رحماك يا عراق.. يا أما تقطن تحت الجلد وفي الأعصاب وتسكن في خلايا الدم إلى الأبد، كيف غدا تراب أرضك اليوم يثمل بدماء الأبناء؟
يا نزفا صارخا في صدر هذا العالم الدموي البشع من ينقذك ممن صيرك جشعهم بأنانيته الشوهاء لقمة مغموسة بالدم والدمع النازف من مسام أرواح البسطاء من أبنائك، والمخلصين الصادقين من فلذات حشاشة أرضك؟
بالأمس كان العراقي يستصرخ السماء بصمت خائف مرتعش سائلا تعجيل أيام الخلاص من براثن إذلال نظام حكم كان توءما ساديا للوحشية، حول حياة الشعب إلى احتضارات يومية مستمرة.. واليوم.. وقبل انتهاء المسافة بين التقاء الجفن بالجفن لحظة تنفسه الصعداء ارتياحا لسماع أصداء تباشير الخلاص، هبط نذير البلاء المنقض من جزر الإرهاب والقرصنة واللصوصية فاستحالت البشرى حزنا شاسعا مسكونا بالآهات العراقية المتصلة التي لا سواحل لها منذ عقود طويلة..
من جزيرة سرقها جدهم الأكبر ذات يوم انقضوا كوباء لعين بحثالة أمراضهم الأخلاقية وأسقامهم الروحية وعدوى الفساد المكسو بقشور مهترئة لديمقراطية سرابية يشرنقها ضباب أكاذيب عملاقة الضخامة.. أتوا وشهوة جدهم الأكبر لاصطياد جزيرة الذهب لا زالت تسري في لعاب جشعهم.. يشتهون سواد الذهب وما وراء أبعاد قشور مسرح الذهب من مخططات تمددية دينية وسياسية واقتصادية خبيثة ترقد في عوالم من الغموض والتعمية قد تم غرس بذورها الشيطانية والإعداد لها عن سابق تصميم وتصور قبل عقود من الزمن، ولما ربت ونضجت وظنوا أن قد حان أوان قطافها هرعوا ليقطفوها بغيلان الدم الحديدية القاتلة، فإذا بعجلاتها تسحق شطرا من المحصول وأيام قطاف الصريم..
بحثا عن سر يقبع في سراديب الغموض ثمة سؤال يتثاءب سذاجة
لا محدودة: (ماذا يريد المحتل من العراق؟)
سواد الذهب؟.. كنوز الجزيرة؟.. القبض على صفحة من صفحات ناصية الفردوس المنشود في كتاب وعود الصهيونية الملعونة كخطوة قادمة لنشر المزيد من العدوى على ما تبقى من أرض الرب شبرا شبرا؟.. إشباع غرور شهوة السادية ولذة اضطهاد العالم التي لا زالت تسري كداء متأصل في كيان سياسات فاسدة متعاقبة؟.. استغلالها كواجهة تهديد لشريحة محددة من البلدان التي تقبع تحت مجهر الجشع والعداء الصهيوأمريكي المعتق؟.. أم استخدامها كساحة إعدام ومكب كبير للنفايات الأمريكية البشرية من فاسدين ومجرمين ومنحلين ومنحطين ومعقدين ومهزوزين نفسيا ومنحرفين أخلاقيا ممن تبصقهم حتى سجون أمريكا ومستشفياتها النفسية فيتم إرسالهم إلى ساحات القتال في بلاد نامية للتخلص منهم بطريقة مسرحية حديثة تحول موتهم إلى مجد يصدقه السذج من أقاربهم؟؟.. أم في محاولة لصناعة تاريخ قادم يتم حشر اسم أمريكا بين سطوره كنبراس للحرية الموعودة؟؟؟؟..
جميع تلك الغايات اللا إنسانية – مما ذكر بين هذه السطور ومما لا يحتاج إلى ذكر بعد تسليط أقطاب التحليل السياسي المتعمق والمتفرد في شفافيته وصدقه الناصع وشمولية إحاطته بأدق التفاصيل – هي غايات لا تبرر النمو السرطاني اليومي الخبيث لدناءة الوسائل الناعقة بالخسة من قبل الوجود المحتل والتي تنصب سياط عذابها على الفئة البريئة اللا مذنبة من أبناء العراق الطيبين والمسالمين منهم دون سواهم، حيث ينزلق الوصوليون والانفصاليون والمجرمون الانتهازيون وشراذم الخونة (ممن يحتسبون على شعب مناضل أصيل كالشعب العراقي وما هم منه ولا ينبغي لهم) فيتخذون طوق نجاتهم المهترئ كعملاء وأعوان للمحتل بظهر الغيب سبيلا للفرار مما يتكبده الإنسان العراقي الحق من فئات البسطاء والمخلصين وعشاق حرية الوطن وطلاب كرامته.. بل إن شراذم الوصولية والانتهازية القذرة تلك هم جرثومة الشعب العراقي لكونهم براثن الاحتلال التي تمزق وحدة الشعب وتيسر امتصاص دمه من حيث قد تخسأ جهود المحتل وحده دون معونتهم وصولا إلى ذلك.. يحفرون العراق قبرا لتاريخها ومستقبلها.. يحفرونها قبرا لأشلاء أجساد أبناء شمسها من الأبرياء.. ولا يدرون أنهم بهذا يحفرونها قبرا ناريا لهم..
أين أنت أيتها السيدة التي يسمونها(العدالة)؟؟؟؟
دميت أقدام أحرار الشعب العراقي وهم يسيرون في قافلة الفارين من جور اللاعدالة بحثا عن نور الحق الراسخ في وجودك..
أيتها السيدة العدالة.. نحن بانتظار نورك على الأرض.. فلا تتأخري.. ولا ترجئينا لعدالة السماء يوم البعث.. فقد انتظرك الشعب العراقي قرونا من الوجع النازف ضيما وموتا وتشردا، وإذ لا تنقذيه تفترسه اللا عدالة.. فيذوب كيان الشعر على الأرض إلى الأبد..