اقليم كردستان
يقول له سترنجة في الصحيفة ١٩۲ من كتابه "الاراضي في شرق عصر الخلافات" مشيرا الى المستوفي: "فيما يتعلق باصل مقاطعة كردستان، انه يقال على ان في وسط القرن السادس للهجرة (الثاني عشر الميلادي) قسم السلطان السلجوقي سنجر مقاطعة الجبال الى قسمين واعطى للقسم الغربي، وبالتحديد المناطق الخاضعة لكرمنشاه، اسم كردستان وعين ابن اخيه سليمان شاه والملقب ب (ابوه) حاكما عليها". (له سترنجة ص١٩٢)
والجدير بالذكر ان نفوس التركمان لم يكن اقل بكثير من بدو الفرس (الكرد) في مقاطعة الجبال. يقول ب. م. هولت، استاذ التاريخ العربي في جامعة لندن، في الصحيفة ۳۳٨، القسم الاول من كتابه "تاريخ كامبرج للاسلام": "الدويلات الاقليمية ورؤساء العشائر، وبالاخص بدو الكرد والتركمان اللذين كانوا يكونون الاغلبية من نفوس عراق العجم". (هولت ص۳۳٨) عراق العجم مصطلح مرادف لمقاطعة الجبال او الميديا الايرانية.
وحدد سليمان شاه مدينة بهار العاصمة للمقاطعة. اما اولجاي سلطان المغولي فبنى العاصمة الثانية للاقليم وسماها جمجمال. وهذا دليل اخر على ان جمجمال العراق وجدت من قبل الاتون من الايران وبعد العصر المغولي (له سترنجة ص١٩۳)، وعلى الاغلب تعتبر كلمة جمجمال كلمة مغولية. ومن ثم حكم المقاطعة التركمان الاتابكيين (زنكيين). (صورة ۱،۲)
كان شمال العراق انذاك يخضع الى اقليمين: المناطق الجبلية الشرقية الى اقليم ‘اتروباتينه’ (اذربيجان) والغربية السهلية الى اقليم الجزيرة.
اما تسمية الاراضي العراقية بكردستان فيرجع الى القرن السابع عشر وبدأها رجال الامبراطورية البريطانية في المحاولة لتجزئة الامبراطورية العثمانية. ويعتبرالمقيم البريطاني في بغداد كلاوديوس جيمس ريج من اوئل الذين زاروا شمال العراق واطلق مصطلح كردستان لارض عراقية وعين حدوده في كتابه "قصة الاقامة في كردستان وفي خرائب نينوى القديمة - ۱٨۲۰". وكان قد سبقه السياسي والكابتن البريطاني جون ماكدونالد كينر وصاحب كتاب "رحلة في اسيا الصغرى وارمينية وكردستان" في عام ۱۸۱۸.
ويحدد ريج في الكتاب المذكور، القسم الاول، الصحيفة ۲٧۳ بدقة حدود ماسماه بكردستان في العراق ويقول: "حصلت من عمر اغا (احد اشراف الكرد انذاك في السليمانية)، القائمة الموجودة في الحاشية، جميع مقاطعات هذا القسم من كردستان، الذي يبدأ من حدود بغداد".
تبدا القائمة بالاشارة الى موقع مدينة كفري بالنسبة للكردستان المزعوم ويحدد المسافة بينهما باربعة ساعات. كما ان بكينكهام الذي مر من الموصل الى بغداد في عام ۱٨۲٧ يصف كفري ويقول: "لغة ومظهر وطبيعة اهل كفري في الاغلب تركية. (ص۳٤۸) ويصف المدن الواقعة على خط سيره من الموصل الى بغداد بهيمنة ساحقة للطابع التركي واللغة التركية، والاراضي الواقعة بين هذه المدن خالية كليا من الاستيطان. (ص۳٤۹) ويحدد بكينكهام الذي زار كركوك بُعد المدينة من المناطق الكردية باربعة ايام. (ص۳۳۸)
والتواجد الكردي في هذه المناطق، الموصوفة باراضي خالية من السكان، يرجع الى القرن التاسع عشر ويبدأ باسكان العثمانيين كل من العشريتين الكرديتين الطالبانية والداوودة في شمال خانقين واطراف داقوق، على التوالي. ويقول ادموندس في كتابه "اكراد، اتراك وعرب": تعتبر الطالبانية من احد افخاذ العشيرة البرزنجية والتي ظهرت كعشيرة كردية في اوائل القرن التاسع عشر بعد نزوح ملا محمود البرزنجي الى قرية طالبان التي هي على بعد بضعة عشرات من الكيلومترات الى جنوب غرب السليمانية. اما الشقيق الاخر لملا محمود المدعو عارف فمنحت عدة قرى من قبل العثمانيين في شمالي قضاء خانقين. (ادموندس ص۲٧۱) اما تاريخ نزوح الطلبانيين الى كركوك يُرجع الى نهاية القرن التاسع عشر.
اما ظهورعشيرة الداوودة في كركوك فيرجع الى فرمان اصدره العثمانيين وتم بموجبه تمليك قرى أفتخار لأغوات الكرد من الداوودين وفي القرن التاسع عشر وبعد ذلك نزح الكثيرين منهم الى اطراف المدينة وسكنوا في حي الشورجة (توفيق التونجي، لا تلعن الظلام أشعل شمعة) والتي كانت قد ظهرت في خمسينيات القرن العشرين.
رغم ان ريج يصف منطقة قرة حسن (يحدها كركوك من الشرق، ليلان من الجنوب، جمجمال من الشرق وشوان من الشمال) في الصحيفة ٤٨ غير كردية ويقول: "قرة حسن تمتد على طول ٦ ساعات تستثمر سنويا ٨٥ الف بيياستر (عملة نقدية). الحرب الاخيرة والهجمات الكردية المستمرة اخلت هذه المنطقة من سكانها ودمرت الزراعة الى حد كبير". وفي الصحيفة ٥۱ يشير اليها كمنطقة خارج الاقليم المذكور. الا ان في قائمة عمر اغا تعتبر تارة ملحقة بولاية بغداد وتارة اخرى بولاية ماسماه ريج بكردستان. بعد اجتيازه منطقة قرة حسن يشير ريج الى منطقة دربند (دربنديخان؟) في جنوب شرق جمجمال ويعتبره المنفذ الى ماسماه بكردستان. (ص٥٨)
وبعد عبور طاسلوجة والسير باتجاه الجنوب الغربي يدخل ريج الى منطقة دركازيان ويصف اهالي جميع القرى الموجودة في هذه المنطقة على انهم من اصل تركماني ولازالوا يحتفظون بلغتهم ومظهرهم ويختلفون وبشكل واضح من الفلاحين الكرد. (ص٤ الجلد الثاني) ويعتبر ريج عشيرة زنكنة الكبيرة والتي ينتشرون اليوم في المناطق الواقعة على شرق الخط الواصل بين كركوك وخانقين من الاصل التركماني ومن الناحية الدينية ينتمون الى المذاهب الشيعية المتطرفة كالكاكائية واليزيدية المشتقة من المذاهب الصفوية.
يصف ريج سكان طوزخورماتو (ص۲٦) بالتركمان ويشير على ان اهل كركوك ليسوا اكراد.(ص۱٤۲)
ويَعتبر المنطقتين ابراهيم كانجا وديلليو القريبتين من الحدود الايرانية على الحدود الكردية التركية.(ص٥٦)
وهناك اشارة واضحة في كتاب ريج على ان مدينة اربيل بعيدة جدا من كردستانه. (ص ۱٩ الجلد الثاني) وفي خلال القرن التاسع عشر ورغم نزول عشرات الالاف من الكرد من الجبال، بقيت اربيل خارج هذا المصطلح وحتى في القرن العشرين ويقول المقيم البريطاني في اربيل بين عامي ۱٩۱٨ – ۱٩۲۰ هاي: "بالنسبة لاهالي اربيل يعتبر باستورة جاي، الواقعة على شمال شرق المدينة، حدود كردستان". ( هاي ص۲۱).
ويتبين مما سبق ذكره ان مدن كركوك، اربيل، كفري، طوز، خانقين ومندلي كانت انذاك خارجة من الزحف الكردي والذي وصفه ادجر او’بالانسا في كتابه "الثورة الكردية" كطاعون من الجراد، يتغذى ويُعادي. (ادجر او’بالانسا ص۳۳) والزحف العدواني والطبيعة الشرسة كانتا العاملين الاساسيين في تكريد سكان هذه المناطق الجبلية والقسم الاكبر منهم كانوا من تركمان السلاجقة وقبائل الخروف الابيص والخروف الاسود مع عدد غير قليل من السريانيين في عمادية ودهوك. الاشارة الاخرى الى الاصل التركماني لقسم من الشبك والكاكائية الذين اصبحت اللغة الكردية اليوم لغتهم الام هو عدم اعتناق الكرد للمذاهب الشيعية التي اوجدها التركمان الصفويين في بدايات القرن الرابع العاشر في اقليم اذربيجان والتي كانت المناطق الجبلية لشمال العراق جزأ منه انذاك. (احمد الصراف، متي موسى) ويقول ادوارد براون في حاشية الصحيفة ٥۸، الجلد الرابع من كتابه "تاريخ الادب الفارسي": "’جميع الاكراد’ يقول التاجر الايطالي انونايماوس (في القرن السادس عشر؟) "هم محمديون حقيقيون بالنسبة الى السكان الاخرين لايران، اعتنق الفرس المذهب الصفوي، بينما لم يقبل الكرد الاعتناق به: رغم انهم لبسوا الغطرة الحمراء (شعار المذهب الصفوي والعلوي) ولكنهم كانوا يحملون في قلوبهم الكره القاتل لهم". (ادوارد براون ص٥۸ الجلد الرابع)
يشك ريج ان تكون المناطق الجبلية في شمال العراق والذي سماه كردستان، الوطن الام للكرد ويؤيدوه في هذا الاستنتاج الكاتب الكبير والمختص في التاريخ الحديث للعراق حنا بطاطو ويقول ان هذه النظرية لها مؤيديها حتى في يومنا هذا.
البطل الاسلامي صلاح الدين الايوبي الذي تربى على ايدي الاتابيكيين التركمان في الموصل واربيل.
ان افتقار جيوش هذا البطل الاسلامي العظيم للكرد يعتبر دليل اخر على انعدام الوجود الكردي في شمال العراق انذاك. يقول ب. م. هولت في الصحيفة ٢۰٤ من نفس المرجع: "للوصول الى غايته، استعمل (صلاح الدين) البراعة والقوة مع الزنكيين كي يحرُم وارثي سيده نورالدين الزنكي ويمسك الارث لنفسه" (ب. م. هولت ص۲۰٤)
ويقول ب. م. هولت في الصحيفة ٢۰٥ من نفس المرجع: "عندما وصل صلاح الدين الى مصر مع الجنود الترك والتركمان من الجيش الزنكي ..............". ويقول في نفس الصحيفة: "جيش صلاح الدين الذي اُسس في مصر، لم يكن جيشا مصريا بل كان يتكون من الترك والبربر والسودانيين وقوى اخرى من اتباعه" (ب. م. هولت ص۲۰٥)
اصل الكرد
اما ارجاع اصل الكرد الى الكردوخيين والذي كَثَّرَ الباحثين عن اصل الكرد من ذكرها في نهاية القرن التاسع عشر فيقول مينورسكي في الصحيفة ٢١ من كتابه "الاكراد ملاحظات وانطباعات": "والى الوقت القريب كان الشائع بان الاكراد من ابناء الكردوخيين الذين شاهدهم كزنفون واتصل بهم في سنة ٤۰١ قبل الميلاد عندما قاد العشرة الاف من اليونانيين. وقد تغير هذا الاعتقاد في الفترة الاخيرة حيث ان بعض العلماء المعاصرون يقسمون الشعوب التي لها العلاقة بالاسماء المذكورة الى قسمين: القسم الاول (وبصورة خاصة الكردوخيين) يقول فيهم انهم ليسوا من اصل اري ولكن يعتبرون الكورتيين الذين يعيشون في القسم الشرقي من بلاد الكردوخيين هم من اجداد الكرد". (مينورسكي ص٢١)
اما ماكدويل المؤرخ المعاصر والمختص في تاريخ الكرد يرفض هذا الاستنتاج ويقول: "ان الاصطلاح كورتي كان يطلق على المرتزقة البارثيين والسلوسيين الساكنين في جبال زاخاروس وانه ليس اكيدا اذا كانت تعني لغويا اسما للعرق. ( ماكدويل ص۹)
ويعتقد الاكاديمي مار ان اسم كاردوخي يبين من حيث الهيئة ان هذا الشعب من اصل واحد مع الاورارتيين (الذين كانوا يسمون انفسهم بالخالدين). واما اللغة القديمة فقد تغيرت من اساسها فيما بعد بلغة هندية – اوربية. واما عن علاقة الكورتيين بالكاردوخيين يرى مار بانه من الامور التي يصعب الحكم عليها.
منذ اكثر من القرن ونصف القرن يبحث المؤرخون عن اصل الكرد فمنهم من اشار الى الكردوخيين والاخر الى الكورتيين ومن ثم الى الميديين. ومع مرور الزمن نُقِضت جميع هذه النظريات. وفي هذا الشأن يحذر الباحث الالماني باول وايت من الافراط في استعمال كلمة الكرد. ويقول: "ان الصعوبات في تعربف كلمة الكرد تواجه الاكاديميون منذ القِدَم. لايوجد هناك تعريف واحد متفق عليه" (باول وايت). اما مينورسكي فيصف هذا الاصطلاح بالغامض والمبهم.
ومع توسع الدراسات حول تاريخ الكرد في القرن العشرين بدأت تنعدم تدريجيا نظرية ارجاع اصل الكرد حتى الى الميديين ويزداد الاعتقاد على ان هذا المصطلح كان يطلق على شريحة اجتماعية خارجة على القانون ولفترة اكثر من الفي سنة، ولم يكن يعني اسما للقومية. (ماكدويل ص۱۳) وفي هذا الاستنتاج يمكن الاعتماد على المصادر المعتمدة التالية:
١. تعريف المؤرخ الكبير الطبري لكلمة الكرد في زمن النبي ابراهيم.
"نعم، الكرد هم بدو الفرس، وأَحد منهم اوصى بحرق ابراهيم في النار" (الطبري جلد۲ ص٥٨).
٢. تعريف ماكدويل لمصطلح كورتي الذي كان متداولا قبل اربعة قرون قبل الميلاد. (سبق ذكره)
٣. ماذكره موروني حول الكرد في عصر الفتوحات.
" وجود الاكراد في عصر الفتوحات الاسلامية كانت تسمع عادة من خلال حوادث اللصوصية وقطع الطرق ضد جيرانهم او من خلال التعاون مع قبيلة اخرى في الهجوم على السلطات المركزية." (موروني ص۲٦٥)
٤. يقول بكينكهام في الصحيفة ۲٩٤ من نفس الكتاب: "الرحالة ماركو بولو (۱۲٥٤ – ۱۳۲٤) مر من الموصل وذكر بانه حصل على كميات كبيرة من الذهب والحرير. وفي تلك الفترة لاحظ بانه في جبال هذه المنطقة توجد مجموعة من الرجال، وسماهم بالكارديس او اكراد، فيهم من النستوريين ويعقوبيين وايضا مسلون، الذين كانوا لصوص عظماء.(بكينكهام ص۲٩٤)
٥. وصف الاغلبية الساحقة من الكتاب والرحالة في الالفية الميلادية الثانية الكرد بلصوص محترفين وقاطعي الطرق.
ويقول ماكدويل: "عدد كبير من الرحالة والمؤرخون منذ القرن الحادي عشر عرفوا اصطلاح الكرد مرادفا لقاطعي الطرق. نفس المعنى اُستُعمِل من قبل الرحالة الاوروبيون في القرن التاسع عشر". ( ماكدويل ص۱۳)
وفيما يلي بعض النصوص الماخوذة من كتب الرحالة في القرن السابع عشر الذين اطلعوا على المنطقة من خلال زياراتهم:
اما ريج، الذي عاش في بغداد حوالي ٦ سنوات وقام في ۱٦ نيسان ۱٩۲۰ برحلة الى شمال العراق والتي دامت بضعة اشهر يقدم في كتابه السابق الذكر "الاقامة في كردستان" معلومات وافرة حول الكرد وطبيعتهم ومدنهم. بعد وصفه الطبيعة العدوانية للكرد يدعي على انهم كانوا جيران مزعجين وفي جميع العصور.(ريج ص۳۳) وفي الصحيفة ٤٧ فيقول "قرية ليلان كبقية القرى الواقعة على الخط الكردي، أُنهِكت بغارات متكررة، ودمرت كليا ولعدة مرات من قبل الاكراد. توسل لي كهيا القرية ان استخدم نفوذي عند محمود باشا لاسترجاع ٣۰۰ من الاغنام التي نهبت من قبل الكرد. اهالي القرية واهالي جميع القرى المجاورة هم من العرق التركماني". (ريج ص٤٧)
يقول ج. ب. فراسر في الصحيفة ۲٥٦ – ۲٥٧ من قسم الاول من كتابه "رحلة من قسطنطينية الى طهران في الشتاء - ۱٨۳٨":
"المنطقة ما بين أرضروم و خوي (ت۱) أرض مضطربة و خطرة على الدوام يتواجد فيها عشائر كردية همجية وهم لصوص محترفون عادة وطباعا وليست لديهم أية طاعة لأية جهة ماعدا احترام محدود لرؤسائهم الذين هم بدورهم لصوص وبكل مافي الكلمة من معنى مثل أتباعهم. في هذه المنطقة فرمانات السلطان أوالباشا ماهي ألا عبارة عن أوراق ضائعة. الأمن الوحيد للمسافر في هذه المنطقة هو أن يسافر مع قاقلة يكون أصحابها (أو مسيروها) قد دفع لتلك العشائرالذي يغزو باستمرار وباعداد كبيرة تلك الطرقات وعلى صاحب القافلة أن يشتري السلامة الغير المضمونة بالأبتزازالمالي أوعليه أن يأخذ معه في السفرالأدلاء والحراس من تلك المنطقة ويثق بنفسه وبوفاءهم حتى يتجرأ على السفر. والوثوق بوفاء هؤلاء الادلاء حالة مشكوكة فيها. مهما تدفع لهؤلاء العشائر قد تضمن اي شي ولكن لاتضمن عدم مهاجمة الاخرين، الذين أذا ما أحسوا أن الغنيمة تستحق الخطورة. فلا يترددون في انتزاعها من أخوانهم. ................. (.........) الأكراد لا يصورون أنفسهم في هجوم مع أكراد اخرين وأن تكون بينهم مسألة دم من أجل الغريب، حتى اذا قطعوا عهدا له. وعليه أترككم أن تتخيلوا كم من الثقة بأستطاعة المسافر أن يضعها على عاتق مثل هؤلاء الحراس".( فراسر ص ۲٥٦ – ۲٥٧)
يقول م. واخنر في الصحيفة ۲ – ٤ من قسم الثالث من كتابه "رحلات في بلاد الفرس وجورجيا وكردستان - ۱٨٥٦":
"تتواجد في الاغلبية الساحقة من الطرق والممرات في المرتفعات الأرمنية كمائن للصوص أكراد وعيونهم الحادة البصر دائم البحث عن المارة الابرياء والذين لا يحرسهم احد.
الأكراد الذين يجمعون صفة الرعاة واللصوصية معا والذين يترحلون ويخيمون مع قطعانهم في الاقسام العالية والسهول والوديان هم دوما على استعداد على الانقضاض على المسافرين والقوافل المؤلفة من عشرة اشخاص والتي ليس بأمكانها المقاومة. ففي مثل هذه الأحوال تكون الغنيمة مغرية بشكل كاف. وهؤلاء الأكراد نادرا ما يصبحون أكثر أمانا ومروضين و مؤتمنين بعد أن يجند ويستخدم الباشوات القوات النظامية لفرض الأمن والأستقرار في المنطقة. ولكن الأكراد مازالوا يصابون أحيانا بمزاجهم القديم و طبائعهم البدوية تحفزهم على مطاردة وأصطياد الفرائس. عندما يتقدم باشاوات الحدود في قارص وبايزيد بالقوات النظامية ضد الأكراد كي يستردوا منهم ما سلبوه بشكل غير قانوني ويؤدبونهم فأن اللصوص يعبرون الحدود الفارسية ويرسلون بعض الهدايا الى السردار(القائد الأعلى) في تبريز وبعدها يسكنون و يتسكعون في أراضي أذربايجان مع قطعانهم و قبائلهم ألى أن تصل أخبار سرقاتهم المتكررة مسامع المسؤولين في تبريز وخوي وأورمية. وبعد أن يكونوا عرضة للعقاب مرة أخرى تهرب هذه القبائل البدوية وعبر منحدرات أغري داغ نحو الأراضي الروسية. وبأهداءهم الحصن الجميلة لقوات الحدود القوزاق يحصلون على الأذن كي ينصبوا خيامهم في سهول ارارات. وأذا ما تصل الشكاوى من ممارساتهم اللصوصية الى مسامع المسؤولين الروس في اريوان فأنهم دائما يجدون ملاذهم الاخير في مرتفعات كردستان حيث يضمنون بالرشوة حماية بعض رؤساء القبائل الكرد الاقوياء، وينجون من قبضة القوات النظامية التركية." (واخنر ص ۲ – ٤)
والجدير بالذكر صاحَبَ التعريف المذكور في النصف الثاني من الالفية الميلادية الاولى معنى اخر وهو بدو الفرس. وفي هذه المصاحبة يمكن الاشارة الى مااورده كل من الطبري وموروني (سبق ذكرهما).
يشير الاكاديميين الخبيرين في التاريخ الكردي مينورسكي وماكدويل ايضا على معنى البدو للمصطلح:
يجزم الاخير في هذا الموضوع ويقول: "بالتاكيد بعد عصر الفتوحات الاسلامية بالف سنة كانت كلمة الكرد تعني طبقة اجتماعية اقتصادية معينة وليست اسما للقومية ويُطلق على البدو الذين يعيشون في المرتفعات الغربية لايران".
اما مينورسكي فيقول في مقالته الكوران: "كُتاب العرب والفرس الاخرين في القرن العاشر كانوا يطلقون كلمة الكرد على جميع البدو الايرانيين في غرب ايران".
يذكر الطبري في تاريخه، الذي يتكون من اكثر من ثلاثين جلدا، مصطلح الكرد في اكثر من عشرة مرات وفي دلالة واضحة الى شريحة اجتماعية كالمزارع او القروي. اما هيندس فيصر على الانتباه الى كلمة اكارا والتي هي جمع لكلمة اكّار عند البحث عن اصل كلمة الكرد. واكّار تعني الفلاح. (جوينبول ص٥۱)
اما اكتساب مصطلح الكرد معنى القومية فبدأ بالنسبة لماكدويل ولاول مرة في اواسط القرن التاسع عشر. (ماكدويل ص۹۱٣) ويتفق اكبر الخبراء المعاصرون في تاريخ الكرد ماكدويل، لايزنبرخ، وايت على ان الظروف السياسية والاقتصادية القاسية التي مرت بها الاقوام القاطنة في هذه المناطق جعلتهم ينحلون اجتماعيا ويتخذون الهوية الكردية كهوية قومية رغم الاختلاف في اللغة والدين والثقافة والعرق.
التحق عشرات الالاف من التركمان من قبائل قرة قويونلو، الذين كانوا يعتنقون بالمذاهب الشيعية المتطرفة كالعلوية، الى الاكراد نتيجة تعرضهم للمذابح وبالاخص في عصر سلطان سليم واستكردوا مع مرور الزمن.
ولعب الدعم المادي والمعنوي والتعاطف المبالغ فيه الذي منحته الدول الغربية لاصطلاح الكرد في النصف الثاني من القرن العشرين دورا كبيرا في تجمع هذه الاقوام تحت هذا المصطلح. وحفزهم هذا الدعم الى التمرد على السلطات المركزية في دول المنطقة مما ادى الى تعرضهم للعنف وكان هذا عاملا اخر في تقوية الاواصر بين هذه الاقوام وتحت مصطلح الكرد. يقول ماكدويل في هذا المعنى "انه من المشكوك فيه جدا ان يكون الاكراد يكونون مجتمع عرقي منطقي مترابط من ناحية النسب" ( ماكدويل ص٨). ويستمر في الصفحة التالية: "الدليل الاخر على التنوع العرقي في كردستان هو التنوع اللغوي". ( ماكدويل ص۹)
تعريف:
ت١: المسافة بين مدينة ارضروم التركية وخوي الاذربيجانية تقدر بحوالي اكثر من ٥۰۰ كم.
المراجع:
- احمد حميد الصراف، "الشبك"، مطبعة بغداد ۱۹٥٤.
يرجع اصل الشبك الى المذاهب البكتاشية والعلوية الذين دخلوا العراق مع الصفويين ويعتبر لغتهم مزيج من اللغات والغالب فيها التركمانية.
-أدجر او'باللانس، "الثورة الكردية ۱۹٦۱ - ۱۹٧٠"، فابر وفابر، لندن ۱۹٧٣.
ادوارد براون، "تاريخ الادب الفارسي"، الجلد الرابع، مطبعة جامعة كامبردج ۱٩٦٩.
- باول وايت، " التكوين العرقي بين الكرد: كرمانجي، كزل باش وزازا".
http://members.tripod.com/~zaza_kirmanc/research/paul.htm
- ب. م. هولت، "تاريخ كامبرج للاسلام: الدول الاسلامية المركزية"، مطبعة جامعة كامبرج سنة ۱٩٧۰، القسم الاول، الصحيفة ۳۳٨.
- ج. س. بكينكهام، "رحلات في الهلال الخصيب - ۱٨۲٧"، الطبعة الثانية، الناشر كريكك انترنشنال المحدودة لندن ۱٩٧۱.
- جيمس بليه فراسر، "رحلة من قسطنطينية الى طهران في الشتاء - ۱٨۳٨"،جلدين، طبعت من قبل صموئيل بنتلي، بانكور هاوس، شولانه ۱٨٤٠.
- حنا بطاطو، "الطبقات الاجتماعية القديمة والحركات الثورية في العراق"، طبعة جامعة برينستون، نيو جيرسي ١۹۷۸.
- سسيل جون ادموندس، "اكراد اتراك وعرب"، مطبعة جامعة اوكسفورد، لندن ۱۹٥٠.
- ولبم روبرت هاي، "سنتان في كردستان ۱۹۱۸ – ۱۹۲٠"، ويليم كلاوس اند سانس المحدودة، لندن وبسلس ۱۹۲۱.
- ف. ف. مينورسكي، "الاكراد ملاحظات وانطباعات"، ١٩١٥، المترجمة في عام ۱٩٦٨، بغداد، ص۲١.
- ج. ب. فراسر، "رحلة من قسطنطينية الى طهران في الشتاء - ۱٨۳٨"، القسم الاول، ارنو بريس نيويورك ١٩٧٣، ص۲٥٦ – ۲٥٧.
- كاوتير ﻫ. ا. جوينبول هو مترجم الجلد الثالث عشر من تاريخ الطبري "فتح العراق، جنوب غرب بلاد الفرس ومصر"، الحاشية الثالثة من الصحيفة ٥۱، مطبعة جامعة نيويورك ۱۹۸۹.
- كلاوديوس جيمس ريج، "الاقامة في كردستان" ، الجلد الاول، جيمس دونكان باترنوستر رو، لندن ۱۹٧۲.
- م. واخنر، "رحلات في بلاد الفرس وجورجيا وكردستان - ۱٨٥٦"، القسم الثالث، الناشر كريك انترنشنال ۱٩٧١، الصفحة ۲ – ٤.
- مايكل موروني، "العراق بعد الفتح الاسلامي"، مطبعة جامعة برنستون ۱۹۸٤.
- متي موسى، "المذاهب الشيعية المتطرفة"، مطبعة جامعة سيريكوز ۱۹٨٨.
البروفيسور موسى فيدعم ماذهب اليه الصراف ويعتبرهم من جنود شاه اسماعيل الذين سكنوا الموصل بعد الهزيمة التي الحقها به العثمانيون في المعركة المشهورة جالدريان في عام ١٥١٤. ويعتبر موسى لغة الشبك تركية في الاساس مزجت بالفارسية والكردية والعربية. ويقول موسى ايضا ان كتابهم المقدس المسمى ب(بويروك او كتاب المناقب) قد كتب باللغة التركمانية وعقائديا ينتمون الى نفس المذاهب البكتاشية والعلوية.
- وليم ر. برينر، "تاريخ الطبري: تاريخ الرسل والملوك"، الجلد الثاني، مطبعة جامعة نيويورك .
أخلاقية الكاتب ومغالطاته و شرف الكلمة
د. أيوب البزّاز *
ردا على المقالة المنشورة في صحيفة – كتابات- بتأريخ ۹\۱\۲۰۰٤ بقلم السيد زياد الأيوبي (وتسائل المتعجبون عن حالة نكراء) المليئة بالمغالطات والأكاذيب و الكلمات البذيئة و التهجم واالسباب و الشتائم السوقية على التركمان ما لا عين رأت ولا أذن سمعت و التي لاتليق بكاتب سياسي يروم احترام الناس له أو لكتاباته. مثل هذه المقالات - وأن كانت تعبر عن كاتبها فقط - الا أنها غير مستساغة للقراء كمقالة سياسية حيث لا تحمل الكلمة الهادفة- وهي ما تسمى (بالدعارة السياسية) التي أتبعها الكاتب و هو يصنّف نفسه ضمن المثقفين. فأن للكتابة السياسية أساليب و مهارات خاصة للتعبير وعرض الحقائق الموثقة- بعيدا عن المغالطات والأكاذيب- تهدف لتحقيق الأقناع و التأثيرعلى الجماهير وتفعيل دورهم و الهاب الحماس.
أننا و من خلال معايشتنا للأخوة الأكراد في العراق عموما لمسنا منهم عذوبة اللسان و أحترام الآخرين، ولكن الكاتب زياد أثبت فعلا نظرية "أن لكل قاعدة أستثناء". أن التجاوز والطعن بالآخرين والكيل عليهم بالأهانات وتشبيههم بأسماء وأوصاف بعض الحيوانات لدليل دامغ على مدى استفلاسك الفكري كشخص و التكتل التي تمثلهم. و لاعلم لي أبدا مالذي حدا بك الى أتباع هذا المنطق المعيب بالأساءة الى التركمان والطعن بهم الى هذه الدرجة رغم معايشتك لهم منذ طفولتك و مازالت. . فكيف هان عليك رد جميلهم بالشتائم؟. و قد حاولت جاهدا- تبريرالغاية من أسلوبك المستميت في الدفاع عن الأكراد من خلال الهجوم على التركمان - بما لايستحقون قط- فلم أجد سوى تفسير واحد فقط هو "الأناء ينضح بما فيه" حيث عّّّّبرت عن ذاتك ومشاعرك الداخلية ليس الا!. والحقيقة- أنا لا أريد أستخدام صحيفة الكتابات كحلبة ملاكمة للقتال بالكلمات- اذا صح التعبير- لأن أخلاقياتي - ككاتب- تمنعني من اللجوء الى مثل هذه الأساليب الشوارعية في الرد عليك بالمثل. لكنني سأختصر ردي بتذكيرك بسرد بعض الحقائق التي تتجاهلها بل و لا تريد الأقرار بها.
أن مقالتك تعد – وقبل كل شيء- أ ساءة واضحة الى الأخوة الأكراد حيث ألحقت ضررا جسيما بجميع الأحزاب الكردية من حيث تدري أو لا تدري(فان كنت تدري فتلك مصيبة و أن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم)! و كذلك تعتبر دليلا قطعيا على النظرة ألأستعلائية و أشارة واضحة الى قصر النظر والى جوهر السياسات الكردية في العراق. أذ كيف يعقل - بعد كل ماقلته في مقالتك أن يثق التركمان بالقيادة الكردية بل وكيف نقنع أنفسنا بأمكانية التعايش مع الأكراد ياترى مستقبلا و كيف بنا الأطمئنان لهم في (كردستانهم) بعد قيامها لاقدر الله؟. و أسئلة كثيرة أطرحها على كل العراقيين الشرفاء والمثقفين وعلى السادة أعضاء مجلس الحكم المحلي للعراق وخصوصا من يظن بأمكانية التوافق بين القوميتين في أطار(كردستان) المزعومة. . . ياسادة يا عظام؟. و أتسائل من كتاب و مثقفي و منظري الأخوة الأكراد أيضا هل ياترى أن الأكاذيب المستمرة والمغالطات المتكررة التي تمارسونها لأقناع الآخرين و البعيدة كل البعد عن المنطق العقلاني- هي بند من بنود و مفاهيم ديمقراطيتكم التي تّدعونها وبها تنادون بتأسيس نظام ديمقراطي و دستوري أم انكم تقولون مالا تفعلون!؟
فأن كانت القضية التركمانية أو أخبار أحزابها أو بياناتهم و أدبياتهم لا تثيرأهتمامك يازميلي الأيوبي وتستنكف اضاعة وقتك بها فذلك هو شأنك فالرجاء منك الأحتفاظ بها لنفسك فقط. فالتركمان عموما لا يهمهم من أنت وماذا تفكر في حقهم ومن أي منظار تنظراليهم. لا لسبب سوى أنك نموذج للعقلية الكردية العنصرية الضيقة المعروفة لديهم. فالأولى بك شخصيا التمسك بقواعد وأصول الكلام المهذب كي يحترمك الآخرون ولكي تتجنب سخطهم عليك.
وأعلم كذلك أن الجبهة التركمانية و منذ تأسيسها في ۲٤\٤\۱۹۹٥وهي تمثل الشعب التركماني في المحافل المحلية و الدولية قد حققت العديد من المكاسب الكبيرة للتركمان عبر مؤسساتها التربوية و الثقافية والأجتماعية و الأعلامية ومن خلال قنواتها المختلفة. وأن أهدافها الأنسانية و أنجازاتها المختلفة لحد شهر مايس ۲۰۰۱ مدرجة في كراس الجبهة (۱). والأخوة في القيادات الكردية على دراية كافية بأهدافها وببياناتها و أسترتيجياتها وهنالك علاقة نضالية بين الطرفين. وأذكر على سبيل المثال لا الحصر مشاركتها في تشكيل قوة مراقبة السلام تحت أشراف الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا و جمهورية تركيا لمراقبة وقف القتال الذي أندلع في آب سنة ۱۹۹٦بين الحزبين الكرديين و بنسبة ۹۰٪ من التركمان. فمكانة الجبهة أرفع بكثير من أن تتجرأ بالتطاول عليها وأن تمسها بكلماتك البخسة.
ولا يفوتني أن أذكر تفسير و توضيح معاني بعض الكلمات والعبارات والتسميات لك عسى أن تصحح ماتجهله من معلومات:
أولا: أن الأكراد" شعب" و ليسوا" بأمة" حيث تطلق عبارة "الشعب الكردي" أو "القومية الكردية" فقط عند الحديث عنهم. وأن كلمة الأمة تعني الشعوب والأقوام الذين يدينون بأحد الأديان (كالأمة الأسلامية أوالأمة المسيحية والأمة اليهودية) و لا تطلق كلمة "الأمة" على العربية ولا التركية ولا الكردية ولا الفارسية و لا لغيرها. وخير برهان لذلك هو كلام الله عز و جل عن لسان سيدنا ابراهيم (ع) (ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك و أرنا مناسكنا وتب علينا أنك أنت التواب الرحيم. البقرة ۱۲۸). فالواضح أن كلمة الأمة في قول الجلالة مضافة الى الأسلام و ليست مضافة الى العرب و لا الكرد و لا الترك ولا الأقوام الأخرى (۲).
ثانيا: أن البطل صلاح الدين الأيوبي قاتل بأسم الأسلام وحرر فلسطين ولكنه لم يقاتل بأسم الأكراد كما ألمحت. والمسلمون جميعا يتفاخرون به كقائد أسلامي بعيدا عن القومية. فلا قوميات في الأسلام عندما يكون الأسلام منهاجا للسلطة الحاكمة. أما اذا كانت القومية هي الأساس فيها فأن من حق القوميات الأخرى التي تشارك أخواتها في الدولة الواحدة أن تطالب بحقوقها الخاصة وعدم الأنصهار مع من لايحترمون حقوقها. والحقيقة لم نسمع في التاريخ أن أسمه كان شيركو صلاح الدين الأيوبي. و حسب درايتي المتواضعة باللغة الكردية أن معنى كلمة شيركو هو "بطل" و لكن لايصح الصاق كلمة "شيركو" الكردية بأسمه لتغييره كما تشتهي نفسك طالما أن ذلك لم يذكر في كتب التأريخ أبدا. والحق يقال بأن صلاح الدين الأيوبي كان قائدا أسلاميا وبطلا تأريخيا كبيرا فعلا ولكن لو كان يعلم بأن أحفاده الذين يئتون من بعده سيتعاونون في يوم من الأيام مع الصهاينة كما تتعامل الأحزاب الكردية الآن فوالله لما حرر فلسطين أبدا.
ثالثا: أنك كمؤرخ ستذكر حتما أن الأمبراطورية العثمانية (لم تكن دولة ولا دويلة كما أدعيت!) بل كانت أمبراطورية حكمت البلاد العربية قرابة ٦۰۰ عام بأسم الأسلام وأحبوا العرب والكرد ولم يبيعوا فلسطين بثمن بخس لليهود وبل و رفضوا حتى التعاون معهم. وكان الأسلام بأوج قوته خلال فترة حكمهم سوى في السنوات الأخيرة التي سبقت سقوطهم في الحرب العالمية الأولى (۱۹۱٤-۱۹۱۸). أما تركيا الحديثة فأن لا للتركمان بهم بها كما تظن ونحن نعلم علم اليقين بمواقفهم تجاهنا وأولويات مصالحهم مع أتحاد الدول الأوربية و علاقاتهم القائمة مع الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني، بل أن أرتباط التركمان وولائهم كان ومازال لوطنهم العراق فقط وتراثنا يشهد بذلك. غير أن التركمان لا ينكرون انتمائهم العرقي الى الأتراك و التأريخ يشهد ويؤكد بدايات دخولهم للاسلام و قدومهم الى العراق في سنة ۲۱ هجرية ورغبتهم الشديدة في تعلم الدين الأسلامي ومن ثم دورهم القيادي في العصورالأموية و العباسية وغيرها والى يومنا هذا. فلا وجة للمقارنة بين تاريخ التركمان الطويل في العراق وولائهم للعراق وتربته وبين تأريخ الأكراد وولائهم لأنفسهم فقط.
رابعا: أن التركمان ليسوا بأقزام-كما وصفتهم- وهم غير مصابون بعاهات أو أعراض مرضية كما أدعيت بل العكس هو الصحيح فالتأريخ يؤكد بأنهم ينتمون الى عرق يكوّنون دولا عديدة وواسعة المساحات على امتداد آسيا الوسطى شرقا والى حدود البلقان والمغرب غربا ومن جيجينيا(الشيشان) شمالا الى حدودالجزيرة العربية جنوبا وكانوا يسيطرون و يحكمون دولها. ومازالت هناك ستة دول تركية قائمة و شامخة شموخ الأمبراطوريات كدولة تركمانستان، آذرباينجان، كازاغستان، أوزباكستان، طاجاكستان، وتركيا. بالأضافة الى تواجدهم العالي و بالملايين المؤلفة في كل من الشيشان و أفغانستان وأيران، و باكستان، و دول يوغسلافية القديمة و حتى في دول الشام و جميع دول شمال أفريقيا بالأضافة الى العراق والذي يتجاوز نفوسهم ۳. ٥ مليون نسمة في العراق فقط رغم المحاولات العنصرية المشبوهة في التقليل من نسبتهم. وأن كركوك مدينة تركمانية معروفة على المستوى المحلي و العربي و العالمي و لم تكن في يوم من الأيام (ذات الأغلبية الكردية كما أدعيت كذبا) و لن تكون كذلك مستقبلا، وصدق الله العظيم عندما قال "وأكثرهم للحق كارهون". وبالأمس فقط كانت الجنسية العراقية للعراقيين تسمى " تبعية عثمانية" والكثير من العراقين الآن هم من أصل تركي ولكنهم يخفون أصلهم أو ينكرونه لأسباب سياسية أو أجتماعية أو أكرهوا على تغييرها وأسباب أخرى معروفة للجميع و هذا يعد أحدالأسباب الرئيسية لأنخفاض نسبة التركمان عموما في العراق. والتأريخ السياسي للعراق يشهد لبعض الشخصيات العراقية المعاصرة كان لهم دور كبير في حكم البلد من هم من أصل تركي كالجنرال نوري سعيد باشا و بكر صدقي، والقائد عمر علي (۳) و العلامة د جواد سليم (٤) و مئات غيرهم.
خامسا: أن التركمان بدؤا يظهرون على الساحة العراقية و بزخم و قوة كبيرين كطرف سياسي ذو استقلالية و منهاج عمل متين بعد سقوط النظام في نيسان ۲۰۰۳ وبعد اندحارأساليب البطش الجماعي للسلطة الذي كان يتجنبها العراقيون جميعا و بضمنهم الأكراد أنفسهم خوفا على ذويهم. و لا يخفى للجميع مدى التعتيم الأعلامي المدفوع الأجر لبعض القنوات الفضائية و محطات الأذاعات المحلية و العالمية وكذلك بعض المثقفين الذين يبيعون أنفسهم لمن يغدق عليهم بالأموال أكثر من غيره من أجل التركيز على القضية الكرديةمن جهة وتهميش و تجاهل القضية التركمانية من جهة أخرى بغية أختزال المعادلة السياسية العراقية الثلاثية من (عرب + كرد + و تركمان) الى ثنائية (عرب + أكراد فقط). ورغم هذا الأجحاف المحلي و العربي والدولي في حق التركمان فقد عبّرت القوى التركمانية - برغم تواضع امكانياتها- عن نفسها من خلال أحزابها وقادتها و ممثليها هنا و هناك وفي القنوات الفضائية قدر ما أستطاعوا بغية تقديم و فرض قضيتهم العادلة والمطالبة بحقوقهم المشروعة ضمن أقاليمهم الواضحة المعالم للعالم ورفضوا ومازالوا الأنضواء تحت خيمة من لا يرحمهم كما و قدموا الشهداء في سبيل ذلك. و العمل السياسي للتركمان مستمر و بتنسيق منظم و بشكل عقلاني من دون المساس أو التعرض الى سمعة الآخرين على الساحة لأننا قوم لانؤمن بالدجل والتزلف للكبار و لانؤمن بالدعارة السياسية – بل نتبع الأساليب الشريفة من أجل الحصول على حقوقنا التي أغتصبت لعقود من الزمن ولنضمن سلامة أهدافنا من أنياب الذئاب. فالتركمان لا يخشون لومة لائم أو أقلام الحاقدين أو تهديد المهووسين. فالقافلة تمشي بأذن الله أمينة على نفسها لثقتنا العالية بالله و بقضيتناوالكلاب تنبح.
سادسا: أن تركيا، ولأسباب سياسية و أقتصادية واستراتيجية معروفة ليست ظهيرة لتركمان العراق كما تظن رغم تواجد مقرات الأحزاب التركمانية فيها. وقد أثبتت الأيام بأن تركيا حذرة جدا من التورط في القضية التركمانية بل وتحتاط وتضغط على نفسها كثيرا و تلجأ للحياديةلأن في أجندتها في الوقت الحاضر ما هو أهم من التركمان. و لولا خطأها الكبير في منع أستخدام أراضيها و مطاراتها كقواعد عسكرية للقوات الأمريكية لكان وضع التركمان الآن أفضل بكثير من وضع الأكراد أنفسهم. لقد أخطأت تركيا في حساباتها وفي سياستها تجاه العراق و بأعتراف مسئوليهم أنفسهم. و الواضح أن تركيا ستتدخل في يوم ما عندما ترىبلغ اليل الزبى و أن مصلحتها كدولة في المنطقة أصبحت في خطر محتوم. و هذا ما يتحذر منه الأمريكان و سياسييهم في الوقت الحاضر فيتعاملون مع القضايا العراقية التي تستفز تركيا بحذر شديد. وخوفنا نحن على أخواننا الأكراد لكي لا يكونوا ضحية و طعما للكبار كما أستخدموا من قبل على أيدي الشاه و النظام العراقي.
سابعا: أكدت الأحداث الحربية و السياسية في العراق بأن السياسة الكردية في الوقت الحاضرتتسم بالأنتهازية المفضوحة للجميع والتناقض في الطروحات من أجل الوصول الى أهدافها. أن سقوط النظام و غياب القبضة الحديدية للسلطة المركزية على الأكراد ولد فراغا سياسيا وعسكريا واضحا، أضف الى علاقات الأحزاب الكردية مع الكيان الصهيوني من جهة أخرى و الأموال الطائلة التي أغدقتها الدوائر الغربية لهم كل ذلك خلق لهم ظروفا ذهبية أستغلتها القيادة الكردية وقفزوا بثقل كبير و من خلال الأمريكان في مجلس الحكم المحلي (ستة أعضاء مقابل عضو واحد للتركمان- وهو ليس بالعدل نهائيا)، . فبدأوا وبدون تردد لعبتهم في أقتناص ما لا حق لهم بها من أراضي غير كردية بتاتا وتمرير مشروعهم الخاص بتقسيم الوطن لأقامة دويلة لهم. فهم لا يريدون تفويت هذه الفرصة الثمينة التي قد لا تتكررأبدا و التي توفرت لهم بغية تحقيق حلمهم في تقسيم العراق وأقامة ما يسمى بدويلة كردية هشة لا مقومات لها سوى الأغنام و الماعز الملون.
فهم يدعون الى وحدة العراق من جهة و ينادون بتقسيمه في نفس الوقت!
وينادون بالفيدرالية مع مناداتهم بأقامة دولة مستقلة!
ويطالبون بضم مدينة كركوك الى (دويلتهم المزعومة) ثم يدعون بأن كركوك هي أساسا جزء من كردستان! يتهامسون بالأخوة الكردية- التركمانية- العربية ومليشياتهم المسلحة تذبح - و بدون رحمة- بشباب كركوك من التركمان و العرب - كل يوم- بعد أن جردتهم الأدارة الأمريكية من السلاح!
يتوددون الى الدول العربية ومجلس الدول العربية لكسب ودهم وهم يكرهون جميع الشعوب العربية على حد سواء!
أقاموا في الشمال العراقي و بحماية الأمم المتحدة (الأمريكية) منذ آذار ۱۹۹۱بما يسمى (بشبه دولة كردية) ولم يكتفوا بل راحوايهندسون و يخططون - و منذ سقوط النظام- بتقسيم العراق و حكمه معا مستغلين الدعم الأمريكي الأنفرادي لهم و تواجدهم العالي في مجلس الحكم المحلي!
يخططون بأقامة أربع دويلات كردية في أراضي كل من العراق، تركيا، سوريا و أيران ثم ينكرون مطامحهم و مخططاتهم!
كل هذه التناقضات المفضوحة في سياستهم للجميع و بضمنهم للأمريكان و هم لها ناكرون. . . . و ما خفي أعظم!!
فليس من المنطق بتاتا تبرير تقسيم العراق و تأسيس دويلة كردية تكفيرا لأخطاء و لذنوب القيادات العراقيةالتي تضرر الأكراد منها. نحن لا نتنكر للأضرارالتي لحقت بالأخوة الأكراد أبدا. فالمتضررون من العراقيين هم كثيرون و لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكافىء أحد المتضررين بمنحه رخصة أقامة دولة رغم استنكار القوى الوطنية العراقية والشعب العراقي والعالم لهم ولمشاريعهم!!
الله أكبر. . . . ما هذا الهراء السياسي ياناس ياعالم!!
ثامنا: بات غير خاف للجميع بأن جميع عطائات القيادات الكردية كانت تصب في خدمة القضية الكردية لاغير و أطماعهم تصب في أقامة دويلتهم على أرض العراق مستغلين ضعف العراق الحالي. و أنا كعراقي أتمنى للشعب الكردي كل الخير و الموفقية في حكم أنفسهم بأنفسهم شريطة نبذ جميع الأفكارالعنصرية الحاقدة و الأنفصالية و الأستعلائية والتجزءة على حساب الآخرين و ضمن أطار الحكم الذاتي للمنطقة الشمالية من العراق فقط ولابأس في تقاسم الثروة بشكل عادل شريطة عدم المساس أو أدعاء عائدية مناطق غير كردية لهم و أحترام خصوصيات التركمان و الخوة أالعرب في مدنهم وقراهم خصوصا مدينة كركوك و أجزاء كبيرة من أربيل و من الموصل و بعقوبة وكذلك أحترام الكلدان و الآشوريين و العيش بأخوة و محبة معهم ضمن العراق الواحد. ومعذرة بالقول يا زميلي زياد بأن الأكراد لم يكونوا أصحاب رسالة أنسانية - كما أشرت في مقالتك- حيث لا تتوافق الأنسانية مع المجازر الدموية بحق الآخرين و نكران حقوقهم و الأستخفاف بهم ومحاولات ألغائهم.
تاسعا: أن لبعض الأكراد و أخص منهم القيادات الكردية مواقف كثيرة ضد أخوانهم التركمان يؤخذون عليها أيضا بل و أكبر من تعليقاتك على هتافاتهمالبريئة التي يعبرون بها عن مشاعرهم في مناسبات وطنية مختلفة. ولم لا، فالأكراد أيضا يعّبرون عن فرحتهم بالدبكات الكردية المعروفة!
على سبيل المثال سلمت قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني أسماء مئات من شباب التركمان و العرب الناشطين والذين كانوا متواجدين بعيد أحداث شهر آب ۱۹۹٦في مدينة أربيل الى نظام صدام حيث اعدموا مباشرة كصفقة مقابل قيام النظام بمساعدةالحزب الديمقراطي الكردستاني بأسترجاع أقاليم كردية في أربيل أحتلت من قبل حزب الأتحاد الوطني الكردستاني! وآخر هذه المآخذ اللا انسانية مجازر طوز خورماتو(آب ۲۰۰۳) و قيامكم بأطلاق الرصاص و قتل ستة من المتظاهرين الشبابالغير المسلحين وجرح ۲٥ منهم (۳۱\۱۲\۲۰۰۳) ستة منهم أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من الموت، ومنعكم الأطباء من أسعاف الجرحى وأتهامكم لهم بالأرهابيين مقلدين بذلك دور الصهاينة و أداعاءاتهم ضد أبطال الحجارة. وكذلك قيام المليشيات الكردية في كركوك البطلة بحجز الصحفي الزميل ييلمان زين العابدين في احدى غرف المستشفى و اهانته لكي لا يفضح مواقفكم اللا أنسانية ضد التركمان للعالم والذي بدأ يعرف كل الأباطيل والأكاذيب التي تمارسونها في أيهام الرأي العام من ادعاءات و أفتراءات وأكاذيب مستمرة حول عدد نفوس كركوك - مدينة التركمان بلا جدال- والأعمال التخريبية التي قامت بها المليشيات المسلحة عند أحتلالكم لها من فوضى وفساد وسرقات ونهب وقتل.
عاشرا: أن السيدة " صونكول جابوك" أرفع منزلة منك ومن النعوت والكلمات الشوارعية الدنيئة التي تفوهت بها- وبدون حياء- في وصفك لها في مقالتك. أنها لبوءة التركمان ومربية أبطال التركمان الذين نأمل منهم ومنها الكثير. و هي تحظى بتأييد الشعب التركماني الذي يدعمها في نضالها لخدمةعدالة القضية التركمانية وفي مطالباتها بأقامة أقليم تركماني - غير مرتبط بالاكراد- و ضمن العراق الواحد في حالة قيام ما يسمى(بفيدرالية كردستان).
وأخيرا لا يفوتني الاّ أن أقول بأنها لسخرية القدر فعلا هي تلك التي تأتيك الملامة من الناقصين. . . ولكن للباطل جولة.
المصادر:
- الجبهة التركمانية العراقية – مشروعيتها و أستراتيجيتها أربيل حزيران ۲۰۰۱، العدد الأول.
- الأمة الأسلامية و تحديات أعداءها: د. أيوب البزّاز- محاضرة في مسجد دار الأسلام- مانجستر ۲۰۰۳.
- نوري السعيد ودوره في السياسة العراقية. عبد الرزاقأحمد النصيري. رسالة ماجستير- جامعة بغداد ۱۹۸٥
- دراسة في طبيعة المجتمع العراقي البروفيسور علي الوردي ۱۹۹٧.
- الشهداء التركمان – صفحات من التأريخ السياسي المعاصر لتركمان العراق (۱۹٧۹-۱۹۹۱). دائرة حفظ وتوثيق تراث الشهداء التركمان ۱۹۹۹.
- التركمان في العراق و حقوق الأنسان. حسن أوزمان۲۰۰۲.
- جريدة صوت التركمان العدد ۱۳ مايس ۲۰۰۳
* لجنة الدفاع عن حقوق تركمان العراق - بريطانيا
بيان صحفي
بيان صحفي
ممثلية الجبهة التركمانية العراقية
اجتمعت الأحزاب الكردية في شمال العراق مع ما يسمى بالأحزاب التركمانية الكارتونية العميلة والتي تتغذى من فتات مؤائد الحزبين الكرديين ويستلم الرواتب من هذه الأحزاب لتمرير مخططاتهم الشريرة وأصدرت بياناّ يدعو الى الإعتراف بما يسمى بكردستان.
نحن التركمان في الوقت الذي نشجب مثل هذا البيان والإعتراف بما يسمى بكردستان نعلن للعالم بأسره بأنه قد جرت في شهر أيلول (سبتمبر) ۲۰۰۳ إنتخابات حرة ديمقراطية نزيهة أشادت بها دول العالم بأسره وأختار الشعب ممثليه الحقيقيين والذي يمثل أكثر من۹۰٪ من الشعب التركماني تحت قيادة الجبهة التركمانية العراقية الممثل الحقيقي للشعب التركماني.
بهذا نعلن للعالم أجمع مرة أخرى بأن مثل هذه السياسات سبق وأن نفذها أيضا نظام صدام حسين مرشحاّ من عملائه كممثلين للتركمان لتمرير مخططاته الدنيئة.
إن التركمان إذ يشجبون مثل هذا البيان لا يقبلون غير الجبهة التركمانية الممثل الوحيد للشعب التركماني والقرارات التي تصدر عنها هي المعبر الحقيقي للشعب التركماني وقد إعترفت المحافل الدولية والعربية بها.
إن الشعب التركماني وقيادته المناضلة المتمثلة بالجبهة التركمانية والتي أعطت الكثير من الشهداء من أجل سلامة أرض العراق ووحدته ستناضل من أجل العيش في عراق ديمقراطي برلماني حر موحد متعدد الأحزاب ولا تقبل بما يسمى بكردستان ولا الفيدرالية المستندة على العرق أو المذهب وفي بلد عضو في الجامعة العربية لأن هذا يؤدي الى تقسيم العراق ووحدة أراضيه. والتي أعلنّاها مراراّ وتكراراّ في المحافل المحلية والدولية
ممثلية الجبهة التركمانية العراقية
الأكراد و حقوق الأنسان في العراق
د. أيوب البزاز
لجنة الدفاع عن تركمان العراق \ بريطانيا
نصت ديباجة اعلان الأمم المتحدة التي أعلنته في ۱۸ كانون الأول ۱۹۹۲ (قرار الجمعية العامة ٤٧\۱۳٥): "أن تعزيز و حماية حقوق الأشخاص المنتمين الى الأقليات القومية أو الأثنية أو الدينية أو اللغوية يسهمان في الأستقرار السياسي و الأجتماعي للدول التي يعيشون عليها"
غير أن المؤسف حقا أن نرى وضع حقوق الأنسان في العراق بشكل عام وحقوق الأقليات بشكل خاص ومنهم التركمان على وجه التحديد قد تميز بأنتهاكات على مستوى الفرد المدنية و السياسية على يد النظام العراقي البائد قرابة ۳٥ عاما. و هذه الأنتهاكات التي كانت على المستوى اليومي تراوحت من قمع الحريات الفردية و حق المواطنة و بين التوقيف أو الأعتقال بدون سبب واضح وما يرافق ذلك بالطبع من سوء المعاملة و التعذيب (اللذان يؤديان أكثر الأحيان الى الوفات أو العوق أو العقد النفسية هذاعلى أفتراض بقاء المسجون على قيد الحياة، أو الأختفاء عن وجه الأرض و للأبد، والأعدامات الجماعية والفردية. فقد مارست السلطة في العراق سياسة صهر القوميات وبكل الوسائل شدة و عنفا لأزالة وجود ها وبالأخص التركمان التي تعيش على أرض العراق منذ أكثر من ألف وخمسمائة عام.
ولا ينكر أن للقومية الكردية في العراق كان نصيب من هذا الأضطهاد ولكن على درجات متفاوته.
فلو أخذنا وضع الأخوة الأكراد الأستثنائي من حيث جغرافيتهم و ظروف و طبيعة حياتهم و علاقاتهم بالدول الأجنبية التي خدمتهم كثيرا وما رافق ذلك من أستخدام اعلامهم الخارجي و تعريف العالم بما حل بهم من قبل السلطة. . . فقد كان وضعهم أحسن بكثير من وضع التركمان. وخلال فترة نهاية شهر آذار ۱۹۹۱ وفي أعقاب حرب الخليج الثالثة مني الأكراد بهزيمة كبرى على أيدي قوات الحرس الجمهوري والجيش النظامي عندما أجبروا على الأنسحاب من كركوك مخلّفين ورائهم مئات القتلى والجرحى من ميليشياتهم، غير أنهم أستطاعوااعادة تنظيم أنفسهم بمساعدة الغرب من جديد.
و لا يستطيع أحد نكران نجاحهم، بعد حرب الخليج، في عرض معاناتهم للعالم و فلاحهم في أستقطاب العطف الغربي و حصولهم على العون السياسي والدعم المادي الذي على أثره فلتوا من بطش السلطة بهم و أستطاعوا كذلك أن يتمتعوا بالحرية الأقليمية الكافية من خلال حمايتهم الدولية ضمن ما يسمى بخط اللاطيران في الشمال، حيث نجوا و لأثنتي عشر عاما من قصف الطائرات العراقية لمناطقهم. و خلال هذه الفترة الذهبية من عمرهم أسسوا بما يسمى بشبه دولة كردية وقاموا ببعض الممارسات الرسمية ضمن المنطقة الشمالية بدءا باقامة مؤسسات ودوائر رسمية ووزارات وتوظيف جزء من المساعدات المادية و الأموال الطائلة التي استلموها من الغرب والولايات المتحدة الأمريكية في بناء أقليمهم في شمال العراق. كما أن تعاونهم و علاقاتهم مع الكيان الصهيوني و ما تلقوه من دعم ومن مساعدات لم يكن خافيا على أحد من المهتمين بالقضية الكردية. و أستمروا معتقدين بذلك أن حلمهم في الأنفصال من العراق قد بان على الأبواب بمجرد سقوط السلطة في بغداد. وجائتهم فرصتهم الذهبية الثمينة ابان الغزو الأمريكي للعراق فأقتنصوهاو بأتقان وذلك أعقاب انسحاب القوات المسلحة بدخولهم مدينة كركوك الغنية بالبترول تحت غطاء الدبابات الأمريكية كمحتلين مدعين بأنهم جائوها محررين. و جلبوا معهم مئات الآلاف من العوائل الكردية بدعوة كونهم من المهجرين من قبل السلطة. وللأسف الشديد رددت أبواق الأعلام الخبر كما أرادوا له أن يذاع لما في ذلك من نصر أعلامي لهم فيما بعد. ولم لا اذا أيقنا بأن بعض الأذاعات والقنوات الأعلامية و حتى الفضائيات تقوم بالواجب حسب ما يفع لها ن ملايين!
فالحقيقة أن مدينة كركوك لم تكن محتلة من قبل السلطة في يوم من الأيام لكي (يحررها) الأكراد كما يدعون. والتركمان لا ينكرون تواجد أخوتهم الأكراد في بعض الأحياء المحيط بأطراف كركوك الشمالية التي يتركزون فيها جنبا الى جنب مع المواطنين التركمان منذ عقود من الزمن: كأمام قاسم، الشورجة و رحيماوه. أن تركز العوائل الكردية في المحيط الشمالي و لشمالي شرقي من كركوك تأكيد على هجرتهم من المدن الكردية للأستقرار في أقرب نقطة لهم عن المدن و النواحي التى نزحوا منها كالسليمانية، كوي سنجق، سرجنار ألخ. لكن ذلك لا يبرر بأي حال من الأحوال بأن كركوك هي كردية. ولو صحت هذه (الفلسفة الكردية) كما يظنون لكانت المحافظات العراقية الأخرى التي يتواجد فيها بعض العوائل الكردية هي مدن كردية أيضا. بل وقد يأخذهم خيالهم الخصب بعيدا ويعتبرون بغداد أو النجف و الناصرية هي كردية أيضا بل وأن عموم العراق سيكون عندئذ كرديا. هذا ماسمعته مباشرة من أحد الأخوة من أكراد تركيا العاملين في تنظيف المرافق الصحية لأحد مطاعم الطريق السريع عند مروري بها الصيف الماضي و هو ينتشي بأخبار أولاد عمه في العراق و قد أعرب عن أمنياته في أن يحصل المثل في تركيا وأيران وسوريا قريبا. رغم صدور مثل هذه الأماني من رجل جاهل الا أنها لم تأتي جزافا ابدا و هذا مالايتقبله العقل ولا المنطق.
ولا أعلم شخصيا الى أي مدى سيذهب الأخوة الأكراد في غيهم وأوهامهم في تشويش الحقائقوتلفيق الأكاذيب وايهام الغرب و اقناعه بأحلامهم الفردوسية. أفلا يتدبرون تأريخ التركمان في العراق الممتدة الى سنة ۲۱ هجرية عندما دخل قبائل الأتراك في الأسلام وسكنوا العراق و ساهموا في بنائه أم على قلوبهم أقفالها؟ ألم يعلموا أن أسماء أحياء كركوك العديده: بكلر، صاري كهية، عرفة، جقور محلاسي، مصلى، جاي محلاسي، بريادي، بولاغ محلاسي، يدي قزلار، والقلعة، شاطرلو و قورية و جوت قحوة وغيرها- والتي تدل على نفسها من أسمائها- خير شاهد على أنفسهم وعلى مثل هذهالأكاذيب الرخيصة و الأدعائات الباطلة؟ و متى كانت القشلة، و ديوانخانات كركوك الأثرية أو القلعة و غيرها من دعائم كركوك الأثرية كردية؟ كيف لهم أقناع العالم ترجمة معاني أسماء هذهالأحياء والأزقة و القرى والقصبات التابعة لكركوك مثل تازة خورماتو، بيشير، حمزلي، تاووق، قرة تبة، يايجي، صاري تبة، آلتون كوبري، قوش تبة، وعشرات غيرها وهي جميعها تركمانية؟ ما هذا الهراء و الأستخفاف بالقوميات الأخرىأ يها الأحباب؟ و لماذا العمل بموجب فلسفة الكذب المستمر حتى يصدقك الناس و فلسفة الغاء الآخرين و حب الذات الكردية الى هذه الدرجة؟ و لماذا هذه الأنتهازية في اغتنام فرصة غياب السلطة والأحتلال الأمريكي للبلد و اغتنام عضويتكم في مجلس الحكم المحلي لتمرير مشروع التقسيم الصهيوني للعراق في هذا الوقت بالذات؟ أين عدالتكم يا قادة الأحزاب الكردية؟ أليس العراق عراقكم أم انكم جئتم من كوكب آخر و ترومون الأنفصال و أستقطاع الوطن الى أشلاء؟ ومن الذي سمح لكم بأستباحة دماء التركمان؟ وباي حق تلعبون دور اسرائيل في كركوك و تتهمون التركمان أصحاب الأرض بالأرهاب؟ وبأي حق انسان تمنعون الأطباء من علاج أبطال التركمان الذين تجاوزتم عليهم بأسلحتكم من مقر حزبكم في كركوك تحت حماية جنود الأمريكان؟ و بأي ديمقراطية تمنعون الصحفيين من تغطية جرائمكم بحق التركمان؟
أن الدم التركماني الذي سفك على أيدي الميليشيات الكردية هو شارة نصر تطرز بأحرف من المسك في تأريخ تركمان العراق في الدفاع عن مدينتهم الشامخة مدينة أبطال ۱٤ تموز ۱۹٥۹. وأن كركوك تابى الا أن تبقى تقاوم كل محاولات المساس بخصوصيتها التركمانية و وحدة تراب العراق وتعري كل مخططات الصهاينة و الغرب في تقسيم الوطن. فالعراق عراق الجميع ان كنتم تحبون الله ورسوله وسوف لن يرحمكم التأريخ أبدا.
وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ
المجلس الشيعي التركماني
لقد اطلعنا ببالغ القلق على الاتفاق المبرم بين الاحزاب الكردية وبين مجلس الحكم حول مدينة كركوك العراقية. فقد جاء في هذا الاتفاق المشؤوم على اخراج العرب منها اولا ومن ثم عمل احصاء لسكانها وان ثبت اكثرية الاكراد فيها، فانها ستضاف الى المحافظات الثلاثة فيما يسمى بفدرالية كردستان القومية.
بغض النظر عن عدم انسانية هذا الاتفاق وتعديه السافر على مشاعر البشر (بما فيهم النساء والاطفال) الساكنين فيها والمولودين فيها، نقول سوف لن تنتهي المحاولات الخبيثة لاغتصاب هذه المدينة. فقد ابتلينا بمجلس حكم لا يفهم اعضائه ولايعلمون بتفاصيل تاريخ هذه المدينة وغيرها من مدن شمال العراق، اضافة الى ضعف هذا المجلس امام ضغط وابتزاز وتضليل وتهديد الاحزاب الكردية المسيطرة على شمال العراق من جهة اخرى.
ولكن نقدم هذا الحل
من السهل التوصل الى حقيقة هذه المدينة وغيرها من المدن الواقعة في شمال العراق بطريقتين منصفتين ولايقبلان الشك.
۱- مقابر المدينة. . . فلو ذهب اعضاء مجلس الحكم والاختصا صيون وجردوا هذه المقابر واحصوا عدد الاموات، لوجدوا ان مقابر التركمان هي الاكثر عددا. وليس تقريبيا، بل بفارق شاسع لايقبل الشك ويدعوا الى الاطمئنان.
۲- احصائية عام ۱۹٥٧. بالرغم من ان سياسة التعريب بدات منذ مجزرة ۱۹۲٤ ضد التركمان، مازالت هذه الاحصائية هي انصف احصائية يعتمد عليها. . . وهي تثبت ان التركمان يشكلون نسبة ٦٧٪ (تقريبا ٧۰٪) من سكان كركوك.
ملاحظة: في احصائية ۱۹٧٧ وبسبب القمع الصدامي وسياسة التعريب القاسية ضدهم، فان الكثير من التركمان غيروا قوميتهم (مكرهين) من التركمانية الى العربية.
طبعا ان الخصم سوف لن يقبل، لانه يعلم ان هذين الحلين سيكشف اباطيله واعلامه. لذلك فانه سيصر على اخراج (طرد) العرب اولا ومن ثم عمل احصاء. لانه سيضمن بهذه الطريقة الاكثرية. وذلك بسبب انه بعد سقوط صدام حصلت هجرة كردية مكثفة تقدر بمئات الالاف من الاكراد الذين جلبوا الى هذه المدينة المنكوبة من شتى المناطق، حتى من اكراد تركيا، واسكنوهم في كل الابنية الحكومية الفارغة. . . حتى ملاعب كرة القدم، بحجة انهم من سكنة كركوك، زورا وبهتانا. فغيروا بذلك من ديموغرافية المدينة. . . وحسب المخطط. ومن الصعب اثبات هذه الموامرة، لان الاحزاب الكردية وفي ليلة سقوط كركوك وطوز خورماتو وغيرها نهبوا سجلات الطابو والنفوس، ومن ثم احراقوا بناياتها. وزود القادمون الجدد (بسياسة التكريد) ببطاقات مزورة.
فلوا اردنا الانصاف: اذا اخرج العرب بدعوى انهم ليسوا من السكان الاصليين، فيجب اخراج الاكراد ايضا بنفس الدعوى. . .
والا فان المقابر لاتكذب
نحن نكرر اسفنا مرة اخرى ان تصل الامور الى هذه الدرجة من التعسف والاعتداء واللاانسانية لشعب اشتهر بطيبته وحسن المعاشرة بين طوائفه، وكله بسبب الافكار القومية الضيقة البعيدة عن الاسلام والانسانية
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
Turkman Shiia Council (TSC)
www. tsc. ٤shia. net
tsc@tsc. ٤shia. net
كركوك. . . عند الامتحان
نـــــزار حــيــدر
مع تحديات الاحتلال والسيادة التي يواجهها العراق، يكون الحديث عن الطموحات الحزبية والفئوية الضيقة، في غير محله، إذ يلزم أن يتبنى العراقيون جميعا، الأهداف الاستراتيجية التي لا يختلف عليها اثنان منهم، ليستفرغوا كل جهودهم من أجل إنهاء الاحتلال، وإعادة السيادة إلى أنفسهم أولا، من دون أن يعني ذلك أبدا، رفض الطموحات المشروعة لأية شريحة إجتماعية، قومية كانت أم دينية أم مذهبية، أو أية فئة أو حزب، في إطار العراق الواحد المتحد.
لقد ورط النظام البائد، العراق والعراقيين، بتحديات كبيرة وخطيرة جدا، تحتاج منهم أن يشحذوا الهمم، ويترفعوا عن الأنانيات ونقاط الخلاف، ويسلخوا عن أنفسهم العقلية العنصرية والطائفية القذرة، من أجل مواجهتها بما يضمن صيانة وحدة العراق واستقلاله وسيادته، ويضع حدا للتدهور الأمني والمعيشي، الذي يعيشه المواطن العراقي، في كل لحظة.
إن مما يؤسف له حقا، حديث البعض من العراقيين، عن كل شئ، إلا العراق ومصالحه العليا والاستراتيجية، فتراهم يتحمسون لمناقشة حقوق هذه الشريحة أو تلك الفئة أو هذا الحزب، ويتجاهلون في ذات الوقت، الخوض في الحديث عن قضايا العراق المصيرية، وعلى رأسها تحدي الاحتلال والسيادة، ناسين أو متناسين، أن العراقيين في مركب كبير واحد، لا ينفع احدهم صيانة الجزء الذي يقف عليه إذا تعرض المركب لخطر الانهيار والغرق.
إن مثل من يتحدث عن جزء من المشكلة، متجاهلا التحديات الكبرى، كمثل من يهتم بعلاج صداع رأس المريض المصاب بالسرطان، فالشعب الذي يئن تحت وطأة الاحتلال، لا يجوز له أن يناقش طموحاته الفئوية بأي شكل من الأشكال، فالاستقلال والسيادة أولا، ثم تأتي بعد ذلك كل ما يطمح إليه المواطن العراقي، ومختلف شرائح المجتمع.
لا أحد بإمكانه أن ينكر أو يتنكر لطموحات كل شريحة من شرائح المجتمع العراقي، العرقية منها والدينية والمذهبية، بل وحتى الحزبية، ومختلف التوجهات الفكرية والثقافية والسياسية والإيديولوجية، ولكن، ليس قبل الاستقلال والسيادة، فالإصرار على انتزاعها بهذه العجالة، يثير الكثير من الشك والريبة، وهي تبدو وكأنها تحاول إستغلال الظرف الطارئ الذي يمر به العراق، لابتزاز الآخرين، على قاعدة، سياسة فرض الأمر الواقع، ولا أعتقد أن كل ذلك يشير إلى الحكمة والتأني والعقلانية وروح الديمقراطية، التي يجب أن يتسلح ويتحلى بها كل العراقيين من دون إستثناء، حتى يتجاوزوا تحدي الاحتلال والاستقلال والسيادة، بأقرب فرصة ممكنة، وبأقل الخسائر، أو من دونها، إن أمكن ذلك، فلقد علمتنا التجربة المرة، أن الحلول التي يتم التوصل إليها، بالقهر والإكراه وعن طريق إجراء العمليات القيصرية، لا تستمر طويلا أبدا.
أعتقد، أن من المهم جدا، التفكير جديا بترحيل الطموحات الفئوية العملاقة، إلى
مرحلة ما بعد السيادة وإنهاء الاحتلال، وتبني الطموحات العراقية الوطنية الاستراتيجية.
إن من الخطأ الفاحش، أن نحلم بحل كل مشاكل العراق بهذه السرعة، وبضربة واحدة من عصا موسى السحرية، لان بعض ما يمكن أن نطلق عليه صفة، الخلافات الاستراتيجية، بين شرائح المجتمع العراقي، لا يمكن أن نجد لها الحل الناجع في ظل الاحتلال، وإنعدام السيادة الوطنية، وفي ليلة وضحاها، أبدا.
أخشى أن يكون بعضنا، مصداقا لما كان يبشر به الطاغية الذليل، كون العراق مهدد بالتقسيم أو الحرب الأهلية، إذا غاب نظامه عن المسرح السياسي والمشهد العراقي، فبعض الحديث يحمل في طياته بذور فتن عمياء، إذا ألح أصحابها، وأصروا على تجاوز الخطوط الحمراء، فستنفجر بوجه الجميع، فلا تبقي ولا تذر، وسيكون الخاسر الأكبر في كل الحالات والنتائج، هو العراق وكل العراقيين، من دون إستثناء.
تعالوا إذن نتفق على مايلي؛ ـ
أولا؛ ترحيل ـ الخلافات الاستراتيجية ـ إلى مرحلة ما بعد الاحتلال، لنأخذها إلى صندوق الاقتراع، ليدلي الشعب برأيه فيها، إذ لا يجوز أن تناقش مثل هذه المواضيع الخلافية العملاقة والمصيرية، بين أهل الحل والعقد فقط، وفي الغرف المظلمة ومن وراء الكواليس، من دون الإصغاء إلى رأي الناس، والعودة إليهم، باعتبارهم أصحاب المصلحة فيها، أولا وأخيرا، خاصة، عندما لا يكون أهل الحل والعقد منتخبين أو مفوضين من قبل الناس، فكيف يحق لهم اتخاذ القرارات المحورية نيابة عنهم؟، وكيف يجيز لنفسه، من لم يختاره الناس وكيلا عنهم، أن يقرر ما يشاء؟ وكيف يشاء؟ ومتى يشاء؟ من دون معرفة الناس بما يدور خلف الكواليس؟ أهذه هي الديمقراطية والشفافية التي نبشر بها الناس في العراق؟.
ثانيا؛ ـ لا أعتقد أن من حق مجلس الحكم الانتقالي، على وجه التحديد، أو من صلاحياته، مناقشة أو إتخاذ القرارات الاستراتيجية التي تتعلق بشكل أو بآخر، بالسيادة والإدارة والثروة الوطنية، ـ القرارات السيادية ـ وذلك لعدة أسباب، فهو من جانب غير منتخب من قبل الشعب، فكيف يجيز لنفسه أن يقرر بالنيابة عن العراقيين؟، كما إنه من جانب آخر، لا زال يئن تحت ضغط سلطة الاحتلال، التي تحاول باستمرار فرض أجندتها السياسية عليه عبر حق النقض، ـ الفيتو ـ، الذي يتمتع به الحاكم المدني الاميركي، السيد بول برا يمر، فلماذا يورط نفسه بما لا يقدر على إنجازه بشكل صحيح؟.
لذلك إستغربت كثيرا عندما سمعت بخبر تقديم مجموعة الكرد في مجلس الحكم، مشروع الفيدرالية المقترح، للمجلس، لمناقشته وإقراره، إذ لم أفهم حتى الآن، بأي وجهة قانونية وشرعية، سيناقش المجلس مثل هذا الأمر السيادي الهام والاستراتيجي السيادي الخطير؟، إنه أمر يهم كل العراقيين، ليس هذا الجيل فحسب، بل كل الأجيال القادمة، فكيف يحق لمجموعة صغيرة فقط، لا تمثل الكثير من الواقع العراقي، أن تستفرد بدراسته وإقراره؟.
دعونا نهتم أولا بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق كل العراقيين، وبالذات على أعضاء مجلس الحكم الانتقالي، والمتمثلة حصرا بالعمل الدؤوب والمركزي لإنهاء الاحتلال وإعادة السيادة إلى العراقيين، ثم لكل حادث حديث.
أخشى أن تكون أحاديثنا المتشعبة في كل قضايا العراق، مبررا لاستمرار الاحتلال، وحجة بيد المحتل، لتبرير ممارساته التعسفية التي تتصاعد يوما بعد آخر ضد أهلنا في العراق، بحجة محاربة الإرهاب.
ثالثا؛ ـ بالنسبة إلى موضوع كركوك، فانا حقيقة، لم أفهم لماذا كل هذا الاستعجال، لحل القضايا الإدارية المتعلقة بهذه المحافظة بالذات، في الوقت الذي تعاني فيه العديد من المحافظات الأخرى نفس المشكلة وذات العقد الإدارية، إلا أن تكون هناك حاجة في نفس يعقوب يريد البعض قضاها، ونحن نعرف حساسية ملف هذه المحافظة وعلى مختلف الأصعدة.
فللأسف الشديد، فقد بدأت تتجمع في سماء كركوك، نذر فتنة عمياء، إذا نجح المتربصون والجهلة في تفجيرها في الوقت السيئ الذي سيختارونه، فسوف تأتي على كل إنجازات العراقيين التي عمدوها بالدم والتضحيات الجسام وـ الاحتلال ـ.
إنها الامتحان الأكبر لهم، وبالذات للقادة والمعنيين، وأخص منهم بالذكر زعماء الكرد، وعلى وجه الخصوص السيدين جلال الطالباني ومسعود البارزاني، وإن كنت لا أخفي سروري بتصريحاتهما الأخيرة، التي أشارا فيها إلى إستعدادهما لمناقشة القضية بكل عقلانية وسعة صدر، بما يعطي كل صاحب حق حقه، من مختلف الشرائح الاجتماعية التي تتشكل منها المحافظة.
مع ذلك، أتمنى أن يرحل الموقف من كركوك، إلى ما بعد إنهاء الاحتلال وعودة السيادة، لأنها، كما هو معروف، قضية حساسة ودقيقة، يحاول أن يعبث بها أو يستغلها أكثر من طرف دولي وإقليمي، لذلك فإن حل قضاياها الإدارية والديموغرافية، يتطلب المزيد من البحث والتفكير بروية وتأني بعيدا عن ضغوط الاحتلال، النفسية والواقعية، وكلنا يعرف، فإن الحلول الترقيعية أو الجبرية للقضايا المصيرية، لا يكتب لها النجاح أبدا، بل إنها تتحول في أحيان كثيرة، إلى قنابل موقوتة، ستتفجر كلما عبث بزنادها الزمن، ولذلك يلزم العراقيين الابتعاد عن النار وعدم اللعب بها، لأنها، في حالة كالعراق، لا تحرق صاحبها فقط، وإنما تحرق الكثيرين، ولذلك يلزمهم الكثير من الحكمة عند مناقشة القضايا الخلافية الحساسة، من أجل الوصول إلى حلول واقعية ومنصفة لكل الأطراف، ومستقرة ودائمة، وعليهم كذلك، أن لا يبحثوا عن الحلول بنظرة تاريخية، إذ ليس كل المشاكل يمكن أن تحل من خلال العودة إلى التاريخ، بل لابد من أخذ الواقع بنظر الاعتبار، والا، فلو أردنا أن نحتكم إلى التاريخ للبحث عن حلول لكل مشاكلنا وقضايانا، مع عدم اخذ الواقع بنظر الاعتبار، لكان علينا، إذن أن نعيد العراق، مثلا، إلى الملكية العثمانية، فهل يا ترى يقبل عاقل بذلك؟.
أعتقد، أن كركوك ستكون، بالنسبة لكل العراقيين، إمتحان المصداقية، فشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان ومبدأ ـ العودة إلى صندوق الاقتراع لتقرير مصير القضايا المصيرية ـ، وكذلك مبدأ الحوار وإعتماد قوة المنطق لحل المشاكل بين العراقيين، وعدم الاحتكام إلى القوة والسلاح وسياسة تضليل الرأي العام، في مثل هذه القضايا الهامة، إن كل هذه الشعارات والمبادئ، التي طالما تحدثنا عنها وتبنيناها ورفعناها عاليا وزينا بها صدر صحفنا، أيام النضال ضد النظام البائد، تقف اليوم أمام امتحان المصداقية، هل نفي لها بوعودنا؟ أم ستبقى حبر على ورق، نظل نتغنى بها من دون تطبيق؟، وهل سنأذن لها بالدخول إلى كركوك، لتشهد التعايش الأخوي بين مختلف شرائحها الاجتماعية وتلاوينها القومية والدينية والمذهبية والسياسية؟ أم سنذبحها عند عتبة باب المدينة، لتشهد مرة أخرى على ظلم الإنسان لأخيه الإنسان؟، ونشهد بذلك على أنفسنا، وأمام العالم وشعبنا، بالكذب والمراوغة والخداع، وعدم اكتراثنا بأي شئ سوى مصالحنا الأنانية الضيقة.
وبصراحة أقول؛ ـ
أولا؛ ـ إن كل شبر من أرض العراق، هو لكل العراقيين، ولكلهم الحق في أن يساهموا في تقرير مصيره، فلا يجوز لأحد، كائن من كان، أن يغيب صوتهم، أو يبعدهم عن الإدلاء بدلوهم في مصيره، وما يرونه مناسبا لمستقبله، فالعراق الذي ورثناه من الآباء والأجداد، هو ذاته منذ أن خلقه الله تعالى بحدوده وموقعه، ولذلك لا يحق لأحد أن يعبث به أبدا.
ثانيا؛ ـ إن القضايا الخلافية الكبيرة، لا تحل بالتظاهر والبيانات والشعارات، فإذا تظاهر، مثلا، خمسون ألفا تأييدا لمشروع ما، فإن هناك خمسة وعشرون مليونا وخمسون ألفا آخرين، لم يدلوا برأيهم بعد، فكيف يحق لنا أن نبني رأيا، أو نرفض مشروعا، لان آلافا تظاهروا تأييدا له، أو ضده؟.
ثم، لماذا ننعت بعض تظاهرات الرأي، بالغوغائية، والعمالة للنظام السابق، والجهل، وقبض الأموال، وأحيانا نواجهها بالرصاص؟، إذا أزعجتنا شعاراتها، فيما نصف بعضها الآخر، بالأحقية والريادية وكل الصفات الحسنة؟، إذا طربت لشعاراتها، آذاننا.
صحيح أن من حق كل مواطن عراقي، أن يتظاهر في الشارع، معربا عن رأي ما في قضية ما، ولكن لا يحق لأحد أبدا، أن يحول التظاهرالى مشروع، والتظاهرة إلى قانون، ما لم نعيد كل قضايانا إلى صندوق الاقتراع، فعند عتبته المقدسة فقط، الخبر اليقين.
ثالثا؛ ـ لو أن محافظة عراقية، تستحق أن تكون عاصمة العراق، بدلا عن العاصمة بغداد، لكانت كركوك، وذلك لاعتبارات كثيرة، أهمها، أنها رمز التعايش والتنوع العراقي، على مر التاريخ، فهي بمثابة العراق مصغرا، بكل شرائحه الاجتماعية، وتوجهاته السياسية، وإنتماءاته الفكرية.
إنها تشبه ألوان الطيف الشمسي، بجمال تنوعها، وروعة تشكيلتها الاجتماعية، وحرام أن نعبث بهذا الجمال والروعة أبدا.
لقد عانت كركوك كثيرا، على يد من حاول تجاهل هذه الحقيقة، عندما سعى إلى صبغها بلون واحد، مع إصراره على إلغاء بقية الألوان، فجرت الدماء أنهارا، بسبب ذلك، وسحلت الجثث في الشوارع، واقتتل الناس، وتواصلت المآسي والمعاناة الإنسانية، خاصة في فترة حكم النظام البائد، الذي حاول تعريبها قسرا، فأصدر قانون ما سمي بتصحيح القومية سئ الصيت، ـ وكأن الخلق قادر على تغيير ما خلق الله تعالى ـ وهجر أهلها، وأحل محلهم آخرين، بالترغيب تارة، وبالترهيب تارة أخرى، فهل يجوز لعاقل أن يكرر تجربته اللاإنسانية الفاشلة مع هذه المحافظة المسالمة والمظلومة في آن؟.
دعوا أهلها يتنفسون الصعداء أولا، ثم افسحوا لهم المجال، وامنحوهم الفرصة، ليقولوا كلمتهم بعيدا عن الإكراه والقهر والإرهاب، فلا تظلموهم، أو تستعجلوهم، فتزيدوا من معاناتهم، ألا يكفيهم ما فعل بهم النظام الشمولي البائد؟.
إذا كان النظام البائد، قد فرض عليها تغييرا ديموغرافيا، وفشل، فهل يجوز أن نكرر خطأه، فنحاول فرض التغيير الجغرافي عليها قسرا؟، وكلنا يعلم أن نتيجة أي إكراه هو الفشل، إن عاجلا أم آجلا؟.
لقد ظلم النظام البائد، أهالي المحافظة عندما أجبرهم على ترك بيوتهم والرحيل عن مسقط رأسهم وملعب صباهم، كما ظلم النظام، من رحله قسرا من بقية المحافظات لإسكانه قهرا فيها، وإن من يكره القاطنين فيها على الرحيل عنها والعودة إلى محافظاتهم، من دون ترتيبات إدارية وقانونية ومعيشية، تضمن لهم عودة كريمة وتصون حقوقهم، سيظلمهم كذلك.
رابعا؛ ـ وأخيرا، كيف يمكن أن نتخذ قرارات مصيرية وتاريخية، أزاء قضية حساسة كمستقبل كركوك، مع؛
۱ ـ إنعدام السيادة.
۲ ـ غياب الإحصاء الدقيق والحديث والعلمي المحايد.
۳ ـ عدم وجود برلمان منتخب، له كامل الحق والأهلية في إتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية.
٤ ـ غياب صوت المواطن ـ صندوق الاقتراع ـ؟.
كركوك وحساسية العراقيين
عبدالزهرة الركابي
كلما أريد الخوض في موضوع كركوك أتردد وبالتالي أطرد فكرة الكتابة في هذا الموضوع، حتي لا يكون رأيي عرضة لإتهامات تدخل في طياتها العرقية والطائفية والي ذلك من جوانب أخري، لكن كركوك ليست منحصرة في إثارة الكتابة والكتاب وحسب بل أصبحت تثير حساسية العراقيين علي مختلف مشاربهم السياسية والعرقية، لذلك سأدلو بدلوي سيما وان هناك جوانب تستحق الإشارة إليها مع التأكيد والإصرار ان كركوك تظل عراقية قلبا وقالبا مثلما تظل بمنأي عن تسميات تطلق عليها خوفاً حتي لو إنطلقت التسميات السالفة من حماسة وعاطفة تعوزهما الكثير من المعطيات والوقائع، وإذا كان لابد من تسمية لها فإن مثل هذه التسمية تظل ضمن مركز (عراقستان) إذا جازت التسمية، كتأكيد عراقية كركوك ووحدة العراق أرضاً وشعباً.
ان كركوك تمثل رمزا عراقيا تعبّر تفاصيله عن تنوّع عرقي (تركمان، أكراد، عرب، كلدو آشوري)وتنوّع ديني ومذهبي(مسلمون، مسيحيون، سنة، شيعة)، ومن هذا التنوّع بإمكاننا عكس الطيف العرقي والديني والمذهبي علي عموم العراق، تعزيزا لوحدة الشعب العراقي وتماسكه، وحفاظا علي سلامة أراضي العراق ووحدة الشعب العراقي التي من المفترض في هذا الوقت العصيب ان تكون مبدأ لكل أطياف الشعب العراقي.
لذلك من الأنسب ومن الحكمة ان تعود الأطراف المعنية بكركوك الي توخي مصلحة العراق الموحد والشعب العراقي الواحد من المصلحة المذكورة، حيث ان أعداء العراق من مصلحتهم إذكاء نار هذه الدعاوي، مما يجعل من مهمة وواجب كل أطياف الشعب العراقي أن تفوّت الفرصة علي هؤلاء الأعداء، لأن الوقت الحاضر يتطلب رص الصفوف.
وإذا كان الشعب العراقي قد عاني من نواتج سياسات النظام السابق فليس من الإنصاف ان يتحمل نواتج هذه السياسات بعد رحيله، بل ان من المطلوب والمفترض ان يعمل الجميع في العراق علي تخفيف تلك النواتج، وذلك من خلال التصرف بمنطق وحكمة.
إذاً، علي أطياف الشعب العراقي في كركوك وغيرها من المحافظات العراقية العمل المسؤول بإتجاه تعزيز أواصر الوحدة والتلاقي ونبذ كل ما يؤدي الي التطرف والتعصب الإنعزال، من أجل تعويض مايمكن تعويضه من نواتج الحقبة السابقة، وان ثراء كركوك هو ثراء لكل العراقيين الذين يملكون بلدا هو من أغني بلدان الله التي حباها بنعمات خيراته.
وعليه، ان من مصلحة العراقيين جميعا ان تظل كركوك بعيدة عن التسميات العرقية والطائفية ومدلولاتها.
بعد مظاهرة كركوك؟ هل سيطيح الإسلاميون بهيمنة الأحزاب القومية واليسارية الكردية؟
علاء اللامي
على نقيض صورة المشهد السياسي السائدة في كردستان العراق، والتي تعطي الانطباع بهيمنة شاملة وراسخة للحزبين الرئيسيين: الديموقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البرزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال الطالباني ومجموعة من الأحزاب القومية واليسارية الصغيرة المتحالفة معهما، على نقيض تلك الصورة تبدو الأمور على أرض الواقع أكثر سلبية وتعقيدا حيث تعاني قيادات هذه الأحزاب من انحسار خطير في جماهيريتها وتراجع سريع ومتفاقم في دورها وعلاقاتها بالسكان المحليين وأيضا بقواعدها الحزبية ورموزها المهمة داخليا. وقد جاءت المظاهرة الأخيرة التي حشدت لها الأحزاب القومية واليسارية في مدينة كركوك والتي غاب عنها العلم العراقي تماما ورفعت الأعلام الأمريكية والكردية لتؤكد حقيقة ذلك الانحسار حيث تراوحت قوة المظاهرة وفقا لمصادر مستقلة بين عشرة وعشرين ألف متظاهر رغم كل عمليات التعبئة والتحريض وبذل الإمكانات والجهود والوسائل اللوجستية التي وضعت تحت تصرف الأحزاب الكردية من قبل حلفائها المحتلين الذين وفروا الأجواء الأمنية الملائمة لهذه المظاهرة ولكنهم قمعوا بشدة مظاهرة مضادة للطلبة العراقيين من العرب والتركمان والآشوريين في اليوم التالي .
و قبل مظاهرة كركوك بأسابيع قليلة حدث ضجة سياسية كبرى بسبب انكشاف العلاقات السرية بين مسؤولين وكوادر ثقافية وإدارية وعسكرية من هذه الأحزاب وبين مخابرات النظام الشمولي المطاح به، وبعد تفاقم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي جاء بها الوضع الجديد صارت هيمنة وشعبية تلك الأحزاب موضع تساؤل كبير وجدي ليس لدى القوميات غير الكردية في كردستان والتي لا تكن ودا كبيرا لتلك الأحزاب أصلا كالعرب والتركمان والكلدان والآشوريين وفئات من الأيزيديين فحسب بل حتى لدى شرائح واسعة وفئات اجتماعية مهمة من السكان الأكراد أنفسهم.
بهذا الصدد، تحدث صحافيون وسياسيون قادمون حديثا من شمال العراق /إقليم كردستان، أن حالة من التذمر الواسعة والمتنامية تجتاح الإقليم، وأن القيادات الكردية القومية واليسارية تواجه خطرا جديا يتهدد هيمنتها وسيطرتها التقليدية والناتجة من عدة عوامل لا تمت كلها بصلة لدورها المقاوم للنظام الشمولي المركزي في بغداد قبل الحرب. صحيح أن الحالة الأمنية في الإقليم تظل نسبيا أكثر هدوءا من مناطق عراقية أخرى، وأن الوجود الاحتلالي "مرحب به" من قبل فئة واسعة من السكان وخصوصا من قبل أولئك المتضررين مباشرة من سياسات النظام العنيفة والدموية، أو هذا على الأقل ما تحاول وسائل الإعلام الحزبية أن تعكسه بإلحاح. ولكن الواقع المعاشي السيئ والمتأثر بموضوع العملة العراقية الجديدة التي فرضها الاحتلال والتأثر بفضائح المسيطرين على الأوضاع وممارسات أتباعهم دفعت وستدفع إلى خلخلة المشهد الموروث ووضع علامة استفهام كبرى قد يكون لها أثرها البالغ على قيادات هذه لأحزاب وعلى دورها السياسي. لقد جاء موقف الحزبين الكرديين الرئيسيين الرافض لإجراء انتخاب الهيئة الخاصة بسن الدستور أو أي نوع من الانتخابات العامة على أساس ما يسمى في العراق ببطاقات التموين مفاجئا للكثيرين، ومؤكدا لحالة الانحسار والتآكل الجماهيري التي تعاني منها تلك الأحزاب وتخشى معها من فقدان هيمنتها التقليدية عبر الانتخابات إن جرت الآن تحت مراقبة وإشراف دوليين. لقد توقع الكثيرون أن يصدر هذا الرفض من أحزاب صورية ليس لها أيما وجود حقيقي في الشارع العراقي وعلى علاقة جيدة بسلطات الاحتلال الأمريكية كحزب المؤتمر الوطني لأحمد الجلبي وحزب الوفاق لأياد علاوي والحزب الوطني الديموقراطي الذي أعاد تأسيسه في عهد الاحتلال نصير الجادرجي وقد رفضت هذه الأطراف فعلا الدعوات إلى إجراء الانتخابات وآخرها تلك الصادرة عن المرجع الديني الشيعي السيد علي السيستاني بحجة الحالة الأمنية المضطربة وهذا أمر يمكننا فهمه، أما الرفض الذي أعلنه حزب الطالباني مثلا، وعلى لسان الناطق الرسمي باسمه السيد عادل مراد، فلا يمكن إلا وضعه في سياق الحالة المتأزمة والحرجة لهذا الحزب ولأحزاب المتحالفة معه ومع سلطات الاحتلال. أما محاولة صاحب التصريح التعويض عن الانتخابات بعبارة ملتبسة تقول بإمكانية إجراء (انتخابات للمجالس البلدية التي عين الأمريكان أعضاءها) فهي محاولة مشوشة تماما وخالية من الاستقامة السياسية دع عنك إنها بلا معنى من الناحية العملية لأنها تريد الجمع بين الماء و النار، الانتخابات والتعيين!
ويبدو أن المقصود هو تنظيم مؤتمرات إقليمية (هذه العبارة وردت حرفيا على لسان عادل المنتفكي أحد ممثلي حزب المجلس الأعلى في مجلس الحكم المعين والكادر البعثي السابق في مليشيا " الحرس القومي " ذي الدور المشهود خلال انقلاب ۸ شباط ۱۹٦۳) تحت إشراف مجالس المحافظات والمجالس المحلية المعينة الأعضاء بدورها من قبل سلطات الاحتلال وكل هذا اللف والدوران له هدف واحد هو استبعاد الناخب العراقي عن ممارسة حقه بشكل مباشر ليس في العراق العربي التي يتحججون بأن الظروف الأمنية لا تسمح بإجراء الانتخابات فيه بل أيضا في شمال العراق ذي الأغلبية السكانية الكردية والذي يعرف استقرارا نسبيا من عدة سنوات. لماذا إذن أصر ممثلو الأحزاب الكردية على التضامن مع المشيئة الأمريكية الرافضة لإجراء انتخابات مباشرة للهيئة الدستورية وللحكومة المؤقتة؟ ولماذا رفضت الإدارة الأمريكية حتى مشروع إجراء إحصاء سكاني في البلاد؟ تقول مصادر صحافية وحزبية لها وجود مهم في شمال العراق " إقليم كردستان " إن مدن كبيرة كأربيل و السليمانية ودهوك يمكن أن يطاح فيها بتلك القيادات لصالح الإسلاميين وربما بعض منظمات أقصى اليسار لو أجريت انتخابات نزيهة ومراقبة دوليا. وتذهب تلك المصادر أن مرحلة التضامن والشعور بالوحدة في مواجهة ممارسات النظام الشمولي وذكريات قمعه المعمم في سبيلها إلى التطامن والانسحاب من خلفية المشهد الاجتماعي تحت تأثير المشكلات المستجدة والمعاناة القاسية التي تعاني منها الجماهير من عامة الناس. ومما يزيد من تأجيج إحساس الناس بفداحة ظلم وقسوة واقع الحال تزايد مظاهر فساد النخب الميليشياوية والحزبية الحاكمة والمتحكمة في المناطق الكردية ذاتها.
لقد راهنت الأحزاب القومية واليسارية الكردية على خيار التغيير عن طريق الحرب، مع أن بعضها، الحزب الشيوعي مثلا، ينفي أنه كان ضمن هذا الخيار ويحاول الترويج لمقولة أن الحرب كانت قضاء مقضيا وقدرا مقدورا لا راد له، وهذا نوع من "الجبرية الماركسية "الجديدة والمضحكة قليلا، ثم اندفعت تلك الأحزاب بعد الحرب إلى التحالف مع المحتلين تحالفا اندفاعيا ويكاد هذا التحالف يشبه توقيعا على بياض. وهكذا وضعت هذه الأحزاب بيضها كله في السلة الأمريكية، تاركة ساحة رفض الاحتلال ومعارضة الحاكمين للحركة الإسلامية الكردستانية الفتية والتي هي بعكس الحركة الإسلامية الشيعية (المجلس الأعلى وجناحين من حزب الدعوة. .) والسنية (حركة الأخوان المسلمين) في العراق العربي والتي انشقت إلى طابورين الأول مع الاحتلال والثاني ضده، حافظت – الحركة الإسلامية الكردستانية - على موقف موحد معادي للاحتلال مع استثناء صغير يتعلق بالسيد صلاح الدين بهاء الدين أحد ممثلي الأكراد في مجلس الحكم المعين من قبل سلطات الاحتلال والذي يعرف بأنه من المقربين لحركة الأخوان المسلمين و يرأس حزب الاتحاد الإسلامي الكردستاني. وإضافة إلى الإسلاميين المناهضين للاحتلال ثمة بعض الفصائل اليسارية الصغيرة والتي عارضت الحرب والاحتلال كالحزب الشيوعي العمالي على الرغم من الالتباسات والسذاجة والتشنج الذي يحكم سياسات وممارسات هذا الحزب وانجراره إلى مواجهات مفتعلة مع الحركة الإسلامية وهناك أيضا منظمة كومله خبات سور اليسارية المعادية للاحتلال، إضافة إلى بعض القوى والأحزاب التركمانية كحزب الشعب لتركمان العراق وحزب بيت نهرين القومي الآشوري إضافة إلى القوى السياسية والعشائرية العربية في الإقليم. معلوم أن هذه هذا المزيج السياسي غير المتجانس من القوى لا يجمعه في الوقت الحاضر إلا القليل من الثوابت ولكنها على قلتها أكثر أهمية وجذرية من سواها ومن تلك الثوابت:
-رفض الاحتلال الأجنبي و رفض هيمنة الأحزاب المتحالفة معه.
- رفض الممارسات الحزبية المستقوية بالاحتلال كمحاولات فرض الطابع الكردي على بعض المدن والقرى وخصوصا مدينة كركوك النفطية والمتعددة قوميا والاستيلاء المسلح على أخرى وطرد السكان غير الأكراد منها .
- وهناك قوى ترفض المطلب السياسي الذي ترفعه الأحزاب المتحالفة مع الاحتلال والخاص بالفدرالية كشكل للدولة العراقية وخصوصا وإن هذا المطلب المتساوق مع رفض شديد للفيدرالية الإدارية أي فدرالية المحافظات التي لا يرفضها الكثير من الفرقاء العراقيين والإصرار على فيدرالية قائمة على الأساسين الجغرافي و القومي يعطي الانطباع بأن هدف الأحزاب الكردية هو إنشاء دولة داخل الدولة باستغلال الوضع الاحتلالي القائم.
- والحقيقة أن الفيدرالية حتى بالشكل "الجغراقومي" ليست مرفوضة لأنها غير مبدئية، أو لأنها بعيدة عن حق تقرير المصير، بل لأن المطالبة بها تأتي في توقيت سيئ جدا وفي ظروف كارثية يمر بها العراق وشعبه. إن هذا التوقيت وذلك الظرف سيجعلان من أي شعار عادل في مضامينه هدفا للشك والرفض وسوء الفهم متى ما استقوى حامله بالمحتل الأجنبي وصار بالتالي وبلاً وكارثةً على أصحابه و على القضية العادلة التي يطمح إلى حلها وهي هنا حقوق الجزء العراقي من الأمة الكردية المظلومة والمضطهدة والمقسم وطنها بين أربعة دول من دول المنطقة.
إن هذه التفاصيل قد تبدو للوهلة الأولى بعيدة عن التأثير المباشر في السيماء العامة للمشهد السياسي والمجتمعي في شمال العراق / إقليم كردستان هي التي تراكم مفاعيلها في صورة المشهد المستقبلية فقد بدأت قطاعات واسعة من الجمهور الكردي تدرك أبعاد الرهان الخطير الذي اندفعت خلفه الأحزاب القومية واليسارية المتحالفة مع المحتلين وأدركت أيضا المخاطر الجسيمة التي ستنيخ بكلكلها على القضية الكردية ككل متى هزم الاحتلال وهزم معه المراهنون عليه.
لقد أكدت أحداث الأيام القليلة الماضية عدة معالم تؤكد حقيقة الانحسار السياسي لتلك الأحزاب حتى بين جماهيرها التقليدية ومن تلك الأحداث يمكن التذكير بالرفض القاطع الذي قاده عمليا الرئيس الدوري السابق لمجلس الحكم المعين جلال الطالباني لآلية الانتخابات المباشرة للهيئة الدستورية والحكومة المؤقتة كما طالب المرجع الديني علي السيستاني وسواه. ويجانب الصواب كثيرا من يتصور أن الرفض الحزبي الكردي خصوصا لتلك الآلية الانتخابية موحى به من المحتلين أو أنه يأتي في سياق الرهان الأساسي لتلك الأحزاب على الاحتلال بل هو يعكس المخاوف الحقيقية لقيادة تلك الأحزاب من جماهيرها التي تنوء تحت ثقل مشكلاتها اليومية ومخاوفها الاستراتيجية أولا ومن تنامي القوة السياسية للمعسكر المقابل وخصوصا الطرف الإسلامي الكردستاني الذي قد يلحق انتكاسة خطيرة بتلك الأحزاب في أي نزال انتخابي نزيه
إن هذا الواقع يضع أمام القوى العراقية المعادية للاحتلال عموما، وعلى الشق التقدمي واليساري منها على وجه الخصوص مهمة غير سهلة تتمثل في التخطيط لبرنامج سياسي آني لا يساوم على الثوابت التي تعترف بحقوق الشعب الأكراد العراقيين بوصفهم جزء من الشعب العراقي ومن الأمة الكردية في وقت واحد ويرفض بمبدئية حاسمة الممارسات الشوفينية والمستقوية بالمحتلين مهما كان مصدرها كما يجب دعم القوى المعادية للاحتلال بما فيها الحركة الإسلامية الكردستانية دون أن يسكت على ممارساتها وشعاراتها اللاديموقراطية والسلفية المحافظة. وهذا ما يضع الاستقلاليين العراقيين أمام مهمة التخطيط العميق والسريع لمشروع تحالفي شعبي مناهض للاحتلال وحلفائه
إنها مهمة معقدة دون ريب، غير أن للمشاركة في إنجازها شرف المساهمة الفعلية في التحرير وكسر المشروع الأمريكي الهادف للاستحواذ على العراق و نهب ثرواته واستعباد شعبه من جميع قومياته وطوائفه وطبقاته.
خلاصة الكلام: لقد رفضت سلطات الاحتلال الأمريكية أخيرا التجاوب مع طلب قيادات الأحزاب القومية الكردية الملح لاتخاذ قرار حاسم ومسبق وبعيد عن أية سلطة عراقية منتخبة بإقامة الدولة الفيدرالية على الأساسين العنصري والجغرافي والتي هي في حقيقة الأمر مجرد خدعة سياسية وفهلوة ساذجة يجيدها حزبيو البرجوازية الصغيرة يطالبون بموجبها لفظيا بالفيدرالية (توحيد مجموعة محافظات أو مقاطعات جغرافية في كيان سياسي واحد) وهم يقصدون عمليا الدولة الكونفدرالية أي(الاتحاد بين كيانين قوميين مستقلين في كيان سياسي واحد) ولقد خسرت هذه القيادات المستقوية بالمحتلين الأجانب الكثير. ومن هذا الكثير: خسرت التعاطف والتضامن الأممي والوطني العميق والقوي الذي كان العراقيون العرب دون سواهم من شعوب المنطقة يمنحونه للشعب الكردي ومطالبه القومية الشرعية لدرجة القتال مع الكرد ضد حكومتهم المركزية فجازتهم القيادات الحزبية الطالبانية والبرزانية أسوأ الجزاء. وأحدثت هذه القيادات جروحا عميقة في الذاكرة العراقية الجمعية من خلال مجازرها ضد العرب والتركمان العراقيين في طوز خرماتو وكركوك وتل أعفر، ونأمل أن تندمل هذه الجراح سريعا بجهد الكرد العراقيين الشرفاء من رافضي الاحتلال والوصاية والانتداب الأمريكي الجديد كما أن هذه القيادات خسرت علاقاتها التي كانت وطيدة مع دول الجوار وخصوصا مع سوريا وتركيا، أما النظام الطائفي في إيران فهو سيمتص خدمات حزب الطالباني الحاكم في إمارة " السليمانية " المتحالف معها ثم يرميه كما ترمى الليمونة المعصورة في سلة الفضلات
لقد ألحقت قيادات الأحزاب الكردية القومية المغامرة والعميلة للاحتلال أفدح الضرر بقضية تحرر الأمة الكردية وهدفها الإنساني في قيام كيانها السياسي القومي، هذا الهدف الذي ترفع أمريكا ذاتها قرار النقض "الفتيو " ضده منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن، ولكنها سمحت بأن تتحول تلك القضية إلى عراك من أجل براميل نفط كركوك مثلما كان الأمر خلال الحرب التي نشبت بين الإمارة الطالبانية والأخرى البرزانية في التسعينات و التي راح ضحيتها آلاف الكرد الأبرياء من أجل دولارات الكمارك الحدودية عند معبر إبراهيم الخليل الحدودي. ثم إذا كان هذا ن الحزبان قد اقتتلا وسفكا دماء الآلاف من الكرد من أجل دولارات الكمارك فماذا سيفعلان بالكرد والشعب العراقي كله إذا ما قرر الاحتلال الأمريكي أن يسلطهما فعلا على نفط كركوك و ملياراته؟ هل سيستعملان القنابل النووية ضد " بعضهما"؟
كركوك مدينة كردية أم غنيمة حرب؟
تركي علي الربيعو - السفير اللبنانية
في واحدة من دور النشر اللبنانية الكثيرة، بدا على محدثي الفرح والدهشة والمفاجأة، عندما علم من حديثي مع مدير الدار، أنني من مدينة القامشلي التي تقع على الحدود السورية التركية في جوار مدينة نصيبين التاريخية، وعندها ابتدرني بالسؤال وعلى عجلة:
أنت إذن كردي؟
أجبته بالقول: إنني عربي؟
ولكن القامشلي مدينة كردية وشاهده على ذلك أنه من القامشلي.
قلت له أنا من القامشلي أيضاً.
وعندها بدأت الحيرة على وجه صاحبي وغاب عنه الفرح، فكيف يمكن للمرء أن يكون من القامشلي ولا يكون كردياً؟ خاصة أن الخطاب القوموي الكردي كما تعبّر عنه النشرات الحزبية التي تصدرها بعض الأحزاب هناك، تدلك باستمرار على الهوية الكردية للمدينة، فكيف ذلك.
كان على صاحبي أن يتراجع في حساباته القوموية، فأنا أعرف التوزع الاثني والديمغرافي جيداً في المدينة التي لم تكن في يوم من الأيام كردية، لا بل إن الأكراد لم يسكنوا ضواحيها الفقيرة إلا مع العقود الثلاثة من القرن المنصرم.
في الحقيقة، فهذه الحادثة/ الحكاية، تحصل معنا باستمرار، وقد سقتها في معرض حديثي عن كركوك، لأبيّن الكيفية التي تتحكم فيها إرادة الإيديولوجيا على حساب إرادة المعرفة، والتي تسقط من حسابها الكثير من الاعتبارات الإنسانية والقومية للمنطقة التي أدخلت في شرنقة المتخيل الكردي الجغرافي الذي يمتد من شمال طهران إلى حوض البحر الأبيض المتوسط؟! وهذا ما اشتكى منه أغلب الدارسين للقضية الكردية والمتعاطفين معها، من جوناثان راندل في كتابه << أمة في شقاق: دروب كردستان كما سلكتها، ۱۹۹٧>> إلى هاني الفكيكي في كتابه <<أوكار الهزيمة، ۱۹۹٧۹۳>> الذي اشتكى مما سمَّاها بالنزعة المتطرفة عند <<اليسار القومي الكردي الطفولي>> ولكن راندل يعزوها إلى أمر آخر، فلكون <<الأكراد من الشعوب المهزومة في التاريخ>> ولكون <<كردستان هي بلاد الألف ثورة وألف حسرة>> كما يشهد على ذلك عنوان أحد فصول كتاب راندل، فإنهم لا يجدون ما يعوّض هزيمتهم إلا بالاندفاع إلى الأمام، والهروب إلى الأمام، وهذه هي شيمة العرب والكرد معاً، الذين لا يجدون تعويضاً عن جرحهم النرجسي الفاغر الفم إلا بالهروب إلى الأمام معاً، ولذلك ليس غريباً أن يكون الاثنان من ضحايا التاريخ المعاصر؟.
في كتابه عن العراق وفي الجزء الأول منه الذي يطال <<الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية من العهد العثماني حتى قيام الجمهورية>> يؤكد حنا بطاطو أن مدينة كركوك هي مدينة تركمانية بامتياز، وهذا ما تجمع عليه الكثير من الدراسات الاستشراقية التي طالت الوجود الإثني في كركوك في النصف الأول من القرن العشرين المنصرم، ومن وجهة نظر بطاطو المدعومة بالدراسة الميدانية، أن أربيل وهي المعتبرة عاصمة لكردستان العراق هي بدورها مدينة تركمانية تم تغيير خريطتها الديمغرافية لاحقاً لصالح الأكراد بالاضطهاد والقسر الذي طال التركمان والأشوريين وغيرهم، خاصة أن التركمان هم سكان المدينة ووجهاؤها. يقول بطاطو: كان التركمان ينتمون بالتأكيد إلى الشريحة الثرية بكركوك (. . .) وكان ملاك الأراضي الكركوكيون، أكثرهم من التركمان أو الأكراد الذين يصنفون أنفسهم تركمانا>>.
من يعد إلى كتاب عباس العزاوي عن <<عشائر العراق>> في أجزائه الأربعة، وبالأخص في جزئه الثالث، الذي يطال العشائر الكردية الممتدة على طول الحزام الجبلي الممتد من شمال كركوك إلى أربيل، يجد تماثلاً مدهشاً، يصل إلى حد التطابق بين بنية العشيرة العربية وبنية العشيرة الكردية، فالعشائر الكردية مثلها مثل العشائر العربية، هي عشائر من أجل الحرب، وهذا ما انتبه إليه بطاطو في توصيفه لحالة العشائر العربية، وأن التحالفات بين العشائر العربية، أو بينها وبين العشائر الكردية، هي <<تحالفات من أجل الحرب>> وهذا ما اهتدت إليه الانتربولوجيا السياسية لاحقاً في مجالها التحليلي الذي يقطع مع الدراسات الوصفية.
إن القول بأن المجتمعات البدوية، سواء منها الكردية أو العربية، هي مجتمعات من أجل الحرب، يشير إلى أمرين ذوي دلالة في تحديد هوية كركوك: الأول: ضعف المدينة مقابل الريف، فالعشيرة هي <<الجماعة الوحيدة المنظمة اجتماعيا>>. من هنا نفسر، رفض البدوي (العربي أو الكردي) سكن المدينة العاجزة عن حمايته وهذا ما يؤكده بطاطو.
الثاني: ويتمثل في ازدراء البدوي للعمل، وبخاصة الفلاحة التي أنزلت الفلاحين الى وضع أشبه بالقنانة، وبخاصة بين الأكراد، فكانت الفلاحة بين الأكراد حكراً على ما يسميهم بطاطو ب<<المساكين>> الذين لا تعرف أصولهم القبلية أو الإثنية.
ما أريد الوصول إليه أن كركوك كانت مدينة عراقية تركمانية بامتياز حتى أواسط القرن المنصرم، وأن من سكن بها من الأكراد، على قلتهم، وهامشيتهم، وهذه هي حال معظم المدن العراقية، من بغداد إلى أربيل، كانوا من <<المساكين>> الذين فروا من اضطهاد الآغوات الأكراد وملاكي الأراضي الذي لا يرحم.
في كتابه <<التاريخ السياسي لتركمان العراق>>، دار الساقي، ۱۹۹۹، يذهب المؤلف عزيز قادر الصمانجي، واعتماداً على المؤرخ العراقي مصطفى جواد، إلى أن كركوك هي <<قلب التركمان النابض ورمز وجودهم القومي، عرفت في التاريخ باسم (كرخيني) و(كرخينة). ولم تعرف في التاريخ الإسلامي إلا في القرن الخامس الهجري أو قبله، انتشر اسمها جلياً أثناء فترة حكم السلاجقة، وكانت مطمح الأتابكية الذين استولوا عليها في عهد الخليفة المستضيء العباسي في حدود ٥۸٥ هجرية. ولم تعرف باسم (كركوك) إلا بعد القرن السابع الهجري، في عهد الدولة التركمانية القره قوينلية>>.
مع اكتشاف النفط وازدياد حيويتها الاقتصادية، هاجر الكثير من الأكراد <<المساكين>> إلى كركوك، فأنشأوا فيها أول حي كردي تحت اسم حي <<الشورجة>> وذلك في الجهة الشرقية من المدينة، ومع أن الشركات الأجنبية استقدمت واستخدمت عمالاً عرباً وأرمناً وأشوريين، إلا أن اليد العاملة الكردية، كانت هي الأكثر، بسبب الجور الذي يتعرض له هؤلاء على يد <<الآغوات>> وبسبب تحسن الحال المعيشية في المدينة، وهذا ما يؤكده عزيز الصمانجي بقوله: أدى استثمار حقول النفط الموجودة في كركوك إلى استيطان أعداد غفيرة من أبناء القوميات الأخرى، وقد شكل الأكراد أكثرية القادمين، علماً بأن معظم الأشوريين والأرمن هاجروا منها بعد قيام ثورة تموز/ يوليو ۱۹٥۸>> وقد تغيرت هذه الحال مع سياسة التعريب التي انتهجها النظام السابق.
من هنا، يمكن القول إن الخطاب القوموي الكردي الذي يجعل من كركوك العاصمة المقدسة لكردستان، وأنه لن يرضى بأقل من كركوك بديلاً في سعيه إلى بناء فيدرالية عراقية، تكون بمثابة خطوة تمهيدية لانفصالها عن الوطن العراقي، يظل مضمراً بمنطق الغنيمة، وهذه هي إحدى مقوّمات العقل السياسي الكردي، إنه يظل، على الرغم من إيمانه بأن كركوك مدينة عراقية بامتياز، يطالب بها كغنيمة حرب يغنمها من حلفائه الأميركيين الذين عليهم أن يقدموها الى الكرد هديةً نتيجة تحالفهم معه وتسهيلهم لكل الخدمات، وفي رأيي، أن منطق القبيلة والغنيمة الذي يعشش داخل العقل السياسي الكردي، لن يخدم القضية الكردية وقد يكون وبالاً عليها مع تغير الأحوال المرتقبة.
هل تاثر احداث صياغة دستور افغانستان الجديد والفدرالية في العراق على قضية شعبنا العربي في الاحواز
ابو شريف الأحوازي - كتابات
شهد عام ۲۰۰۳ متغييرات عالمية و اقليمية هامة كان لها التاثير المباشر على منطقتنا, و كل ذلك يتطلب منا كتنظيم ثوري النظر اليها بعين الاعتبار لانها احداث بالغة الاهمية لها تاثيرها المباشر في مستقبل الاحواز السياسي. من اهم تلك الاحداث احتلال العراق من قبل قوات التحالف الامريكي البريطاني و تاثير هذا الحدث على مستقبل المنطقة و خصوصا الاحواز و كذالك الانتهاء من صياغة دستور افغانستان واقراره من قبل "الوية جرغة" حيث ينص و بكل صراحة بحقوق القوميات الساكنة في افغانستان واعتبارلغة كل قومية رسمية في منطقتها و بما ان التركيبة القومية لافغانستان و للعراق الجارتين لايران الى حدا ما تتشابه و التركيبة السكانية في ايران.
ان ما حصل بهاتين الدولتين سيكون له التاثير المباشر على الساحة الايرانية و مطالب الشعوب. و اما ما يخص العراق و هو الحدث الاهم ان مطالب الاكراد في العراق و نضالهم من اجل حقوقهم القومية و اصرارهم بعد الاحتلال على عراق فدرالي يضمن للاكراد حقوقهم القومية فوق ارض محددة حتى قبل اقرار الدستور العراقي الجديد يعتبر من اهم نتائج احتلال العراق و من اهم المتغيرات في المنطقة اذا حصل ذالك. حيث سيكون لهذا الحدث التاثير المباشر على مطالب القوميات في ايران ويكون قد فكت القوميات المضطهدة في المنطقة الطوق عن نفسها ‘ تلك الطوق التاريخي المتشكل من ايران ‘ تركية و العراق الذي يعارض دائما أي تغيير في حصول اية من القوميات على حقوقها خوفا من ان تتسرب مكتسبات تلك القوميات للدول الاخرى. لذا نجد رغم المشاكل والخلافات المتعددة بين تلك الدول انها دائما تتفق حول عدم السماح لاية من الشعوب بالوصول الى حقوقها القومية و جعل هذا الموضع خطاً احمراً بين تلك الدول حرصا على ما يسمونه الامن القومي و وحدة التراب(الوطن).
واما اليوم وبعد احتلال العراق وتوافق المصلحة بين الامريكان و الاكراد اصبح الاكراد بينهم و بين الفدرالية التي يعتبرونها المرحلة الاولى في مسيرة الاستقلال و تأسيس الدولة الكردية قاب قوسين او ادنى و دون شك ان هذا الحدث سيأثر على الخريطة الجغرافية و السياسية لمنطقة الشرق الاوسط و خصوصا المنطقة العربية. فى تاثيرها على الاحواز يكون بالغ الاهمية حيث ان القضية الكردية و الاحوازية ارتبطت ارتباطا تاريخيا منذ معاهدة ارض روم الاولى و الثانية و كذالك معاهدة الجزائرعام ۱۹٧٥. فاين ماكانت قضية الاحواز كانت القضية الكردية والعكس تماما حيث لا يبقى للعرب ما يخافون عليه اذا ارادوا مناصرة قضية الشعب العربي في الاحواز و الذي حتى اليوم يخافون طرح القضية لاسباب عدة احد تلك الاسباب وجود القومية الكردية في العراق و الحفاظ على وحدة التراب العراقي. من جانب اخر ستأثر الفدرالية في العراق على معنويات شعبنا و الشعوب المضطهدة في ايران وستزيد من مطالبها و نضالها, لأن ايران اكثر متزلزلة و اكثر خاوية من الداخل حيث تشكل القوميات المضطهدة في ايران غالبية السكان و انهم يسكنون على اكثر من ثلثي ما تسمى جغرافية ايران و ان نضالهم القومي قبل حرب الخليج الثانية ما كان اقل من نضال الشعب الكردي في العراق بل على العكس كان اشد و اعنف حيث شهدت مناطق كردستان ايران قتالا دامياً بين القوات الحكومية و الاكراد لعدة سنوات كما شهدت مناطق القوميات الاخرى مثل الاحواز عدة انتفاضات تطالب بالحقوق القومية و حق تقرير المصير. كما ان لهذا الحدث تاثير دولي بالغ حيث سيضيف طابع شرعي و قانوني لنضال الشعوب المضطهدة في الدول المجاورة للعراق و ستكسب هذه الشعوب تعاطف الراي العام و المنظمات الدولية و الانسانية المختلفة وبالتاكيد ان التغييرات قادمة لامحال و ان علينا ان نكون عند المسؤولية التاريخية.
بدعة اختلاق الحصص السياسية وعلاقتها
د. زكي ظاهر الاماره – كتابات
كثيرة هي الامور والعوامل التي مهدت لتنامي مرض العنصريه في العراق، والتدخل الاجنبي لا شك من اكثرها ايلاماً، لكن ما يحز في النفس اكثر صدور احد تلك العوامل بسبب غباء من يدعي الخبرة السياسية ويتصرف من منطلق تحقيق المصلحة الذاتية باسم العمل من اجل المصلحة الوطنيه.
فجاءت ولادة ما يسمى ببدعة تقسيم مراكز النفوذ السياسية العراقيه للمعارضة سابقاً على اساس التقسيم الحصصي بناءً على الثقل التنظيمي الحزبي وتكريس العنصرية. قاتلها الله من بدعة اسست الى واقع سياسي عراقي فاسد، وسامح الله من جاء بها حيث لم يدرك خفايا ما تنطوي عليه سلبياتها مستقبلاً.
فمن سلبيات هذه البدعة ان سلبت الكثير من الطاقات العراقية اخذ دورها كما ينبغي في المعترك السياسي العراقي الحالي، وهو امر يؤدي بالتالي الى حرمان البلد من تلك الطاقات لا لشيء الا لانها لم تنتم الى تنظيم معين او انها لم تتشبث بالعنصرية، ما يؤدي الى القضاء على عامل التكافل بين ابناء البلد وتساوي الفرص امام الجميع.
ويعرف الجميع كيف ان البعض وجد طريقه الى منصب معين بسبب ارتباطه التنظيمي او اعتبر يمثل مجموعة عنصرية معينه، رغم ان عملية ترتيب الوضع السياسي الحالي كانت مدعمة من قبل الامريكان، لكن من الواضح ان ما نقصده هنا هو ذلك التوجه الحصصي المقيت.
وهكذا اصبح كل فريق يطالب بما يريد فهي فرصة والفرص لاتأتي كثيراً، وربما سوف لايمر العراق باضعف من هذا الظرف.
وهكذا ايضاً عضد ذلك التوجه فكرة الفدرالية ولو بطريقة غير مباشره، فمن نافلة القول ذكر ان هنالك فرق بين موضوع الحصص السياسيه والمطالبة بالفدرالية والاستقلالية المحلية.
وجر موضوع الفدرالية الى مطالبة الاكراد بالاستقلالية وأن كانوا يدعون انهم يريدونها الآن استقلالية ذاتية تابعة الى سلطة بغداد المركزية، لكنني اجزم انهم يمهدون الى دولة مستقلة كما ذكرت ذلك سلفاً، والا لماذا يلحون على انضمام الكثير من المناطق ومن اهمها كركوك الغنية بالنفط؟.
ان على الاخوة الذين كتبوا مستغربين ومنكرين علينا عدم رضائنا بما يسمى الفدرالية العنصرية، وراحوا يطبلون ويزمرون مؤيدين الفدرالية، ان يعوا اننا لا نختلف على هذا المصطلح ابتداءاً، ولكن اي فدرالية نريد؟، هذا اولاً وثانياً لايمكن للاخوة الاكراد التمرد بهذا الشكل على الكيان العراقي مستغلين الظرف الحالي مطالبين بكل ما يصبون اليه. فاذا ارادوا استقلالاً عن العراق فليكن لهم هذا غير انهم لا يمكن ان يقتطعوا كركوك من العراق وهو ما اخبرهم به الاخوة اعضاء مجلس الحكم الذين اجتمعوا معهم مؤخراً، حيث لم يصل الجميع الى اتفاق.
هذا هو بيت القصيد وهو امر واضح يامن تكتبون مؤيدين للفدرالية. انه امر واضح لايحتاج الى الكثير من الفلسفة.
الفدرالية الاتحادية على شاكلة الولايات المتحدة الامريكية او حتى الامارات العربية المتحدة مرحب بها، وهي فدرالية المحافظات التي ترتبط بالمركز، لكن ان يستغل موضوع الفدرالية او بالاصح الفدرالية العنصرية للاستيلاء على كركوك هو امر موضع تحدي، فلا ينبغي لابناء العراق ان يؤخذوا غفلةً. v
وقد وصلتني رسائل عديدة تعليقاً على حلقة (هل سنشهد ولادة الدولة الكرديه)؟.
وكان اغلبها مؤيداً لما طرح في تلك الحلقه ولكن البعض اعترض، وهنالك من اعترض بتناقض غريب كالاخ سامان جميل، فهو يؤيد ان رغبة الاخوه الكرد في تحقيق دولة مستقلة موجوده في نفس كل كردي ولكنه يقول ليس الآن. والسؤأل الذي اريده ان يجيبني عليه هو او غيره، متى اذن عندما تشتد قوة الاكراد ويصلب عودهم؟. ولا اريد الدخول في الاجابة المستفيضة لهذا الامر ففيه تفصيل طويل.
وهنالك الكثير من البلدان من تتألف شعوبها من اطياف عنصرية متعددة لكنها حافظت على وحدة
اراضيها وقرارها المركزي. وقد عاش ابناء العراق طيلة حياتهم اخوة متسامحين لايفرقون بين احد واحد.
فالآشوري اخ للعربي والتركماني لايمتعض من الكردي والمسيحي جاراً مخلصاً للمسلم. . . وهكذا.
فكيف دخلت علينا هذه الميول المسمومة؟، هذا ما يجب على ابناء العراق الغيارى التصدي له، وما يجب على الاخوة الاكراد وغيرهم ان يبرهنوا على حسن نواياهم في العيش مع اخوتهم العرب كشعب واحد كل افراده عراقيون من الدرجة الاولى.
نحن لانريد ان يبرز لنا من يحاول ان يوحد العراق على طريقة عبد العزيز بن سعود في توحيده للسعودية بقوة السيف والمؤازرة الامريكية.
لذا نقولها بصراحة ان الانتخابات هي الحل الانجع لمشكلة الحالة السياسية في العراق بعيداً عن تسلط القوى الاجنبية وتسييرها للامور كما تشاء، وقد حان الوقت لكل عراقي بذل الجهد والعمل لتحقيق ذلك.
والله المسدد.
لماذا الإصرار على الفدرالية؟
د. محمد العبيدي – كتابات
قبل الخوص في صلب هذا الموضوع، استرعى انتباهي كما سترعى انتباه جميع العراقيين، تلك المقابلات التي جرت مؤخراً بين البرزاني والطالباني و "قيادة" سلطة الإحتلال ومن يسمون أنفسهم بأعضاء "مجلس الحكم" والتي جرت في شمال العراق.
السؤال الذي يطرح نفسه، والذي لم أجد لنفسي إجابة شافية له، هو لماذا كانت تلك المقابلات في شمال العراق وليست في بغداد حيث تقع مكاتب "مجلس الحكم" خصوصاً أن البرزاني والطالباني هم أيضاً أعضاء في هذا "المجلس" الموقر!!
لماذا تحتم على السادة "الكرام" تجشم عناء السفر إلى شمال العراق لمناقشة هذا الموضوع المهم والخطير بدلاً من مناقشته في بغداد؟
ثم أليس من المنطقي أن تمارس من بغداد مهام جميع "السادة أعضاء مجلس الحكم" الخاصة بأحوال العراق، ولو أنها رسمت لهم من قبل بريمر والإدارة الأنكلوأمريكية للإحتلال؟ أم أن السادة "الكرام" لايجتمعون هذه الأيام لعدم وجود ما يستحق لإجتماعاتهم لأن العراقي يتمتع الآن بكل ما يتمناه، خصوصاً الأمان، إضافة لتوفر كافة مستلزمات حياته الأساسية من ماء وكهرباء ووقود وهاتف، ناهيك عن الهواء النقي غير الملوث إلخ. . . أم ترى أن تلك الإجتماعات في شمال العراق قد جرت بعد "زعل النشامى" الأكراد في "مجلس الحكم" وغادروا بغداد إلى مناطقهم في محاولة لتوجيه بعض الضغوط على "السيد" بريمر كي يذعن لمطالبهم؟
في مراسلات شخصية بيني وبين أحد أعضاء مجلس النواب البريطاني، سألني سؤالاً وجيهاً جداً حين قال:
"ما الذي يمكن أن يجنيه الأكراد من وراء الفدرالية أكثر مما يمكن أن يجنوه في عراق ديمقراطي تكون السلطة فيه للشعب من خلال مجلس ممثل له ومنتخب ديمقراطياً وحيث يتقاسم العراقيون ثروات بلدهم بالتساوي؟". وأردف قائلاً " نحن نعلم أن العراقيين الأكراد تمتعوا بقدر لا يقارن من الحقوق التي يتمتع بها أقرانهم من الأكراد في كل الدول المجاورة للعراق. والآن وبعد سقوط نظام صدام، وحيث نأمل أن تكون السلطة للشعب وبيد الشعب، فمن البديهي أن الأكراد سيحصلون على جميع حقوقهم الأخرى التي لم ينالوها في ظل الأنظمة السياسية التي تعاقبت على العراق. "
وإستطرد صديقي عضو البرلمان البريطاني هذا قائلاً "أنظر إلى بريطانيا، فنحن شعب خليط من الإنكليز والويلز والأسكتلنديون والإيرلنديون وجميعهم كانوا يعيشون لمئات السنين، وإلى وقت قريب جداً، في ظل سلطة مركزية حيث تمتعت قومياتنا بجميع الحقوق وبالتساوي من خلال سلطة منتخبة من الشعب، وهذا ما يجب أن يحدث في العراق، إلا إذا كانت هناك نيات بالإنفصال عن الدولة العراقية. "
يبدو لي واضحاً أن صاحبي هذا قد وضع بحق النقاط على الحروف.
السؤال المحير الآخر هو لماذا الإصرار على موضوع الفدرالية وإستلاب مناطق عراقية أخرى لضمها إلى كردستان العراق في هذا الوقت بالذات؟
إن كانت قيادات الأحزاب الكردية في العراق تؤمن بحق بالخيار الديمقراطي لشكل السلطة المستقبلية للعراق، فالأحرى بها إذن هو الإنتظار لحين إجراء إنتخابات حرة وديمقراطية نزيهة وبعيدة عن تدخل المحتلين وبإشراف مباشر من الأمم المتحدة والجامعة العربية، وكذلك لحين الإستفتاء الديمقراطي الشعبي على شكل وصيغة الدستور الدائم للعراق. وبعد أن يبدأ العراقيون التمتع بالحياة الديمقراطية الجديدة في ظل دستور ينظم سلطات الدولة التشريعية والتنفيذية والقانونية، عندها فقط يمكن التفكير بطرح مسألة الفدرالية وعرضها للتصويت الشعبي إيماناً من أن الشعب هو مصدر السلطات.
إلا أنه من البديهي الآن أن القيادات الكردية تستغل وبشكل فاضح مسألة الدعم غير المحدود في العلن أو من خلف الكواليس للإدارتين الأمريكية والبريطانية لمساعيها تلك، إضافة إلى التدخل الصهيوني الذي أصبح مكشوفاً الآن أكثر من أي وقت مضى في سياسات الأحزاب الكردية الرئيسية سعياً منها في النهاية للإنفصال عن العراق.
ولا ندري هنا ما معنى قول الحاكم الأميركي الفعلي للعراق بول بريمر من أن النظام الفدرالي المنشود سيكون متماشيا مع وحدة العراق ولن يقوم على أساس عرقي! فإن لم تكن العرقية هي وراء ذلك فما الذي وراءها إذاً؟
في ظل الظروف السائدة حالياً في العراق من غياب تام للدولة العراقية ومؤسساتها الدستورية تصبح الآن مطالبة الأكراد بالفدرالية ضرباً من ضروب إستغلال الفرص لتحقيق أحلام قد لا يمكن لهم تحقيقها في ظل نظام ديمقراطي يستمد قوته من الدستور وبالتالي من الشعب.
صحيح أن العراقيين قد تنفسوا الصعداء لإنهيار نظام صدام، إلا أنه وفي ظل الأوضاع الراهنة التي تسود العراق وبعد أن طرح الأكراد مسألة الفدرالية بدأت تظهر الآن في العراق أصوات كثيرة ممن قد يكون لها تأثير مهم على الساحة السياسية العراقية في المستقبل حيث بدأت هذه الأصوات تردد ما قيل بعد سقوط النظام السابق من أنه أصبح واضحاً الآن وبما لا لبس فيه أن المستفيدين الرئيسين من سقوط نظام صدام هم الصهاينة والأمريكان، وللأسف فالأحزاب القومية الكردية تريد هي الأخرى أن تنتهز الفرصة وتنتزع الإنجازات في ظروف الاحتلال والدمار الشاملة الحالية مستقوية بحلفائها من سلطات الاحتلال ومجموعة الأحزاب والشخصيات التي انساقت خلفهم.
شبح الفدرالية القومية•• وتقسيم العراق•• وإشكالية الشرعية
د• رسول محمّد رسول:
بينما تتواصل أعمال العنف في العراق، وبمستوى أقل حدة من ذي قبل، أخذت مشكلات أكثر مصيريّة تستفحل في وقت يقترب العراقيون فيه من معالجة قضايا التحوّل الأكثر مساساً بمستقبل بلادهم، وفي هذا السياق طفحت إلى السطح ثلاثة مؤشرات مهمة تكمن في طموحات كردية متجذرة بضم كركوك إلى فدرالية شمالية، وفي ضوء تداعيات ذلك طرحت مخاوف تقسيم العراق، ليس بعيدا عن تشديد المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني على ضرورة إجراء انتخابات عامة وشاملة لتشكيل المجلس الوطني الانتقالي•
نحو فدرالية سياسية
يجتهد أكراد العراق دون الشيعة والسُنة بالمطالبة في استقلالهم الذاتي في العراق الجديد، ومعروف أن لا أحد في العراق لا يريد للأكراد الاستقلال والعيش الرغيد؛ فالمحبة بين العرب والكُرد هي أمر معتاد، ولا أحد أيضا، سواء من عامة الناس أم منْ نخبهم، يُريد قطع أوصال العلاقة التاريخية بينهم ناهيك عن حاجة عرب العراق إلى الكُرد كثقافة وتاريخ وتراث ومصالح مشتركة حيث يتمتع الشمال الكردي بواقع جغرافي مهم وخيرات طبيعية نادرة لا تستغني عنها مدن العراق الأخرى؛ ولذلك يفضِّل عرب العراق توحُّد البلاد بكل أطيافها الإثنية والدينية والثقافية في وحدة وطنية واحدة فوق أي صيغة من شأنها الحط من قيمة هذه الوحدة لصالح صيغ أخرى كالفدرالية أو غيرها وإن لم يجد هذا التمني معادله الواقعي تراهم يفضِّلون فدرالية سياسية على الفدرالية القومية هذه الأخيرة التي يطمح لها بعض الأكراد ومعلوم أن غاية العراقيين من الوحدة الوطنية هي أنْ يبقى الشمال الكُردي فاعلا في مشهديّة وحدة العراق التكاملية كما هو الحال عبر تاريخ العراق، مشهديّة لا يُريد أي عراقي ثلمها أو الإطاحة بها، فالعراقيون يريدون أنْ يعيشوا مع أكراد بلادهم مشاركة وطنية ما يعني أن البُعد السياسي الوطني هو الخيار الذي يسعى له العراقيون العرب سواء في الماضي أم في الحاضر، ولكنهم وفي وقت فرغوا من نظام سياسي لم يكن يُريد أنْ يتعامل مع الأكراد إلا بوصفهم كيانا هامشيا في وحدة العراق (أنموذج الدولة البعثية) لا يريدون في هذا الوقت انزلاق الأكراد إلى هاوية الانفصال والعراق الجديد بحاجة إلى الوحدة الوطنية بل بحاجة إلى مساندة الأكراد لعرب العراق في مرحلة صناعة الوحدة الوطنية وإعادة تأهيلها من جديد في ضوء التغير الجذري الذي يراد لعراق ما بعد الدولة البعثية•
كابوس التقسيم البائس
مع ان قناعة راسخة لدى العراقيين بأنّ العراق لن تمر عليه سحابة التقسيم الفعلي والتجزئة العملية كما يطمح الطامحون أو كما يتكهن بعض السياسيين من عرب الجوار كما ألمح إلى ذلك الشيخ حمد بن جاسم وزير خارجية قطر يوم الأحد الماضي في فضاء محاضرة له جرت مؤخراً في العاصمة الإماراتية أبوظبي، أو كما يطمح حدَّ الفرح بعض العرب من الذين تضرروا بسبب زوال حكم صدام إلى هذا المصير السيئ، على أن هؤلاء ليسوا هم وحدهم في ساحة التمني بشرذمة العراق وتقسيمه، فهناك بعض المتطرفين الأميركيين ممن ينتمي إلى اتجاه ما بعد المحافظين الجُدد، ومنهم (ليسلي غيلب) الذي دعا إلى تقسيم العراق إلى دول ثلاث ولم يكتف بذلك بل طرح رؤية تدعو إلى إفقار سُنَّة العراق لصالح رفاهية الشيعة والأكراد، وهي بلا شك رؤية مقيتة وسوداء لا يحبذها العراقيون الذين يرفضون التقسيم ويرفضون اللجوء إلى أية سياسة إفقار لأي فئة من الشعب العراقي الذي عانى من سياسات الإفقار التي لجأ إليها صدام ضد الشيعة، ولجأت إليها الولايات المتحدة عبر العقوبات الاقتصادية على مدى أكثر من عشرة أعوام مضت لكل العراقيين، وسياسات التهميش التي لجأ إليها عدد من الدول العربية وما زالت لتضييق الخناق على العراقيين في الخارج•
حتى اللحظة لا يبدو تقسيم العراق ممكنا فالعراق راهنا تحت سطوة الاحتلال، كما أنّ تاريخاً طويلاً مرَّ على هذا البلد عاش خلاله الشعب العراقي مرارة الحروب والتبعية والاستعمار لم تفلح كلها في تقسيمه إلى أجزاء أو دول ثلاث، هذه الخصوصية في أولوية الوحدة على التجزئة والتقسيم التي يتميز بها العراق هي ذاتها تعود اليوم في مرحلة التغيير الجذري، فلا توجد رغبة حقيقية لدى أي عراقي بالتقسيم، ولا توجد أية قوة تستطيع فرض إرادتها على العراقيين لتقسيم بلدهم، والمرجح أن نظاما فدراليا سياسيا ووطنيا هو الذي سيفرض سلطته على مستقبل وحدة العراق•
رغيف الشرعية
لا شرعية تحت سطوة الاحتلال سوى شرعية سلطة المحتل، إلا أن العراقيين لم يكظموا الجهد في المطالبة بالشرعية منذ سقوط النظام السابق، وعندما حدد قرار مجلس الأمن موعدا واضحا لتسليم السلطة إلى العراقيين فإن هذا الموعد وذاك القرار لا يعنيان امتلاك العراقيين شرعية الحكم ما يعني أن أزمة الشرعية ستبقى مستفحلة بوصفها مشكلة جاثمة على صدور العراقيين، وجوهر الأزمة هذه إنما يكمن فيما تريده الإدارة الأميركية من انتخابات مؤقتة لاختيار (مجلس وطني انتقالي) وما تُريده المرجعيّة الدينية العُليا في العراق بضرورة إجراء انتخابات عامة بمدن العراق لاختيار أعضاء هذا المجلس، ومن جهة يتفق الأميركان ومجلس الحكم الانتقالي على أنّ العائق الأمني يحول دون إمكانية إجراء انتخابات عامة، ووسط هذه الرؤى ما زال الجدال قائما بين هذه الأطراف، وفيما يبدو لكلٍّ حقه فيما يذهب برؤيته يبدو العراقيون متمسكين برغيف الشرعية بغضِّ النظر عن مواقد النار التي تجري رحاها، فالإمام السيستاني يريد ضمان عدالة الانتخابات وحفظ حق العراقيين في من يمثلهم بالمجتمع السياسي العراقي الجديد ليُصار إلى تحقيق عدالة شفّافة في أيّة انتخابات قادمة تحت مظلة الشرعية القادمة، والرؤية من وراء هذا المطلب وصور الإصرار على تأكيده الدائم هو في حدِّ ذاته يُعدُّ رصيد قوة للمجتمع العراقي في تكريس الشرعية الانتخابية غير الهشة التي يتخوّف منها المجتمع والفرد سواء بسواء والتي ربما من شأنها التفريط بقيمة جوهرية من قيم مجتمع الشورى أو الديمقراطية الذي يطمح إليه الشعب العراقي بعد عقود من الاستبداد والسلُّط الكاريزمي المقيت•
أحجية بريمر: نعم للفدرالية. . . لا للفدرالية
عبد الزهرة عبد الرسول - كتابات
أصبحت وعود وأحاديث حاكم البلاد الفعلي بول بريمر تشبه المزبلة إلى حد بعيد, (ولا أقصد التعدي هنا, فمن يجرأ؟), فهي تحتوي كل شيء, وقلما تكون مفيدة, فقد أعطى كل الوعود ومناقضاتها لجميع الأطراف, وأشك أنه سينفذ أيا منها, خصوصا وأنه قال أنه سيغادر في حزيران القادم.
ومع مثلنا العراقي المعروف (دفعة مردي و عصاية كردي), أعتقد أنه سيأخذ الوعود معه, خصوصا الشخصية منها, والتي أغدقها على بعض الأطراف التي تفعل كل ما يريد وتقبض منه وعودا.
المساكين في مجلس الحكم يعتقدون أن بريمر هو من يقرر, لذلك يتحدثون معه طوال الوقت, ويتبجحون دون خجل أو وجل بعلاقتهم به, حتى العمائم فيهم والتي تستضيفه على الغداء و العشاء, تتوسل إليه, ثم تحاول الفهم ما وراء الستار!!! وهذا هو حدهم وحدودهم, ولن يتمكنوا من تعديه, و يا للخجل.
هبت مختلف مكونات الشعب العراقي (هكذا صار اسمها) ضد موضوع الفدرالية, ويبدوا أنه جاء الأمر من وزارة الخارجية الأمريكية (حسب كولن باول) أن الفدرالية ليست حلا تعتمده سلطة الاحتلال, فردد بول بريمر على الفور نفس العبارة وبين مساوئ الفدرالية على أساس عنصري أو قومي, انزعج قادة الانفصاليين الكرد(هيكل وجيكل) وكان اللوبي اليهودي بانتظارهم, فقال ريتشارد بيرل, وهو أحد اليهود الكثر في إدارة جورج بوش و يسمونه بأمير الظلام في أمريكا, (لأنه يعمل في الخفاء ويستعمل الأساليب إياها في إنهاء الخصومات), أن الفدرالية هي الشكل الأنسب للعراق, هذا ما قاله فقط بعد أن استنجد طالباني به عندما فوجئ بالرفض الشعبي العارم للفدرالية. وما أن قال (بيرل) هذه الكلمات, حتى أخذ بريمر هذه الكلمات على محمل ألف جد, وانطلق كالببغاء يوصف فوائد الفدرالية وتطبيقها في الكثير من دول العالم, وإلا تعرض إلى انتقام أبو طبر الأمريكي!!!! (بوية الظاهر مو بس إحنا عدنا أبو طبر)
وهكذا خلال يومين قال بريمر الشيء ونقيضه, وكي يجمع القولين, ويمارس الاحتياط!! قال قولته الأخيرة: (الفيدرالية تتماشى مع وحدة البلاد أما ضم كركوك فيحسمه العراقيون). وهكذا يكون أنه لم يقل شيئا وأبلغنا (فخار يكسر بعضه). ونصح طالباني وبارزاني أن يهتما بمصالحهما, فالمستقبل ليس مضمونا أبدا!! فكان أن سمعا واتجه طالباني لبيع الأسلحة الثقيلة التي سرقها من ثكنات ا لجيش العراقي إلى الجارة المجاورة, فكان سعر الدبابة من طراز (ت٧۲) بثلاثة آلاف دولار فقط ويا بلاش, فهي شؤون طالباني الخاصة كما قال له بريمر, أما المدافع وبقية الأسلحة الثقيلة, فتباع بالوزن (أنظر صحيفة الزمان ليوم أمس).
وانى أتسائل ويتساءل معي الكثيرون في بلادنا المنكوبة, حتى متى يبقى هذان الرجلان يسيطران على مقدرات كرد العراق, وهم يتمتعون بدعم الأمريكان والصهاينة؟
متى تنتهي سلطة البارستين واسايش على شعبنا الكردي في الشمال, كي يقول كلمته في هذين وأمثالهم؟
سؤال ينتظر إجابة الكرد, والكرد فقط, لأن بقية الشعب العراقي عرفهم ورفضهم.
ماذا خلف اعتراف مجلس العمالة بالفدرالية
صلاح صلاح
اوردت وسائل الاعلام مؤخرا, ان مجلس العمالة (الحكم) وبعد اتصالات قامت بها الاطراف الشوفينية الكردية. اعترف بالفدرالية الكردية. وحسب وسائل الاعلام ايضا ان اعترافه بالفيدرالية كان على اساس قومي وليس على اساس جغرافي مثلما اعلن سابقا ومثلما اعلن بول ابرايمر في الكثير من خطبة ولقاءاته مع وسائل الاعلام. المحير طبعا والمثير للاعصاب هو اصرار مجلس العمالة على تشطير العراق والتبرع بما لايملك الى من لايستحق, ولم يكتف مجلس (الحكم) بقراره هذا – اي الاعتراف بالفيدرالية – انما اشفع قراره ببحث مستقبل كركوك ومنه اخراج كل العرب الذين قدموا من اماكن العراق الاخرى وارجاعهم الى مناطقهم (الاصلية) وكأن كركوك ليست مدينة عراقية ومن حق اي عراقي الانتقال والسكن حيث يشاء في هذا البلد. مجلس العمالة تغاضى هنا عن الزحف المنظم الذي يقوده جلال ومسعود للاستيلاء على المدينة حيث جاء هؤلاء بكل من ليس له سكن في مناطق الشمال الاخرى – دهوك – اربيل – السليمانية والقرى المحيطة بها, الى المدينة من اجل تغيير ديموغرافية المدينة. وشمل هذا حملة تكريد طالت حتى اسم بغداد وكأن بغداد مدينة في دولة اخرى هي غير العراق. انا اشك في موقف المجلس واعتقد من ان ربما قام اعضاءه بمساومات شخصية من اجل الموافقة على طرح جلال ومسعود وخاصة في مسألة مدينة كركوك, حيث ان من غير المعقول ان يوافق عراقي على الطرح الفيدرالي وبالاخص اذا ماكان هذا الطرح قائم على اساس قومي. ان المؤشرات التي على الارض توحي او ترسم التالي:
۱. ان هناك مساومة حصلت في مجلس (الحكم)
۲. تحطيم الدولة المتعمد
۳. الغاء الجيش العراقي وحله
٤. الابقاء على تسلح المليشيات الكردية, بل غض النظر عن تسرب الاسلحة الثقيلة لها.
٥. الموقف الامريكي المائع تجاه تقسيم البلد
٦. الدخول الاسرائيلي على الخط وحث القيادات الكردية على ترتيب ماهو متعلق بالانفصال
٧. وجود خبراء اسرائيليين بالمياه في المنطقة الشمالية.
۸. دعوة الطالباني للشركات النفطية للاستثمار في المنطقة الشمالية.
۹. الضغط الامريكي على مسعود وجلال من اجل انجاز توحيد الاقليم.
۱۰. ابقاء الامريكان على تواجدهم الكثيف في قاعدة انجرلك التركية.
۱۱. السكوت الايراني المتعمد عن موضوع الفدرالية, وهذا يرجح الاحتمالات التالية:
أ. هناك صفقة بين جلال ومسعود من جهة والايرانيين من جهة اخرى.
ب. تخفيف الضغط الامريكي مقابل السكوت الايراني.
ج. عدم استخدام الاراضي الشمالية العراقية بالتجسس على ايران.
د. اعطاء دور اكبر للايرانيين في صياغة مستقبل المنطقة. وكما حصل في افغانستان.
۱۲. الضعف التركي في التصدي للكيان الكردي ويشمل هذا سوريا التي تتعرض لضغوط امريكية قوية, حاول الاسد فيها التخلص من هذا الضغط بالاتجاه الى تركيا.
ان مهمة مجلس الحكم وتشكيلته ونوعية الشخصيات المتواجدة فيه, لاتوحي الا بعدم الثقة بهم وهي – اي هذه الثقة – معدومة اساسا. لقد اختار الامريكان بحرص شديد هذه الشخصيات وهي متمسكة بالحكم ولاتريد المغادرة حتى بعد الانتخابات, اذ اقترحت ان يكون مجلسها بعد الانتخابات كمجلس الاعيان ومع سلطات كبيرة. ان الامريكان يعرفون تمام المعرفة خلفية كل جهة وشخصية في المجلس وهي على قناعة تامة انه – اي المجلس – قادر على صيانة المصالح الامريكية بكل دقة ونزاهة, وانه قادر على بيع العراق بلمح البصر.
يوم ا لشهيد التركماني
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاّ بل أحياء ربهم يرزقون
ممثلية الجبهة التركمانية العراقية
في يوم ۱٦ كانون الثاني عام ۱۹۸۰ أقدم النظام الديكتاتوري في العراق بإعدام كوكبة من مناضلي شعبنا التركماني وهم العميد المتقاعد عبدالله عبدالرحمن، والدكتور نجدت قوجاق، والدكتور رضا الده ميرجي والسيد عادل شريف في سابقة خطيرة، حيث ظن الطغاة إنه بإمكانهم إسكات صوت شعبنا التركماني وإستئصال جذوره الغائرة في أعماق شعبنا العراقي، وبذكرى رحيلهم نجدد العهد بأننا على دربهم سائرون وعهداّ بأننا سنحول ذكرى رحيلكم مع سقوط صدام المجرم الى أفراح دائمة حتى لا يتسنى لأحد أن يقتل البسمة من شفاه أطفالنا، وسنكون أول القادمين الى مقبرة الشهداء العتيدة والتي تضم رفات خيرة أبناء شعبنا التركماني، وإن نوقد الشموع في عرس أبدي حتى يفتخر أجيالنا في عراق المحبة بكم، أنتم يا من قدمتم أرواحكم رخيصة في سبيل إسعاد شعبنا التركمانيمن أجل عراق ديمقراطي حر موحد ومقارعة أعتى الديكتاتوريات في القرن العشرين، عهداّ إن يوم السعد لقريب وساعة لقاؤكم ثانية آتية بإذن الله.
الشهداء:
الشهيد العميد المتقاعد عبدالله عبدالرحمن
ولد بكركوك عام ۱۹۱٥، وأكمل الدراسة الإبتدائية والمتوسطة والثانوية فيها، وتخرج من المدرسة الحربية عام ۱۹۳۸، وخدم في مخنلف وحدات الجيش، وكان آخر منصب له وكيل مدير إدارة الفرقة الثانية عام ۱۹٥۹ . إحيل على التقاعد عام ۱۹٦۲ وإنتخب رئيساّ
لنادي الآخاء التركماني في العام التالي، نجا من الهلاك في مجزرة كركوك۱۹٥۹ إلا أنه لم ينج من بطش النظام البائد حيث أعدم، بتأريخ ۱٦ / ۱ ۱۹۸۰.
الشهيد الدكتور نجدت قوجاق
ولد بكركوك عام ۱۹۳۹، وأكمل دراسته الأولية في كركوك والجامعية في آنقرة، نال شهادة الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية للآلات الزراعية، عين رئيساّ لقسم الهندسة الميكانيكية في جامعة بغداد، وحصل على (تكريم) رئاسة الجمهورية لكفاءته وإنجازاته العلمية، أعدم يوم ۱٦ / ۱/ ۱۹۸۰.
الشهيد عادل شريف
من مواليد مدينة كركوك عام ۱۹۳۰، برز كقيادي شعبي يتصف بالشجاعة والنخوة اللتين كونتا له قاعدة شعبية في الوسط التركماني، أعدم يوم ۱٦/ ۱/ ۱۹۸۰.
الشهيد الدكتور رضا الد ه ميرجي
من مواليد عام ۱۹۲٦ أكمل دراسته الأولية في كركوك والجامعية في آنقرة وحاز على شهادة الدكتوراه في الهندسة الزراعية والغابات، أعتقل من قبل المخابرات العراقية، وتوفي تحت التعذيب ولم تسلم جثته الى عائلته. .
كردستان بدلا من اسرائيل
يشار كركوكلي
منذ أكثر من خمسة عقود والعالم العربي والإسلامي يخوض صراعا مريرا مع الكيان الصهيوني الغاصب وقد مر بمراحل عصيبة سالت فيها الدماء وأهلك الحرث والنسل، وعانت أميركا اشد المعاناة في إنقاذ ربيبتها (إسرائيل) من قلب الصراع وجعلها دولة آمنة مستقرة، فبدأت بصنع الاعداء وهي غالبا ما تصنع أعداءها، فخلقت حركة طالبات وبسببها دمرت أفغانستان وأججت صراعات الدول المجاورة لها خصوصا الهند وباكستان، ولما تكتمل الفصول الدامية بعد، صنعت من صدام بعبعا يخيف دول الخليج لكي تدر عليها (ريالاتها ودنانيرها) فدمرت ايران والكويت وقلبت موازين الاستقرار في مياه الخليج، وأخر ما دمرت بل وأحالته الى رماد هو عراقنا الحبيب، ولكن وبعد كل ماقامت به أميركا من حروب طاحنة لم تستطع خلق الأجواء المريحة لصنيعتها إسرائيل فبدأت بطرح مفاهيم تجزيئية من خلال ربيباتها (القوى الكردية) في شمال العراق تحت عناوين ومسميات كثيرة منها الفيدرالية المغلفة بالانفصال وتقاسم الثروات وبالذات (النفط) على طريقة الملا مصطفى البارزاني حينما قال (تنكه إلكم وتنكه إلنا) وبعنوان المظلومية الكردية وضمان الحقوق وهي كلمة حق يراد بها باطل.
ولكن لا يخفى على المتابع السياسي أن كل هذه الفبركات الكردية ما هي إلا الوجه الثاني للعملة الأميركية المشؤومة، وبصريح العبارة أقول هو خلق كيان صهيوني جديد يشغل العالم العربي والإسلامي ويلهيهم على مدى سنين متتالية جديدة وربما يخوضوا صراعا داميا مع هذا الكيان الجديد (كردستان) وبالذات من قبل الدولتين المعنيتين (سوريا وإيران) واللتين على قائمة الارهاب الأميركي ولاستنزاف الطاقة البشرية والعسكرية لهما، وتتوجه بذلك أنظار العالم بأسره إلى هذا الكيان المصطنع الجديد الذي ستدعمه أميركا، وقد حمته منذ أكثر من عقد من الزمن، وتتحول (كردستان) المزعومة إلى إسرائيل جديدة ويتحول مسعود وجلال إلى أخوين مدللين لشارون.
وأخيرا أقول، أيها العالم العربي والإسلامي انتبهوا لهذه (الفزاعة) الجديدة التي ولدت فجأة من أب أميركي وأم إسرائيلية، فإنها لا تخيفكم فقط، بل ستزيلكم من الوجود.
الان تذكر الاكراد بانهم سنة وتذكر الشيعة بانهم عرب
عمراحمد - كتابات
مع بوادر السقوط للنظام السابق، ومع بداية ظهور بوادر الاحتلال، ومع احلال الديمقارطية والحلارية بدل الاستبداد والطغيان، بدات ملامح الغضب تتوجه نحو السنة العرب، الشيعة والمقابر الجماعية والاكراد وحملة الانفال وحملة المذابح التي قام بها صدام حسين هو والعرب السنة قام بها ضد الشيعة والاكراد.
نقول تاسفنا كثيرا لما قد سمعناه في بداية الاحتلال من اتهامات وجهت ضد العرب السنة ونقف مستغربين لم كان هذا التصرف والذي ذهب به الطرفان لابعد الحدود واصبحنا نشعر باننا ايامنا كانت معدودة ونحن منتظرين ما ستسفر عنه من دماء سوف نضحيها لا لاشي مجرد اننا كنا من اتباع صدام حسين مؤسس الطريقة الوهابية وصاحب الطعمة الربانية الكيلانية والقادرية.
نعم انا من قبائل السورجي والزيباري والهركي نعم انا من الجحوش الذين شاركت في اعدامات شعبي انا من الاكراد الذين حاربت ضد مسعود البارزاني وجلال الطالباني انا من الذين شاركت صدام في حملات الانفال ضد اخوتي والان ظهر ان الاكراد والشيعة الذين شاركوا في المذابح كانوا عرب سنة اما عن ماسي الشيعة فنقول لاحول ولاقوة الا بالله عندما شارك الفرقة اليزيدية التي تباهي بكرديتها ضد الشيعة في انتفاضة تشرين المباركة هذه الانتفاضة التي ذهبت بها ارواح الاف من الجنود المجندة التي ساقها صدام حسين قسرا الى الكويت ثم عادوا هاربين من جحيم المعركة فتلقفهم الاحباب من اخوتهم في العراق فقتلوا منهم من قتلوا بعد ان نصبوا محاكم هزلية من اناس اصحاب سوابق محاكم لم يشارك فيها لا الامام الصدر الاول او الثاني قدس الله سرهما العزيز.
نقول بعد ان تخلت ايلاران عن الشيعة وانسلت بعد ان رات المطرقة الامريكية ساخنة بدات تعيد حساباتها ووقفت تنظر من جديد نحو ولاية الفقيه وسعت اول ما سعت الى قتل الشهيد محمد باقر الحكيم رضوان الله عليه نقول وبعد ان سحبت امريكا دعمها من احبابها الاكراد حيث لانظام جديد يحاربونه وبعد ان تعارضت مصالح الاكراد مع مصالح تركيا الطفلة المدلله لامريكا واصبح الامكراد يترحمون على ايام صدام حسين الذي اعطاهم حقوقهم في الحكم الذاتي وبعد ان هددوا بفيدرالية المحافظات اصبح يرفضون ان يعودوا الى ما قبل ۱۹٧۰ حسب ما قال السيد مسعود البارزاتني في احد تصريحاته.
وبعد ان انتهت ايام الزواج المصالحي بين الشيعة والاكراد ظهر البطل المنادي مام جلال يقول بانه متوتعر وقلق على عرب السنة وعلى مدى تاثرهم بانهم لن ينالوا حقوقهم لم هذا التبدل في الموقف، وبعد ان خرج الينا الجعفري وهو يقول لاحد المذيعات لاتذكري مصطلح المثلث السني فان هذا الموضوع يجرحني، ولم هذا التبدل في الموقف، ترى اكان اجتثاث البعث بعد ان ظهرت كميات لاباس منها من اخواننا الكرد والشيعة شملهم هذا القرار وهم الان في صفوف المعارضة الحبيبية .
ترى هل فهم الفريقان بان العراق وحدة لا يتجزا وبعد ان فهموا بان العرب السنة هم الرابطة بين الشيعة العرب والاكراد السنة، للاسف لم يفهموا هذا الشي الا بعد ان تبخرت الاحلام واصبح الواقع هو المنظور
ونقول للاسف
اذا يصر اكراد العراق علي الفدرالية؟
د. محمد العبيدي
في مراسلات شخصية بيني وبين أحد أعضاء مجلس النواب البريطاني، سألني سؤالاً وجيهاً جداً حين قال: ما الذي يمكن أن يجنيه الأكراد من وراء الفدرالية أكثر مما يمكن أن يجنوه في عراق ديمقراطي تكون السلطة فيه للشعب من خلال مجلس ممثل له ومنتخب ديمقراطياً وحيث يتقاسم العراقيون ثروات بلدهم بالتساوي؟. وأردف قائلاً نحن نعلم أن العراقيين الأكراد تمتعوا بقدر لا يقارن من الحقوق التي يتمتع بها أقرانهم من الأكراد في كل الدول المجاورة للعراق.
والآن وبعد سقوط نظام صدام، وحيث نأمل أن تكون السلطة للشعب وبيد الشعب، فمن البديهي أن الأكراد سيحصلون علي جميع حقوقهم الأخري التي لم ينالوها في ظل الأنظمة السياسية التي تعاقبت علي العراق.
واستطرد صديقي عضو البرلمان البريطاني هذا قائلاً أنظــــر إلي بريطانيا، فنحن شعب خليط من الإنكليز والويلز والأسكتلنديين والإيرلنديين وجميـــعهم كانوا يعيشون لمئات السنين، وإلي وقت قريب جداً، في ظل سلطة مركزية حيث تمتعت قومياتنا بجميع الحقــوق وبالتساوي من خلال سلطة منتـــخبة من الشعب، وهذا ما يجب أن يحدث في العراق، إلا إذا كانت هناك نيات بالإنفصال عن الدولة العراقية.
يبدو لي واضحاً أن صاحبي هذا قد وضع بحق النقاط علي الحروف.
السؤال المحير الآخر هو لماذا الإصرار علي موضوع الفيدرالية وإستلاب مناطق عراقية أخري لضمها إلي كردستان العراق في هذا الوقت بالذات؟
إن كانت قيادات الأحزاب الكردية في العراق تؤمن بحق بالخيار الديمقراطي لشكل السلطة المستقبلية للعراق، فالأحري بها إذن هو الإنتظار لحين إجراء إنتخابات حرة وديمقراطية نزيهة وبعيدة عن تدخل المحتلين وبإشراف مباشر من الأمم المتحدة والجامعة العربية، وكذلك لحين الإستفتاء الديمقراطي الشعبي علي شكل وصيغة الدستور الدائم للعراق.
وبعد أن يبدأ العراقيون التمتع بالحياة الديمقراطية الجديدة في ظل دستور ينظم سلطات الدولة التشريعية والتنفيذية والقانونية، عندها فقط يمكن التفكير بطرح مسألة الفدرالية وعرضها للتصويت الشعبي إيماناً من أن الشعب هو مصدر السلطات.
إلا أنه من البديهي الآن أن القيادات الكردية تستغل وبشكل فاضح مسألة الدعم غير المحدود في العلن أو من خلف الكواليس للإدارتين الأمريكية والبريطانية لمساعيها تلك، إضافة إلي التدخل الصهيوني الذي أصبح مكشوفاً الآن أكثر من أي وقت مضي في سياسات الأحزاب الكردية الرئيسية سعياً منــها في النهاية للإنفصال عن العراق.
ولا ندري هنا ما معني قول الحاكم الأمريكي الفعلي للعراق بول بريمر من أن النظام الفدرالي المنشود سيكون متماشيا مع وحدة العراق ولن يقوم علي أساس عرقي! فإن لم تكن العرقية هي وراء ذلك فما الذي وراءها اذن؟
في ظل الظروف السائدة حالياً في العراق من غياب تام للدولة العراقية ومؤسساتها الدستورية تصبح الآن مطالبة الأكراد بالفيدرالية ضرباً من ضروب إستغلال الفرص لتحقيق أحلام قد لا يمكن لهم تحقيقها في ظل نظام ديمقراطي يستمد قوته من الدستور وبالتالي من الشعب.
المطالب الكردية ومشروع أوزال
د. زكي ظاهر الامارة
من سن سنة حسنة فله اجرها واجر من عمل بها
نشرت صحيفة (حريت) التركية بتأريخ ۱۹۹۱/۲/٤ علي صفحتها الاولي (خريطة اوزال) لكونفدرالية عراق (ما بعد صدام)، وقد ذكرت الصحيفة ان الرئيس التركي الاسبق تورغيت اوزرل يبحث مع الولايات المتحدة الامريكية آنذاك مشروعه الذي يقوم علي اساس كونفدرالية عراقية تتألف من ثلاث مناطق متساوية الحقوق.
ــ منطقة كردية وتضم محافظتي السليمانية واربيل. منطقة تركية وتضم محافظتي كركوك والموصل. وتضم المنطقة الثالثة (العربية) بقية المحافظات.
ومن الواضح ان هذا المشروع يهدف الي امرين، السيطرة التركية علي المنطقة من خلال عزل الاكراد عن بقية العراق اولاً، حيث ستتمركز المنطقة التركية في الوسط بين المنطقتين، ومع سيطرتها علي النفط وهو الهدف الثاني ستتحقق لها السيطرة علي المنطقة الكردية واضعاف العراق بسيطرتها علي نفط كركوك في الوقت الذي ستكون مشرفة علي اوضاعه عن قرب.
ومن المعلوم ان العامل النفطي فاعل رئيسي كونه هدفاً سياسياً استراتيجياً. فكما ان النفط يعتبر احد الاهداف الكبري في الاستراتيجية الامريكية التي دفعتها لخوض الحرب مع العراق، فقد كان وما يزال كذلك في صلب اجندة الاخوة الاكراد ومحط انظارهم علي الدوام.
وها هم اليوم يعلنون المطالبة بكركوك واستقلاليتهم علي خطي مشروع اوزال ولكن بدون المنطقة التركية، بل وابتلاعهم ما كانت تطالب به الحكومة التركية آنذاك. ومن السهولة ادراك حقيقة الصراع حول كركوك، فلو كانت منطقة فقيرة غير غنية بالنفط لما اصبحت محط انظار الجميع.
وفي أحد الاجتماعات الأخيرة قال مسعود البارزاني لبول بريمر (ان الشعب الكردي يريد الاطمئنان علي تحقيق ما طالب به من كونفدرالية)، مما يؤكد ان نيات الاكراد التي لم تكن خافية علي احد. فقد وجه (كاتب المقال) بُعيد سقوط الطاغية صدام ومن علي شاشة احدي الفضائيات العربية أربع رسائل كانت من بينها رسالة الي الاخوة الاكراد مفادها، ان لا يستغلوا ظرف العراق الاستثنائي ومساندة الولايات المتحدة الامريكية لهم لتحقيق اهداف معينة علي حساب العراق.
وقد تمنينا علي الاخوة الاكراد حين اشتد اوار ازمة احتمال دخول القوات التركية الي شمال العراق، ان يثمّنوا وقفة العراقيين العرب الي جانبهم في منع دخول الاتراك وجعلهم ذراعاً مسلطاً علي الاكراد لتقزيم اي طغيان محتمل منهم.
نحن لا نعترض علي حق الشعب الكردي في تحقيق مصيره كما يشاء، بل نحاول ان نعمل علي تحقيق ذلك، ولكن لا يوجد فرد عراقي مخلص يرضي بذلك علي حساب المصلحة العراقية العليا. كما أن لا اعتراض علي الفدرالية التي تمنح الحكم الذاتي للمحافظات، تماماً علي طريقة الولايات المتحدة الامريكية.
اما ان تصبح القوة هي المتكلم الوحيد في عالم اليوم فهو امر لا يصب في مصلحة احد، وليدرك الجميع ان عليهم عدم اللعب بالنار ان ضعف العراق قليلاً. وليتذكر الاخوة الاكراد عدم استقرارهم وفقدهم الكثير من طاقاتهم البشرية عبر العقود الماضية مما يوجب عليهم الاسهام في استقرار العراق.
كما ان علي الولايات المتحدة الامريكية ان تدرك ذلك جيداً وتعمل علي تحقيق الامن وصون المصالح العراقية العامة بكل جدية والا فالعراقيون لا يتقبلون ضياع حقوقهم نهباً، وان ما يحدث من اعتداءات علي قوي التحالف وبعض المواقع العراقية ما هو الا ردود فعل بسيطة معروفة الدوافع والتوجهات، ولكن اذا ما احس الشعب العراقي بالغدر فسيكون للامر حديث آخر.
ولا نعتقد ان تعقيد الاوضاع في العراق غير واضح لأحد، فقد يؤدي اقتطاع كركوك من الجسد العراقي الي مطالبة البعض من اهل الجنوب باستقلالية البصرة مثلاً باعتبارها غنية بالنفط هي الاخري وقد يدعي اهلها الاصليون احقيتهم بخيراتها. ومن سن سنة حسنة فله اجرها واجر من عمل بها.
سقوط نظام صدام لن يحل مشكلة الاكراد
حسام ابراهيم
من القاء نظرة بسيطة علي تاريخ التمرد الكردي، يظهر ان الاكراد سيستمرون في نهجهم القديم بالتمرد علي بغداد مستقبلاً واثارة القلاقل بغض النظر عمن يحكمها، لأن الزعيم الكردي مسعود البارزاني ـ وهو علي خطي والده ـ يعتبر ان منطقة كركوك النفطية مغتصبة وسيطالب بها حتي لو وجد فيها كرديا واحدا فقط. وما تحرش الاكراد بعرب وتركمان الموصل وكركوك بعد الفوضي التي وقعت مؤخراً الا تعبير عن ايمانهم بالنهج الذي رسمه ووضحه البارزاني باكثر من مناسبة.
فمطلب الاكراد الذي لا يستطيعون الاعلان عنه في الوقت الحالي هو (دولة كردية)، اما حدود هذه الدولة فهي تمتد من الخليج الي البحر المتوسط، ولا يخجل الاكراد من تعليق هذه الخارطة (كردستان الكبري) في مكاتبهم ومؤسساتهم. فيكفي ان يقطن الاكراد في بقعة جغرافية معينة لكي يحق لهم تسميتها بـ(كردستان) وبالتالي المطالبة بها وخصوصا اذا كانت هذه المنطقة غنية بالنفط! لهذا نري ان هجرة اعداد كردية من ايران الي كركوك (والمنطقة الشمالية) منذ منتصف القرن الماضي اثر سقوط جمهوريتهم في مهاباد، جعلهم يعتبرون كركوك مدينة كردية لا بل هي (قدس الاكراد). وهم يعتمدون بطرحهم علي العدد السكاني للاكراد في كركوك وليس الحقوق التاريخية. فالاكراد لم يسكنوا كركوك الا في المئة عام الماضية، ولهذا نري ان الاعلام الكردي لم يركز الا علي الناحية العددية للاكراد في كركوك، مع العلم انهم لا يشكلون اغلبية، لان العرب والكلدان والتركمان وغيرهم هم الأغلبية حتي هذه اللحظة. والجدير ذكره ان الملا مصطفي البارزاني حاول اقناع بغداد (اثناء المفاوضات التي جرت سابقا بين الطرفين) بمنح الجنسية العراقية الي مئة الف كردي من ايران هاجروا الي العراق. وهؤلاء اضافة للمهاجرين من اكراد تركيا، اضروا بالخارطة الاثنية لشمال العراق علي حساب العرب والكلدان والتركمان. وهكذا ارتفعت نسبة الاكراد من ٧٪ في الخمسينيات الي ۲۰٪ في منتصف هذا القرن!
هذه العقلية (المؤامرة) الكردية هي وراء ديمومة الصراع والدماء في العراق وسوف يستمر هذا الصراع (العراقي ـ الكردي) الان اكثر من اي وقت مضي، لأن زوال صدام سوف يزيل الغطاء عن الكثير من القضايا العراقية الهامة والشائكة ومنها المشكلة الكردية. والغريب ان الكثيرين لم يتطرقوا الي دور الاكراد انفسهم في تأزيم او حل المشكلة الكردية في العراق. فمثلاً، علي الاكراد ان يمتنعوا عن اعتبار كركوك جزءا من كردستان الكبري والتخلي عن السلاح وعدم تشويه التاريخ وعدم اضطهاد القوميات الاصغر منهم ووقف سياسات التكريد. . والخ.
اتقوا الله يا أكراد العراق فلستم وحدكم من وقع عليه الظلم
كريم صافي
ليس انكارا لما لحق بالاكراد من الظلم والاضطهاد على يد الزمرة البعثية المجرمة في العراق ولكن الانصاف يقتضي ان نقول ان ما أصاب الاكراد لم يكن بأكثر ما أصاب الشيعة العرب منهم والتركمان في العراق.
ولعل ما تعرضت له مناطق الاهوار في جنوب العراق يفوق ما تعرضت له المناطق الكردية مرات ومرات من قتل وتهجير وسجن وممارسة أبشع جريمة بحق مناطق الاهوار المأهولة بالسكان منذ ستة آلاف سنة فحولها النظام البعثي الى صحراء قاحلة بعد تجفيفها وتغيير معالمها. بعد كل ما لحق بالشيعة عربا وأكرادا - فيلية - وتركمانا من ضيم وحيف واضطهاد لم نسمع يوما من الشيعة وعلى كافة أعراقهم انهم طالبوا بفيدرالية عرقية أو حتى مناطقية بينما الاكراد دون غيرهم يصرون اصراراً على التقسيم والانفصال عن الجسد العراقي تحت ستار الفيدرالية وبحجة انهم تعرضوا للظلم والاضطهاد. اذا كان السبب الرئيسي وراء مطالبكم بالفيدرالية والحكم الذاتي هو الايام السوداء في الايام الغابرة فقد ولت تلك الايام الى غير رجعة وانتهى عصر الاستبداد والعراق مقبل على تعددية شئنا أم أبينا وفي كل الاحوال سوف لن يعود زمن الاستبداد في العراق والتظهير العرقي والطائفي كما كان النظام البعثي يمارسه بأبشع صوره وبالتالي تكون مطالبة الاكراد بالحكم الذاتي سالبة بانتفاء موضوعها, لأننا نرى الاكراد يعتلون مناصب الوزارات العراقية المهمة - الخارجية مثلا - وهم اليوم المتحدثون باسم العراق ويمثلونه في المحافل الدولية, أليس الأجدر بهم أن يرعووا ويتنبهوا الى ما يمارسونه من اسغلال بشع لظروف العراق الاستثنائية في هذه المرحلة لتنفيذ حلمهم القومي على حساب العراق الدولة والشعب!. أوَ ليس الأجدر بهم وهم دعاة الديمقراطية (المزيفة) أن يحتكموا لرأي الشعب العراقي في موضوع الحكم الذاتي والفيدرالية؟ أوَ ليس الأهم اليوم أن تكون مصلحة العراق هي العليا وليس مصلحة هذه الطائفة أو تلك القومية أو ذاك الدين؟ هل تقبلون أن نذكَّركم بما فعلتم بالأمس وتحديدا سنة ۱۹۹٦ يوم اتصل كاكا مسعود البرزاني بصدام وأعاد العلاقات معه مستنجداً به وحصل ذلك الاجتياح الصدامي لكردستان؟
نعم, لو قُدِّر أن يعود صدام لوجدنا كاكا مسعود وربما كاكات أخرى يكتفون بالحكم الذاتي الصدامي الموسوم بالذبح والتشريد.
ثم ماهذه الشراهة البشعة في التخطيط لابتلاع كركوك وجعلها كردية, أليس من حقنا أن نجزم بأنها محاولة ومؤامرة واضحة المعالم من أجل الحصول على نفط كركوك حتى تكون الدولة الكردية القادمة دولة غنية تستغني عن غيرها وبخاصة الجار الجنوبي المقبل. حتى اللحظة كل المؤشرات تقول بخبث سريرتكم أيها الاخوة الاكراد. فمن المطالبة بالحكم الذاتي في هذا التوقيت على وجه الخصوص الى المطالبة بضم كركوك لدولتكم المعلنة سرا الى عدم تعطيل حكومتكم في اربيل والسليمانية الى أخذكم الجباية لكل بضاعة تدخل العراق عن طريق معبر ابراهيم الخليل حتى اليوم الى استلامكم قبل يومين مليارين دولارا من قوات الاحتلال لاستدامة الحكومة الكردية في المحافظات الثلاث والحبل على الجرار.
لا نعرف كيف تسول لكم أنفسكم أن تكونوا السكين المتجهة صوب شريان العراق في أحلك الظروف ولا نعرف كيف تسول لكم أنفسكم جباية الاموال واستلام مساعدات العراق وصرفها على محافظاتكم والتي لم تتعرض لأي أذى منذ ۱٤ عاما وبقية المحافظات العراقية تئن تحت وطئة الدمار والخراب؟
أليس اعمار الجنوب وموانئ العراق أولى بهذه الأموال منكم؟
أليس انعاش الأهوار واستعادة الحياة له أولى بهذه الأموال منكم؟
مع كل ما تعرض له أبناء الجنوب وسكان الأهوار ولكنهم اليوم يفضلون أن يسلم العراق كل العراق ويقدمون مصلحة البلد الكبير على مصالحهم الذاتية والانانية بينما أنتم تكيدون بالعراق وأهله في وقت هو يستغيث بالغريب والاجنبي لمد يد العون له.
اتقوا الله يا أكراد العراق فلو دامت لغيركم ما وصلت اليكم. اتقوا الله واتقوا يوما ترحل فيه أمريكا ويُعاد العراق لأهله وعندها ستكونوا صاغرين لما يقره أبناء العراق.
اتقوا الله يا أكراد العراق واشكروا الله على نعمة رحيل صدام ولا تنظروا الى ماهو أبعد من مدى الرؤية لديكم.