التركمان وجزاء تمسكهم بوحدة الأراضي العراقيكركوك مدينة التآخي
أوميد كوبرولو
قبل يومين قرأت مقالة لأحد الأخوان في أحد المواقع العراقية. وحرام علي أن أسمي مثل هذه الشخابيط الكتابية بمقالة. فهاجم كاتبها بأسلوب لا أدبي و ركيك وألقاب غير لائقة زملاء أفاضل من كتابنا الأعزاء لا أريد ذكر أسمهم وأنني على يقين ثابت بأن قرائهم يعرفونهم جيدا وأنهم لا يكتبون لمصلحة حد ولا ينتظرون حسنة من حد. وأولئك الكتاب بالذات لا ينتمون إلى جهة عميلة للأجنبي. وكفاكم يا سادة تتركون زعمائكم العملاء الذين اتفقوا مع الرئيس العراقي المخلوع وقاتلوا إخوانهم من جلدتهم وبقية العراقيين وسلموا أفراد المعارضة العراقية في أربيل لعناصر المخابرات العراقية ليأخذوهم إلى بغداد ويعدمونهم هناك. وزعمائكم العملاء للموساد الصهيوني الذين جلبوا الصهاينة إلى شمالنا الحبيب ليحققوا أحلامهم الشريرة في قيامة إسرائيل الكبرى التي تمتد حدودها من النيل العربي إلى الفرات العراقي لأنكم ترفضون دولة عراقية تكون جزءا من الأمة العربية.
في بداية الموضوع هاجم المدعو تركيا لأنها تطمع في إلحاق ولاية الموصل العراقية إلى تركيا ودرج لذلك أسباب غير صحيحة لأنها لو كانت صحيحة لما سمحت القوات التركية لطائرات التحالف بأن تحمي المنطقة الشمالية من العراق والتي يقطنها الأكراد منذ تحرير و إعادة دولة الكويت من قبضة صدام المجرم وزبانيته الملعونين لأصحابها الشرعيين أشقائنا الكويتيين، أي من بداية التسعينات وحتى سقوط تمثال الطاغية في بغداد. ولو كان لتركيا نية في إلحاق ولاية الموصل بتركيا لما تدخلت لتصلح بين الحزبين الكرديين الكبيرين الإتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني ومسعود البارزاني الذين دخلوا في حروب طويلة راحت ضحيتها الأكراد الأبرياء لتركتهم لكي يقاتلوا في بينهم ويضعفوا ودخلت وسيطرت على المنطقة ولكن تركيا الدولة التي كانت تحكم العالم الأسلامي لقرون عديدة لا تفكر مثلما يفكره العملاء للصهاينة أعداء الإسلام والعروبة. فتركيا إمتداد لإمبراطورية إسلامية كبيرة خدمت الدين الأسلامي الحنيف والمسلمين واللغة والثقافة العربية. فمعظم رجال الدين الكبار في الوطن العربي ومؤرخيها شهدوا ولازال الباقون يشهدون على ذلك حتى يومنا هذا. فالتاريخ يشهد على خدمة الأتراك للدين الإسلامي ودفاعهم عن الأراضي الإسلامية. وما جرى في بداية القرن التاسع عشر بين الإمبراطور التركي السلطان عبد الحميد وتيودور هرتزل وعرض الأخير عن طريق وسيط الرشوة المالية التي يقدره السلطان العثماني على أن يترك خلافة فلسطين لليهود، ورغم مرور الإمبراطورية بظروف مالية صعبة جدا كانت سببا من أسباب سقوط الإمبراطورية، رفض السلطان العظيم على أن يبيع فلسطين للصهاينة الأنذال قا ئلا للصدر الأعظم(رئيس وزراءه): " أنصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع، إني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من الأرض، فهي ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية، التي جاهدت في سبيلها، وروتها بدمائها، فليحتفظ اليهود بملايينهم، وإذا مزقت دولة الخلافة يوما فأنهم يستطيعون أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن. أما وأنا حي فإن عمل المبضع في بدني لأهون عليَّ من أن أرى أرض فلسطين قد بترت من الدولة الإسلامية، وهذا أمر لا يكون. إني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة". وهذا الرد يدل أيضاً على الدوافع الإسلامية للسلطان عبد الحميد والدولة العثمانية في الحفاظ على فلسطين وبقية الدول الإسلامية والدفاع عنها. كما إن زعماء الأكراد شكروا تركيا وفي عدة مناسبات على تعاونه ومساعداته السخية وفي كافة المجالات لتحقيق الحرية والديمقراطية في منطقتهم وعمرانها.
وبالنسبة لتحالف تركيا مع إسرائيل فلها دوافع سياسية واقتصادية تهم البلدين شبيهة بتحالف أغلب الدول العربية مع إسرائيل وهذا موضوع لا يخص التركمان الذين يرفضون كل أنواع التعاون وإقامة العلاقات بينهم وبين الصهاينة الأعداء. و يستنكرون جميع أنواع العمالة لإسرائيل، إبتداءا من تأسيس البنك المركزي الصهيوني تحت اسم عراقي مزور وشراء الأراضي والأملاك والعقارات في كركوك وبقية المدن الشمالية من العراق وإنتهاءا بإرسال أفراد الميليشيات إلى إسرائيل لغرض التدريب هناك على أساليب القتل والسرقة والنهب واغتيال المطلوبين وهدم وتدمير الدوائر والمقرات بالمتفجرات والعودة إلى الوطن لتنفيذ جرائمهم البشعة في المحافظات العراقية الكبرى كبغداد و بصرى وموصل وكركوك.
وأما بالنسبة للجبهة التركمانية الممثلة الشرعية لتركمان العراق وأحزابها وتنظيماتها،فهي المؤسسة السياسية الوحيدة التي ترفع العلم العراقي إلى جانب العلم التركماني في شمال القطر. وهذا كلام العديد من الأستاذة الصحفيين ومراسلي وكالات الأنباء الذين يزورون المنطقة بين حين وآخر. ولو كان التركمان بقايا الدولة العثمانية في العراق لصوتوا بعد الحرب العالمية الأولى في استفتاء ضم ولاية موصل إلى تركيا بدلا من العراق الذين لا يريدون الانفصال عنها أبدا. وكان صوتهم آنذاك يكفي للغرض المذكور. ولكن التركمان رؤوا مصلحتهم في البقاء مع العراق أفضل من الانتماء إلى تركيا.
وأما بالنسبة لتعداد التركمان فيتجاوز الثلاثة ملايين والتعداد العام للسكان الذي سيجري في أواخر هذا العام سيثبت ذلك لو تكون دقيقة وتحت إشراف الأمم المتحدة. لأن عدد التركمان الموجودين في مدينة تلعفر وحدها يتجاوز على النصف مليون وهناك نصفا آخر في بغداد ناهيك عن التركمان الموجودين في ديارهم كركوك وأربيل وموصل وديالى وتكريت وبعض أقضية وقرى محافظة الكوت كالبدرة والجصان وغيرها.
وبالنسبة لكركوك فكل المؤشرات العلمية والتاريخية تدل على تركما نيتها. فلو كان الأخ المذكور فعلا من كركوك لكتب لي اسم مؤرخ أو كاتب أو فنان وحتى سياسي كردي ولد في كركوك أو عاش فيها ولم يتكلم بالتركمانية أو لم يخدم اللغة التركمانية فأنا أتمكن من درج قائمة طويلة بأسماء شعراء وفنانين كرد خدموا ولازالوا يخدمون الشعر والفن التركماني. فمثلا الشاعر الكردي المعروف الشيخ رضا الطالباني كان يكتب أغلب أشعاره باللغة التركمانية ولي في كركوك ولحد الآن عشرات الأصدقاء من الأكراد الذين أتكلم معهم بالتركمانية وبل عوائل كاملة كردية وعربية من عشيرتي العبيد والجبور نتكلم معهم بالتركمانية وبل لا تفرق بكرديتهم أو عربيتهم عندما يتكلمون بالتركمانية. ألا كل هذا يدل إن اللغة السائدة في كركوك هي التركمان ية؟ وهناك عشرات الأدلة على تركمانية المدينة، أستطيع تذكيرها للأخ العزيز لو أراد.
فأطالب من الأخوة الأعزاء أن ينصفوا مع إخوانهم التركمان قليلا ولا يجازوهم بالسيئة والظلم والعدوان لتمسكهم الفريد في عراقيتهم وعدم العمالة للأجنبي بغية نيل حقوهم المشروعة بطرق غير سليمة وغير أخلاقية من أشقائهم وأبناء وطنهم العراق. كما أرجو إخواننا الأعزاء وأصحاب الكلمة الحرة الشريفة بأن يبتعدوا من الكلمات والألفاظ الرخيصة الرديئة وجرح الآخرين. لأن هذا العمل البغيض لا يليق بالإنسان الذي يدعي نفسه كاتبا أو صحفيا ينقل الكلمة الصادقة والرسالة السامية الحقيقية إلى البشرية ووفقنا الله في خدمة العراق العظيم الذي يسوده الحرية والديمقراطية والمحبة بين الأشقاء من أبناءه الكرام.