزام مثلما نستخدمه للكلاب. وكنت أضطر أن أجامل زملائي وأشاركهم أفعالهم الدنيئة وبعكسه كنت لأتهم بالجبن والتخنـّث!!
ويستمر الجندي السادس:
وفي أحدى ليالي أعياد الميلاد (ويقصد هنا أيام ۲٤-٣۱ نت شهر كانون الأول) تم أستدعاء جميع الحراس من قبل المسئول الأكبر فينا وقال لنا : أنه بسبب هؤلاء (أولاد الزنى) نحن بعيدون عن أهلنا ولسنا برفقة أحبتنا في بريطانيا. وكان يريد تهييجنا للقيام بتعذيبهم. ففي تلك الليلة قمنا بتعذيب ما لا يقل عن ۱۰۰ سجين وكنـّا في حالة هستيريا كاملة. وكنـّا نسمح للسجناء بفترات أستراحة للذهاب الى الحمام لا تتجاوز ۱٥ دقيقة فقط أعتمادا على مزاج الحارس في تلك اللحظة. وشاهدت سجينا لم يذهب الى الحمام لمدة ثلاثة أيام متتالية وآخرين ينجنـّون في أقفاصهم بسبب ذلك!! أن صدى صراخ هؤلاء السجناء مازال ينتابني في كل لحظة كأفلام الرعب حتّى بعد عودتي الى بريطانيا. و حينما كناّ نلعب كرة القدم في أوقات الاستراحة كان أحدنا يجلب السجناء ويصطفهم في خط واحد ثم نركل بالكرة بأقوى ما نستطيع بأتجاههم مستهدفين بالأخص أعضاءهم الجنسية لألحاق الضرر بها!! ونظرا لكونهم معصوبي العينين فكانوا يتفاجئون بالكرة التي كانت تضرب وجوههم أو رؤوسهم فيقعون على الأرض ونضحك عليهم طويلا. وبما أنـّنا كنا نعبث بهم عراة فكانت ضرباتنا القوية للكرات تترك آثارا حمراء على صدورهم أو ظهورهم. ولكونهم معصوبي العينين فطالما قام أحد الحراس بأعاقة أحدهم لأسقاطه على الأرض من أجل أن يتساقط الآخرين عليه بالتوالي.
ويستمر قائلا:
وقد صادف في أحد المرات أن زارنا أحد المسئولين الكبار من الجيش البريطاني في العراق للسجن. ونظرنا لتبليغنا بزيارة ذلك المسئوول قبل يومين من زيارته فقمنا بتنظيف السجن الذي كان نتنا الى درجة كبير نتيجة الروائح القذرة وخفـفـّنا عدد النزلاء الى اربعة فقط في كل زنزانة . لذا فلم يدرك المسئول العسكري الكبيرالذي أستغرقت زيارته ۲٠ دقيقة فقط عن أفعالنا الدنيئة بحق الأسرى العراقيين. وحالما غادرنا عدنا من جديد لأستهتارنا بالسجناء وكأن شيئا لم يكن. وكان السجن في نشاط مستمر حيث يدخل سجناء وينقل آخرون الى أماكن أخرى ولكن لا أعلم الى أين بالضبط!! حتى أن السائق نفسه لايجرأ أو لا يعلم أين يساق هؤلاء السجناء بعد اخراجهم من السجن!!
(أن ما ذكر أعلاه هو جزء من هذه الأنتهاكات لا جميعها وللحديث تكملة حتما).
ولكي نحيط القراء الكرام علما على حقيقة مايجري خلف كواليس السياسة والأعلام الغربية لا بد من القول أن السيد "بيرس مورغان" رئيس تحرير جريدة ديلى ميرر (ومعناها المرآة اليومية) البريطانية قد أستلم مبلغا قدره ۱۰۰،۰۰۰ باوند استرليني على نشر هذه الصور الحقيقية (الغير مزوّرة) والمقالات الخاصة بستة جنود بريطانيين أعترفوا طوعا على الأنتهاكات اللا أنسانية بحق السجناء العراقيين . ثم وبعد التحقيق أجبر السيد مورغان بالأعتراف رغما عنه بأن هذه الصور كانت مزيّفة وأنها نشرت على أعتبارها صور حقيقية وأجبر كذلك على ألأعتذار من القراء و الأستقالة حفاظا على السمعة الجيدة التي يحملها الفوج المضلي الملكي ومن أجل رد الأعتبار للجيش البريطاني عامة!! ثم نشرت تقارير أخرى على صفحات الجريدة نفسها تحمل عناوين (وهي تتضمن تناقضات كبيرة بين الحقيقة والكذب) تقول : لقد أعترفنا نحن البريطانيين بأخطائنا فمتى يعترف الأمريكان بأخطائهم؟!"
ولا أعلم شخصيا هل أن أعتذار السيد مورغان وأستقالته من رئاسة تحرير جريدة "ديلي ميرور" بعد كل تلك الفضائح التي حصلت فعلا هل هي مسألة الضحك على ذقون العرب أم الأمعان في الأستخفاف بالعراقيين بعد كل تلك الأدلة والبراهين والأعترافات التي لا غبار عليها!!!
أترك التحليل والأستنتاج للقراء.....