التكريد فى كركوك بين الممارسه الفعليه والنفى الكردى
منذ وقوع كركوك فى قبضة الميليشيات الكرديه المسلحه فى ۱٠/٤ /۲۰۰٣ لم يضيع الأكراد الفرصه وسعوا الى تحويل مشاريعهم التوسعيه الى واقع لامفر منه فعمدوا الى تغيير الواقع القومى للمدينه سواء على الصعيد السكانى أو على صعيدالمنشأت والمؤسسات والمصالح الحكوميه وحدد الأكراد هدفهم بدقه وهو الاستحواذ على المدينه النفطيه الهامه عن طريق طرد غير الاكراد واستجلاب أكراد ليحلوا محلهم وتكريد المؤسسات الحكوميه و مؤسسات الثقافه والتعليم فى المدينه من خلال وضع تلك المؤسسات فى قبضة معلمين ومستخدمين أكراد وتكريد القرار السياسى فى المدينه من خلال الهيمنه على مراكز صنع القرار فى مجلس محافظة كركوك. والواضح أن الأكراد كان لديهم برنامجا طموحا شرعوا فى تنفيذه على أرض الواقع بمجرد سقوط المدينه فى ايديهم إذ قامت الميليشيات الكرديه بحرق دوائر النفوس (الطابو) ونقل كافة المستندات والأوراق التى من الممكن أن يستدل منها على عدد وهوية سكان المدينه وعائدية الممتلكات والعقارات فيها وشرعوا على الفور فى إستجلاب أكراد بهويات مزوره وتزويد هؤلاء بحجج ملكيه مصطنعه خصوصا وأن الأكراد لهم باع طويل فى مجال التزوير ودقة الاصطناع إذ كانوا الملاذ لقطاع كبير من الشعب العراقى الذى إستعان بهم فى تزوير الأوراق اللازمه لعمليات الهروب من قهر السلطات البعثيه السابقه وبعد أن حل البعث الكردى محل البعث العربى شرع على الفور فى إستخدام تقنياته العاليه فى التزوير والتزييف من أجل تكريد منطقة كركوك ولا يقف طموح البعث الكردوى عند حدود كركوك بل يطمح للوصول الى حدود مايسميه بكردستان التاريخيه التى تصل الى حدود تكريت ولايختلف فى ذلك كردى متمسلم عن كردى علمانى فالجميع يعلنون صراحة عن حلم الانفصال المؤجل لأسباب تكتيكيه ومن ثم يكتفى الآن بالعمل على تكريد الأراضى التاريخيه لكردستان الجنوبيه وتفريغها من السكان الغير كردويين وانتظار الظروف المواتيه لاقامة كردستان الكبرى . ونظرا لأن الطموحات الكردويه كانت معلومه للجميع بل ومخطط لها فى واشنطن وتل أبيب فقد أثارت العديد من ردود الأفعال المحليه والاقليميه والدوليه ولم يكن الأتراك فقط هم الذين حذروا من مغبة دخول البشمركه لكركوك وتكريد المنطقه والتحذير من مغبة الانفصال بل وأيضا كافة أطياف الشعب العراقى من عرب وتركمان وكلدوآثوريين فضلا عن التحذيرات التى أطلقتها المنظمات الدوليه المعنيه بحقوق الانسان ومنها البيان الصحفى الذى أصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش فى مارس 2003 والذى طلبت فيه من قوات التحالف منع دخول البشمركه للمدينه لما قد ينتج عن ذلك من مجازر محتمله خصوصا وأن عصابات البشمركه سيئة الصيت سبق وأن إرتكبت أبشع الجرائم فى حق الأكراد إبان الصراع المسلح بين الفصيلين الكرديين الرئيسيين فى شمال العراق ناهيك عن الجرائم المفزعه بحق العرب والتركمان والكلدوآثوريين والتى وصلت الى حد فرض الحصار وسياسة التجويع على مناطق بأكملها مما أجبر ساكنيها على إخلائها وتركها بما فيها من منقولات وعقارات غنيمه للأكراد.
وعقب دخول قوات البشمركه الكرديه لكركوك أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش بيانا صحفيا فى ۱٥/٤/۲٠٠٣ أكدت فيه قيام العصابات الكرديه المسلحه وخلال خمسة أيام فقط بقتل عشرات المواطنين وأن أعمال السلب والنهب والطرد القسرى مستمره فى المدينه وأثبتت المنظمه تقاعس قوات الاحتلال عن فرض النظام وإعادة الاستقرار وقالت بالحرف الواحد : " لقد أصبحت كركوك الآن أشبه ببرميل من البارود قابل للانفجار فى أى وقت,يجب على القوات الأمريكيه وقف العنف ,كما يجب على زعماء الاتحاد الوطنى الكردستانىإتخاذ خطوات فوريه لوضع حد لطرد العرب العراقيين من ديارهم " ومع الأسف الشديد فان الاداره الأمريكيه لم تحرك ساكنا لوقف العنف مما شجع الأكراد على الاستمرار فى سياستهم العدوانيه تجاه القوميات الأخرىإذ قام الأكراد بإحكام قبضتهم على كافة المصالح والمؤسسات الحكوميه وممارسة سياسة القهر والتخويف ضد هذه القوميات الأمر الذى أيقظ لدى القوميات المختلفه غريزة الدفاع عن النفس وفجر الصراع الطائفى والعرقى بالمدينه بعدما شعرت تلك القوميات بأنها مهدده بالزوال والفناء ولايخفى أن للأكراد اليد الطولى فى مجلس الحكم وأنهم هم الذين يوجهون دفة الأمور فى البلاد ويكرسون للطائفيه والانفصال وأن الأعضاء الأكراد هم وراء صدور الدستور الانتقالى الطائفى الجائر بهذه الصوره القوميه الشوفونيه التعصبيه والذى يميزهم عن بقية القوميات العراقيه ولا يختلف فى توجهاته عما كان مقررا فى ظل حكومة البعث السابق من تهميش لدور القوميات فى إدارة البلاد و تكريس لسياسة التعصب القومى والتمييز الطائفى والعرقى.
إن سياسات البعث الكردوى لايمكن أن تؤدى الى الاستقرار فى العراق بل ستقود البلاد للمزيد من الاحتقان والتوتر إذ أن القوميات الغير كرديه لن تقف مكتوفة الأيدى أمام هذه الممارسات الجائره التى يرتكبها ضحايا الأمس الذين إنقلبوا ومع أول فرصه الى وحوش كاسره كما وأن بادرات التوتر بدأت تظهر بوضوح فى قرار المجموعتين العربيه والتركمانيه بالانسحاب من مجلس محافظة كركوك والدعوه الى إجراء إنتخابات جديده تراعى التمثيل المتوازن لكافة القوميات داخل كركوك كما أن التظاهره الأخير ه للعرب والتركمان والتى جرت يوم السبت ٣/٤/۲٠٠٤ والتى دعت لتصحيح الأخطاء وتلافى القصور والنأى عن سياسة التهميش والتكريد تثبت أن القوميات الغير كرديه لن تستكين لسياسات القهر والتخويف الكرديه الراميه الى تكريد المدينه وضمها قسرا للمنطقه الكرديه فى شمال العراق .
إن محاولة الساسه والكتاب الأكراد نفى مايرتكب من جرائم فى كركوك وغيرها من المناطق فى شمال العراق تكذبه تقارير وشهادات موثقه لأشخاص وهيئات ومنظمات حقوقيه وإنسانيه وقفت بنفسها على حقائق الأمور وقابلت العديد من الضحايا أو ذويهم وهى شهادات من جهات محايده لا يمكن إنكارها أو الالتفات عنها ومن الأولى بالساسه الأكراد وأبواق الدعايه الكرديه أن يعملوا على السعى من أجل وقف التكريد و نزيف الدم والترحيل القسرى ومصادرة الممتلكات ووقف حماقات الاغتيالات للقيادات العربيه والتركمانيه المستمره منذ دخول البشمركه الى كركوك فى ۱۰/٤/۲٠٠٣ وحتى الآن فذلك أدعى لأن يسود الأمن والاستقرار كركوك وشمال العراق ويمهد لقيام حكومه ديمقراطيه مؤسسه على دعائم من العدل والمساواه بين مختلف القوميات .
لمعلومات مفصله حول سياسة التكريد يرجى مطالعة هذا التقرير فى هذا الموقع:
http://www.hrw.org/reports/2003/iraq0303/