الإتحاد الإسلامي لتركمان العراق والجبهه التركمانيه العراقيه
(وأهمية العمل التركمانى المشترك)
إحتفل التركمان على إختلاف مشاربهم وتوجهاتهم القوميه والدينيه بذكرى تأسيس الإتحاد الإسلامي لتركمان العراق والجبهه التركمانيه العراقيه بإعتبارهما أهم فصيلين سياسيين يمثلان الإتجاهين الدينى والقومي لدى التركمان فى العراق. وقد تأسس الإتحاد الإسلامي لتركمان العراق قبل نحو أربعة عشر عاما كردة فعل على سياسة العسف والجور التى كان يمارسها النظام المقبور قبل التركمان والتى إستهدفت محو المقومات الثقافيه والدينيه لهذا الشعب المظلوم، فى حين تأسست الجبهه التركمانيه أعقاب الهجمه الشرسه التى قامت بها قوات صدام بالتعاون والتنسيق مع ربيبه العميل مسعود البرزاني عام ١٩٩٦ والتى إستهدفت محو وإزالة كافة المؤسسات والهيئات التركمانيه من الوجود وإعدام كافة القيادات التركمانيه الموجوده بتلك المقار وهو ما أحدث نوعا من الفراغ السياسى وغياب القياده والتوجيه للشعب التركماني فى هذه المرحله التاريخيه فبرزت إلى الوجود الجبهه التركمانيه كممثله للإتجاه الوطني والقومي لتقود الشعب التركماني فى هذه المرحله الفاصله من تاريخه. وكان ميلاد الإتحاد والجبهه من رحم المعاناه والقهر المستمرالذي تعرض له شعب يضرب بجذوره فى أعماق التاريخ ويعرف عنه عطاؤه الكبير وزوده المتواصل عن حدود البلاد وصبره الذى لاينفذ على البلاء فعملا معا ( الإتحاد والجبهه) على تفعيل العمل الوطنى والقومي كل حسب منهاجه الذى آمن به والذي يصب فى النهايه فى صالح التركمان ومصالحهم العليا.
ورغم تبني الإتحاد الإسلامي لتركمان العراق للرؤيه الإسلاميه بمفهومها الواسع أملا فى كسب المزيد من الأنصار من خارج المحيط التركماني وتحقيق تفهم أفضل للقضيه التركمانيه إلا أن البعض حاول تشويه هذه الصوره متهما إياه بضيق النظر والتعبير عن فئه من التركمان هم التركمان الشيعه مع أن الفكره التي إعتمدها الإتحاد وتبناها كمنهاج عمل وهي الفكره الإسلاميه تتسع لتشمل العرب والكرد وغيرهم وليس التركمان السنه والشيعه فقط ولا يعني ذلك تخلى الإتحاد الإسلامى عن فكرة الدفاع عن الخصوصيه الثقافيه والهويه القوميه للشعب التركماني إذ أن الدفاع عن تلك الهويه من المسلمات القرآنيه : " ومن آياته إختلاف ألسنتكم وألوانكم " فالإتحاد الإسلامي لتركمان العراق يمزج فى تناغم بين الفكره الإسلاميه والقوميه لتصب فى النهايه فى مصلحة الدفاع عن الحقوق الأساسيه للشعب التركماني فى الحياه الحره الكريمه على أرضه والحفاظ على لغته وثقافته وهويته القوميه ويتمسك الإتحاد أيضا بالدفاع عن الثوابت الأساسيه للشعب التركماني كقضية كركوك ويعلن عن رفضه لمايسمى بسياسة التكريد والتغيير الديموغرافى للمناطق التركمانيه ويطالب بعودة المرحلين وإعادة الممتلكات للمبعدين فى إطار شرعى وقانوني وليس بطرق بربريه وهمجيه ويعلن عن رفضه وإستنكاره لنهج الحزبين الكرديين فى إستجلاب الأكراد من مختلف المناطق والدول بهدف خلق واقع جديد على أرض كركوك قد يؤثر مستقبلا فى عراقية المدينه أو فصلها عن العراق وضمها إلى الكيان المسمى بكردستان.
ويحاول البعض الإساءه للإتحاد الإسلامي لتركمان العراق بالقول بتبعية الإتحاد لإيران ويدللون على زعمهم هذا بالقول بأن الإعلان عن تاسيس الإتحاد كان قد جرى قبل اربعة عشر عاما فى إيران وبالتحديد فى مدينة قم المقدسه وأن الإتحاد يتبنى الرؤيه الإسلاميه الشيعيه التي تتبناها إيران وقد نسى من يقولون بذلك أنه وقت الإعلان عن تأسيس الإتحاد كان معظم القوى السياسيه العراقيه مشتته فى كافة أصقاع الأرض وكان بعض تلك القوى قد لجأ إلى إيران الجاره المتاخمه للحدود وبعضها الآخر لجأ إلى بلدان اخرى عديده بحثا عن الملاذ الآمن ومن هناك جرى الإعلان عن تشكيل العديد من الأحزاب والحركات السياسيه ولم ينف أحد عن تلك الأحزاب صفة العراقيه أو يتهمها بالتبعيه للدول التى جرى إعلان التاسيس فيها فلماذا إذا تلصق تلك التهمه بالإتحاد دون غيره من الأحزاب والحركات على الساحه العراقيه ؟ فضلا عن أن الإسلام ليس حكرا على إيران كما أن الشيعه يشكلون غالبية سكان العراق ونصف الشعب التركماني من الشيعه ولايعيب الإتحاد أن يعبر فى رؤاه ومبادئه عن وجهة نظر هؤلاء لأنهم مكون اساسي من الشعب العراقى و الشعب التركماني. وقد حاول البعض الآخر إتهام الإتحاد الإسلامي لتركمان العراق بالإرتباط مع بعض الجهات الكرديه وخصوصا حزب الإتحاد الوطني الكردستاني الذى يتراسه جلال الطالباني على حساب الثوابت الأساسيه للشعب التركماني وقد تناسى هؤلاء أن أشرس الحملات التى قادها جلال الطالباني كانت موجهه لمعاقل الإتحاد الإسلامي ولمناطق التركمان الشيعه وأن قوات طالباني هى التي إرتكبت مجزرة طوزخورماتو ٢٠٠٣ وتعدت على مقدسات التركمان الشيعه بأن قامت بهدم وإزالة مرقد الإمام علي ولو أن هناك تنسيقا وتعاون بين الإتحاد الإسلامي لتركمان العراق وجلال طالباني لما حدث مثل ذلك !!!
أما الجبهه التركمانيه العراقيه والتي هي عباره عن تجمع للأحزاب التركمانيه ذات التوجه القومي فإن فكرها يقوم على الدعوه للحفاظ على الهويه القوميه والخصائص الثقافيه المميزه للشعب التركماني بما فيها لغته القوميه وتراثه الثقافي ولا يصطدم الفكر القومي للجبهه مع الدين بل أن قادة الجبهه يكنون كل التقدير والإحترام للإسلام ويقيمون الفرائض والشعائرالإسلاميه ولايخلوا فكر الجبهه من الوسطيه الإسلاميه المعتدله، كما وأنه من بين الأحزاب التي تشكل الجبهه أحزاب ذات توجه إسلامي معتدل كالحركه الإسلاميه لتركمان العراق التى يترأسها سامي محمد دونمز، ولايفرق قادة الجبهه التركمانيه العراقيه بين التركماني الشيعى والسني ويؤكدون على تمثيل الجبهه التركمانيه لكافة طوائف التركمان ومن ثم فإن القول بأن الجبهه التركمانيه تمثل التركمان السنه وأنه لايسمح للتركمان الشيعه بتولي المناصب القياديه فى الجبهه غير صحيح إذ أن القانون الأساسي للجبهه لاينظر لمذهب المرشح لرئاسة الجبهه أو أي من مناصبها القياديه وتضم الجبهه التركمانيه فى صفوفها العديد من القيادات والأعضاء الشيعه، ويجمع التركمان الشيعه على إحترام رئيس الجبهه التركمانيه الحالي الدكتور فاروق عبدالله عبدالرحمن ويعبرون عن الثناء الجميل لوالده المرحوم الشهيد عبدالله عبدالرحمن الذي جاد بروحه من أجل قضية الشعب التركماني وكان مثالا للرجل المؤمن الصالح الذى لايعرف فرقا بين سني وشيعى حتى أنه أوصى - رحمه الله ـ أن يدفن بعد وفاته في المراقد المقدسه للمسلمين الشيعه بجوار سيد شباب أهل الجنه الحسين بن على بن ابى طالب عليه السلام وليس هناك ابلغ من ذلك على وحدة الشعب التركمانى الذى لايعرف مثل هذه التفرقه المذهبيه.. ويحاول البعض الطعن فى وطنية الجبهه وإثارة الشكوك حول إرتباطها بالجاره تركيا غير أن واقع الحال يؤكد أن تركيا لم تقدم للتركمان كما قدمت لغيرهم إذ أن علاقات تركيا بالدول والجماعات تحكمها المصالح شأنها فى ذلك شأن الدول الأخرى، ونظرا لأن مصالح تركيا الأمنيه كانت ولاتزال مرتبطه بالجماعات الكرديه المهيمنه على شمال العراق كجماعة مسعود البرزاني وجلال الطالباني اللذان يعتبرهما الكثير من المحللين شرطي تركيا فى المنطقه إذ يقوما بحراسة حدودها من الإرهابيين الأكراد التابعين لحزب العمال الكردستاني لقاء مبالغ ماليه تدفع لهما و سماحها لهما بتقاضي رسوم الجمارك الناتجه عن المرور من منفذ الخليل إبراهيم على الحدود التركيه العراقيه، فضلا عن قيام الحكومه التركيه بمنح الأكراد مئات الوكالات التجاريه وهو مالم يتمتع به التركمان الذين ينتمون لذات العرق التركي وقيام القوات التركيه ولمده تزيد عن ثماني سنوات بالفصل بين قوات برزاني وطالباني على إثر الصراع بينهما على عوائد الرسوم والجمارك المحصله من منفذ الخليل إبراهيم وهو مايؤكد على أن المصالح التركيه كانت دائما وأبدا تضع الأكراد فى وضع الأفضليه بالنسبه للتركمان وأن علاقه الجبهه التركمانيه والتركمان بصفه عامه مع تركيا لاتزيد عن الرباط الثقافي والعرقى المحكوم بعوامل الفطره التي تدفع بالإنسان للميل لعشيرته يستلهم منها ثقافته ولغته ويتواصل مع آدابها وفنونها فى إطار من الإحترام المتبادل للمواطنه والسياده تماما كعلاقة العرب فى البلدان العربيه المختلفه بعضهما البعض إذ لايمكن وصف ذلك بالتبعيه او العماله..
إذا فالإتحاد الإسلامي لتركمان العراق والجبهه التركمانيه العراقيه كلاهما فصيلان وطنيان لايوجد بين فكريهما فواصل بعيده وإن حاول البعض الوقيعه بينهما أو إبعاد الشقه بينهما لأهداف معروفه أخصها تشتيت الجهود وفتح صراعات جانبيه لاتخدم الأهداف التركمانيه العامه وقد فطن القاده فى الجانبين لتلك المحاولات الماكره فكانت اللقاءات المثمره والتعاون البناء الذى وضح جليا فى مؤتمر بغداد وفى مفاوضات تشكيل المجلس الوطني المؤقت والذي وصل بالإتحاد الإسلامي لدرجة أن هدد بالإنسحاب من تشكيلة المجلس الوطني المؤقت إذا جرى إستبعاد الدكتور فاروق عبدالله عبد الرحمن رئيس الجبهه التركمانيه من عضوية المجلس الوطنى العراقى المؤقت ومنذ ذلك التاريخ تتوالى التصريحات التي يشيد فيها الجانبين ببعضهما البعض ويتوالى عقد الإجتماعات بين الجانبين وكان آخرها الإجتماع الذى عقد فى كركوك مساء الخميس الماضي والذي حضره الدكتور فاروق عبدالله عبدالرحمن والأستاذ عباس البياتي من أجل تنسيق المواقف فى الإنتخابات المقبله ولا شك فى أن ذلك سوف ينعكس على مجمل الوضع التركماني الذى يعانى حاليا من صعوبات جمه بسبب سعي الجماعات الكرديه المدعومه من إسرائيل والولايات المتحده لفرض هيمنتها على شمال العراق مستنده فى ذلك إلى القوه المسلحه وهو مايتطلب تضافر الجهود وإعادة ترتيب الأمور داخل البيت التركماني لمواجهة الظرف الخطير الذي يمر به الشعب التركماني فى وقتنا الحاضر.