بعد لقاء جلال الطالباني رئيس حزب الإتحاد الوطني الكردستاني وعضو مجلس الحكم الانتقالي بالسيد ريتشارد آرميتاج مستشار وزارة الخارجية الأمريكية صرح للصحفيين قائلا بأنه لا يرى مبررا في إشغال الرأي العالمي وطيلة أربعة أيام بسبب تعذيب الجنود الأمريكان والإنكليز للمعتقلين العراقيين، لأن مثل هذا النوع من الانتهاكات يحصل في كل جيوش العالم ومثله كان يحصل فترة حكم صدام أيضا. وكما حث الطالباني على عدم المبالغة في رد الفعل وقال إنه لا حاجة لتغيير سياسات الولايات المتحدة تجاه بلادنا بسبب تلك الانتهاكات. لأن الأمريكان والإنكليز جاءوا لإنقاذ بلادنا من صدام المقبور ولتحقيق الديمقراطية وحقوق الإنسان في العراق. وإن الجنود الذين قاموا بتعذيب المعتقلين سينالون جزائهم، فلا يجب الاهتمام والمبالغة بها هكذا.
لا يا جلال إن العراقيين ليسوا بأغبياء كما تضنونهم وإنهم يعلمون جيدا بأن الأمريكان جاءوا إلى العراق ليحتلوها ويمتصوا خيراتها وجعل قيادتها التي أعضائها عملاء لهم من أمثالكم تحت سيطرتهم، تنفذ مخططاتهم في العراق وفي المنطقة. فالقوات الغازية سترحل من العراق بعد أن اختارت عملائها الذين يبيعون الوطن والشعب العراقي ويكرمون بخيراتها من أجل أن يحكموا العراق. فلا تظنوا بأن شعبنا سيغفل عنكم طويلا وسيسامحكم كثيرا فمهما طال الزمن فآجلا أم عاجلا ستجبرون على الترحال ولكن في هذه المرة ليس كما أتيتم على ظهر الدبابات الأمريكية التي ستتخلى عنكم وعن خدماتكم الجبانة. ولا يصمت شعبكم الكردي الأصيل على أعمالكم الإجرامية طويلا فيثور عليكم كما رفضوا المشاركة في الصلاة على أرواح القتلى من أفراد الميليشيات التابعة لكم رغم دعوة أئمة المساجد. لأنهم قتلوا بسبب قتالهم ضد رجال المقاومة العراقية وجنب القوات الغازية. لأنهم عراقيون أصلاء رفضوا العمالة للأمريكان والصهاينة ورفضوا الخيانة للمقاومين العراقيين في الفلوجة والنجف والكوفة وفي العراق كله. فلا تنتظروا منهم أن يضعوا أيديهم الطاهرة في أيدي العملاء من أمثالكم والملطخة بدماء العراقيين الزكية.
ألم تخجلوا من الشعب العراقي عندما تقولون بأنهم يبالغون في مثل هذه الانتهاكات لأنها كانت تحدث أثناء حكم صدام أيضا؟ فلماذا أراد العراقيون النجاة من ظلم صدام وجبانيته إذا؟ أليس بسبب مثل هذه الأساليب الوحشية والانتهاكات اللاأنسانية أيضا؟أليس من حق العراقيين أن يصرخوا طالبين النجدة من ظلم جنود أكبر دولة في العالم تدعي بأنها جاءت بنظام عالمي جديد وستحقق العدالة والحرية والديمقراطية وتقضي على الإرهاب في كل مكان ويمارس أفراد قواتها العسكرية مثل هذه الانتهاكات المروعة؟ ألم تستحوا من شعوبكم بأن تجبرونهم على السكوت وأنتم ترون الصور العارية الملتقطة للعراقيين المعتقلين ويعذبهم ويهينهم جنود أسيادكم ويتبولون عليهم؟ وما فرقكم إذا عن زبانية صدام الذين كانوا ينفذون أوامره خوفا وكرها وهم غير راضين عنه بغية أن يرضى عنهم الجلاد وأن يبقيهم في السلطة؟ فأنتم أيضا تنفذون أوامر قوات الاحتلال لغرض رضاء أسيادكم بوش وتوني بلير وبقائكم في السلطة. فلا يهمكم شرف وكرامة العراقيين إن أهينت من قبل الأمريكان أو الإنكليز. خسئتم وخسئت أقوالكم و أعمالكم الجبانة.
إن تصريحات جلال الطالباني هذه ليست بجديدة، ولا يغفل على العراقيين من عميل لصدام يقبل يد سيده الملطخ بدماء العراقيين الأبرياء قائلا بأن يده أكرم يد يقبله طيلة حياته. وهذا قليل ما نسمعه من أمثاله الذين دخلوا العراق على ظهر الدبابات الأمريكية. وقليل من الذي يحل للصهاينة تحقيق مشروعهم الاستيطاني الخبيث في العراق. وهذا قليل من الذي يحل لميليشياته تدمير المسجد والعتبات المقدسة وإطلاق الرصاص على المتظاهرين المستنكرين لممارساتهم العدوانية الحاقدة والغير إنسانية بحق العراقيين. وهذا قليل من الذي يقود ميليشيات تشارك في إخماد المقاومة العراقية الباسلة في فلوجة والنجف الأشرف وكربلاء.
ولو كان صحيحا مثلما يدعي كاكه جلال فأي جزاء سينالونه أولئك الجنود المرتزقة؟ ومن ذا الذي سيحاكمهم؟ ولو كان صحيحا لحكم على الذين دمروا مقام الإمام علي عليه السلام وأطلقوا النار على المتظاهرين النساء والأطفال في طوزخورماتو. وحكم على الذين دمروا المساجد والبيوت وقصفوا الأبرياء بالطائرات السمتية والمقاتلة الحديثة. وحكم على الذين اغتالوا الكوادر السياسية والمثقفة العراقية. فبمثل هذه الأقوال يريدون أن يسكتوا الجمع الغاضب في كل مكان من العالم الذين يرفعون أصواتهم المطالبة بالحق العراقي المغتصب من قبل الأمريكان وجلاوزته المجرمين. فسيظل هؤلاء الجمع الخير من البشرية يصرخون بلا للظلم وبلا لانتهاكات حقوق الإنسان وبلا للعبودية وللاستعمار وإلى أن ينال المجرمون جزائهم العادل ويرحل القوات الغازية من بلادنا لنعيش فيها بأمان وسلام.