تسعى إسرائيل منذ عقود عديده إلى إحداث القلاقل والفتن فى منطقة الشرق الأوسط عبر عملاء أو وكلاء لها بالمنطقه تزودهم بالأموال والعتاد وتقوم باستقدام هؤلاء الى تل أبيب لتلقى التدريبات العسكريه أو إرسالها الخبراء لتدريب تلك العصابات المواليه لها على فنون القتال والتخريب للمرافق والمنشآت الاقتصاديه وتعطيل وسائل الاتصالات وقطع الطرق وحرق القرى وزعزعة الاستقرار.
وقد شهد شمال العراق ومنذ عقد الستينات نشاطا صهيونيا مكثفا عبر عملاء إنفصاليين حرقوا خلاله الأخضر واليابس ودمروا قرى بأكملها على رؤوس ساكنيها من العرب والتركمان والآشوريين والأكراد ولم يستفد من ذلك الصراع الذى دمر البنيه الأساسيه وأعاد المنطقه إلى القرون الوسطى إلا حفنه من الزعامات القبليه والعشائريه التى إرتضت أن تكون أداه فى يد الصهيونيه الدوليه لتحقيق مآربها فى المنطقه فساروا على درب العماله وكونوا الثروات من المال الحرام وبنوا القصور وحازوا الضياع وعاشوا عيشة الملوك فى الوقت الذى كان فيه بنى جلدتهم يتضورون من الجوع ولا يجدون مايسدون به الرمق فضلا عن أنهم جعلوا من هؤلاء المساكين وقودا لحروبهم فقتلوهم أو جعلوا منهم قتله لاخوانهم . وقد إستمر الدور التخريبى لعملاء الصهيونيه يتصاعد فى شمال العراق ويمتد أحيانا إلى دول الجوار ويأخذ شكل أعمال عسكريه أو تخريبيه أو إغتيالات لعلماء أو قاده سياسيين على نحو مارأينا فى الأيام الماضيه حيث تجاوز عدد القتلى من العلماء وأساتذة الجامعات العراقيين الألف منذ سقوط النظام وحتى الآن.
ويبدوا أن الاسرائيليين قد أغرتهم حالة الفوضى العارمه والانفلات الأمنى التى تسود العراق حاليا والتى نجحوا خلالها فى تصيد الآلاف من العقول والقيادات العراقيه الوطنيه التى لاترضى لنفسها أن تسير فى ركب العماله والخيانه فأوعزت لعملائها فى شمال العراق بتطوير عملياتهم ومحاولة نقلها إلى خارج الحدود العراقيه فحملت لنا الأنباء وعبر شبكة أخبار العراق نبأ إحتجاز السلطات التركيه لثلاث شاحنات قادمه من شمال العراق وبداخلها أسلحه إسرائيليه الصنع للقيام بعمليات داخل الحدود التركيه غير معروفه حتى الآن لخضوع سائقى تلك الشاحنات للتحقيق وقد تم ضبط هذه الشاحنات بعد تلقى المخابرات التركيه (ميت) معلومات بهذا الشأن .
ويبدو أن إسرائيل راغبه فى تحريك الأكراد على الجانب الآخر من الحدود العراقيه بهدف زعزعة الأمن فى المنطقه وإثارة حاله من الفوضى وصولا الى إعادة تقسيم المنطقه بهدف خلق كيان تابع للدوله العبريه
يمكن إستخدامه كأداه للارهاب وبذر بذور الشقاق وإحداث القلاقل على أن تقوم الدوله العبريه بدعم ورعاية هذا الكيان الذى يأخذ صورة دوله كرديه موحده . وتقوم الحسابات الاسرائيليه على أن تركيا التى تحتضن أكبر جاليه كرديه فى المنطقه ستتخلى فى القريب العاجل عن الشراكه والتحالف الاستراتيجى مع الولايات المتحده الأمريكيه ومع حصولها على العضويه الكامله فى الاتحاد الأوروبى وستنتهى بالتبعيه وتتلاشى علاقتها باسرائيل تماما خصوصا وأن الشارع التركى غير راغب فى وجود علاقه من أى نوع مع إسرائيل فضلا عن أن الحكومه التركيه الحاليه ذات الميول الاسلاميه تجارى الشارع التركى فى هذا التوجه وقد وضح ذلك فى التصريحات البالغة الشده التى أطلقها رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان لدى إستقباله وزير البنى التحتيه الاسرائيلى يوسف باريتسكى فى أنقره منذ أيام حيث قال أردوغان بالحرف الواحد : (أنا لاأرى فرقا بين إسرائيل الدوله ومنظمات الارهاب .. فكلتاهما تقتلان المدنيين) وأضاف أردوغان : (مافعلتموه فى رفح هو قتل جماعى للفلسطينيين . ومن لم تقتلوه هدمتم بيته . وفى هذا إرهاب . ولا أجد كلمات أخرى أصفه بها) .. إن هذه العبارات القاسيه التى تفوه بها أردوغان لم تكن خافيه على الساسه فى إسرائيل الذين لاحظوا تبدلا فى مواقف الحكومه التركيه إستجابة لتوجهات الرأى العام التركى وهو مادفع باسرائيل الى القيام بتلك التحركات المشبوهه والهادفه الى زعزعة الاستقرار فى تركيا عبر عملائها فى شمال العراق وليس من ثمة شك فى أن الأيام المقبله ستبرهن لنا بجلاء على تلك النوايا الصهيونيه والهادفه الى زعزعة الاستقرار ليس فى العراق وتركيا وحسب بل وفى سوريا وإيران أيضا.