هذه رسالة أعجاب تقدير... وكذلك عتاب للكاتب السيد مهدي قاسم....
بداية أهنـئك على نشاطك المتميز في الكتابة المستمرة والنشر وعلى المستوى اليومي تقريبا في موقع الأنترنت –كتابات- متناولا مواضيع متنوعة وشيـّقة بين الشعر والنثر والأقصوصة وبين المقالات السياسية. وأنا شخصيا أقرأ لك الكثير من كتاباتك وأعجب بها أكثر الأحيان لكونها تمس - برغم بساطتها- وجداننا كعراقيين وتحرك فينا عواطفنا تجاه بلدنا. وهذا مصدر فرح لنا جميعا كونه دليل وعي وثقافة ومطالعاتك المستمرة والأهم من كل ذلك تواصلك الفكري والوجداني كمواطن عراقي - أينما كنت- مع هموم الشعب بشكل عام من دون كلل ولا ملل وبدون تمييز بين هذا وذاك في البلد وخارجه.
ولكنني تفاجئت لمقالتك المنشورة بتأريخ ٢٨ مايس المعنون "آه ياصبري قلمك الحاقد أمتص كل صبري وهدوئي!!" والتي تهّجمت فيها على الكاتب المصري الأستاذ صبري طرابية بأسلوب لا يليق بنا كعراقيين أن نرد محبـيـنا بالنقد الجارح ونصدّهم عن خدمة قضايانا الوطنية خصوصا أن الأستاذ طرابية يكتب طواعية ومن منطـلق محبته بالعراقيين بشكل عام وحرصه على المستقبل السياسي للبلد، وكتاباته تلك هي جزء من دراسته وأهتماماته الشخصية. وهو- ككاتب وباحث عربي - يعد من المثقفين المهتمين بالشأن العراقي وبالأخص فيما يتعلق بالوضع الغير الطبيعي في شمال العراق وأحتلال المليشيات الكردية المسلحة للمدن التركمانية و أنتهاكات الكورد لحقوق التركمان في كركوك والمناطق التركمانية الأخرى والعلاقات المشبوهة للسياسيين الأكراد مع الأدارة الأمريكية والصهيونية في آن واحد وتورط بعض المسلحين الأكراد في قتال العراقيين جنبا الى جنب مع قوّات التحالف في كل من الفلّوجة والنجف. فعلينا جميعا - كعراقيين- ان نوّجه له الشكر والأمتنان على كتاباته النيـّرة التي تتصف بالموضوعية والتحليل الدقيق لتفاصيل الأمور وسرد الحقائق والأخبار التي يحصل عليها من مصادرها الموثوقة بدون تحريف أو تزويق وتتسم كذلك بالقوة والوضوح والصراحة والواقعية. وقد رأينا في القنوات الفضائية صورا ثم حصلنا عليها تـؤكـد - بما لايقبل الشك- أصالة طروحاته وصدقها والعلاقات السرية للساسة الأكراد مع المسئولين الصهاينة قديما وحديثا. وأنا شخصيا لم ألتق بالآستاذ طرابية لحد الآن و لكنني أعبـّر عن أعجابي به كشخص مثقـّف وواعي لهموم أخوته في العراق وبكتاباته الغزيرة المفعمة بالدقة والسلاسة والموضوعية والتحليل الفكري الهادىء والعرض الأدبي الشيّق التي أغنت و تغـني عقولنا كل مرة بالكثير من المعلومات والأيضاحات والأستنتاجات الخاصة بالوضع الراهن في البلد. فلا شرط أن يكون الكاتب عراقيا لكي يكتب عن العراق بهذه الغزارة فلطالما كتب الكثير من المثقفين العرب ومن مختلف الجنسيات العربية عن العراق واغنوا الفكر العربي بالكثير من الثقافات والأفكار والتحليلات التي يشكرون عليها. وهذا لايعني بأي حال من الأحوال أنهم أحرص على العراق من العراقيين أنفسهم، فصحيح ان: "ماحـّك جلدك مثل ظفرك" لكن لا بأس بما يكتب الغير العراقيون عن العراق وبارك الله فيه وفيك وفي جميع الخيـّرين من المثقفين العرب والعراقيين الذين يودون الكتابة أو التحدث في الشأن العراقي طالما كانت النـّية سليمة. ونحن بأمس الحاجة لكل الأقـلام الخيـّرة التي تكتـب لصالح مستقبل العراق ووحدته واستقراره. و مع أحترامي لشعورك ياسيدي العزيز مهدي فأن السيد صبري طرابية لا يمكن وصفه ولا وصف قلمه بالحاقد بسبب ذكره أمورا عن البلد لم تنل أعجابك في يوم ما أو تعتقد - ولأنه مصري الجنسية عليه أن لا يتطرق للشأن العراقي لسبب أو آخر!! فهذا الشعور وردود الفعل السلبية يناقضان حرية التفكير وحرية التعبير عن الرأي ولا يشير الى مبدأ أحترام رأي الآخرين أبدا الذي هو جزء من الديمقراطية المزمع أقامتها وممارستها في البلد! وهل جزاء الأحسان الآّ الأحسان!
والملفت للأنتباه بأن مقالتك تلك أثلجت صدور بعض الكتـّاب المتطرفين الذين سبق لهم وان تلاطشوا مع الأستاذ طرابية حول الموضوع نفسه وكذلك حرّكت مقالتك تلك في داخلهم مشاعر الكراهية والحقد الدفين على هذا الرجل فأنهال علـيه بهذه المناسبة – و في اليوم التالي مباشرة... وبسذاجة- وعلى غيره من العراقيين- بالسب والشتم باستخدام جمل غير مفهومة الاّ من قبله هو ـ وعبارات غير متكاملة وبكلمات رخيصة جدا ومن دون أي موجب مستخدما - و كما ألفناه من قبل في القنوات الفضائية ومن خلال كتاباته- أوصاف الحيوانات والبهائم بدلا من الرد عليه بالمنطق ونفي ماهو مثبت على السياسة الكردية والسياسيين الأكراد من مواقف غير وطنية تجاه العراق. وأنا أذ اقول قولي هذا أؤكد بأن نقـدي وتعليقي لايشملان الشعب الكردي الشقيق الذي أصبح - وللأسف - ألة بيد القيادات العشائرية للحزبين الكرديين الرئيسيين ولسياساتهما في العراق. فالشعب الكردي برئء من هذه الأنـتـقادات وهم غير القيادات الكردية الذين أستلموا مفاتيح الأمور الكبيرة في العراق بفضل الأدارة الأمريكية.
نصيحتي لهؤلاء ان العمل السياسي والوطني والمطالبة بالحقوق والرد الموضوعي المبني على الحقائق لايكون بالسب والشتم والقذف والتهجم على الآخرين للنيل منهم.. بل بالأدلة والبراهين والشواهد المستقاة من عدة مصادر (لا من مصدر واحد فقط!!) والرد بحكمة لدحض طروحات (الخصم) التي يعتقد ون بخواءها وعقمها... عسى ولعله يقنعنا ويكسبنا لصالحه ولصالح قضيته القومية التي حيـّروا - لا العراقيين فقط - بل حيـّروا حتى العالم بها. وأن المخاطبة المنطقية وايصال قضيتهم لا تتم بمحاولات الغاء الطرف الآخر و قمع الأصوات الحرة ولا بالسلاح وأغتيال القيادات الوطنية بل ّ من خلال مخافة الله و تقديم الدليل العقلاني لأدعاءاتهم والأحتكام الى البراهين والحقائق والذكاء العميق في رؤية الأوضاع والتعامل معها بأنسانية وطرحها على حقيقتها بأساليب سليمة مهذ ّبة بعيدة عن التهجم واللعنات ودحض التهم المثبة عليهم بالأدلة و لا بالأكاذيب أوالسكوت عنها. وأن العدل الأ لهي مطلوب في كل شيء: فالعدالة الأجتماعية والسياسية والأقتصادية واجبة في كل زمان ومكان من أجل أحقاق الحق وأزهاق الباطل. فالشعب العراقي جميعا ضحايا الظلم والأجحاف السلطوي والأنانيات الفردية والعشائرية والقيادات الجاهلة التي حكمتنا لسنين عديدة لم تلعب العدالة فيها أي دور في حياتنا. فلو كانت في العراق عدالة الحكّام وأنصاف الحكومات التي حرمنا منها لسنوات وحرّمونا حقوقنا جميعا (كعرب وأكراد وتركمان وكلدواشوريين) لما وصلنا الى ما نحن فيه الآن من أحقاد دفينة ومكشوفة وهضم الحقوق والفوضى في كل شيء. وبدلا من اللجوء الى الله لجأ البعض الى أعداء الله وتحالفوا معه ليزيدوا من وضعنا ظلما و أذلالا وتعقـيدا ومهانة وقتلا وتشريدا.
وسرد الحقائق الدامغة عن الوضع الغير الطبيعي في شمال العراق عموما وعن المدن التركمانية خاصة من قبل المثقفين العراقيين والغير العراقيين لا يعني النيل من تضحيات الشعب الكردي ولا النيل من قادتهم الذين أنكشفت نواياهم الغير الوطنية والأنفصالية وتقسيم البلد. فقد نالوا هم من أنفسهم قبل أن يحاول غيرهم من النيل منهم وكثيرة هي الأنتقادات البنّاءة والأيجابية وجّهت لهؤلاء ولكن مواقفهم لم تتغير أبدا... فلا حياة لمن تنادي. ولا ضير في النقد المباشر و البنـّاء أذا كان هؤلاء يؤمنون فعلا بالديمقراطية والوطنية...
فرفقا أيها الأخوة بمن يقف معنا من العراقيين والغير العراقيين في خدمة قضايانا الوطنية.
وأخيرا أعود أليك واحييك يأخي الكريم مهدي قاسم مع تحياتي لك بالموفقية وبمزيد من كتاباتك الشيـّقة لخدمة بلدك العراق.