لايترك الاخوه الأكراد مناسبه دون التذكير بالتجربه الديموقراطيه فى كردستان والادعاء بأنها التجربه الديموقراطيه الوحيده والفريده فى منطقة الشرق الأوسط وقام السيد جلال الطالبانى زعيم الاتحاد الوطنى الكردستانى منذ فتره وجيزه بتدبيج عدة مقالات جرى الاعلان عنها وتوزيعها بشكل واسع على وسائل الاعلام المختلفه وقد كرست جميعهاللحديث عن تلك التجربه العظيمه وما حققته من إنجازات على مختلف الأصعده ولا يترك الأكراد مناسبه دون لفت نظر العرب والتركمان والكلدو آثوريين الى مزايا العيش فى كردستان العراق وأجواء الحريه والديموقراطيه التى ينعم بها سكان المنطقه على مختلف إنتماءاتهم العرقيه وإتجاهاتهم السياسيه وأنه لامبرر للخوف من ضم كركوك الى كردستان أو بسط هيمنة الأكراد على منطقه كردستان التاريخيه التى تمتد حتى تكريت ولا ينسوا أيضا التذكير بأن ديموقراطيتهم باتت مثار تهديد للأنظمه الديكتاتوريه فى المنطقه والتى باتت تخشى من عدوى إنتشار الديموقراطيه ومن ثم أخذت فى تحريض التركمان والعرب والآشوريين على رفض الطرح الفيدرالى وضم كركوك لكردستان بهدف إجهاض هذه التجربه الفريده فى الديموقراطيه واحترام حقوق الانسان.
والحقيقه أن أى مواطن يعيش فى منطقه الشرق الوسط من مصلحته دمقرطة الحياه من كافة نواحيها ويشعر بالسعاده والزهو من وجود تجارب ديمقراطيه ناجحه فى منطقته غير أننى كمواطن عربى لم أقرأ ولم أسمع أن التجربه الديموقراطيه الوليده فى شمال العراق التى تخطو خطوه وتتعثر خطوات هى التجربه الفريده من نوعها فى الشرق الأوسط لدرجة أن باتت تقض مضاجع السلطات الحاكمه فى البلدان المجاوره اللهم الا فى خيال وكتابات الساسه والكتاب الأكراد ..فالتقارير الدوليه حول تجربة الحكم الذاتى الكرديه تثبت أن هذه التجربه وحتى الآن تجربه فاشله على كافة المستويات سواء فيما يتعلق بالحريات السياسيه أو حرية التعبير أو حرية الرأى أو حرية العقيده أو فى التعامل مع العرقيات الأخرى القاطنه لشمال العراق أو فى مجال حقوق الانسان.. إذ وبالرغم من وجود عدد كبير من الأحزاب السياسيه الكرديه كالحزب الديمقراطى الكردستانى والاتحاد الوطنى الكردستانى وحزب الاتحاد الاسلامى الكردستانى والحركه الاسلاميه والجماعه الاسلاميه فى كردستان العراق وحزب كادحى كردستان فضلا على مايزيد عن 39 حزبا كرديا صغيرا وقوميات أخرى غير كرديه تموج بالآراء المتباينه والاتجاهات المختلفه فان الحزبين الديمقراطى الكردستانى والاتحاد الوطنى الكردستانى إتفقا على إقتسام السلطه مناصفة بينهما وحرمان كافة التيارات والاتجاهات السياسيه من حقهم المشروع فى تداول السلطه بطريقه ديمقراطيه مع بقية الأحزاب العامله على الساحه السياسيه فى شمال العراق وهو مايتنافى مع أبسط قواعد الديمقراطيه وقد إستنكرت منظمة العفو الدوليه باعتبارها إحدى المنظمات الناشطه فى مجال حقوق الانسان فى إحدى تقاريرها مايسمى بسياسة ( أل ٥٠٪ ) أو "نظام التوزيع المتساوى للسلطه " بين الحزبين المذكورين والذى قاد إلى شلل إدارى واسع إذ طبقت هذه السياسه فى كل مواقع السلطه والقيادات الاداريه إبتداء من البرلمان والوزاره الى أصغر وحده إداريه..ففى كل موقع وظيفى رئيسه من حزب ونائبه من الحزب الآخر وبذلك حاصر كل حزب قرارات الحزب الآخر وتحولت الادارات الى ضيعه خاصه بكلا الحزبين .
وقد تسببت عملية إقصاء القوى السياسيه الكرديه عن العمليه السياسيه ووضع خيوط اللعبه فى يد الحزبين المذكورين وما تبع ذلك من غياب الرقابه والمحاسبه فى إساءة إستخدام السلطه من قبلهما وتمكين العناصر المنتميه لهما من إرتكاب إنتهاكات واسعه لحقوق الانسان وإظهار عدم إحترامهما للقضاء وتدخلهما السافر فى شئون العدل وإساءة تطبيق القانون كما أصبحت القوانين وأجهزة الاداره من شرطه وقضاه وسجون تختلف باختلاف المنطقه الجغرافيه التى يسيطر عليها كلا الحزبين وأصبح كلا منهما يمارس فى نطاقه الجغرافى الاعتقالات والسجن والاعدام وفى سجونه الخاصه.
وفى تقرير لوزارة الخارجيه الأمريكيه حول أوضاع حقوق الانسان فى كردستان العراق فى ظل إدارة هذين الحزبين جرى توثيق حدوث إنتهاكات صارخه لحقوق الانسان وأعمال قتل واسعة النطاق ضد الكلدو آشوريين حيث تعددت الاعتداءات الكرديه على القرى الآشوريه وإلقاء القنابل على البيوت والأديرة مما نتج عنه موت العديد من المواطنين الوارده أسماؤهم بالتقرير وأوضح التقرير أن قرى آشوريه تتعرض للضغط لترك أراضيها والنزوح لأماكن أخرى وأورد التقرير حاله صارخه من حالات انتهاك حقوق الانسان كانت ضحيتها فتاه آشوريه تدعى ( هيلينا علون صاوا ) وعمرها عشرون عاما أجبرها عضو فى المجلس السياسى للحزب الديموقراطى الكردستانى على العمل لديه كمدبرة منزل وإلا قام بقطع معاش تقاعدى لوالدها الذى قتل أثناء قتاله فى صفوف الحزب الديمقراطى الكردستانى ضد النظام العراقى السابق وقد وجدت الفتاه بعد ذلك مقتوله بعد أن تعرضت للاغتصاب وقد ذكرت أسرة الفتاه أن العضو المذكور عمد الى تهديد عائلة الفتاه كى لاتطلب التحقيق فى أمر مقتلها وقد خلص التقرير الى أن هذه الجريمه تشبه " نمطا معروفا جدا " من تورط السلطات الكرديه فى الاعتداء على مسيحيين آشوريين فى شمال العراق .وقد لخصت منظمة العفو الدوليه جرائم الادارتين الكرديتين فى الآتى:
۱ – التهديد بالاعتداء الجنسى أو الاعدام ( ..وكان من بين الضحايا نساء وقصر فى أغلب الأحيان ) .
٢ – إعتقالات بضمنهم سجناء ضمير .
٣ – حالات إختطاف وإخفاء وقتل وإعدامات وإغتيالات وشملت:
- أعمال قتل منظمه وغير شرعيه لمعتقلين.
- تعرض مئات المواطنين لعمليات قتل منظمه وإغتيالات.
- حصول مجازر ضد المدنيين أثناء الأعمال المسلحه بين الحزبين الرئيسيين.
- قتل أسرى وعناصر غير مسلحه.
- إغتيالات وقتل لفعاليات سياسيه وثقافيه وإعلاميه.
- أعمال تشويه لجثث القتلى – قطع أصابع الضحيه – قطع يدى ورجلى الضحيه – قطع أذنى الضحيه – قلع عينى الضحيه – تحطيم وجه الضحيه – بقر بطن الضحيه – سحل فى الشوارع لجثث القتلى ومنع دفنها.
- سحب دماء من الضحايا قبل قتلهم .
٤ – التعذيب وإساءة المعامله ويأخذ عدة صور منها:
- تعذيب الضحيه بقصد حمله على الاعتراف ومصادرة حقه فى الدفاع عن نفسه وتوكيل محام للدفاع عنه.
- ضرب كافة أنحاء جسم الضحيه باستخدام العصى ؛ عقب البندقيه ؛ كابلات ؛صوندات ؛ركلات.
- تعليق الشخص فى الفلقه وضرب أخمص القدم.
- تعليق الضحيه من يديه وهما مقيدتان إلى الخلف..تعليق الضحيه لمدة يومين مع إستمرار ضربه ويداه مقيدتان ..تقييد يدى الضحيه الى الخلف وتعليقه الى شباك مرحاض ونزع ملابسه الداخليه.
- حرق جلد الضحيه باستخدام السيكاره أو أداه معدنيه ملتهبه.
- تعريض الخصوم لصدمات كهربائيه.
- عصب عينى وتقييد يدى المعتقل .
- الاعتداء الجنسى ويكون بربط قضيب الضحيه بخيط بلاستيكى لمنع تبوله وإجباره على شرب ثلاثة قارورات مياه وضربه بالصونده على بطنه حتى يفقد وعيه.
لقد لخصت منظمة العفو الدوليه حالة حقوق الانسان فى المناطق الواقعه تحت سيطرة الادارتين الكرديتين بقولها : " إنه لأمر شائن أن الأكراد وهم الذين عانوا من إنتهاكات حقوقهم على يد النظام العراقى أن يتعرضوا مرة أخرى لهذه الانتهاكات وهذه المره على أيدى قادتهم السياسيين أنفسهم " كما عبر العديد من المثقفين وأصحاب الرأى وحملة الأقلام عن أسفهم الشديد لما جرى ويجرى فى شمال العراق من إنتهاكات لحقوق الانسان وإهدار لكافة القيم الانسانيه وهى الحاله التى وصفها الدكتور خلدون النقيب بأنها: " دوامه من العنف المسلح تجعلنا نتساءل فى أى عصر نعيش ؟ وكيف يتقمص المعتدى عليه سلوك المعتدى فى أول فرصه تسنح له " وفى محاضره للدكتور جمشيد الحيدرى (أحد العاملين فى مجال حقوق الانسان فى المنطقه الكرديه) ألقاها فى نادى ۱٤ تموز فى إستكهولم بالسويد بتاريخ ۱۱ فبراير / شباط ۱۹۹٦ إستعرض أوضاع حقوق الانسان فى ظل الادارتين الكرديتين مؤكدا على فظاعة الانتهاكات التى تجرى هناك والتى منها:
۱ – قيام العناصر المسلحه لكلا الحزبين بفرض الاتاوات على التجار وأصحاب الحرف والمهن المختلفه والفلاحين كما أن هذه العناصر تدخل الى المحلات التجاريه وتحمل ماتريد من البضائع دون دفع الثمن.
۲ – قيام الحزبين الكرديين بالترحيل القسرى للعائلات الكرديه المنتميه أو المشتبه بانتمائها للحزب الآخر.
٣ – إستمرار أعمال السلب والسطو المسلح على الممتلكات وأصحاب السيارات والتى غالبا ما تنتهى إلى قتل أصحابها.
٤ – ممارسة أعمال قتل وإغتيال للعديد من أساتذة الجامعات والقضاه لمجرد الاختلاف فى الرؤى أو المواقف.
٥ – كبت الحريات ووضع القيود على حرية الصحافه ومنع نشر الحقائق المتعلقه ببعض القضايا ومنع توزيع المنشورات.
٦ – صعوبة وخطورة التنقل من مدينه الى أخرىنظرا لكثرة نقاط التفتيش المسلحه وإحتمالات التعرض لمخاطر الاعتقال والاختفاء والقت
ل.
وإذا كان ماذكرت هو قليل من كثير وغيض من فيض مما وثقته المنظمات المعنيه بحقوق الانسان بالوقائع التفصيليه والأسماء بشأن حقوق المواطن الكردى العراقى فى شمال العراق فان مالحق بالمواطنين العرب والتركمان والكلدو آشوريين يفوق ذلك بكثير بل ويصل فى كثير من الأحيان لحد الاباده العرقيه المنظمه لمناطق وقرى وقصبات بأكملها مما لايسع هذا المقال الموجز لسرد تفاصيله ويمكن لمن يريد الاستزاده بهذا الشان مراجعة المنظمات المعنيه بحقوق الانسان وما أصدرته من تقارير وبيانات صحفيه عاجله بشأن الجرائم التى أرتكبت وترتكب فى شمال العراق مما لايمكن معه التغنى بالديموقراطيه والحريه هناك إذ أن حالة حقوق الانسان تحت ظل الادارتين الكرديتين وبالأدله الموثقه لاتنبىء بأن هذه المناطق يسودها حكم القانون بقدر سيادة شريعة الغاب وهو مايجعلنا على قناعه من أن الوصول الى قدر ضئيل من الديموقراطيه فى شمال العراق سيحتاج الى وقت طويل وإلى المزيد من التضحيات.