...الإعلام التركماني في العراق. . وتحديات الركض على الصراط الملتهب
زينب علي
لأن الإعلام التركماني هو معبد حقيقي لحرية الكلمة الصادقة الودودة في ثورتها كشعلة الوحي بدفئها المؤثر، فقد كان وما زال نبراسا لدرب الحقيقة تنهار أمام نوره الصامد أكداس جدران الكذب الورقية، وتذوب جميع جهود القمع الفكري والتعتيم الإعلامي التي تتعمدها الفئات المجرمة لإخفاء الحقائق الصارخة بالصدق الشفاف والتي تعكس ما يحدث فعلا على بقاع عزيزة مضرجة بالظلم والغبن من هذه الأرض الغالية لا تجد من يلتفت إلى أوجاعها التفاتة صادقة العون في خضم معمعة النار والدم سوى فئة قليلة من المخلصين الذين لم يستعمر التخدير الفكري أذهانهم بعد. . ولم تشرنق المصالح الشخصية الفردية الطافحة بالأنانية سلوكياتهم باتجاه أرض الوطن فاحتفظوا لهذا ببصرهم ناصع الإبصار يرون به أبعاد الأبعاد التي لا يراها سواهم، فحق عليهم بهذا أن يكونوا سمعا وبصرا دائما لبقية أفراد الشعب والأمة من المثقفين والبسطاء على حد سواء لئلا ينضب معين الوعي الوطني والقومي من نفوس من هم بمنأى عن إدراك خفايا المخططات ال شيطانية التي يعمدها الشيطان بلعاب الجشع النتن كل يوم فينسحبون دون إدراك منهم إلى فخاخ السلبية وهم لا يعلمون. . ولا شك أن السلبية المطلقة أمام قضية وطنية إنسانية من الدرجة الأولى كقضية الأمة التركمانية في العراق وما تعانيه في حاضر أيامها بشكل خاص هي جريمة عظمى في حق الوطن والإنسانية الحقة لكون هذه القضية تضم في ذات مضمونها أبعادا شاسعة المدى تتناسل باستمرار وتتولد من نواتها أبعادا أخرى تشمل الأراضي العراقية بشكل عام وتمس الإنسان العراقي العاشق لوطنه والصامد لأجل مبادئه من أي فئة أو قومية كان. . وهذا ما يجعل اتخاذ موقف الصمت العاجز أمام قضية مفرطة الحساسية كجرح ملتهب في جسد الوطن أمرا مستحيلا لأن تبعاته المستقبلية اللا محمودة ستنسحب بلا شك على الجميع دون استثناء عندما لا يجد الجرح من يداويه تماما فيرتفع التهاب الجرح ومضاعفاته الخطيرة حتى يتسلل الوجع الممض إلى بقية أعضاء جسد الوطن الذي يعاني من ارتفاع حاد في درجة حرارة الأوضاع على أراضيه مما أدى إلى ضعف مناعته ضد التيارات الخارجية المعادية خلال هذه الفترة العصيبة من أيام تفاقم المرض في جسده المثخن بجراح عشرات السنين. .
إن ما ينصب من ويلات على البقاع التركمانية من الأراضي العراقية خلال أيام معمعة الدم والنار هذه والتي انتهزتها جرثومة الوصولية المتمثلة ببعض الفئات الخارجية وأعوانها من النفعيين والجشعين كثغرة للتسلل عبرها إلى مدن محددة أهمها (كركوك) على اعتبارها نقطة بداية قوية للتمدد عبرها وقضم بقية أصقاع العراق قضمة بعد قضمة يضئ بقعة غير منسية في زوايا أذهاننا ليذكرنا بأقرب قضية مشابهة (ببعديها الجغرافي والزمني) لم تتسرب معالم مأساتها من ثقوب ذاكرة الزمن بعد، لأنها
لا زالت ومنذ ما قبل نصف قرن تقاسي غصص الاحتضار حتى يومنا هذا. .
بذرة الزحف الطحلبي الصهيوني بشروره الملعونة على الأراضي الفلسطينية بشكل خاص كمثال سافر على ما يحدث في العراق اليوم. .
بدأت الشرارة الأولى من تلك الكارثة الإنسانية بجرائم(تكاد تكون صورة مطابقة لجرائم النفعيين من أذناب الصهيونية المنصبة على (كركوك) وبقية المناطق التركمانية الأصيلة، والتي من أهمها قلب موازين الطابع السكاني بجميع وسائله القسرية المجحفة للسكان الأصليين دون استثناء كوسيلة أساسية للسيطرة على المنطقة)، ثم شرعت تتسلق جسد الوطن بسرعة جنونية محمومة كنبات شرس ملعون حتى افترسته كله دونما رحمة. . ثم شرعت تقضم فلذات مما حوله من بلدان بغية التمدد للسيطرة على خيرات العالم. .
يتصاعد طعم الدم والبارود في الحنجرة لتخنقك عبرة الرعب المرتعشة بين الجفن والجفن خوفا، وتشرق بغصتك الروحية فتنتحر كلمات المداد عندما نتذكر ذلك ونرى فيما يحدث على البقاع التركمانية من ظلم لسكانها اليوم نبؤة ملعونة بانفجار الكارثة في العراق مرة أخرى لتستحيل أوضاعها صورة جديدة من صور البؤس المركب الذي يفوق ما عانته من صور البؤس السابق فظاعة وبشاعة على مدى أكثر من حقبة تاريخية. .
ولهذا الحديث بقية لا حصر لها تفيض بها مصادر التاريخ وأجندة ذاكرة الزمن الناطقة بلباب الحقائق العقلية الناصعة، وما سطر هنا من رأس الفكرة ليس إلا طفولة قطرة هزيلة منبهة من محيطات مصادر الحقيقة بغية النظر من خلال شفافيتها إلى بعد مستقبلي من أبعاد هذه القضية ثم نقفز بنظرة أخرى إلى بعد آخر يمثل ماردا كابوسيا في حياة العراقيين، وهو سيطرة بطش نظام حكم سادي يشبه نظام حكم (الحاكم بأمر الشيطان) في عهده القريب اللا مرحوم والعياذ بالله. . لا سيما مع ارتفاع حمى الأعراض المرضية المروعة التي كان يعاني منها النظام السابق(من نرجسية حادة وتضخم مستمر في عقدة جنون العظمة يعلوها ركام فاسد من عقدة شعب الله المختار وتعانقها نزعة سادية نيرونية حادة وتعطش للدماء دونما حدود) في سياسات رؤوس مردة التسلط الخارجي ممن يغرسون رماح تسلطهم وقسوتهم اللا محدودة في جسد الأمة التركمانية وأبنائها وخ الص أراضيها الغالية. . ولا شك بأن نظام جديد من هذا النوع سيكون أكثر قسوة وسادية لما تشير إليه الدلائل لكون التخطيط لميلاد هذا النظام من قبل تلك الفئات الوصولية قد تم له من قبل بزوغ فكرة سقوط النظام المنقشع، وعلى هذا فلابد وأن يكون المارد المستقبلي قد نال حقه الوقتي في ظلال التربية السادية والنفعية والوصولية بما فيه الكفاية لسحق جميع الفئات والقوميات من غير بني فئته وجلدته وقوميته بأساليب تربو في قسوتها أضعافا عما كان عليه عهد (الحاكم بأمر الشيطان) الذي بدأت وحشيته السافرة للجميع مع شروع أيام حكمه وليس قبلها كما يحدث اليوم بيد المارد المجهول. .
ولأن الصمت على المعاملات الوحشية التي تتجرع غصصها تلك المناطق التركمانية هو مشروع تلقيح بطريقة ما لكارثة مستقبلية كبرى، لذا فقد وجب دق ناقوس الجهاد الذي آثر التركمان أن يكون جهادا فكريا إعلاميا بالدرجة الأولى ليكون موائما لسياساتها السلمية كأمة متحضرة دفاعيا يسكن وجدان أبنائها الوعي بأهمية المحافظة على وحدة أبناء الوطن وأراضيه
لا سيما في الظروف العسيرة الراهنة وجراحات الوطن البليغة عارية أمام جشاعة الضباع المتحفزة للانقضاض عليه من كل حدب وصوب. .
ولأن الإعلام التركماني كان وما زال يسخر طاقاته العلمية والبشرية
في سبيل استرداد حق كرامة البقاء العادل والاعتراف بوجوده الفصيح على الصعيدين الحسي والمعنوي ككيان فريد يستحق أن تعترف به الإنسانية ذات الضمير الحي. . ويسلط الضوء على بشاعات الجرائم اليومية التي تمتهن حق وجوده وكيانه الخاص وتعتبره عظما هشا يسهل كسره وقرمشته ومن ثم تصفيته كنقطة بداية للاستيلاء على أراضيه ومن ثم جاراتها من المناطق، فقد غدا هدفا للاغتيالات البشرية والمعنوية من قبل أعداء السلام والحق والوطنية، ولا زال الإعلام التركماني بالرغم مما أصابه ويصيبه يسعى دائبا في جهاده كجندي يركض على صراط ملتهب دون تهيب لكونه مؤمن بصدق مبادئه الثمينة. .
الإعلام التركماني لم يعمل على كسر كؤوس شراب النشوة التي يعدها الأعداء ليرشفون محتواها على نخب سرقة العراق وتحويله إلى
(شظايا عراقستانية) دون إعتاق المناطق التركمانية من شرورهم، لأنه يدرك بحصافته العميقة أن شظايا كسر زجاج تلك الكؤوس قد يصيب عيون العراقيين الأبرياء ويورث المزيد من الدمار. . لكنه عمل باستمرار على إراقة مشروب التخدير والنشوة الراقد في جوف تلك الكؤوس واستبداله بمشروب اليقظة والتنبه للحقائق السافرة. . وهذا ما جعل الأعداء المترقبين لشرب النخب ينتفضون غيظا ويقابلون صوت الحق المتمثل بمصداقية هذا الإعلام بتحديهم السافر منه والمقنع. .
الوطن هو نجمة أبدية مضيئة في قلوب التركمان. . كانوا وما زالوا يدافعون عنها ويربعونها عرش قلوبهم. . ولذا فإنهم لا ولن يسمحوا بأن تنقض عليها مطرقة صدئة عتيقة من سراديب ظلام الجريمة لتهشمها وتبعثر شظاياها المضيئة فتذوب منطفئة في فضاءات الحزن والنسيان السرمدي. .
والأمة التركمانية تبقى شمعة متوهجة في أعماقهم، يأبون على أنفسهم السماح لضفدعة عجوز عرجاء أن تنفث أنفاس الخبث الحاقد عليها فتطفئ توهجها الأزلي. .
فلنصل معا من أعمق أعماقنا بصدق دافئ ليحفظ الرب العراق بأممه جمعاء ويؤيد الأمة التركمانية وإعلامها بنصره العظيم. .