قد يعيش الفرد البسيط أو المواطن العادي حياته بغير وعي ولا فهم لما يدور حوله من أحداث، لأنـّه يتعاطاها على شكل جزئي بغير ترابط، ولأنه مشغول بأمور حياته اليومية ومشاغله. ولأن لا صبر له على تحليل الأحداث وتعمقها، فأنه يتناول الأمور جاهزة من وسائل أعلامه وبيئـته كما يتناول وجبة الطعام الجاهزة من السوق أو كما يتناول حبة الدواء التي أعدّها له أخصائيو الدواء. ولكن مفكـّري الأمم وكتـّابها فضلا عن سياسيـيّها و قادتها وأولي الأمر فيها لا يعيشون بهذا التبعثر وهذه السطحية والاّ هلكوا وأهلكوا شعوبهم ! أنما هم يفكرون ويحللّـون ويهندسون ويقيسون ويرجحون ويكوّنون في النهاية رؤيتهم الخاصة وموقفهم الخاص النابع في النهاية من أفكارهم الرئيسية ومعتقداتهم. وبتعبير أدق أن الذي يحركـّهم ويحدّد لهم رؤيتهم وموقفهم هو "مصالحهم فقط". ومقابل تلك المصالح الدولية يتحـّول أصدقاء وحلفاء الأمس الى أعداء اليوم والعكس بالعكس أستنادا الى فلسفة رئيس وزراء بريطانيا السابق ونستون تشرشل.
ونظرة سريعة الى أحوال عالمنا المعاصر يتبين لنا ثلاثة خطوط رئيسية واضحة: أولا: تمكن أوربا وأمريكا في الأرض بعد اندحار الشيوعية والأتحاد السوفيتي معا، ثانيا: السيطرة العالمية لليهود وتوجهها لتحقيق أهدافها وتنفيذ مخططاتها في العالم، ثالثا: الضعف المزري الذي يعيشه العالم الأسلامي (والشعب العربي بالذات) و هوان المسلمين على أنفسهم وتفكـّكهم وتشتـّتهم وقـلـّة حيلتهم، يقابلها نجاح أعدائهم في السيطرة على بلدانهم سواءا كانت سيطرة عسكرية أو سياسية أو أقتصادية أو فكرية أو مزيجا من الكل –كما هو حالنا في العراق في الوقت الحاضر.
ولليهود مخططات أصبحت اليوم معروفة و مكشوفة بعد أن كانوا يعتبرونها أسرارا لا يجوز البوح بها بأحد. بل أصبحوا اليوم هم الذين يسعون الى كشفها والتباهي بقدرتهم على تنفيذها وتحقيقها رغم أنف العالم كلـّه. وعند التحدث عن مخططاتهم لا أقصد بطبيعة الحال تفاصيل ما يدبـّرونه –كل يوم - من مؤامرات وتحالفات سرية مع أحزاب وقوى تستخدم في تنفيذها لهم وعمليات لتنفيذ أهدافهم لأن من البديهي جدا أن يحتفظون بسريتها لأنفسهم خشية أنكشافها قبل التنفيذ وخشية تعطيلها من قبلنا أنما القصد هنا الأهداف العامة التي يخطـّطون للوصول اليها والسياسة العامة التي يتبعونها للوصول الى تلك الأهداف.
و من الواضح ان تأسيس دولة أسرائيل كان قمة التآمر العالمي على ديارالعرب والمسلمين والذي أبتدأ من وعد بلفور المشؤوم عام (١٩١٧م) مرورا بقرار تقسيم فلسطين عام ١٩٤٧م والأعتراف بدولة أسرائيل عام ١٩٤٨م والدعم الغربي الأمريكي لهذه الدولة لكي تحقـّق أنتصاراتها على العرب كما في حرب ٥ حزيران ١٩٦٧م وما تزال ... كل ذلك من أجل تحقيق أحلام أسرائيل بأنشاء دولة أسرائيل الكبرى من الفرات الى النيل. ولقد سـبق وعد بلفور المؤتمر الصهيوني الأول الذي أنعقد سنة (١٨٩٧م المصادف سنة ١۳۱٥ه) في مدينة بال السويسرية. وكان أحد مقرراته – هو قول مأثورا لهرتزل( منـّظر الصهيونية العالمية) هذا القول دخل حيـّز التطبيق والتجربة على مستوى العالمين العربي والأسلامي ومنذ عقود طويلة ألا وهو " أن الضجة هي كل شيء والحق أن الضجيج يـؤدي الى الأعمال الكبيرة" . وقد يبدو هذا القول ساذجا جدا وبدون تأثير مباشر على القارىء ولكن مجـرّد النظر الى التطبيقات العملية له يدرك مدى قوته ودوره في أحداث تغييّـرات كبيرة وتمرير مؤامرات عديدة في عالمنا العربي والأسلامي على حد سواء. والحقيقة أن أغلب المساوىء التي توالت على العالم العربي أن لم يكن جميعها انّما كانت بسبب أسرائيل أو الأيادي الصهيونية المبثوثة في العالم (أنظر"الصهيونية شر على العالم العربي".). وقد ظهرت في السنوات الأخيرة كتب كثيرة ووثائق متعددة تكشف الصلة الكبيرة بين الصهيـونية وبين مخطـّطات تدمير العالم ("الدنيا بعد أسرائيل" تأليف كومندرو وليم كار") الذي يقـول "أن الصهيونية وراء كل ثورة قامت و وراء كل حرب أندلعت و وراء كل فساد و وراء كل المذاهب الهـدّامة من الشيوعية، النازية، الفاشية، الماسونية، وحتى الحركات القومية والهدف منها القضاء على الأديان والسيطرة على العالم".
والمسوغات الأجتماعية والسياسية التي أستخدمها اليهود الصهيونيون للأستيلاء على فلسطين تتلخص في ثلاثة نقاط وهي، أولا: حق القومية الصهيونية في التوطن في صعيد واحد يجمع شمل اليهود, ثانيا: حقهم التأريخي في العودة الى فلسطين وطن أسلافهم الذين شرّدوا منه!!, وثالثا: الحق الأنساني في تجـّنب اليهود ما يلاقونه من أضطهاد عنصري من الحكومات والحكـّام أينما أستقر بهم المقام في فجاج الأرض! وقد استفاد بعض الأحزاب الغير الأسلامية وأخصّ منها الأحزاب العلمانية والحركات القومية والأنفصالية في الوطن العربي خصوصا من التجربة الصهيونية بالذات احسن الفائدة ونجحت في تطبيقها و في الحصول على الكثير من الأمتيازات وحقـقت نجاحات على المستويين القطري والعالمي. فعلى المستوى العراقي أثبتت الأشهر الماضية ومنذ سقوط بغداد في نيسان ۲۰۰٣ ظهور حقائق وثوابت كثيرة لاجدال فيها كانت خافية على الكثيرين من العراقيين وعلى العالم. منها العلاقات السرية والتعاون الأستخباراتي المشترك بين الحزبين الكرديين الرئيسيين والكيان الصهيوني التي كشف غطائها وأكـّدها د. نوري المرادي برنامج "الأتجاه المعاكس" بالذات. في الوقت الذي لم يبادر مسئولي الحزبين الكرديين دحض تلك الأتهامات الموجهة لهم و فشلوا في تبريرها لكونها كانت مثبـتّـة بوثائق وصور وأدلة تؤكد تلكم العلاقات بينهما ولذا فقد آثروا السكوت عنها وهم بأنتظار المكرمة الأمريكية في الأنفصال عن العراق.
ومن الجدير بالأشارة الى أن هذه المسوّغات الصهيونية الثلاثة هي نفسها التي أطلقها وتحجـّج بها الساسة الأكراد في العراق لتبرير تقسيم العراق وأستقطاع الجزء الشمالي منه لأقامة دولة كردستان لهم تمهيدا للتوسع لأستقطاع أجزاء من سوريا (وقد بدأت بوادرها منذ أسبوع فقط!!) ثم الجزء الجنوبي والشرقي من تركيا وجزء الشمال الغربي من جمهورية أيران الأسلامية. وقد أستخدمت الحركة الكردية وسائل ألأعلام المختلفة من أذاعات وتلفزيون في الداخل وفي الدول ألأوربية ووكالات الأنباء وعشرات الصحف في كسب الرأي العام الغربي على قضيتهم التي تركـّزت على تشبيـهها بقضية يهود العالم المضطهدون قبل اقامة دولة أسرائيل على أرض فلسطين . و قد لاقت القضية الكردية أذنا صاغية و رواجا جيـّدا لدى الأوساط الغربية وألأمريكية بسبب تشابه منطلقاتها و تلائمها مع المصالح الصهيونية في تقسيم دولة عربية أسلامية - وهي نفس الأهداف التي تتبناها و تسعى لها الصهيونية العالمية. ومن هنا أنطلق التعاون والتنسيق بين الطرفين حيث لهما مبرراتهما الأستراتيجية والمصالح المشتركة التي فرضت الأمر الواقع.
فالضجيج الدولي المفتعل حول ترسانة العراق من أسلحة التدمير الشامل و قدرة العراق في صنع قنبلة نووية وخلال شهرين فقط!!! وأتهـّام العراق بدعم الأرهاب وألخ.. من الأباطيل والضجيج والتهديدات المستمرة التي لجأت لها أبواق الأعلام العالمية وأعتمدتها في كسب التأييد الدولي لغزو العراق لم تكن سوى أكاذيب لتبرير ضرب وتدمير البلد ونشر الفوضى والفساد فيه تمهيدا لتقسيمه ونهب خيراته. والأمبريالية الغربية والأستخبارات الأمريكية أعرف من غيرهم في عدم قدرة العراق على صنع القنبلة النووية ولو بعد خمسين سنة!! . وهم أعلم من العراقيين أنفسهم بخلو العراق من الأسلحة الكيمياوية بالمستوى الذي تم التهريج له (ألاّ بقدر وجودها لأغراض التدريبات العسكرية، و بعد قيام النظام بالتخلص منها بطريقة أو بأخرى من أجل فكّ الحصار عنه!!). وكتأكيد على خلو العراق من أسلحة التدمير الشامل فشلت جميع الوفود الخاصة بالتفتيش والمرسلة من قبل الأمم المتحدة في أكتشاف تلك الأسلحة في العراق من جهة، وما نراها حاليا من الهيجان الأعلامي االدولي والأتهامات الشعبية على كل من الحكومة البريطانية والأدارة الأمريكية الخاصة ببطلان أسباب الهجوم على العراق من جهة أخرى. وكذلك المحاولات المستمية والفاشلة للحكومات تلك على اقناع شعوبها بجدوى تلك الحرب التي لم تشن أساسا لا لتدمير أسلحة العراق ولا لمحاربة الأرهاب كما أدعـّت أبواق الأعلام بل لتمزيق العراق وتقسيمه والسيطرة على خيراته تطبيقا لأهداف أسرائيل ومن أجلها.
ولمّا كانت نزعة القوى الكردية في كل من الدول الأربع في منطقة الشرق الأوسط (العراق، تركيا ، أيران وسوريا) هي ألانفصال والتجزئة وأقامة دولة لهم لذا فمن البديهي جدا لتلك المصالح أن تلتقي مع مصالح الكيان الصهيوني وأهداف الأمبريالية العالمية في العمل على تجزئة الوطن العربي والدول الأسلامية المجاورة لها. وبتعبير أدق أن الأهتمام الغربي والأمريكي لتقسيم العراق نابع من كون القضية الكردية أصبحت مادة طرية دسمة لهم وأفضل مبرّر - في الوقت- الحاضر لأستخدامها في تحقيق تجزئة العراق وتدميره بالقضاء على جيشه وتفتيت قدراته الذاتية ونهب ثرواته والسيطرة على مقدراته والحصول على قواعد عسكرية في المنطقة وأقامة تحالفات دولية و مواقع أستراتيجية للمستقبل. ومسألة تقسيم العراق وأقامة دولة كردية في شماله تعد خطوة أولى نحو تحقيق الأهداف أعلاه ومكافأة للدورالمشين للكرد بتحالفهم مع الصهاينة وتواطئهم مع المحتلين في غزو العراق. وباللهجة العامية فأن الأمبريالية تمكـّنت من (ضرب عدة عصافير بحجارة واحدة بدلا من عصفورين فقط-). لذا فأن الفوائد الأستراتيجية كانت مشتركة بين كل من الأحزاب الكردية الأنفصالية ومصالح اسرائيل والأمبريالية الغربية في حربها الأخيرة ضد العراق.
أن نجاح التجربةالسياسة الكردية في السيطرة على مقدرّات البلد وتقسيم العراق بعد تحالف أحزابهم وقادتهم مع الأدارة الأمريكية والصهيونية سرا وعلنا له أفرزت مؤشرات خطيرة وناقوس أنذار لايمكن أهمالها والتغاضي عنها من قبل حكومات الدول المجاورة للعراق والدول العربية عامة ومنظـّري سياستها والقائمين على أمورها وذلك بسبب وجود أقليات أثنية وعرقية مختلفة في هذه الدول وتطلّعات جميعها تقريبا في الحصول على نوع من الأستقلالية أو الحكم الذاتي وأثبات الوجود ضمن مجتمعات تلك الدول مما قد تستغل من قبل الدوائر الغربية ومن ورائها الصهاينة في أشعال نار الفتنة والأنشقاق والحروب الأهلية التي تمهـّد الى تدخـّل الولايات المتحدة الأمريكية اليها (نيابة عن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة!!) بحجة حفظ الأمن غير أنهاو لفضّ تلك الخلافات - ستسعى كأبسط الحلول - بتقسيم البلدان تلك!!
فوجود الأكراد في كل من تركيا وأيران وسوريا دليل حي على ذلك وقد بدأت بوادرها في سوريا الأسبوع الماضي بعد أنتهاء مبارات في كرة القدم بين فريقين في القامشلي حيث تحوّلت المناوشات بين مشجّعي الفريقين الى مصادمات سياسية رفع خلالها بعض المتظاهرين( أعلاما) كردية ولوّحوا بها لقوّات الشرطة السورية وأحرقوا الأعلام السورية تلميحا و تمهيدا للمطالب الأنفصالية لأكراد سوريا مستلهمين الجرأة من نشوة حصول أكراد العراق على بعض الأمتيازات القومية بفضل الأدارة الأمريكية في العراق!! ولا يخفي أن أكراد سوريا، الذين لايتجاوز تعداد نفوسهم النصف مليون، يلـّمحـّون بين فترة وأخرى وعلى لسان بعض ممثليهم (السيد جواد الملاّ الذي رفع العلم الكردي أمام عدسات التلفزيون قبل أكراد العراق) على المطالب القومية لهم ومنذ عدة سنوات. وقد سبق هذه التظاهرة - التي سقط فيها بعض الضحايا بفعل رد فعل قوات الحكومة السورية عليها- ضجيج أعلامي وتهديد أمريكي لسوريا بتهمة الأرهاب وأيواء بعض من أعضاء حزب البعث العراقي الهاربين وأخفاء أسلحة التد مير الشامل العراقية وغيرها بغية التوّعد لها وتهديدها من مغبـّة التعامل بقسوة مع المتغيرات في الساحة السورية بعد سقوط شقيقها النظام العراقي العام المنصرم، وبعكسه فأن المطرقة الأمريكية ستنهمر على رؤوس الحكومة السورية!!. وكنتيجة لذلك كان ردود الفعل السورية تجاه المتظاهرين (حرق العلم يعني أهانة هيبة الدولة والحكومة السورية معا) أهون مما توقعها جميع المراقبين مقارنة في ردود فعلها العنيف ضد ٨۰۰ من الأسلاميين في نهاية السبعينات الذين تم تصفيتهم في حلب من قبل الرئيس السابق حافظ الأسد عندما أحتجوا في سجن حلب مطالبين ببعض المطاليب المتواضعة الخاصة برؤية أهاليهم وتحسين ظروفهم في السجن! فحادثة القامشلي التي قد تبدو بسيطة نسبيا ألا ّ أن لها دلالات كبيرة وخطيرة لما يضمرها المستقبل للنظام السوري من مشاريع صهيونية خطيرة لتقسيم سوريا أسوة بالعراق.
وهنالك أمثلة أخرى غير بعيدة لنا مثل مشروع تقسيم جنوب السودان الجاري حاليا بين المسيحين والمسلمين والذي سبقه هو الآخر هجوم أعلامي أمريكي على حكومة الرئيس عمر البشير أضافة الى أقباط مصر وبربر دول شمال المغرب العربي … فسوريا تلي العراق في هذه التجربة ثم تركيا وأيران (والحبل على الجـرّار). والحالة السورية تنطبق على تركيا التي لم تحّـرك ساكنا بعد وهي ترى بأم عينيها الأنتهاكات اللأنسانية المستمرة ضد التركمان ومحاولات تصفية قادتهم وأفناءهم على المستوى اليومي من قبل المليشيات الكردية المسلحة (البيشمركة) وكأنهم أنما ينفـّذون ما يؤمرون من قبل الأدارة الأمريكية. وألأدارة الأمريكية ساكتة على تلك الأفعال الأجرامية دون حراك مما يؤكد النوايا الشريرة والعدائية التي يضمرونها ضد الخيرين من الشعب العراقي عامة وللتركمان بالذات لكونهم يرفضون تقسيم العراق.
فحرب الكويت ۱٩٩٠ - ۱٩٩۱ كانت مقدمة لتقسيم العراق و بداية للشروع في تنفيذ المصالح الأستراتيجية الأمريكية في المنطقة كأقامة قواعد عسكرية (برية وبحرية و جوية) للتحرك السريع لقمع أية حركة أسلامية أو وطنية قد تندلع هنا وهناك، والسيطرة على ثروات بلداننا النفطية ونهبها من خلال الدخول بمعاهدات مختلفة للتعاون بين بلدان الشرق الأوسط أضافة الى محاولة جعل بلداننا أسواقا لبيع منتجاتها المختلفة متنافسة بذلك الدول الأوربية ودول الشرق الأدنى وأهداف صهيونية في التوسع على حساب الأراضي العربية.
ولقد أستخدمت الولايات المتحدة الأمريكية أسلحتها الحديثة و من صنعها (وكانت مكـّدسة في مخازنها الحربية بأنتظار أيـّة حرب قادمة!) في حربيها الأخيرتين على العراق تقـدّر بمليارات الدولارات مجرّبة أياها على شعبنا العراقي وعلى بلدنا (جاعلة من العراقيين فئران بشرية) ومن ثم دراسة نتائجها كبحوث علمية عسكرية هادفة من وراء ذلك تطوير قدرتها العسكرية. و تحقيق هذه الأهداف جميعا –بلا شك- يتطلـّب منها خلق الأجواء المناسبة والأسباب والمبررات كأثارة الفتن الطائفية والنعرات القومية والمذهبية وخلق الأضطرابات والفوضى والفساد ونشرها في المنطقة مسخـّرة بذلك الأحزاب العنصرية و الحركات الأنفصالية التي تتلائم طموحاتها وتتوافق مع مبررات الغزو ثم العمل على لعب دور الشرطي الأوحـد كخطواة أولية للتدخل والأحتلال ومن ثم فرض التقسيم.
لذا فقد أصبح لزاما على جميع القوى الخيرة في العالم العمل على أفشال تجربة تقسيم العراق بأي ثمن كان وبعكس ذلك فأن الدول المجاورة للعراق ستدفع الثمن غاليا حيث هي الأخرى أصبحت مرشحة لتفجّـر أحداث عنف وحروب أهلية فيها من قبل أقلياتها العرقية والقومية تمهيدا لتقسيمها وتجزئتها الى دويلات صغيرة أسوة بالعراق. فالمطلوب الآن من هذه الدول و الدول العربية قاطبة التعبير عن استنكارهم وشجبهم لجميع المشاريع الخاصة لتقسيم العراق والكفاح من أجل الحفاظ على وحدة أراضيه وشعبه لكي لا يكونوا الضحايا القادمين فيما بعد العراق. والشجب قد يكون من خلال التظاهرات الشعبية السلمية وأرسال رسائل ألكترونية للسفارات الأمريكية في جميع البلدان والأتصال بممثلي الدول الأوربية. كما وأدعو كافة المثقفين في الوطن العربي والأسلامي بتحريك أقلامهم للكتابة والنشر والتنديد بالتقسيم والعمل على أجهاض كافة المخططات الأمريكية الصهيونية الهادفة الى أذلالنا و السيطرة على مقدراتنا. وبالعكس فالسكوت وعدم أتخاذ مواقف وطنية حازمة ضد فكرة تقسيم العراق يعني الجبن والتخاذل وتأييد للأحتلال الأمريكي والمشاريع الصهيونية.