زيارات البرزاني الأخيرة للدول المجاورة والأ طماع الكردية. . . ألى أين؟
مازالت تصريحات وأدعاءات السيد "مسعود البرزاني" رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني حول هوية وعائدية مدينة كركوك التركمانية للأقليم الكردي في تكرار وتصاعد مملـّين وتحذيراته مستمرة لـلدول المجاورة للعراق في زياراته لها في الأسبوعين الماضين وأينما حلّ رحاله. وكانت أخرمحطة حـلّ بها بعد زيارته لتركيا هي سوريا بعد المملكة الأردنية الهاشمية. ورافق هذه التصريحات تلميحات كاذبة بأن ما سيحصل في العراق لاعلاقة لها بأكراد هذه الدول!
ورغم جهلنا عن طبيعة هذه الزيارات التي يقوم بها السيد مسعود البرزاني وهل كونها زيارات رسمية أم زيارات شخصية أم حزبية! لكن من الواضح أنه أراد تطمين مسئولي هذه البلدان حول التطورات القادمة في العراق والخاصة بالقضية الكردية وعن عدم تأثيرها على الوضع الأمني للدول المجاورة! وفي الوقت نفسه تظـّمنت تلك التصريحات تهديد مبـّطن بعدم جدوى تدخل هذه الدول بأي شكل كان في شؤون العراق الداخلية. وقد سبقت هذه التلميحات (البرزانية) تلميحات (ياورية) أخرى الشهر الماضي عند زيارة السيد غازي الياور لتركيا!!. . والملفت للنظر أن البرزاني أستقبل في كل هذه الدول أستقبال القادة والمسئولين الرسميين الذين يمـثـّلون دولهم حيث حظي بمقابلة رؤساء الوزراء والرئيس السوري بشّـار الأسد!.
أن أي تطور في العراق - ومن دون أدنى شك - سوف يؤثر سلبا على الوضع الأمني في البلدان المجاورة وذلك لوجود أكراد في تلك الدول ولهم مصالح قومية معروفة ومبـيّـته، وهم يتطلعون بأحر من الجمر وتوّاقون للهيجان الشعبي في أية لحظة مما يؤجج الوضع الأمني وأستقرارهذه البلدان في حالة حصول تطور ما للقضية الكردية في العراق.
وهنالك جملة من الأمور المهمة التي وددت الأشارة أليها فيما يخص الوضع الحالي للعراق بشكل عام ولمدينة كركوك بشكل خاص:
١). لا يمكن انكار الموقع العالي الذي حظي به السيد مسعود البرزاني في الحكومة العراقية المؤقته (بفضل الأدارة الأمريكية) ولكن فات مسئولي البلدان التي زارها حقيقتين يجب عدم تجاوزهما وهي أولا: بأن القيادة الحالية للحكومة العراقية (مع أحترامي لهم) هي حكومة مؤقته و غير منتخبة شعبيا ولا تمثل أرادة الشعب العراقي بل معينة من قبل الأدارة الأمريكية، والسيد مسعود البرزاني هو أحدهم. وثانيا: أن السيد مسعود البرزاني أنما يستغل موقعه الرفيع تلك فيها لتحقيق مكاسب سياسية لحزبه و لأكراد العراق وهو خلاف للمنطق الرسمي و الدولي وخيانة للمسئولية الوطنية التي أنيطت له. و الظاهر أن هذه الدول بأستقبالها للسيد برزاني بهذا المستوى الرفيع أنما فعلت ذلك أسترضاءا للأدارة الأمريكية وتزلفا لها (والخشية من أن تعم سخطها عليها ولو بعد حين) رغما عن عدم قناعتها بما تفعل.
٢). في المقابلة التي أجراها في دمشق أدّعى البرزاني - بأسلوب متأكد جدا من نفسه و فارضا أدعاءاته تلك (كحقيقة لا مناص منها) - على الحضور من الصحفيين بأن مسألة الفيدرالية في العراق "أمر منتهين منه وقد تم الأتفاق عليه في جميع مؤتمرات المعارضة العراقية قبل سقوط النظام"!. أن هذا الكلام ليس بالمنطق أبدا ولا يمكن قبوله من قيادي كردي بهذا المستوى.
فللسيد البرزاني أؤكد بأنه (متوّهـم جدا)!! فمسألة الفدرالية في العراق لم تحسم بعد ولن تتم بالأدعاءات ولا بالأتفاقات مع أحزاب المعارضة في المنافي. فالمنافي ليست جهات رسمية تحمل صلاحيات التقسيم وأقامة الفيدراليات ولا هي مجلس الأمن للنظر في مطاليبكم التعجيزية التي سـئمنا منها. بل أنها من حق الشعب العراقي فقط لتقريرها و التي رفضت من قبل و سيرفضها جملة وتفصيلا مستقبلا. وليس من حقك أدعاء ما ليس من ضمن صلاحياتك، فالقضايا الوطنية لا تحسم من قبل أشخاص قفزوا لقمة السلطة بفضل أعداء البلد و لا تقر من قبل فرد واحد صاحب الشأن والمصلحة الوحيده في الموضوع. فأن أردتم أحترام الناس لكم فتكلموا بالمنطق والحكمة والبيان وبعكسه لا تجعلوا من أنفسكم مثار الجدل والأشمئزاز وهدر أوقات الناس. والمطلوب منك التوقف عن التهديدات والوعيد بضم كركوك للأقليم الشمالي بالسلاح أينما ذهبتم. ولا تؤججوا فتيل الحرب الداخلية في بلد مزّقته الحروب المستمرة، ولا تكونوا كالذي وصفهم الشاعر الجاهلي وهو يمدح قومه:
قوم أذا نبـت الربـيـع لهم نبـتـت عـداوتهم مع البقــل
فأن كنت من دعاة الحضارة فعلا فالرجاء منكم أن تنطقوا بكلمة الحق فقط. فالحضارة تتميز بوجود الدولة فيها هي التي تنظر في المسائل الوطنية وتقرها برضا الشعب ولا مكان فيها للعصبيات القبلية والتفكير الضـّيق الأحادي. فهذا السلوك لا تنم سوى عن العصبية القبلية و العنصرية ونزعة التغالب التي تجعل الشخص ينظر في كل الأمور حسبما توحي اليه (كأن يكون قادرا لا مقدورا عليه، مسئولا لا سائلا، ومرجوا لا راجيا). فالشخصية القبلية التي تجـّلت في محادثاتكم في الدول المجاورة بدت وكأنكم تريدون الغلبة بقوة السلاح وقوة القبيلة وقد فات هذا الزمن ألاّ اللهم أنكم تريدون أعادته الى الوراء. . وليست الحرّية أن يكون الأنسان حرا في أقواله وأعماله كيفا يشاء ويكون معتديا فيها على حريات وحقوق الآخرين في العراق قولا وعملا مستغلا بذلك موقعه الوظيفي والدعم الخارجي ومنتهزا جميع الفرص التي تتاح له!.
أن نظرة واحدة الى أسم (الحزب الديمقراكي الكردستاني) وتأمل قليل له يكفيان للتأكيد بأنه حزب كردي فقط (وليس بحزب عراقي). أي هو ليس بحزب وطني بل هو "حزب أقليمي وقومي" يمثل شريحة واحدة فقط من الشعب العراقي!. وهو بأدعاءاته تلك انمّا يعبـّرعن طموح قيادة حزبه ليس الاّ والذي يمثل نصف الشعب الكردي فقط و يلغي أرادة الشعب العراقي بالكامل دون وعي وأدراك!! لذا فأني لأ تعجب فعلا كيف يدعـّي البرزاني الديمقراطية ويترأس حزبه الذي يحمل أسم (الديمقراطي) وهو يتكلم بهذا النهج الفردي والدكتاتوري نيابة عن ٢٥ مليون عراقي!!
۳). أصـّر مرة أخرى حول هوية مدينة كركوك مدّعيا "بأنها كردية وأنها جزء من كردستان!!". فللسيد البرزاني نقول والحق يقال: لقد لعبت القيادة الكردية دورا فاعلا في جميع المؤتمرات التي نضمـّتها المعارضة العراقية في المنافي مؤكدة وفي كل مرة – طموحاتها في الأستحواذ على مدينة كركوك ونفطها – ولكن جوبهت تطلعات القيادة الكردية تلك بالرفض وبمعارضة شديدة من الكثير من أحزاب المعارضة والشخصيات الوطنية في كل مرة. وبينما كانت أهداف المعارضين للنظام تتركز على كيفية أسقاط "صدام حسين" أولا ثم الحديث عن مستقبل العراق كان لعاب البرزاني لايتوقف عن السيلان على كركوك وبترولها ويدّعي دائما بعائديتها لهم وكذلك بالفيدرالية. وكان في كل مرة - هو والسيد الطالباني – يستلمان ردود فعل سلبية من المعارضين أو أجوبة مساومات أو مجاملات ليس الاّ.
٤). التطورات الأخيرة في البلد تشير الى أن دور السيد جلال طالباني (رئيس الأتحاد الوطني الكردستاني) قد همـّش فعلا من قبل الأدارة الأمريكية والتركيز يحوم حول مسعود البرزاني فقط!! ولا يعلم أحد لحد الآن سر هذا التهميش وهل هو قرب بداية عودة التناحر بين الحزبين على أعتبار وجود طموحات شخصية في قيادتي كلا الحزبين في السلطة وبسط النفوذ على المنطقة الشمالية بناءا على حقيقة وجود التنافس الشديد بينهما عبر تأريخهما الطويل، أم أن هنالك سرا ما زلنا نجهله.
لقد كان فعلا لكل من روسيا (الأتحاد السوفيتي سابقا) واليهود الأكراد دور كبير في تأجيج أحداث حرب الشمال والمطالبة في أنشاء دويلة لهم لما في ذلك من منافع جمـّة للطرفين، لكن كان ذلك في الماضي وكدنا ننساه الى الأبد. و لكن تحالف السيد مسعود البرزاني المفضوح مع الأدارة الأمريكية ومع أسرائيل حاليا وبسبب تطلعاته التوسعية في أنشاء (دولة كردستان) في شمال العراق (على حساب أستقطاع وتقسيم الوطن) ينال نصيبا وافرا من الدعم والأسناد العالمي - و بما لا يصدقه العقل البشري - مما يوحيان له بأنه قادر على تحقيق المستحيل. و لكن فاته بأن هذا الدعم الخارجي الحالي يجب أن لا يستغل في تحقيق مكاسب شخصية له و لحزبه على حساب أرادة الشعب العراقي وعلى حساب الوطن. . . وكذلك لايمكن أعتبار الوعود والمساومات والمجاملات في المنافي سابقا قرارات وطنية ودولية. . . و"امرا منتهين منه"!.