في اواخرالسبعينات لم يظهر على الساحة التركمانية اي حزب او حركة سياسية واضحة المعالم كما ظهر على ساحتي العرب والاكراد٠٠ وهذا لا يعني عدم وجود معارضين تركمان سلكوا طرقا مختلفة في التعبير عن معارضتهم لسياسات الانظمة الطائفية والعنصرية , والعمل من اجل احداث تغير سياسي في العراق, إنما التجأ بعض التركمان الى المعارضة الصامتة عبر التمسك بالخصوصيات في مقابل سعي الانظمة إلى سحق تلك الخصوصيات عبر سلسلة إجراءات تستهدف النشاطات والفعاليات التركمانية الثقافية والاجتماعية والتدخل في شؤون ادارة المؤسسات والمراكز الراعية لتلك النشاطات, وهناك بعض التركمان اتجهوا الى الانتماء الى احزاب سياسية اثناء انتشارها وحصولها على حرية العمل والحركة وبعدان تحجمت دورتلك الاحزاب وخرجت الى المعارضة بقي أنفار من التركمان فيها باب الحنين الى الماضي, هؤلاء لم يكونوا معارضين ابتداءاَ بل انساقوا مع الموجة السياسية, وعندما إنحسرت تلك الموجة اصبحوا معارضين بالتبع وليس بالأصالة وعلى كل حال إن جميع اولئك التركمان لم يبلغوا اصابع اليد الواحدة وانهم لا يعلنون عن انفسهم باعتبارهم معارضة تركمانية بل معارضين من التركمان تحت يافطة سياسية تحمل اهدافا عامة إو خاصة ليست لها علاقة بالوضع التركماني وتقييم حاجاته ومشاكله والاهتمام بمصالحه السياسية٠
في اواخر السبعينات ازداد عدد المتواجدين من شباب التركمان في المساجد والحسينيات ,وبدأ الوعي السياسي ينهال اليهم من الكليات والمعاهد والحوزات العلمية ومن باقي مناطق العراق, فبدؤا يدركون الوضع السياسي فاصبحوا معارضين بشكل مجاميع وافراد للنظام السائد وتم تشخيص النقاط التالية:
١-الخلل ليس في الحكومات والحكام فقط بل في اصل النطام واسس الدولة التي تم وضعه في غياب من الإرادة الجماهيرية لعموم الشعب العراقي من العرب والاكراد والتركمان, وعليه فإن النضال ينبغي ان يتركزعلى تصحيح إطار هذا النظام وتفكيك قواعده الذي يتولد عنه النظام والطغيان ضد التركمان بقدر ما يتولد ضد العرب والاكراد
٢- أن هذه المهمة من الصعوبة والجسامة تتطلب تعاون جميع ابناء الشعب العراقي من العرب والاكراد والتركمان وتظافر جهودهم وتوحيد نضالهم وقضيتهم السياسية
٣-إن القاعدة النضالية التي من الممكن أن تستوعب طاقات وإمكانيات كل الشعب العراقي بكافة قومياته وشرائحه , ينبغي ان تكون واسعة وشاملة قادرة على توجيه مسار الشعب العراقي وقيادة نضاله في سبيل تغير النظام وتهية الاجواء للبديل السياسي الذي يجد فيه كل ابناء الشعب تجسيدا لارادته الحرة ورغبتهم في العيش المشترك وتعميق الاعتزاز بهويتهم الوطنية الى جانب هويتهم الخاصة, ولا تتوفر هكذا مواصفات إلا في الاسلام الخيمة الواسعة والكبيرة والتي يجد في داخلها كل إنسان مسلم عربيا كان او كرديا او تركمانيا مكانه المناسب واللائق.
وعلى ضوء هذه الاعتبارات الثلاثة اعلاه اتجه عدد غير قليل من التركمان اتجهوا صوب الحركة الاسلامية في العراق حيث وجدوا فيها ما تعبّر عن امالهم وطموحاتهم وتحتضن همومهم وقضاياهم وتجسد رغبتهم في العدل والانصاف والعمل من اجله, وهكذا ظهرت اولى خلايا الحركةالاسلامية في الستينات في مدينة كركوك وضواحيها, ومن هنا تعتبرالحركةالاسلامية اقدم وجود سياسي في وسط التركمان والتي استقطبت اكبر عدد ممكن من المعارضين التركمان واستوعبت طاقاتهم٠
وهكذا فإن النظام تبين انه غير مرتاح لبال من جهة التركمان وغير مطمئنة الى مواقفهم, ولكن عندما بدأت الحركة الاسلامية بالامتداد والانتشار في وسط التركماني, برزت ظاهرة جديدة ومقلقة لذلك النظام حيث أن الحركة الاسلامية ليست مثل باقي الحركات السياسية الاخرى والتي فشلت في اقتحام قلعة التركمان.
١- لانه ليس بين التركمان والحركة الاسلامية اية موانع اوعوائق قومية او فكرية تحول دون التفاعل والاندكاك وذلك لحب التركمان للإسلام
٢- والذي له الفضل في إنقاذهم من الضلالة وإستقدامهم الى المنطقة
٣- ولطبيعة اهداف وشعارات الحركة الاسلامية التي يجد فيها التركمان استجابة لمطالبهم في العدل والانصاف
٤- وجود فراغ سياسي في الوسط التركماني حيث لم يكن هناك عنوانا او حركة سياسية تتحرك في الساحة وتستقطب الطاقات التركمانية
وهكذا زحفت الحركة الاسلامية الى المناطق التركمانية حيث بدأ التركمان يعبرون عن التزامهم بالاسلام عبر مختلف النشاطات الممنوعة والمسموحة وفاضت بجموع المصلين الشباب المساجد والحسينيات.
وعليه اصبحت الحركة الاسلامية في العراق والمتمثلة بحزب الدعوة الاسلامية العنوان السياسي الابرز في وسط التركمان والذي استطاع ان يجذب اليها قطاعات واسعة من الشباب ومن سائر الفئات والشرائح الاجتماعية في الستينات والسبعينات, ومما يؤكد خشية الانظمة من سيطرة الظاهرة الاسلامية على الشارع التركماني طريقة تعامل اجهزتها القمعية مع هذه الظاهرة, حيث التجأت الى القتل والتصفية الجسدية بشكل كبير وفظيع لا يتصوره الانسان ودون ادنى محاولة للحوار والتأني في التعامل, فقد اعدم نظام صدام اكثر من (٥٠٠) من الشباب واعتقل المئات وهدم المدن والقصبات بتهمة الالتزام الاسلامي وعلى اثره هاجر الالاف الى خارج الوطن, علما ان الوسط التركماني لم يشهد اعدامات وهجرة جماعية بهذا الحجم والكم والكيف طول تاريخه القديم والمعاصر في العراق٠
وفي المقابل اينع ونضج عمل وجهاد المعارضين الاسلامين التركمان وكبرت تضحياتهم فأدت الى ظهور معارضة تركمانية واضحة وبارزة لاول مرة في تاريخ العراق المعاصر.
اذن عقل التحرك الاسلامي التركماني وقلبه النابض هو فكر الشهيد الصدر(رض) ومدرسته مدرسة الدعوة الاسلامية ونحن نفتخر ونتباهى بانتماءنا لهذه المدرسة المباركة وسنبقى متمسكين باهدافه ومتبنين افكاره وفق صيغ خاصة تخص تشكيلتنا الحركية وخصوصيتها القومية في العمل الاسلامي في الوسط التركماني٠٠٠فالاتهامات الموجهة لنا بانتماءنا الى الحركة الاسلامية والدعوة الاسلامية لانعير لها اهتماما بل نعمل جاهدين على توضيح وإزالة اية شبهة تعززاستقلالنا السياسي وخصوصيتنا الحركية نحن حركة اسلامية مستقلة لا نترتبط باية صلة بتنظيم حزب الدعوة الاسلامية هذا العنوان الذي معروف بمكاتبه وبتنظيماته وكذلك بتشكيلات المجلس الاعلى المعروف باعضاءه ومكاتبه, رغم اننا نشبّه انفسنا بتلك السمكة التي تسبح في إناء ماءها حزب الدعوة الاسلامية والمجلس الاعلى وباقي الحركات الاسلامية , نحن نموت خارج التحرك الاسلامي المعاصر ونحي ونقوى عندما تحيى وتقوى الحركة الاسلامية لاننا: -
١- انتماءنا لهذه المدرسة لها واقع ملموس وحضاري لا يحتاج الى نكران او اخفاء
٢- نحن مشهورون بانتماءنا لهذه المدرسة قبل تبنينا التحرك الاسلامي التركماني في الوسط التركماني.
٣- افكارنا وخطواتنا وصيغنا في العمل الاسلامي ترّبت ونضجت وفق تلك المدرسة المباركة ولا يمكن فصلها.
٤- لايزال العدد الكبير من اعضاء التحرك الاسلامي التركماني في اجواء الحوزة العلمية والمنتمين لحزب الدعوة الاسلامية والمجلس الاعلى ونظمة بدر الاسلامية يفتخرون بانتمائاتهم.
٥- فليعلم الاخوة الاسلاميين التركمان بان المراد من هذه التهم لايجاد الفرقة والتحديد في العمل وبالتالي الانتقال الى توجهات غير اسلامية قومية صرفة للعمل في الوسط التركماني.
٦- وأخيرا علينا ان نسعى لتطوير العمل الاسلامي في الوسط التركماني باية صيغة مؤثرة تجلب لاهلنا وشعبنا الخير والنجاح وان كانت هذه الصيغ تنطبق وفق صيغ الدعوة الاسلامية فنعم هذه الصيغ وان كانت من غيرها فنعم الصيغ الاخرى.
*نائب الامين العام للاتحاد الاسلامي لتركمان العراق.
**هذا الموضوع من توجهات الكاتب الخاص.