في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها العراق، حيث المقاومة الباسلة تشتد يوما بعد آخر، وأصوات الرفض العراقي لقوات التحالف الغازية تنتشر لتلتهب كل بقعة من أرض الوطن الغالي، والصور المخزية لانتهاكات وجرائم القوات الأمريكية والإنكليزية بحق المعتقلين في السجون والمعتقلات العراقية التي تنشر في الصحف والمواقع الالكترونية، والحوادث الغامضة التي تؤدي إلى استشهاد الكثيرين من القادة والمثقفين التركمان، انعقد بتاريخ ٢٦. ٠٦. ٢٠٠٤ في بغداد السلام المؤتمر الوطني العام لتركمان العراق وتحت شعار (من أجل نيل الحقوق الكاملة للتركمان في العراق الجديد). وقد شاركت في المؤتمر أكثر من ستمائة تركماني يمثلون جميع التيارات السياسية التركمانية في البلاد عدا الأحزاب الكارتونية التركمانية التي تدعمها بعض الأحزاب الكردية الموجودة في شمال الوطن الحبيب. وناقش المؤتمرون من خلال كلماتهم وأرائهم ومقترحاتهم حقوق التركمان المغتصبة في العراق والانتهاكات غير الإنسانية التي تعرضوا إليها أبان عهد النظام الصدامي العنصري بالإضافة إلى تجاهل قانون إدارة الدولة العراقي المؤقت لتلك الحقوق المشروعة والواقع التركماني على الخارطة العراقية والموثقة في عصبة الأمم المتحدة في ٣٠ أيار ١٩٣٢.
في المادتين التاسعة والعاشرة منه (حماية الحقوق القومية للأكراد والتركمان واعتماد اللغة الكردية والتركمانية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية) وتطبيقا لهذه التعهدات فقد صدر قانون اللغات المحلية رقم ٧٤ والذي نص على التدريس باللغة التركية في المناطق التي يسكنها التركمان والنظر في الدعاوى أمام المحاكم باللغة التركية في هذه المناطق. وبالرغم من أن التركمان يشكلون القومية الثالثة في العراق وتعرضوا إلى المجازر الدموية الجماعية والظلم والتعذيب والترحيل وهدم وتحطيم المئات من قصبا تهم وقراهم وأحيائهم الكاملة كمنطقة تسعين وقلعة كركوك وناحية يايجي وقرى البشير وتركلان وكومبتلر على سبيل المثال، فأن الدستور العراقي السابق قد ألغى وأنكر وجود التركمان وعرف الشعب العراقي بكونه يتألف من العرب والأكراد ويضمن الدستور حقوق المواطنين. وكذلك قانون إدارة الدولة المؤقت والموقع في ٨ مارت ٢٠٠٤ قد أنكر حقوق التركمان وحاول تهميش دورهم السياسي. فالقانون الجديد والموقع في ظل الديمقراطية وتحقيق العدالة بين فئات الشعب الواحد يشكل خرقا واضحا وفاضحا لحقوق الأمة التركمانية المشروعة واستمرارا لنهج النظام السابق في تجاهل التركمان وهذا بدوره يؤدي إلى زعزعة الثقة في النفوس بالديمقراطية في العراق الجديد. ولإعطاء المصداقية لأي نظام مقبل يتطلب معالجة سريعة لهذا لوضع الشاذ قبل الانتهاء من كتابة الدستور الدائم. وطالب التركمان في بيانهم الختامي الموحد والمؤلف من عشرة نقاط الاعتراف الكامل بالحقوق السياسية والثقافية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية للتركمان وصيانة حقوق كل القوميات المشكلة للنسيج العراقي. ودعوا لأجراء إحصاء سكاني عام وبأقرب وقت وتحت إشراف الأمم المتحدة وإعادة الدور والأراضي المغتصبة من التركمان وإعادة بناء المناطق والقرى التركمانية التي أزالها النظام البائد وتعويض المتضررين وتوزيع الأراضي لهم أسوة بأبناء القوميات الأخرى. هذا وقد وقع على البيان الختامي رؤساء وممثلي جميع الأحزاب والمنظمات التركمانية وبتياريه القومي والديني والذين شاركوا في المؤتمر.
إن تتطرق السادة المؤتمرون التركمان في كلمتهم على وحدة العراق والشعب العراقي الواحد من شماله إلى جنوبه والاعتراف بحقوق جميع قومياته وحسب تعدادهم لدليل آخر على عدم مطالبة التركمان أكثر من حقهم المشروع ولا على حساب القوميات الأخرى في الوطن. فللتركمان نهج واضح وثابت في العراق ويسلك جميع الساسة التركمان هذا النهج في مطالبة حقوق قوميتهم في إطار الوطن الواحد الذي يسوده الحرية والديمقراطية والعدالة البشرية في الحقوق والواجبات. وهذا النهج منهاج جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية التركمانية في العراق ولا يوجد حزبا تركمانيا يطالب الانفصال عن العراق أو إقامة دولة فدرالية تركمانية. ولكن لو حق ذلك للآخرين من قوميات العراق فللتركمان أيضا حق في المطالبة بذلك.
إن هذا المؤتمر التركماني العام يعتبر إنجازا هاما على وحدة القوى السياسية التركمانية تحت خيمة واحدة ودليل واضح على وحدة التركمان في العراق شيعة وسنة قوميين وإسلاميين. ولا يتمكن أحد بأن يخرق صفوفهم ويشتت قواهم. ومن هذا المؤتمر تبين للعالم جميعا بأن للتركمان صوت واحد في مطالبة حقوق أبناءه المظلومين المغتصبة من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة. ولا يوفق بعد اليوم أحد من الحاقدين للقومية التركمانية بتقسيمهم إلى سنة وشيعة وإسلاميين وقوميين. ونحن نتمنى بأن ينال التركمان كافة حقوقهم المشروعة والاعتراف الكامل بهم في قانون إدارة الدولة العراقية الجديدة في ظل الديمقراطية والعدالة التي نتمناه لعراق الغد، نرجو من رؤساء الأحزاب والحركات التركمانية السياسية كافة إلى كثرة مثل هذه المؤتمرات واللقاءات البناءة المثمرة خدمة لقضيتنا التركمانية في نيل حقوقنا المشروعة الكاملة وهنيئا للتركمان كلمتهم الموحدة ونضالهم المستمر وحفظهم الله ورعاهم.