فى معرض رده على أسئلة الصحفيين أثناء زيارته للعاصمه البريطانيه لندن أصر نائب رئيس الجمهوريه العراقيه روش نوري شاويس على الهويه الكرديه لكركوك مؤكدا بحماس بالغ على أن الجغرافيا وعلم الإجتماع وعلم التاريخ يقرون بهذه الهويه، وبهذا التصريح اللامسئول من أحد المسئولين الكبار فى الحكومه العراقيه يتأكد لكل ذي عين حقيقة أن النزعه العرقيه البغيضه لاتزال تعشش فى عقول وتتوطن في قلوب القيادات التي تتولى زمام الأمور فى العراق فى هذه الفتره البالغة الحرج من تاريخه والتى تحتاج إلى قيادات على درجه من التعقل والبعد عن الأهواء، إن التصريح اللامسئول الصادر عن شاويس على مرأى ومسمع وكالات الأنباء العالميه والذى بدا فيه منحازا إلى عرقيته لا إلى عراقيته ليدل دلاله قاطعه على أن أمثال هذا المسئول الكبير لايمكن له أن يقود سفينة البلاد إلى بر الأمان إذ كان ينبغي عليه أن يخلع عن نفسه رداء العرقيه البغيض عندما يتحدث بإسم شعب العراق و أن يدرك أنه يتحدث بإسم العراق لابإسم كردستان، وألا يجعل من نفسه وهو نائب رئيس جمهورية العراق محاميا لفئه من فئاته حتى ولو كان ينتمي لهذه الفئه عرقيا إحتراما للأمانه التى أوكلت إليه من عموم هذا الشعب، غير أن السيد شاويس أخذته الحميه القوميه ولم يقدر المسئوليه الملقاه على عاتقه وراح يدلي بالتصريحات التى تحض على الفتنه الطائفيه وتشعل وقود الحرب الأهليه داخل العراق، لقد كان لزاماعلى السيد شاويس أن ينسى حقيقة كونه كرديا أو عضوا قياديا في الحزب الديمقراطي الكردستاني عندما يكون الحديث بإسم شعب العراق فواجب المسئوليه يحتم عليه أن يلقى خلف ظهره ردائه القومي وأن يتذكر أنه نائب رئيس جمهوريه العراق المكونه من أديان ومذاهب واعراق شتى وأنه يمثل مجموع الشعب العراقي لا العرق الذي ينتمى إليه فقط، وهذا هو العرف المتبع فى كل ديموقراطيات العالم.
والغريب أن السيد شاويس راح يناقض نفسه، إذ أنه وفى الوقت الذي يصر فيه على الهويه الكرديه لكركوك يقرر أمام الصحفيين ووكالات الأنباء بأن الدستور العراقي المؤقت أرجأ الفصل فى النزاع حول عائدية المدينه إلى مابعد تشكيل الحكومه الدائمه وإقرار الدستور الدائم، وعندما سأله الصحفيون عن رأيه فى تصريحات البرزاني والتى عبر من خلالها عن إستعداده للحرب من اجل إعادة كركوك لكردستان راح يتهرب من الإجابه مقررا بأن البرزاني رجل سلم ويتمسك بالحل السلمي ولا ندري كيف جعل شاويس من البرزاني الذى أبدى إستعداده لخوض حرب تحرير من أجل إستعادة كركوك من شعب العراق رجل سلم ويتمسك بالحل السلمي.
إن تصريحات شاويس العنصريه تبين لنا بأن هناك في أعلى هرم السلطه فى العراق قيادات متعصبه لاتختلف كثيرا عن صدام حسين وغيره من غلاة القوميين المتعصبين وأن هؤلاء لايضعون الفواصل بين مسئولياتهم كمتحدثين بإسم عموم شعب العراق وتعصبهم القومي، وكلنا سمعنا وقرأنا كيف أن وزير الخارجيه العراقي زيباري قد حول وزارة الخارجيه إلى ضيعه كرديه خاصه وكيف إحتدمت الخلافات بينه وبين مرؤسيه بسبب تصرفاته العنصريه التى وجهت كل إمكانيات وزارته لتحقيق غايات عرقيه وقوميه ضيقه.
إن التصريحات والتصرفات اللامسئوله والتى تصدر عن أناس فى قمة هرم السلطه والتى تعبر عن التعصب القومي والعرقيه البغيضه لتدق ناقوس الخطر بعودة البعثفاشيه مرة أخرى ولكن فى ثوب آخر فضفاض لن يختلف كثيرا عن سابقه لافى الأفكار ولا في الممارسات وهو مايجب أن يتنبه له شعب العراق.