المؤتمر الوطني لتركمان العراق، البداية الصحيحة لنيل الحقوق
عبد الحميد الموســوي
مما لا شك فيه بأن التركمان الذين يمثلون القومية الثالثة في العراق قد تعرضوا خلال العقود الماضية الى ظلم وإضطهاد كبيرين من قبل الحكومات المتعاقبة وكأنهم كانوا يُعاقبون ليس لجرم سوى إلتقاءهم في العرق مع العثمانيين الذين حكموا البلاد لعدة قرون وقد إزداد هذا الظلم عليهم كما على غيرهم بشكل كبير خلال فترة حكم النظام الصدامي اللعين فألغى القومية الثالثة من إستمارات التعداد وكأن العراق خال من التركمان. وبعد سقوط الطاغية إستبشر التركمان كما هو الحال بالنسبة لكل العراقيين خيراً ووضعوا نصب أعينهم أحلاماً وردية تجلبها لهم الديمقراطية التي تنادي بها سلطات الإحتلال ولكن سرعان ما تبددت هذه الأحلام بعد دخول الميليشيات الكردية الى كركوك وبقية المناطق التركمانية وبدأ الظلم هذه المرة من إخوانهم في المظلومية سابقاً والمتحالفين مع سلطات الإحتلال وتمت عملية تهميش التركمان في كل المراحل منذ بداية الإحتلال فهم لم يحصلوا على تمثيل عادل في تشكيلة مجلس الحكم ولا الوزارات ولم تثبت لهم حقوقهم المشروعة في القانون الأساسي للمرحلة الإنتقالية.
إن الأسباب التي أدت الى تهميش دور التركمان خلال هذه الفترة كثيرة، منها تربص الأعداء المتحالفين مع أصحاب القرار، وموقف تركيا من التحالف إثناء فترة الحرب وغيرها من الأسباب، ولكن هناك سبب مهم ورئيسي ربما كانت القوى السياسية التركمانية غافلة عنها هوالإختلاف فيما بينها وعدم وجود ستراتيجية مشتركة بين هذه القوى أو خطاب مشترك للمطالبة بالحقوق أو تعامل مشترك مع الأطراف العراقية الأخرى. فبالرغم من كونها متأخرة بعض الشئ فقد تصاعدت في الآونة الأخيرة دعوات لتوحيد الصف التركماني والكلمة والخطاب والتي تُوّجت بالمؤتمر الوطني العام لتركمان العراق الذي إنعقد في بغداد بتاريخ ٢٦/٥/٢٠٠٤ حيث شارك فيه كل القوى والشخصيات والأحزاب السياسية التركمانية القومية منها والإسلامية بإستثناء الأحزاب الكارتونية المصنوعة من قبل الأحزاب الكردية والمرفوضة من قبل الشعب التركماني. وقد ناقش المجتمعون الوضع العام في العراق وموقع التركمان منه وأكدوا في بيانهم الختامي الموحد والمؤلف من عشرة نقاط على وحدة التراب العراقي والمطالبة بالحقوق المشروعة للتركمان، وقد شارك في المؤتمر أيضاً بعض الأطراف الغير التركمانية والفاعلة على الساحة العراقية دعماً لمطالب التركمان، حيث نأمل من الجميع التحرك بشكل موحد لإنتزاع حقوق التركمان وتثبيتها بشكل عادل. فنبارك الشعب التركماني وكل المشاركين في المؤتمر على هذه البداية الصحيحة لنيل كل حقوق التركمان وندعو القوى السياسية الى المزيد من تنسيق المواقف والتحرك بشكل مشترك الى القوى السياسية الأخرى في عموم العراق وكذلك الأطراف الخارجية من سلطات الإحتلال والأمم المتحدة ودول الجوار.
إن هذا المؤتمر كشف الحقيقة لكل الذين يلعبون بالورقة القومية والإسلامية لتفريق التركمان ويؤكد لهم بأن كل تركماني هو مرتبط بعمق بالقومية التركمانية لغةً وثقافةً وتاريخاً فهو قومي (بدون تعصب) لنيل كافة الحقوق المشروعة للتركمان، وهو مرتبط أيضاً بالدين الإسلامي الحنيف روحاً وأصالةً وثقافةً وتاريخاً فهو إسلامي (بدون تطرف) لنيل كافة الحقوق المشروعة كمسلمين.
بالوحدة وتظافر الجهود والتنسيق مع الخيرين من أبناء هذا الوطن الغالي سيحصل التركمان على حقوقهم إن شاء الله تعالى.