..ردا على السيد رشيد إربيل أوغلو
لماذا أكتب عن التركمان؟
طالعت المقال الذى كتبه السيد رشيد إربيل أوغلو على صفحة كتابات بتاريخ ٥ /٨ /٢٠٠٤ تحت عنوان : أين الكتاب والإعلام التركمانى؟ والذى ينتقد فيه دفاعى المستمر (كونى مصرى الجنسيه) عن تركمان العراق ، فضلا عن أننى أهمل فى كتاباتى بقية أطياف الشعب العراقى بعربه وكرده وآشورييه ، و
لاأدرى لماذا تبادر إلى ذهنى واقعة قيام المسلمين بمدينة الاسكندريه المصريه بتوكيل المحامى المصرى القبطى مكرم عبيد باشا فى رفع دعوى قضائيه بإزالة كنيسه لما تسببه تلك الكنيسه من أضرار غير مألوفه لرواد المسجد المجاور لها بسبب دقات الأجراس العاليه التى تصدر عنها أثناء أداء المسلمين للصلوات وقد قبل المحامى القبطى (المسيحى) أن يوكل فى قضيه قد يتمخض عنها إزالة مكان هو من أقدس المقدسات فى عقيدته (كنيسه قبطيه) لاقتناعه بعدالة قضية مخالفيه فى العقيده من المسلمين ، يومها وقف المحامى البارع أمام المحكمه وقد أحضر ناقوسا (جرسا) ضخما مثل الذى يستخدم فى الكنائس وطلب من المؤذن أن يرفع الأذان وأخذ هو فى ضرب الناقوس بقوه فضاع صوت المؤذن وسط دقات الناقوس المزعجه ولم يتمكن أى من الجالسين فى قاعة المحكمه أو هيئة المحكمه من أن يسمعوا أو يعوا ما يقول المؤذن فأجابته المحكمه إلى طلبه بإزالة الكنيسه دفعا للضرر الذى تلحقه بمن يبحثون عن السكينه أثناء أدائهم لفروض عبادتهم إذ أن الضرر الذى تسببه دقات النواقيس المزعجه ليس من أضرار الجوار المألوفه التى من الممكن للجار أن يتحملها .. لقد تعلمت من هذه الواقعه وغيرها أن الدفاع عن مخالفيك فى العقيده أو فى العرق أو فى الرأى طالما كانوا على حق ينبغى أن يكون هو دينك وديدنك فى الحياه ، وانطلاقا من هذه القاعده لم أنخدع بالإعلام الرسمى العربى قبل خمسه وعشرين عاما الذى أخذ يكيل المديح والاطراء لبطل القادسيه المزيفه وحامى حمى البوابه الشرقيه ، ووقت أن كانت الغالبيه الساحقه من الشارع العربى قد إنساقت فى تيار هذا الإعلام القميىء كنا نعلن معارضتنا لهذا النظام البعثى العفلقى العفن وكنا نبكى بالدم قبل الدموع شهداء العراق وضحايا النظام المجرم ولم نكن نقرأ أو نكتب إلا فى الصحافه المصريه المعارضه لهذا النظام وممارساته الإجراميه بحق شعب العراق بسنته وشيعته ، بعربه وكرده وتركمانه وآشورييه ، ولم نسمح لأنفسنا بأن نسير فى زفة المطبلين والمزمرين والمسبحين بحمد ذلك النظام المجرم الذى تتنافى ممارساته مع أبسط الحقوق الإنسانيه ، وعلى الرغم من أننا لم نكن على إحاطه كامله بحجم المأساه المروعه التى حلت بشعب العراق إلا أن ماتسرب إلى الصحف والمجلات المصريه غير الرسميه من جرائم هذا النظام كانت تكفى لأن تدفعنا للوقوف موقف العداء من هذا النظام ، لقد كنا نتابع مايردنا من رسائل الامام الشهيد محمد باقر الصدر وتأثرنا كثيرا برسالته الأخيره التى سبقت إستشهاده والتى يخاطب فيها أحباب ابى بكر وعمر وعثمان وعلى ، وكم أتمنى أن يرجع اليها الزاعقين والناعقين الآن من دعاة الفتنه والفرقه ليتعلموا منها كيف كان الأئمه العظام يسمون على الخلافات والنظره الضيقه للأمور ، وكانت تصلنا أنباء المآسى التى حلت بالأخوه الأكراد ، فنأسى لحالهم وندبج المقالات تلو المقالات دفاعا عن حقوقهم الانسانيه .
أما التركمان .. أو الصابرون على الضراء .. فلم نكن نسمع بهم أو بمآسيهم الكثيره إذ يبدو أن الخط الذى رسموه لأنفسهم وهو خط المقاومه السلميه فضلا عن إلتزامهم الخط الوطنى و رفضهم الإستعانه بأى قوى أجنبيه قد حرمهم من مزية الترويج الإعلامى لقضاياهم خصوصا وأن تركيا كانت قد تقاعست عن تبنى قضاياهم حرصا على مصالحها الاقتصاديه والأمنيه مع النظام العراقى السابق فغرقوا فى خضم النسيان ولم يسمع بهم العالم ناهيك عن العراقيين أنفسهم الذين جهلوا أن هناك قوما يعيشون بينهم يدعون التركمان !!
لذلك كانت دهشتى كبيره عندما تخصصت فى الدراسات التركيه (كطالب دكتوراه) وعلمت بوجود شعب تركمانى يقدر بنحو مليونى مواطن على أرض العراق الشقيق ورحت أبحث عن هذا الشعب كمن يبحث عن الإبره فى كومة الحطب وهالنى حجم التهميش والتعتيم والإقصاء الذى يمارس من قبل كل القوى محليه وإقليميه ودوليه بحق هذا الشعب الذى يستحق وعن جداره لقب : شعب الله المظلوم !!! رغم العطاء الكبير الذى قدمه هذا الشعب للعراق وللعرب وللانسانيه جمعاء مما لايتسع المقام لسرده أو ذكره .
وبعد تخلص العراق من الطغمه الفاسده والمجرمه تكاد جميع المجموعات العرقيه أن تكون قد حققت كل أو جل ماتصبو إليه من المكاسب إلا شعب الله المظلوم فلم يحصل إلا على مقعد واحد فى مجلس الحكم الإنتقالى ووزير واحد فى الوزاره الحاليه وفى المرتين لم يكن للشعب التركمانى رأى فى إختيار من يمثلونه بل تم فرضهم من قبل هذا أو ذاك من القوى السياسيه الفاعله والمؤ ثره على الساحه السياسيه ، ومن هنا ومن منطلق إحساسى بأن التركمان قد صاروا شعب الله المظلوم بعد أن صارت الكلمه العليا فى العراق للجماعات الكرديه المدعومه من قبل الولايات المتحده وإسرائيل وأصبحت هذه الجماعات هى المهيمنه على دفة الأمور فى العراق كان لزاما على أن أركز فى مقالاتى على مظلومية التركمان خصوصا وأنهم صاروا الهدف المرتقب للقوى التعصبيه المدعومه من القوى الكبرى المهيمنه على العالم والتى صارت تعتبر التركمان ووقفتهم البطوليه دفاعا عن كركوك العائق الأساسى فى تنفيذ خريطة التقسيم الجديده فى العراق وتركيا وإيران وسوريا والسعوديه ومصر والسودان والجزائر والمغرب وغيرها إذ كان من المقرر أن يبدأ تنفيذ تلك الخريطه من العراق أولا لغياب الحكومه المركزيه وشيوع الإنفلات الأمنى و لولا الوقفه البطوليه لتركمان وعرب كركوك وبقية أطياف الشعب العراقى ومن خلفهم دول الجوار العراقى ومصر لكنا قد رأينا ملامح هذه هذه الخريطه قد لاحت فى الأفق ، ولذلك صرت على قناعه بأن الوقوف مع التركمان هو وقوف مع شعب السودان ومع الشعوب العربيه ضد التقسيم لمن يعى ويفهم!!! وليس صحيحا ياأخى أننا نهمل باقى أطياف الشعب العراقى من عربه وكرده وآشورييه ونهتم فقط بالتركمان، فنحن كنا مع الأكراد وقت أن كانوا بحاجه إلى وقفتنا تلك ، يوم أن تعرضوا للضيم والظلم ، ونحن اليوم مع الشعب الكردى ضد الجماعات والقيادات اللامسئوله التى تتحكم فى مصيره وتقوده إلى الصدام مع إخوانه وأشقائه فى الوطن وتسلبه حقوقه وحرياته وتتاجر بقضاياه فى أسواق النخاسه الدوليه ، أما إخواننا وأشقاؤنا العرب فى العراق فهم بحمد الله قوه لايستهان بها وليسوا بحاجه لمن يدافع عنهم ولن تفلح الأصوات الناعقه والزاعقه فى شق صفوفهم وتفتيت وحدتهم وعلى مدار أربعة عشر قرنا من الزمان لم تفلح القوى الكارهه لنا إلى تقسيمنا إلى سنه وشيعه ، لذلك عندما تعلو تلك النبره فى كتابات البعض وفى أوقات معينه بالذات وجب علينا أن ندرك على الفور بأن القوى الاستعماريه و الصهيونيه الكارهه لوحدتنا هى التى تغذى وتقف وراء هذه الأقلام ، أما عن قولك بأننى لم أتبنى قضايا الآشوريين فى مقالاتى فإننى أدعوك لأن تعيد قراءة مقالاتى مرة أخرى لتعرف من الذى أثار قضية راعى عقرا الآشورى (إدوارد خوشابا) ومن الذى كتب عن قضية (هيلين) الفتاه الآشوريه المسكينه التى قتلت فى منزل أحد قيادى الحزب الديموقراطى الكردستانى بعد أن تعرضت للإغتصاب ومن كتب عن أعمال القتل والتهجير والمذابح التى تعرض لها الآشوريين على يد الأكراد فى شمال العراق .. وقتها سوف تدرك بأنك لم تكن تتابع مقالاتى التى حملت هموم الشعب العراقى بكل أطيافه .
بقى أن أذكر أن شعب العراق بعربه وكرده وتركمانه وآشورييه بسنته وشيعته فى أحداق عيوننا حتى ولو أفرطنا فى الدفاع عن فئه من فئاته (تركمان العراق) تدخل فى صميم تخصصنا العلمى ونرى أنها لاتزال تتعرض للضيم والظلم دون غيرها حتى بعد تبدل النظام فى العراق . وأتمنى يأخ رشيد أن تكون قد تفهمت وجهه نظرى ودمت أخا عزيزا .