هل من مصلحة العراق والاكراد، اخلاء القرى الاشورية؟
ابو سنحاريب
قد لا نبالغ اذا قلنا ان الاشوريين وبصورة خاصة ابناء القرى الاشورية في شمال العراق قد تعرضوا الى افدح الخسائر المادية والمعنوية اثر قيام السلطة الصدامية بتدمير تلك القرى وترحيل سكانها مما دفع بالعديد من ابنائها الى اتخاذ وسيلة الهروب من الوطن حلا لازمتهم ومعاناتهم النفسية والمادية والوطنية.
،وبقراءة سريعة للاحداث المتسارعة التي وقعت خلال العقود الاخيرة وبصورة خاصة بالاحداث ذات العلاقة بالامة الاشورية نجد ان النظام المقبور كان يلجا بين فترة واخرى الى ايجاد تهمة ما لكي يتذرع بها للامعان في اجبار ابناء القرى الاشورية الى ترك ترابهم وقراهم وممتلكاتهم.
و كان ازلام النظام السابق يجيد فن الصاق التهم بالقرويين الاشوريين وخاصة منذ بداية الحركة الكردية اوائل العقد السادس من القرن الماضي حيث اتهم وتعرض للتعذيب والضرب والسجن عدد غير قليل من ابناء تلك القرى بحجة مساعدة الاكراد في حركتهم التي كان يطلق عليها انذاك التمرد الكردي وكذلك قامت الحكومة السابقة بتبرير تدمير القرى الاشورية بحجة وقوعها ضمن منطقة حدودية بين العراق وتركيا نصت اتفاقية بين الدولتين على اخلائها من السكان لكي لا تكون تلك القرى ملجا للمقاتلين الاكراد في تركيا.
وقد لا ناتي بجديد اذا قلنا بان التراب او تربة الوطن الذي يولد فيه الانسان يعتبر من اثمن واعز الاشياء في حياة الانسان.
لان الانسان قد يكون حرا في اختيار معظم ما يشاء اذا عاش ضمن اجواء الجرية والديمقراطية الا ان الانسان ليس حرا في اختيار المكان او الوطن الذي يولد فيه ولذلك نجد الانسان دوما يعيش في شوق للبقعة التي ولد فيها مهما اغترب في دول اخرى.
واعتزاز الانسان الاشوري بتراب وطنه وارضه جعلته يتفبل العديد من الانتهاكات والجرائم التي اجاد اعداء الانسان الاشوري ارتكابها بحقه نظرا لاعتبار الانسان الاشوري الوريث الشرعي للارض ومختلفا دينيا وقوميا عن الاقوام الاخرى التي تعاقبت او غزت او احتلت ارض اشور عبر القرون الماضية ابتداءا منذ سقوط نينوى عاصمه الامبراطورية الاشورية حين اصبحت ارض الرافدين مفتوحة لكل قوة تنوي غزوها واحتلالها بمختلف الحجج والحيل.
وكان الانسان الاشوري الضحية الاولى في كل تلك الهجمات والغزوات وغيرها.
ولنترك للتاريخ ما له وما عليه على ذمة المؤرخين حيث لا يمكن تغيير الماضي ولكن علينا العمل كابناء شعب عراقي متاخي على الالتزام بالقانون في كل اساليب التعامل الحياتي والانساني والوطني بين ابناء كل القوميات العراقية التي لا يمكن ان تجمع صفوفها وتقوي جدارها وتعلو من شانها وتعزز دورها الانساني والحضاري الا بتوفر وايجاد السبل والقوانيين المعاصرة التي تعمق من اواصر التلاحم والتكاتف الوطني حيث تقف روح المحبة الوطنية في المقام الاول لخلق شعب عراقي متماسك وموحد. والمعروف ان لكل قوم ولكل ارض ووطن تاريخ لا يمكن تزييفه حتى اذا وقع ذلك لوطن تحت سيطرة او احتلال اقوام اخرى لمدة طويلة او قصيرة فان تاريخ تلك الارض لا يمكن الغائها او تزويرها علما بان عملية احتلال ارض الغير يعتبر سرقة لا يقرها اي قانون معاصر.
ولنقف وقفة مسؤولة امام ما يجرى او ما نتوقع حدوثه للقرى الاشورية في شمال العراق وخاصة التي تقع ضمن محافظة دهوك بعد تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
حيث نجد ان الواقع المرير الذي تعيشه تلك القرى لا يبشر بخيراو تفاؤل اذا لم تمتد يد الحكومة الجديدة باعادة اعمار القرى الاشورية وتشجيع ابنائها على العودة.
ونظرا لاستمرار تدهور الظروف الامنية فان ابناء تلك القرى قد لا يجدون مبررا للعودة الى قراهم وهم في انتظار اعادة استقرار الاوضاع الامنية وتوفر وسائل العيش وفرص العمل لهم ولابنائهم وعندذالك ستبدا الهجرة المعاكسة.
ورغم اقرارنا بان الغالبية العظمى من ابناء تلك القرى يعيشون الان في دول الاغتراب الا ان ذلك يجب ان لا يشكل عذرا ا وحجة للتجاوز او لاستيلاء عليها من قبل الاخرين لان اية محاولة لاقامة مساكن او تجمعات سكنية او غيرها في القرى الاشورية سيكون سببا كبيرا في اقدام ما تبقي من ابناء تلك القرى على هجرة الوطن ككل.
وهنا يبدأ سؤالنا هل من مصلحة الاكراد او العراق ان يهاجر ابناء القرى الاشورية؟
اننا نجد ان هناك علاقات واواصر اجتماعية ووطنية ومصالح مشتركة كثيرة تجمع ابناء العراق ككل لا يمكن انتهاكها او تهميشها او التجاوز عليها بل ان الواجب الوطني والانساني والحضاري يدعو كل الجهات السياسية والاجتماعيه والدينية والثقافية الى العمل الوطني الجاد على تقوية تلك الاواصر لا الاضرار بها.
ولنقرأ بلغة القروي الاشوري ابعاد مخططات اقامة مجمعات سكنية او دور سكنية لاسكان غرباء عن المنطقة في قرية (الناحية سابقا) كاني ماسى او غيرها من المناطق والقرى الاشورية حيث سيكون ذلك سببا لتغيير ديموغرافية المنطقة باسرها مما يزرع الخوف في قلوب ابناء المنطقة من شبح ابتلاع المنطقة من قبل الغرباء.
وهنا يتساءل القروي الاشوري هل سيكون فريسة سهلة لتلك المخططات تحت رداء الديمقراطية الداكنة ذات الاحادي النظرة والموقف والاتجاه ليعيش مظلوما مرة اخرى كما عاش سابقا تحت ظلم الديكتاتورية المقيتة؟.
ونبقى نتساءل بلغة القروي الاشوري عن مصير التعليم لاطفاله في تلك المنطقة حيث تفرض علية تعلم اللغة الكردية والعربية والانكليزية اضافة الى لغة الام؟
واذا كان حق تقرير المصير حق مشروع لكل قومية ولكل شعب حسب القوانيين المعاصرة فلماذا لا تمنح القومية الاشورية هذا الحق؟
ولذلك نبقى نفر بان الحل الامثل للقضية الاشورية يتجسد في استحداث محافظة اشورية تضم كل القرى الاشورية لابعاد خوف الاذابة والانصهار والضياع في سيول الاخرين.
وان عملية استحداث محافظة اشورية لن تضر باية مصالح وطنية او مصالح القوميات العربية او الكردية او التركمانية او غيرها بل ستعزز من الاواصر الوطنية بين كل ابناء الشعب العراقي. وان الواجب الوطني والانساني والاخلاقي يدعو كل الجهات السياسية وغيرها من القوميات العراقية الاخرى على الاسهام بايجابية في انعاش الوجود القومي الاشوري في العراق ككيان قومي عراقي اصيل وكرمز للتحضر والتمدن والتاخي الوطني
اذا ان من مصلحة العراق ومن مصلحة اخواننا الاكراد العمل الجاد على ازالة كل ما قد يسبب احراجا وتهميشا ا و تقزيما للوجود القومي الاشوري ودور الامة الاشورية في عملية بناء وطن عراقي موحد ووفق قوانيين وخطط تترجم على الارض بما يبعد تلك المخاطر عن ابناء القرى الاشورية لا الاكتفاء بعبارات او كلمات لا تقرأ الا في الورق الذي كتبت عليه.