مدير مركز دراسات الهدف الاعلامى
بجريدة الهدف المصريه الدوليه
الصراع حول كركوك..قضيه بحاجه للمزيد من البحث
تعد قضية الصراع حول كركوك من أهم القضايا التى تهم الأمن العراقى والعربى والدولى لما لكركوك من أهميه اقتصاديه فائقه إذ يتجاوز المخزون النفطى لكركوك ٤۰٪ من احتياطى البترول العراقى أى بمايعادل ١۰ مليارات برميل وهو مايدعو المجتمع الدولى الى الحرص على عدم استئثار أى من أطراف الصراع العرقى (التركمان –الأكراد –العرب) على منطقة كركوك منفردا وعلى حساب القوميات الأخرى لما قد ينتج عن ذلك من بروز كيانات سياسيه وتقسيمات عرقيه جديده لايرضى عنها هذا الطرف أو ذاك مما قد يجر المنطقه الى حروب وصراعات داخليه وخارجيه.
وأطراف الصراع العرقى حول كركوك هم التركمان والأكراد والعرب وجميعهم سكنوا المنطقه منذ آلاف السنين فعلى سبيل المثال فان وجود التركمان فى كركوك يسبق العثمانيين بزمن بعيد ويعود بالضبط الى أواخر القرن السابع الميلادى عندما اندفعت القبائل التركمانيه من موطنها فى وسط آسيا غربا باتجاه شرق البحر المتوسط وأخذت تستقر فى بعض البلدان ومن بينها العراق التى عاش فيها التركمان واندمجوا فى مؤسسات الحكومات العربيه / الاسلاميه المتعاقبه على حكم البلاد ولعبوا أدوارا مهمه فى تاريخ هذا البلد.. وفى وقتنا الراهن تقدر المصادر التركمانيه عدد التركمان بما لايقل عن مليونى تركمانى يعيش أغلبهم فى كركوك والتى كانوا دوما يشكلون الأغلبيه فيها ويعد التركمان الأقليه العرقيه الثانيه من حيث عدد السكان فى العراق بعد الأكراد وكان التركمان على مر العصور أقل العرقيات القاطنه فى العراق إثارة للقلاقل والفتن وعرف عنهم الميل للمقاومه السلميه والصبر على المظالم ومحاولة انتزاع حقوقهم السياسيه والثقافيه بطريقه حضاريه.
وقد شكل الأكراد (الطرف الثانى فى الصراع العرقى حول كركوك) على مدار التاريخ عنصرا هاما وفعالا من النسيج الوطنى العراقى ونظرا لأن مناطق توطن هؤلاء من المناطق الجبليه الوعره فلم تلق أى اهتمام من قبل الحكومات العراقيه المتعاقبه لبسط سيطرتها على تلك المناطق واقامة الادارات والتنظيمات التى تعبر عن سيطرة الحكومه المركزيه وانما تركت الحكم فيها لأمراء العشائر القبليه فتمتع الأكراد على الدوام بنوع من الحكم الذاتى فى ظل إمارات متعدده يجمعها الولاء الشكلى لحكومه مركزيه فى بغداد أو فى استانبول ولم يخضع الأكراد فى تاريخهم لحكومه كرديه موحده..ومع تنامى المد القومى فى القرن التاسع عشر ليشمل مختلف مناطق العالم وظهور الدول القوميه تحركت النوازع القوميه لدى الأكراد وتنامت لديهم النعره القوميه حتى تغلبت على الهويه الدينيه والوطنيه غير أن جماعات أصحاب المصالح فى العشائر الكرديه ظلوا على خلافاتهم الكردية –الكرديه فغطت تلك الخلافات على تلك النزعه القوميه وشتت جهود الأكراد فى سعيهم نحو تحقيق حلم كردستان الكبرى وفى عصرنا الراهن حدثت مواجهات بين الدوله العراقيه والأكراد والتركمان بلغت أوجها فى أواخر الخمسينات من القرن الماضى عندما ارتكب الأكراد مجزره مروعه بحق التركمان فى يوليو /تموز ١٩٥٩ وعقب ذلك قاد الملا مصطفى البرزانى ثوره عارمه ضد الدوله العراقيه مستغلا علاقاته بالولايات المتحده الأمريكيه واسرائيل وقد استمرت تلك العلاقه المتوتره بين الدوله العراقيه والأكراد حتى عام ۱٩٧۰ حيث تم التوقيع على إتفاقية مارس التى تضمنت الاقرار بأغلبية المطالب الكرديه إلا أن العلاقه بين الطرفين عادت الى التوتر مرة أخرى عقب توقيع اتفاقية الجزائر بين الحكومتين العراقيه والايرانيه فى عام ۱٩٧٥..وقد عادت العلاقه بين الطرفين الى التوتر الشديد عقب فشل غزو الكويت واشتعال إلانتفاضه الشعبيه التى عمت شمال العراق وقيام النظام البائد بقمع الانتفاضه بقسوه شديده الأمر الذى استدعى تدخل مجلس الأمن بالقرار ٦٨٨ فى أبريل ۱٩٩۱ والذى نص على ضمان حقوق الانسان والحريات لجميع المواطنين بما فيهم الأكراد وتلى ذلك قرار حظر الطيران وتوفير الملاذ الآمن للأكراد وقد تسببت حالة الضعف والوهن التى أصابت الحكومه المركزيه فى بغداد فى تنامى الأطماع الكرديه الهادفه الى ضم كركوك الغنيه بالنفط الى منطقة الحكم الذاتى والسعى من أجل تحقيق الانفصال عن العراق واتخاذ كركوك كعاصمه للدوله الانفصاليه الجديده وقد زاد هذا العزم والتصميم على ضم كركوك بعد زوال قبضة الدوله المركزيه تماما بسقوط صدام حسين ونظامه حيث كثف الأكراد من إجراءاتهم الهادفه الى تكريد منطقة كركوك والتطهير العرقى للعرقيات الأخرى واستغلوا علاقاتهم الوثيقه بالولايات المتحده الأمريكيه وسيطرة قوات البشمركه الكرديه على كركوك عقب سقوط النظام وقيام الولايات المتحده الأمريكيه بفرض محافظ كردى على المدينه وتعيين مجلس بلدى للمحافظه أغلبية أعضائه من الأكراد فقاموا بطرد مائة ألف عربى من كركوك وضيقوا على التركمان بهدف دفعهم لترك المدينه واستجلبوا نحو مائتى ألف كردى من ايران وسوريا وتركيا والمناطق الشماليه فى العراق بهدف توطينهم فى المدينه وتغيير التركيبه العرقيه لها..وقد تسببت التحركات الكرديه تلك فى حدوث تقارب عربى /تركمانى حيث شعرت القوميتان بأنهما مهددتان بالزوال من المنطقه فبدأتا على الفور فى تنظيم الصفوف والتصدى للمخططات الكرديه.
وعرب كركوك هم جزء من عرب العراق أحفاد الساميين الذين استوطنوا العراق كالعموريين والآشوريين والكلدان بل أن العرب يعتقدون أن أولئك الساميين إنما هم أسلافهم من العرب البائده وكذلك الأمر بالنسبه للآراميين ممن ورد ذكرهم فى القرآن الكريم "إرم ذات العماد" غير أن الحكومات العربيه التى تعاقبت على حكم العراق المعاصر حاولت قدر الجهد أن تغير من التركيبه الأصليه للمدينه بدفع المواطنين العرب من الجنوب للهجره والاستيطان فى كركوك وقدمت العديد من الاغراءات الماديه والوظيفيه للعرب المستجلبين وقد أطلق سكان كركوك على هؤلاء إسم " جماعة العشرة آلاف " كناية على مايتقاضاه هؤلاء من الحكومه من مبلغ مالى كان يقدر وقتها بعشرة آلاف دينار عراقى (٣٥ ألف دولار أمريكى) ومارست الحكومات العربيه المتعاقبه سياسة التعريب ضد القوميتان التركمانيه والكرديه وقد شمل ذلك التهجير القسرى وأعمال القتل والقيود على التملك والأجبار على تغيير القوميه وهو نفس ما تقوم به الآن القوميه الكرديه ضد القوميتان العربيه والتركمانيه.
والحقيقه أن الصراع حول كركوك يحمل أبعادا تاريخيه وثقافيه وسياسيه واقتصاديه وديموغرافيه وقد اتخذ الصراع صورا وأشكالا شتى كان أظهرها التعريب والتكريد وفى مراحل سابقه مع بدايات القرن العشرين التتريك. وقد حاولت الحكومات العراقيه المتعاقبه صهر وازالة القوميات غير العربيه خصوصا مع قلة الوجود العربى فى شمال العراق وعمدت فضلا عما سبق ذكره الى إعادة التقسيم الادارى لمنطقة كركوك والحاقها بمناطق أخرى أو فصلها عن بقية المناطق التى تسكنها الأقليات غير العربيه وقد برزت بقوه الى السطح بعد سقوط نظام صدام الدعوه الكرديه بضم كركوك الى كردستان ومقابل ذلك برز المطلب التركمانى باستحداث محافظتين جديدتين باسم طوز خورماتو وتلعفر بالاضافه الى كركوك باعتبار أن تلك المناطق من المناطق ذات الأغلبيه التركمانيه. ولايخفى أن الموقف العربى ومعه دول الجوار الاقليمى يعارض بشده ضم كركوك لكردستان العراق باعتبار أن ذلك سيؤدى حتما الى قيام دوله كرديه إنفصاليه فى شمال العراق وعلى النقيض من ذلك الموقف الاسرائيلى المؤيد الى قيام تلك الدوله وتفتيت العراق الى دول وكيانات عشائريه ومذهبيه لضرورة ذلك لأمن الكيان الصهيونى أما الموقف الأمريكى فيتميز بالتذبذب والتلون حسب الظروف والضغوط وما يستجد من أحداث.
إن الصراع حول كركوك فى ماضيه القريب وحاضره الآنى قد خلف العديد من الآثار والنتائج بعضها سياسيه وأخرى اقتصاديه واجتماعيه كما أفرز لنا الصراع مشكلات قانونيه تتعلق بانتهاكات حقوق الانسان وكيفية تعويض أسر القتلى وضحايا التهجير وطرق اعادة الأسر المهجره لأماكنها الأصليه وتشكيل المحاكم الخاصه بالفصل فى منازعات الملكيه بين الأسر العائده ومن حلوا محلهم من الأسر المستجلبه والمحاكم الخاصه بالفصل فى تلك المنازعات.
إن الصراع العرقى حول كركوك لم يلق العنايه البحثيه العلميه الرصينه من قبل الباحثين الجادين ولم تلق الدراسات الجاده والهادفه الى ايجاد الحلول لذلك الصراع الاهتمام الكافى.. وعلى العكس من ذلك ظهرت العديد من البحوث الدعائيه البعيده عن الموضوعيه أو العلميه.. وإذا كنا على قناعه بأن المناشير التى توزع فى الشوارع ومحطات الباصات وعلى قارعة الطريق لايمكن أن تحل لنا مشكله متجذره فى النسيج العرقى العراقى بقدر ما تسعى الى الترويج للنظريات والآراء الشوفونيه لذلك فاننى أدعو كافة الصفحات التركمانيه على شبكة الانترنت الى دعوة كافة الباحثين والمهتمين بالشأن العراقى والصراع العرقى فى كركوك الى تقديم مالديهم من بحوث رصينه وموثقه حول هذا الموضوع الهام وفى المحاور الآتيه:
أولا: كركوك..الموقع والأهميه الاستراتيجيه.
ثانيا:أطراف الصراع العرقى حول كركوك ( التركمان ،الأكراد ، العرب ).. رؤيه تاريخيه.
ثالثا: أبعاد الصراع حول كركوك
ـ البعد التاريخى
ـ البعد الثقافى
ـ البعد السياسى
ـ البعد الاقتصادى
ـ البعد السكانى (الديموغرافى)
رابعا: أشكال الصراع حول كركوك. ويشمل ( التتريك ، التعريب ، التكريد ).
خامسا: كركوك فى ظل التقسيمات الاداريه المختلفه. وتشمل:
ـ كركوك والتقسيمات الاداريه حتى سقوط حكم البعث
ـ ضم كركوك لكردستان وموقف العرب والتركمان
ـ كركوك والتقسيمات الجديده المقترحه من قبل التركمان.
سادسا: الموقف العربى والأقليمى والدولى من الصراع العرقى فى كركوك ويشمل:
ـ الموقف العربى من الصراع حول كركوك.
ـ موقف دول الجوار الاقليمى من الصراع حول كركوك
ـ الموقف الامريكى من الصراع حول كركوك
ـ اسرائيل والصراع حول كركوك
سابعا:النتائج المترتبه على الصراع حول كركوك. ويشمل:
ـ النتائج السياسيه للصراع حول كركوك.
ـ النتائج الاقتصاديه للصراع حول كركوك
ـ النتائج الاجتماعيه للصراع حول كركوك
ـ المشكلات القانونيه الناتجه عن الصراع حول كركوك.
إننى أتمنى أن تطرح تلك المحاور على الباحثين على مختلف الصفحات التركمانيه ليجود كل بما لديه بما يخدم قضية البحث العلمى فى هذه القضايا الشائكه ولنتمكن من الوصول الى حلول فى القضايا المثاره على بساط البحث بما يخدم ويحقق أهداف كافة الأطراف المحبه للعراق وشعبه العريق.