فشل الظاهرة البوشية في مواجهة المقاومة الوطنية العراقية
هنالك صفة واحدة - على الأقل - مشتركة بين جورج بوش الأب وجورج دبليو بوش الأبن ألا وهي ظاهرة الحقد على الأسلام بشكل عام والحقد على العرب بشكل خاص... هذه الظاهرة جديرة بأن تسمّى بظاهرة البوشية نسبة الى أسمهما. وهذا الحقد الأعمى يتجلّى في شنهماّ العدوان والحروب على كل ماينسّب للأسلام بشيء وأتهامهما للأسلام بالأرهاب ونشر الرعب في العالم . ولكون الولايات المتحدة الدولة العظمى الوحيدة الآن في كوكبنا عقب أندحار الأتحاد السوفيتي قبل ثلاثة عشر عام فأنها تفعل ما تشاء دون رادع ولا تردد ولا أدنى تعليقمن الأمم المتحدة وتقوم بتوريط بعض الدول الأخرى في تلك السياسة العدوانية وبتسميتها بالدول الحليفة - من أجل أضفاء الشرعية الدولية على حقدها ومن ثم على عدوانها على دولنا.
فبعد حصدها الخسائر البشرية الكبيرة في كل من العراق وأفغانستان وغيرهما بدأ الأعلام الغربي في الفترة الأخيرة يعي سذاجة السياسة الأمريكية وحماقة أتبّاع الغرب لها بشكل أعمى و يركـّز على مدى خطورة الرئيس الأمريكي جورج بوش الأبن (حاله حال أبيه الذي فشل في الأنتخابات للفترة الرئاسية الثانية) لا على مستقبل الشعب الأمريكي فقط بل على مستقبل العالم بأسره وعلى البشرية جمعاء بسبب أهوائه الشخصية العنصرية وحقده الواضح على الأسلام والمسلمين في كل مكان. وقد بدات الأقلام المثقـّفة والمستقلة في الغرب بأبداء مخاوفها الشديدة عن المستقبل الأسود الذي ينتظر قوّات التحالف المتجحفلة تحت الأمرة الأمريكية من الأوربيين وغيرهم في العراق. ويبدو أن خطة الحرب الرئيسية للسياسة البوشية هي جـّر دول العالم بأسره بشكل أو بآخر الى دمار كاسح معها.
فان أقررنا جدلا بحادثة الحادي عشر من سبتمبر الدموية على الشعب الأمريكي فأن هدف بوش الأساس أصبح تدمير العالم كله بدون هدف واضح سوى نشر الأرهاب وتنويعه مما تسبب بالنتيجة في أكثار مصادر الأرهاب أضعافا مضاعفة وتنامى الحقد المضاد لأمريكا في كل بقاع الأرض. فالحرب ضد الأرهاب تحوّلت الى حرب الأرهاب في العراق حيث تقوم القوات الأمريكية بأرتكاب المجازر الدموية بقتل العراقيين بالآلاف كل يوم وهدم منازلهم ومساجدهم و ممتلكاتهم بحجة مطاردة جيوب الأرهاب وتطلق على لسان مسئوليها الميدانيين على العراقيين المدنيين والمقاومة العراقية - وبكل خسّة- أسم العدو!!
و بعد حادثة الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١ وبدلا أن يقوم بوش بحماية الديمقراطية بجعل العالم أكثر أمنا وأن يترأس العالم الحر كما هو المفترض وأن يقتدي بالرئيس جون كندي الذي حمى العالم من مغبـّة الكوارث النووية خلال فترة أزمة الصواريخ الكوبية لكنه قام بالوعد والوعيد بالثأر ومقاومة الأرهاب. وكانت نتيجة محاولاته الأرهاب نفسه والمزيد من مآسي الأرهاب والدمار على شعوبنا!!
فقبل أيام بادر جورج بوش بأعطاء الأشارة الى زعيم الأرهاب الصهيوني أرييل شارون حق الأستيلاء على الأراضي الفلسطينية بدون حق شرعي ومنح الفلسطينيين لاشي ء بالمقابل!!! وبأعماله الأستفزازية هذه فأن بوش يؤلـّب العالم العربي جميعه ضدّ الغرب وضد أمريكا من دون وعي ، في الوقت الذي سبّب في قيام أسامة بن لادن بتهديد الأمريكان بالثأر من أغتيال الصهاينة للشيخ المقعد أحمد ياسين الزعيم الروحي لحماس .
وقبل يومين أيضا وضع بوش نفسه في موقف محرج تماما أمام الصحفين و هو يتلعثم ويتردد في الأجابة على أبسط الأسئلة الخاصة حول جدوى أستمرار حربه في العراق وعن قتلى الجنود الأمريكان. واثبت للعالم مدى سطحيته وهشاشة حججه وضعف منطقه وفقدانه لأبسط المبادىء الواجب توفرها في رئيس دولة كبيرة مثل الولايلت المتحدة الأمريكية. وأنتقده الصحفيون كذلك لعدم جرأته حضور مراسم دفن ولو جندي أمريكي واحد في الوقت الذي أستلمت أمريكا جثث ٧٠٠ قتيل من الجيش الأمريكي خلال الأسبوعين الماضيين فقط!!!
ومن ناحية أخرى يتسائل المراقبون لم هذا الأستـقـتال الأمريكي- الغربي على البترول العربي لتغذية أقتصادها القومي وتطـّورها التقني بينما الرؤساء والملوك العرب يستميتون لبيع النفط العربي لأمريكا وللغرب بأبخس الأثمان أما خوفا وهلعا منها أو من أجل بقاءهم في السلطة؟ وأن صحّ العكس فوجب أن يتذكر الغربيون والأمريكان بأن في حالة حصول أية كارثة لسريان البترول العربي للغرب فأن سعر البرميل الواحد للبترول الخام سيصعد الى ۱٠٠ دولار أو أكثر و كذلك يعني وقوف المواطن الغربي ثلاث ساعات بأكملها لتعبئة سيارته بالوقود في محطات البترول!!!
فالحرب ضد أسامة بن لادن والقبض عليه ومحاربة الأصولية من قبل الغرب وأمريكا أصبحتا حربا لمستقبل العالم الغربي التي لاتتمكن الغرب من تقبـّل خسارتها وهي الحرب التي يقودها بوش بأعمى البصيرة ومن دون أدراك مخاطرها على شعبه والكوارث التي ستنهال على رؤوسهم بسببها. ومن خلال محاربة بن لادن تشن كل من أمريكا وأوربا حرب لاهوادة فيها على الأسلا م لا في أوربا وأمريكا فقط بل في العالم الأسلامي أيضا متهـّمة بعض الدول - وبدون أدنى دليل- بأيواء الأرهاب أو بحيازة أسلحة الدمار الشامل كتمهيد لتأليب الرأي العام العالمي في هجومه المرتقب على تلك الدول.
ومن ناحية أخرى نرى أن الحكومة البريطانية وضعت نفسها في الحضن الأمريكي الدافىء في أستخفافها بالدول العربية والأسلامية ضمن حملتهما الأعلامية في أنقاذ ماء وجهيهما من الفشل المتوقع في الأنتخابات المقبلة. ففي زيارة السيد توني بلير الأخيرة للبيت الأبيض الأمريكي ولقاءه ببوش المتنـّمر يوم أول أمس تناغم الرئيسان مستخدمين نفس اللحن في مساندة بعضهما البعض في حربهما ضـّد العراق بحجة أرساء دعائم الديمقراطية وأقامة السلام فيه كوسيلة لكسب المؤيدين لحملتهما الأعلامية في أعادة أنتخابها للفترة القادمة في كلتا البلدين بعد أن شعرا بالأحراج أمام شعبيهما من جهة ولفشلهما الذريع في قمع الأرادة الوطنية العراقية المتنامية في رد الأحتلال عن البلد بعد أن ألحقت الأخيرة خسائرة كبيرة للمحتلين من ناحية أخرى.
فرغم مرور أكثر من عام لم يعد العراقي يرى أية دعامة على مزاعم المحتلين سوى دعائم الخراب والدمار والتدمير والقتل.... والوعد بتسليم السلطة للعراقيين في نهاية حزيران ومن ثم الوعيد بالبقاء في العراق عشرة سنوات أخرى! فالسياسة البوشية مليئة بالتناقضات الواضحة في المواقف والرؤيا والتنفيذ لا أزاء العراق وحده بل في سياستها العامة في العالم بأسره بعد تفرّدها كقوة عظمى في العالم . فأصبح كل من يعادي سياستها الأستعلائية يعد في عداد الأرهاب ومصدر خطر على الأمن والسلام ولسياسة العولمة الأمريكية وبالعكس فقد أصبحت كل دولة تؤيدها هي حليفة لها.
وأنهار الدم مازالت تجري في العراق كل يوم بدون توقف وبدون رؤية أي تحسن في الأفق في الوقت الذي توحـّد العراقيون بأكثرية فئاتهم للرد على الأحتلال مما يؤكد حب الشعب العراقي لوطنهم والتفاني في الذود عنه ويؤكد فشل السياسة التي ينتهجها بوش مع العراقيين .