دمشق - عادت تنشط المعارضة العراقية الجديدة من قلب العاصمة دمشق وتشعل حربًا إعلامية من التصريحات فيما بينها. وبعد تصريح مكتب المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ردًا على اتهامات رئيس المخابرات العراقية، انطلقت تصريحات تركمانية من دمشق ردًا على تصريحات الزعيم الكردي البارزاني الذي زار دمشق ليومين.
وقال بيان صادر عن مكتب "الجبهة التركمانية العراقية" وحصلت "إيلاف" على نسخة منه، إن "الجبهة التركمانية العراقية تنظر بقلق شديد الى التصريحات التي أدلى بها السيد البارزاني في دمشق وأنقرة بشان كركوك وإصراره على انها مدينة كردية وانه سيحارب من اجل كردستانية كركوك"، مستهجنة "اعتماد البارزاني على قانون إدارة الدولة العراقية الذي أحدث مؤخرًا في حل مشكلة كركوك حيث أكد انه جرى من خلال هذا القانون تطبيع الوضع في كركوك ولكن لم يوضح بأي صيغة تم هذا التطبيع، إضافة الى انه حسم مسبقًا نتيجة الاستفتاء الذي أقره قانون إدارة الدولة العراقية لتحديد هوية المدينة ونسبة القوميات فيها عندما قال نحن متأكدون ان أغلبية الاستفتاء ستكون لصالح الأكراد لذلك نحن متأكدون من انضمام كركوك الى ما يسمى بكردستان مستقبلًا".
وأضاف بيان الجبهة أن "القيادات الكردية الموجودة بكثرة في قيادات الدولة ساهمت بصياغة قانون إدارة الدولة بما يخدم مصالحهم كما ان الاستعدادات الأخيرة التي قامت بها الزعامات الكردية باستقدام آلاف العوائل الكردية الى كركوك بحجة ان النظام السابق قد رحلهم منها قسرا قد أكدت لهم ضمان نتيجة الاستفتاء لصالحهم".
واستغربت الجبهة " إصرار القيادات الكردية في الوقت الحالي ضرورة عدم تدخل دول الجوار بقضية كركوك باعتباره شأن داخلي في حين سبق وان سمحت للقوات التركية تحت عنوان (PMF) قوات حفظ السلام بقيادة تركية بدخول أربيل للتدخل في حل النزاع بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني في العام ۱٩٩٦ للفصل بين قواتهما"، مشيرة إلى أن " مثل هذه التصريحات التهديدية وغير المسؤولة تنم عن نوايا لا تخدم شعب العراق بقومياته وطوائفه وفئاته وتلحق الضرر بمصالحه الوطنية والقومية العليا في الأمد البعيد".
ولإلقاء الضوء على التصعيد الكردي – التركماني وأبعاده ومستقبل العلاقات، التقت " إيلاف "أرشد الصالحي" رئيس مكتب الجبهة التركمانية العراقية في سورية ولبنان.
وفيما يلي نص الحوار
البيان كان عبارة عن رأيكم بما قاله مسعود البارزاني والذي أكد على الهوية الكردية لمدينة كركوك وبنفس الوقت قال إنها ستكون مثالا للتعايش القومي وبالتالي عبارة " التعايش القومي " تشير إلى أن كلامه ليس راديكاليا، أليس كذلك؟
عراقية كركوك ذات الخصوصية التركمانية واردة في كافة المواثيق الدولية وأكبر دليل على هذا في سنة ١٩٢٤ أو ۱٩٢٥ صدر في الوثائق الرسمية البريطانية الوثيقة الرسمية رقم ۳٧۱ / ۱۳٤٢٢٥ والصادرة من السفارة البريطانية في بغداد إلى الدائرة الشرقية تذكر فيها " كان أهالي كركوك يتكلمون التركية بنسبة بالغة". ووثيقة بريطانية سرية أخرى في ۱٢ آب ١٩٥٨ تقول بأن " منطقة كركوك فيها أغلبية تركية". كركوك من الأساس هي مدينة تركمانية. إخواننا الأكراد يرجعون إلى كركوك بحجة أنهم كانوا مرحلين في عهد صدام حسين علما أن المرحلين كانوا من الأكراد ومن التركمان وليس من قومية واحدة فقط والذين رحلهم صدام كانوا من غير المسجلين في تعداد ۱٩٥٧ والذي هو اصح تعداد في العراق. وحاليا في 9 نيسان لم تكن هناك حكومة ووجد فلتان أمني.
وحصل نزوح جماهيري كردي واسع من المناطق الكردية في شمال العراق إلى كركوك ولا توجد دولة تحاسب من يدخل أو لا يدخل وحاليا أي شخص يمكنه أن يأخذ أرضا في كركوك ويبني عليها دون محاسبة ولذلك تغيرت ديموغرافية كركوك من مدينة عراقية تركمانية إلى مدينة كردية.
أنتم تصرّون على تركمانية كركوك والأكراد يصرّون على كرديتها – إذن ما هو الحل؟
نحن نقول تحل هذه القضية دوليا.
كيف؟
الحل الدولي يعني الأمم المتحدة أو الجامعة العربية أو دول الجوار بالذات لأنها قضية تمس دول الجوار أيضا وقضية كركوك هي قضية حساسة.
هل تثقون بالجامعة العربية؟
نثق بها ولما لا.
قوى سياسية عراقية كثيرة تقول إن الجامعة العربية لم تقف مع الشعب العراقي؟
بالنسبة لهذا الموقف يختلف، موضوع كركوك هو موضوع حساس لأنها تمس الأمن القومي العربي بشكل عام. وأي أزمة أو فتنة طائفية لا سمح الله إذا حصلت في كركوك فهي ليست الفلوجة ولا النجف ولا تلعفر وإذا لا سمح الله اشتعلت فيها نار الفتنة الأهلية لن تحمد عقباها لأي طرف من الأطراف سواء للأكراد أو التركمان أو للعرب أو للآخرين.
لكن أنتم في قمة الوعي السياسي؟
إلى متى يصبر شبابنا، والأراضي التركمانية قد استغلت من قبل إخواننا الأكراد وهي أراض كانت قد صودرت من قبل الدولة في عهد صدام حسين وهذه الأراضي صدام تبعها للمعسكرات وعملها مواقع أمنية وبعض سقوطه، كان المفروض الأراضي كلها تعود لأصحابها. وبكل أسف أخوتنا الأكراد وبمساعدة محافظ كركوك وهو كردي ورئيس بلدية كركوك وهو أيضا كردي والشرطة الكردية الذين دخلوا كركوك منذ ٩ نيسان قاموا باستغلال الأراضي الحكومية والأراضي التابعة للناس وبنوها بحجة أن هؤلاء كانوا مرحلين. وتصريحات البارزاني تؤكد أن القضية تحل داخل العراق وكيف يكون ذلك !
من خلال الاستفتاء؟
تمكنوا من إدخال أعداد كبيرة من الأكراد إلى كركوك وبالتالي سيكون الاستفتاء في صالحهم، ولماذا يقول البارزاني إن متأكدين بأن كركوك ستعود إلى كردستان. لا أحد وقف أمام هذا المد الجماهيري الذين دخل كركوك وقد دخلها أكثر من نصف مليون نسمة.
كم عدد سكان كركوك الآن؟
قبل الأحداث كان يصل إلى ٩٠٠ ألف أو بحدود ٨٥٠ ألف.
ما هي نسبة التركمان والأكراد في المدينة؟
التركمان في تعداد ۱٩٥٧ كانوا أكثر من الكرد والدليل على هذا زيارة رئيس الجمهورية إلى كركوك مؤخرا وأكد عندما اجتمع مع القوى السياسية بأن كركوك معروفة حتى عام ٥٧ ذات غالبية تركمانية لكن فترات السبعينات جاءت إعدامات للتركمان وللأكراد وتم ترحيل قسم من التركمان إلى شمال العراق والى جنوبه وغربه وتم ترحيل مجموعة من الأكراد الذين كانوا غير مسجلين أصلا في تعداد ۱٩٥٧.
اليوم النسبة الكردية اكبر؟
طبعا بعد ٩ نيسان تغيرت الديمغرافية في كركوك من كل النواحي وتدخل الى المدينة كأن كركوك ليست كركوك السابقة وبيوت بنيت من قبلهم غير محاسبين من أي طرف آخر.
ما هي الخطوات التي ستقومون بها أنتم مثلا في الجبهة التركمانية؟
مثلما أكدنا في بياننا نحن نطلب تدخل القوى الإقليمية التي تمسنا بالدرجة الأولى والأمم المتحدة والجامعة العربية لأننا غير مطمئنين من حل معضلة كركوك داخل العراق و البارزاني أكد إنه هذه القضية ممكن حلها داخل العراق حسب قانون إدارة الدولة الذي تمت صياغته من قبل قيادات كردية ولا تخدم إلا مصلحة الأكراد وإذا ما طبق وعمل استفتاء فيه طبعا ستكون الأولوية للأكراد.
عندما تقول إن الأكراد عملوا قانون إدارة الدولة حسب مصالحهم فهل ننسى أنه أيام إطلاق قانون إدارة الدولة كانت هناك شخصيات شيعية وتركمانية وآشورية؟
لم تكن هناك شخصيات تركمانية فقط عضو مجلس الحكم السيدة صونغل تابو ولم يكن لها أي تأثير في صياغة قانون إدارة الدولة العراقية وهو بمثابة موت للشعب التركماني.
هل نفهم من ذلك أن كل القوى وقفت مع الأكراد ضدكم؟
الأحزاب الكردية تقريبا مسيطرة على الحكومة حاليا. والقضية التركمانية ليست خطرا بالنسبة للأخوة الشيعة أي لا تمسهم ولكن تمسنا نحن كتركمان أكثر ما تمس الأخوة الشيعة في جنوب العراق وغيرها.
ألا تعتقد أن المطالبة بتدخل إقليمي هي أشد خطورة على الأمن القومي العراقي من مطالب الأكراد؟
بالعكس. القانون الدولي والقوى الإقليمية قد تحل المشكلة أكثر لأننا لم نر في حكومتنا حكومة قوية بحيث تتمكن من حل مشكلتنا والدلائل كثيرة يعني ثلاث مظاهرات سلمية جوبهت بإطلاق نار من الشرطة الكردية والذي قتل الشباب العربي والتركماني إلا حد الآن يصول ويجول في شوارع كركوك وقالوا لنا مظاهرتكم كانت مسلحة و إذا كانت كذلك أين قتلاهم وجرحاهم، رغم أنه عدنان الباجي جي كان رئيس مجلس الحكم واشتكينا وأنا كنت ضمن الوفد الزائر ووعدنا بإرسال لجنة تقصي الحقائق للوقوف على هذا العمل وحنى الآن لم يبعثوا أي واحد للوقوف على هذا العمل الإجرامي الذي صار في كركوك. إذن الحكومة لم تقف معنا في تلك القضية فهل ستقف معنا بعد سيطرة كبيرة للقيادات الكردية على الحكومة!.
إذن الحكومة الحالية هي مثل نظام صدام؟
لا نقول ذلك، ومع ذلك نحن نؤيد الحكومة الوطنية بالرغم من أننا مهمشين من الحكومة ونسندها لكن نتمنى أن تكون قوية وأن لا تكون منحازة لفئة على حساب فئة أخرى.
هل تشاركون في الانتخابات؟
لحد الآن أنا غير متصل مع إخواني في رئاسة الجبهة في موضوع الانتخابات. هذا أمر اعتيادي لأنه عندنا أربع ممثلين في المجلس الوطني وممكن أن نشارك في الانتخابات.
ما هو عدد التركمان في العراق عموما؟
العدد الحقيقي إذا ما أجري تعداد صحيح يبلغ من تلعفر ممتدا إلى أربيل وكوبري وكركوك ودوس وبعقوبة إلى بغداد ثلاثة ملايين أي ما يقارب ۱٣٪ من تعداد سكان العراق.
وكيف كان وضعكم في ظل نظام صدام؟
كان وضعا سيئا. وأنا من الناس الذين تعرضوا للسجن حيث سجنت لمدة عشر سنوات في سجن السياسية وأعدم شقيقي وحكم على اثنين من أخوتي بالحبس لمدة عشرين سنة وقضي على كثير من شبابنا وأكثر من ألف منهم أعدم سواء من الشيعة أو السنة التركمان بيد الجلاد وكذلك مجزرة أنطون كوبري يشهد لها التاريخ وأطفال بعمر ٨ سنوات تم إعدامهم وكله موثق ومدينة طوسرماتو تعرضت لمجزرة في عام ۱٩٩۱ ومقابر جماعية كثيرة في قرية تازة وفي المنطقة الصناعية في كركوك والترحيل والتهديد واستغلال الأراضي. ولحد الآن هي مستغلة والمطار أرضه تعود للتركمان وأطراف المطار كانت معسكرات كلها تسمى معسكر " خالد ". وكلها صودرت من قبل النظام البائد، وقياسا إلى نفوسها تعرضت القومية التركمانية أكثر من بقية الطوائف والقوميات العراقية. ومع كل آسف نحن كنا تحت سيطرة دكتاتور والإعلام لحد الآن لا يغطي الأخبار لصالح القضية التركمانية وهو منحاز.
والإعلام العراقي والصحف العراقية الجديدة؟
أكثرها مشتراة من قبل أناس معينين. لذلك لا ينشروا أشياء لا تخدم مصلحتهم.
لا حرية صحافة في العراق؟
لا. توجد حرية صحافة لكن المسألة صارت تجارية مع كل أسف.
وتنسيقكم مع الحكومة التركية؟
ليس مباشرا مع الحكومة التركية أو دول الجوار ولكن توجد ممثليات مثلا في سورية وإيران ولندن. وتركيا دعمت الأتراك كثيرا ووقفت معهم والمساعدة المعنوية والوقوف المعنوي لا يدل على أننا ننسق مع الحكومة التركية. نحن أصولنا تركية هذا غير ممكن إنكاره ولغتنا تركية ولكننا نفتخر بعراقيتنا ولو لم نكن نفخر بها لكانت هذه الفرصة أحسن فرصة لنا لنطلب انفصالنا ضمن الإقليم التركماني ولكننا نفضل عراقيتنا على قومية أخرى.
وهل عرضتم مشكلتكم على دمشق؟
لا، لأنه لحد الآن لم تحدث فرصة لنعرض مشكلتنا لهم، والحكومة السورية مضيف واسع لكل الناس وكل المعارضة العراقية ومن الممكن أن تسمع شكوانا وقد نتكلم معهم في المستقبل بهذا الخصوص، وقد فتحوا بابهم لنا مضيفين ويا ليت كل الدول العربية قامت بخطوات مثل سورية.
نقرأ دوما للمثقفين والكتاب الأكراد تأكيدهم على "الأخوة التركمان" و "العلاقات الحسنة مع التركمان" ويتكلمون بشكل ودي بعيدا عن الشوفينية. ألا تتفاعلون مع هذه الأمور ويحدث حوار بينكم؟
نتمنى أن الأخوة تزداد، والعداء لا أحد يستفيد منه غير المحتل والأجنبي ونحن بودنا هذا العداء ان لا يدخل بيننا وان لا يستغل احد هذا الشرخ البسيط ويدخل بيننا ونحن ايضا سبق وقلنا نحن مستعدين ان نتقاسم بيوتنا وخبزنا مع الأخوة الأكراد الذين تم ترحيلهم من كركوك وندعو للحوار والتشاور وحل المسالة سلميا وعدم الانجرار وراء أفكار شوفينية لا يستفيد منها لا الشعب الكردي ولا الشعب التركماني.
هل هناك قنوات حوار بينكم وبين جماعات كردية ومثقفين؟
يبدو ان هناك قنوات حوار حسب ما علمت يوجد حوار مع السيد الطالباني بهذا الخصوص قبل أسبوع حيث توجد زيارات بين مسؤولي الجبهة التركمانية وجلال الطالباني وقبل أكثر من شهر زار أحد رؤساء الأحزاب التركمانية جلال الطالباني في السليمانية. وأملنا انه القيادات الكردية تحصل على حقوقها في مناطقها وليس على حساب التركمان، وبعدما راح نظام صدام لم نستفد نحن أي شيء وأنا مثلا تضررت في وقت صدام ولم نستفد في كركوك أي شيء ولم يتعين من عندنا موظف واحد بالعكس عينوا موظفين كثيرين واستغلت دوائر الدولة من قبل مدراء أكراد كانوا قد جلبوا من السليمانية ومن اربيل لماذا لا يتم تعيين أهل كركوك في حين يأتي شخص من السليمانية واربيل ويكون مديرا عاما في محافظتي هل هذه هي الحرية والديمقراطية بهذه الطرقة نتحاور !!!
كيف تنظر إلى علاقتكم مع الأكراد خلال الأيام القادمة، تصعيد وتوتر أم حوار وتفاهم؟
التصعيد ليس من طرفنا وليس من صالح الأكراد ولا التركمان ولكننا نرى إطلاق تهديدات من القيادات الكردية أو بالأخص من الحزب الديمقراطي الكردستاني وهي مع كل آسف لن نستفيد منها والشعب بحاجة الى توعية وليس الى خلق بؤر التهديد والوعيد من التصريحات.