في وقت ما قبل إنتفاضة عام ١٩٩١ كانت مناطق اربيل ودهوك والسليمانية ذات الاغلبية الكردية تسمى بمنطقة الحكم الذاتي لإقليم كردستان، وتدار من قبل اكراد بعثيين موالين للسلطة يفكرون بمصالحهم الشخصية ومصالح حزب البعث قبل مصالح شعبهم الكردي، وكان جعفر البرزنجي احد هؤولاء، باع شعبه وقوميته الكردية بثمن بخس طمعا في نيل رضا جلادي البعث والحكم البائد، وقدم كافة فروض الطاعة والولاء الى مولاه وولي نعمته بطل العروبة والفارس الضروره صدام المقبور، وكان من اقسى ادوات القمع بيد السلطة البعثية ومارس خلال تسلمه السلطة في اربيل والسليمانية ابشع الاساليب ضد مقاتلي البيشمركة وقدمهم لقمة سائغة على طبق من ذهب الى مولاه المقبور، وجرت في عهده الاعدامات بالجملة، ولم يكن يتوانى من الوشاية عن اقرب اصدقائه وبني جلدته وكبار قومه لتأتيه من بغداد كلمه (عفارم) مقرونة ببضعة الاف من الدنانير الصدامية والهدايا والخلع.
وهرب بعد انتفاضة ١٩٩١ مع الهاربين من مسؤولي البعث بالطائرات المروحيه، حملتهم من مبنى البرلمان الحالي في اربيل الى بغداد ليكون في كنف محبوبه وولي نعمته وتحت حمايته من بطش عائلات ضحاياه وليستمر كعضو في الحكومة المركزية لاقليم كردستان الذاتي الكارتونية، في حين كانت صلات الحكومة قد انقطعت كليا عن الشمال فوق خط عرض ٣٦ يعني كانت حكومة بدون رعية.
وبعد التاسع من ابريل وسقوط صنم إلآهَهُ المعبود لم يجد مكانا يأويه سوى الرجوع الى كركوك حيث مسكن العائلة وبحماية بعض المسلحين من اقاربه قضى اكثر من مائة وعشرون يوما، تصوروا (مائة وعشرون يوما)!!! بعد سقوط النظام في كركوك المحررة، في حين كانت قوات البيشمركة من الاتحاد الوطني الكردستاني تملأ شوارع كركوك بحثا عن البعثيين والموالين للنظام، وتطاردهم من بيت الى بيت وتمر من امام بيته مرور الكرام.... هذا إن لم تكن ترمي السلام والتحيه الى حراسه...ولم يطرق بابه احد ولم يُطلب منه الاستسلام الى القوات الامريكية بل حتى الى القوات الكردية، في حين كان يُقبض على اشخاص اقل شانا ومن الدرجات الدنيا في مراتب الحزب... هل خاف الامريكان من بضعة مسلحين؟ وهم اللذين قد حولوا القصر الذي لجأ اليه ولدي الجلاد المخلوع الى كومة تراب أم كانت هناك توصية بعدم التعرض له؟ ولماذا انتظروا مائة وعشرون يوما؟ هل حتى تكتمل اوراق واجراءات السفر....ثم يتصل بعائلته من الخارج ليقول لهم لا تقلقوا لقد وصلت سالما.
والمضحك في الامر إنه في نفس الخبر الذي يُعلن هروبه الى خارج العراق يُعلن ايضا بان هناك لجنة قضائية قد تشكلت للنظر في جمع الحقائق عن الجرائم التي ارتكبها بحق مواطنيه لاجل محاكمته عليها ! (بالمشمش) متى سيحاكم هل بعد ما طار العصفور من القفص واين كانت هذه اللجنة خلال مائة وعشرون يوما.
وقد صدق حدسي حين قلت وقتها وقبل ثلاثة اشهر تقريبا لبعض الاصدقاء :ـ لاتستغربوا لو سمعتم غدا ان جعفر البرزنجي قد هرب الى خارج العراق...آه عفوا لقد اخطأت في التعبير، لقد قلت لهم : لاتستغربوا لو سمعتم غدا ان جعفر البرزنجي قد هُــورِّب << بتشديد الراء >> الى خارج العراق، ولا تستغربوا ايضا لان تهريبه سيتم من شمال العراق ومن الحدود التي يسيطر عليها الاكراد.... !!!!!
و إذا تسائلتم كيف ولماذا؟ اقول لكم إسألوا جهينة...فجهينة عندها الخبر اليقين...أما إذا تسائلتم ومن هي جهينة اقول لكم انها زوجة ابن مسؤول حزبي كردي كبير وتنتمي الى نفس عشيرة البرزنجة، التي ينتمي اليها جعفر البرزنجي....