قرأت مقالا فى موقع كتابات بتاريخ ١٠ / ٨/ ٢٠٠٤ تحت عنوان: الخلافات القوميه بين الأكراد والتركمان فى العراق قرر فيه كاتبه ببراءة الحزب الديموقراطى الكردستانى والمللا مصطفى البرزانى من إرتكاب مجزرة كركوك ١٩٥٩ وألقى بتبعة تلك المجزره على عبد الكريم قاسم والشيوعيين واختتم المقال بإلقاء التهمه على العرب وخصوصا عرب الحويجه ، وهو مالم نسمع به من قبل ولم يقل به أى من المؤرخين أو شهود الأحداث أو معاصرى تلك المجزره أو ضحاياها ولما كانت الوثائق وشهادات الشهود هى عماد الوقائع التاريخيه وبدون تلك الوثائق وشهادات معاصرى الأحداث وصانعيها تضحى الكتابه التاريخيه مجرد قصص طريفه للتسليه والترويح عن النفس أو للدفاع عن هذا وذاك ممن تهوى الأنفس وتعشق القلوب ، ولما كانت النفوس فيما تهوى مذاهب ، وكان ما نبحثه ونتعرض له هو وقائع التاريخ التى لايمكن إغفالها أو التغاضى عنها أو المرور عليها مرور الكرام إستنادا إلى هوى هذا أو عشق ذاك فإنه يشرفنى أن أعرض على قراء موقعكم الموقر مجموعه من شهادات من هم كانوا فى موقع المسئوليه وقت الأحداث ،وسأقوم بعرض تلك الوثائق والشهادات دون أن أعلق عليها أو أبدى رأيا فيما ورد فيها إلا إذا إقتضت الضروره ذلك. والوثيقه التى أعرضها فى حلقة اليوم من الوثائق تتعلق ببعض أحداث التوتر التى سبقت حدوث المجزره ومهدت لحدوثها عندما أخذ الملائيون الأكــــــراد البارتيون فى تصعيد الأمور مع التركمان فقدموا مذكره إلى وزارة المعارف فى بغداد حول رفع مستوى الثقافه فيما أسموه منطقة كردستان وأدرجوا فى مذكرتهم لواء كركوك بإعتباره ضمن منطقة المعارف الكرديه وهو ما عده التركمان خطرا على هويتهم وثقافتهم خصوصا وأن الأكراد أقليه فى كركوك ، وإزاء تصاعد وتيرة الأحداث وتأزم الأمور بعث الطبقجلي بالرساله أدناه إلى مديرية الاستخبارات العسكريه مبديا رأيه فيها .
الوثيقه المؤرخه ٩ /٩ /١٩٥٨ وهى عباره عن كتاب من قائد الفرقه الثانيه فى كركوك الزعيم ناظم الطبقجلي إلى مديرية الاستخبارات العسكريه ( مرفق مع المذكره خمس نسخ منها ) وقد وردت على الشكل التالى :-
" ١- ورد فى الصفحه (١٥) تحت عنوان (د - التطبيق ) الماده (١) مايلى: تحديد منطقة المعارف الكرديه بألوية السليمانيه واربيل وكركوك وقضاء خانقين واقضية الموصل الكرديه .
نود أن نلفت النظرالى خطورة التحديد أعلاه حيث نبدى المطالعه التاليه:
٢ - إن زج لواء كركوك ضمن منطقة المعارف الكرديه وهى ليست بكرديه بالمعنى الذى فسرته المذكره ، اذ أن اكثريتها تركيه وعربيه ( مسلمه ومسيحيه ) فالتعبير يبطن فى طياته روح الرغبه فى الاستيلاء على النفط ، وهو الثروه الوطنيه للجمهوريه العراقيه التى حررت هذا المصدر الحيوى لحياة ومستقبل العراق ، كما أن إدعاء المذكره بكردية كركوك معناه صهر القوميات الأخرى فى اللواء ، وهذا مايتنافى وروح دستور الجمهوريه العراقيه. وأشار الى أنه ليس من المصلحه أن يكون مركز المديريه المقترحه فى مدينة كركوك ، وأطالب بإسناد منصب مدير المعارف فى كركوك دوما وأبدا إلى شخص لاينتمى الى القوميتين المتناحرتين : الكرديه والتركمانيه بل إلى (عربى) على أن تتوفر فيه صفة الحياد والعمل للمصلحه وخدمة التعليم ، دون تحيز قومى أو عنصرى"
وكما هو واضح من مذكرة المعلمين المللائيين الأكراد من جماعة الملا البرزاني وملاحظات الزعيم ناظم الطبقجلي فإن الرغبه فى الاستحواذ على كركوك وبما يتنافى مع روح الدستور والأعراف والتآخى القومى كانت هى السمه السائده لدى الملا مصطفى البرزانى وأتباعه فى الحزب الديمقراطى الكردستانى ( البارتى ) الذى أسسه المللا البرزانى عام ١٩٤٦ وهى التى قادت إلى الصدام القومى وإلى مجزرة كركوك ١٩٥٩.
( الوثيقه أعلاه وردت فى : موسوعة ١٤ تموز( ثورة الشواف فى الوصل - ٣ ) للعميد المتقاعد : خليل إبراهيم حسين - دار الحريه للطباعه - بغداد ١٩٨٨م